في الاختلاف الجوهري من ظاهرتي الإرهاب والمقاومة المسلحة.. قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
الكتاب: إشكالية الخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة (حالة المقاومة الفلسطينية)
الكاتب: د. أمحمدي بوزينة آمنة
الناشر: مجلة جامعة الإسراء للعلوم الإنسانية: العدد الأول يوليو 2016
عدد الصفحات 60 صفحة.
ـ 1 ـ
بين الإرهاب والمقاومة المسلحة اختلاف جوهري. ومع ذلك كثيرا ما يحصل لبس في الأذهان بين الظاهرتين.
وأيقنت أنّ اللبس في أذهان الرأي العام العالمي، يؤثر بشكل سلبي على شرعية المقاومة الفلسطينية ويؤدي إلى إضعاف برامجها العملية الخاصة بإستراتيجية مقاومة الاحتلال، وفي الآن نفسه يحدّ من قدرة فصائل المقاومة الفلسطينية على توحيد آليات عملها.
أما على المستوى الدّولي فيكون آلية طيّعة للطعن في المقاومة المشروعة وتصويرها على أنها إرهاب. ثم يكون ذلك سبيلا للحد من تأييدها على مستوى الرأي العام العالمي والمبرّر "القانوني والأخلاقي" لمحاولة تصفيتها عسكريا. ففي كل عدوان للآلة الحربية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، نلمس بجلاء ضغط الولايات المتحدة الأمريكية على حركات المقاومة المسلحة بناء على هذا اللبس. وسريعا ما تتجاوب معها مختلف الدول الأوروبية التي تسير في ركابها. وإيمانا من الباحثة بجدوى التمييز بين مصطلح المقاومة المسلحة وبين الإرهاب على المستويين النظري أو العملي، تجعل من أهدافها الوقوف على معيار يفصل بين الظّاهرتين في هذه الدراسة.
ـ 2 ـ
تستهدف الدّراسة تحديد الفوارق الأساسية بين مفهومي الإرهاب والمقاومة المسلحة بدقّة إذن. وعليه تعود الباحثة إلى محاولات "التعريف الفقهي للإرهاب " لتبحث في مدى انسجامها مع القانون الدولي. وتفيد من رأي الفقيه جون براون (John Brown) القائل إننا إذا ما أردنا تعريف الإرهاب تعريفا مقبولا، فعلينا ألاّ ندخل في معناه الاعتبارات السياسية.
ولكن بين هذا الطموح وما يتحقّق عمليّا بون كبير. فاستقراؤها لمحاولات تعريفه ينتهي بها إلى نتائج محبطة. فقد وعرف جيفانوفيتش (Gevanovitch) مثلا، بأنه "أعمال من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالتهديد؛ مما ينتج عنه الإحساس بالخوف من الخطر بأية صورة".
اللبس في أذهان الرأي العام العالمي، يؤثر بشكل سلبي على شرعية المقاومة الفلسطينية ويؤدي إلى إضعاف برامجها العملية الخاصة بإستراتيجية مقاومة الاحتلال، وفي الآن نفسه يحدّ من قدرة فصائل المقاومة الفلسطينية على توحيد آليات عملها.ورأى الأستاذ شميد (Schmid) من خلال كتابه الإرهاب السياسي الصادر عام 1983 أن الإرهاب ينشأ من "أساليب الصراع الذي تُدفع فيه الضحايا جزافا كهدف عنف فعال، وتشترك هذه الضحايا الفعالة مع جماعة أو طبقة في خصائصها مما يشكل أساسا لانتقائها من أجل التضحية بها من خلال الاستخدام السياسي للعنف أو التهديد الجدي به ويجعل أعضاء تلك الجماعة أو الطائفة الآخرين يوضعون في حالة من الخوف المزمن".
وفي مختلف الحالات التي درستها اكتفى الباحثون بنقل التعريفات السارية والجمع بينها جمعا لا يلامس جوهر الظاهرة بقدر ما يفتح على خلطها بأنواع أخرى من العنف المشروع على مستوى القانون الدولي. ولعلّ التعريف الأكثر جدية هو ما قدّمه الباحث اللساني والمفكر والأكاديمي الأمريكي نعوم تشومسكي. فقد عرّف الإرهاب بأنه "محاولة الإخضاع القسري للسكان المدنيين وإجبار حكومة ما عن طريق الاغتيال أو الخطف أو أعمال العنف لتحقيق أهداف سياسية".
ويضيف ناقدا التعاطي الأمريكي مع الظاهرة "أننا نلاحظ أن ما يرتكبه الطرف الآخر يعتبر الإرهاب بعينه في نظر الولايات المتحدة الأمريكية، أما ما ترتكية الولايات المتحدة الأمريكية من فضائع ومجازر وتجويع للأطفال به هو عمل مشروع، لأنه يحقق لها مصالحها القومية والإستراتيجية".
ـ 3 ـ
ولتصوغ التعريف الذي تراه متوازنا تستأنس أمحمدي بوزينة آمنة ببعض التعريفات المضمنة في الاتفاقيات الدولية والإقليمية. فقد ورد في المادة الأولى من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998 أنه "كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أعراضه يقع تنفيذا المشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر".
وجاء في البند الثالث من هذه المادة أنه "أيُّ جريمة أو شروع فيها ترتكب تنفيذا لغرض إرهابي في أي من الدول أو على رعاياها أو ممتلكاتها أو مصالحها ويعاقب عليها قانونها الداخلي". فتوسع دائرته إلى عمليات خطف الطائرات أو القرصنة البحرية، والأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني والجرائم المرتكبة ضدّ الأشخاص المشمولين بالحماية الدولية بمن فيهم الممثلون الدبلوماسيون.
تخلص أمحمدي بوزينة آمنة من خلال عمليات الاستقراء هذه إلى أنّ "الإرهاب الدولي، قد تم تناوله في اتجاهات متنوعة؛ مما نتج عنه مجموعة من التعريفات المتباينة" وتقدّر " أن السبب الرئيسي في عدم الاتفاق على تعريف موحد للإرهاب الدولي يرجع إلى أن دوافع المصلحة الخاصة بكل دولة أو تجمع هي العائق الأساسي أمام التوصل إلى تعريف محدد ومتفق عليه للإرهاب".
فتجد وراء كل صياغة ما اعتبارات سياسية ذات علاقة بمصالح الدول التي تعمل على صياغتها. وبناء على ذلك تحاول أنّ تقدّم ما تراه تعريفا أكثر شمولية وتوافقا مع القوانين الدولية وهو: "كل استخدام للعنف أو التهديد به في إطار غير مشروع بواسطة أفراد أو جماعات أو دول ضد أشخاص أو هيئات أو مؤسسات أو ممتلكات عامة أو خاصة، بهدف التأثير على سلطة أو أشخاص معينين من خلال نشر حالة من الرعب والفزع أو ما شابه ذلك من أجل تحقيق أهداف معينة ليس لها أساس من المشروعية".
ـ 4 ـ
تحاول الباحثة أن تعتمد الاستقراء نفسه للوصول إلى مفهوم "المقاومة المسلحة". فتستعرض جملة من التعريفات، منها وثيقة مفهوم الإرهاب والمقاومة الصادرة عن مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن في يوليو 2003. وينتهي بها الاستقراء إلى أنّ المقاومة المسلحة تعبير يشار به إلى العمليات ذات الطابع العسكري ينفّذ ضد السلطات القائمة بالاحتلال أو قواتها فوق الأراضي المحتلة أو ضد الأهداف العسكرية وما في حكمها فوق إقليم الدولة المحتلة أو خارجها.
ويرمي استخدام القوة المسلحة في مثل هذا الحال إلى الدفاع عن الوطن بغاية تحرير الأراضي وطرد المحتل منها. وللمقاومة المسلحة أن تكون في شكل تنظيم يخضع لإشراف سلطة قانونية أو واقعية. ولها أن تعمل بناء على مبادرتها الخاصة سواء باشرت هذا النشاط فوق الإقليم الوطني المحتل ذاته أو من قواعد خارج هذا الإقليم. وتحدّدها بكونها "استخدام مشروع لكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة لدرء العدوان وإزالة الاحتلال والاستعمار وتحقيق الاستقلال، ورفع الظلم المسنود بالقوة المسلحة بوصفها أهدافا سياسية مشروعة، وهو ما يتفق مع القانون الدولي وتؤيده الشريعة الإسلامية".
وللمقاومة المسلحة مقومات ضرورية منها أن تكون ذات امتداد شعبي سواء قامت بها مجموعة عسكرية تنتفض ضد قوات الاحتلال أو كانت مشاركة شعبية غير نظامية تدافع عن الوطن ووجوده وأمنه. ومنها أن تتّبع حركات المقاومة في قتال العدو، الأسلوب المسلح وفقا لما قررته قواعد القانون الدولي الإنساني. فتستهدف آلته العسكرية بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك التخريب أو اعتماد أسلوب حرب العصابات.
ـ 5 ـ
إذن ما الحدّ الفاصل بين الإرهاب والمقاومة المسلحة؟ فبينهما تشابه على مستوى ممارسة العنف ضمن الهجمات العسكرية والأمنية المنظّمة وعلى مستوى الأساليب والآليات.
رغم نقاط التقاطع تلك فالاختلاف من حيث المبادئ والمفاهيم بين ظاهرتي الإرهاب والكفاح المسلح بيّن، لا يُحجب إلاّ على متواطئ أو صاحب غايات مريبة.. فالمقاومة المسلحة تتحرك وفق دافع وطني وتستند إلى مبادئ الحق والعدل وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها الذي يكفله ميثاق الأمم المتّحدة. أما الإرهاب، فيريد من العنف جانبه النفعي، فيرمي إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة أو التأثير على جهات النفوذ والمال فلا يخلو من ابتزاز على نحو مّا. وتجري وقائعه خارج القانون. ويكون ذا طابع رمزي استعراضي، فيطرح السؤال مع كلّ عملية إرهابية من تراه يكون الضحية الموالي.
للمقاومة المسلحة أن تكون في شكل تنظيم يخضع لإشراف سلطة قانونية أو واقعية. ولها أن تعمل بناء على مبادرتها الخاصة سواء باشرت هذا النشاط فوق الإقليم الوطني المحتل ذاته أو من قواعد خارج هذا الإقليم. والعنف الإرهابي هو ممارسة مبرمجة وفق إستراتيجية هجومية تكلّف الطرف المستهدف عواقب عسكرية أو اقتصادية أو سياسية مؤلمة تجعله يرضخ إلى ذلك الابتزاز، وبدون عناصر الترهيب وإثارة الفزع اللذين يستهدفان التحكم في سيكولوجيا الطرف المقابل يتحول الإرهاب إلى عمليات قتل إجرامية عادية، كما يحدث في مدارس الولايات المتحدة بين الحين والآخر. أما عنف حركات المقاومة المسلحة فيبقى عنفا جماهيريا تمارسه جماعات أو أفراد من شعب يعمل على إرغام العدو على الاعتراف بحقوقه المشروعة الذي تكفله المواثيق الدولية ويمارس ضمن ضوابطها. ويرتبط بحقها في تقرير المصير والاستقلال، فيحظى بقبول المجتمع الدولي (عبر قوانينه لا عبر نزوات مسؤوليه وحساباتهم الانتخابية). ومن ثمّ لا يعتبر عدوانا على أحد، وإنما هو دفاع عن الأرض والمجتمع والقيم.
ـ 6 ـ
تنتهي الباحثة إلى أنّ الجهات المتنفّذة دوليا تعمل باستمرار على إضعاف المنظمات العالمية والإقليمية والحدّ من دورها الرقابي "المفترض". وتعرقل كلّ سعي إلى تحديد مفهوم الإرهاب التحديد الدّقيق المستند إلى القوانين والمواثيق الدولية لأنها تريد تعريفا مرنا يتغيّر شكله بتغيّر الوقائع، فيكفل لها دائما مصالحها ومصالح حلفائها. ولذلك ينصب تركيز هذه الجهات على نتائج العنف دون البحث في أسبابه. فهنا ستتقاطع الظاهرتان ويحصل اللبس. فيُزجّ بحركات التحرّر في خندق واحد مع المنظّمات الإرهابية. ويتسنّى لها عندئذ ممارسة ازدواجيتها في التعامل والتصنيف. فتعدّ هجمات إسرائيل على الشعب الفلسطيني المرابط بأرضه ضمن عملها "المشروع في الدفاع عن النّفس"، فيما يصنّف دفاع الفلسطينيين عن أرضهم ضمن الأعمال الإرهابية.
ولذلك ترى الباحثة ضرورة التحديد الدقيق والتعريف القانوني المطلوب لكل من الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة. وتعتقد أنه يتعين على الجميع محاولة إيجاد الحلول الكفيلة بوضع حد للخلط ومحاولة وضع معايير واضحة. "خاصة مع إصرار الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي على الخلط المتعمد بين هاتين الظاهرتين، واتخاذ ذلك أدلة سياسية وإعلامية لتشويه الحقائق وتزيف الوقائع".
ـ 7 ـ
ربّما تساءلنا مَن هذا الذي سيوجد الحلول الكفيلة لوضع حدّ للخلط بين ظاهرتي الإرهاب والكفاح المسلّح وصوت القوى الغربية المتواطئة ضد الفلسطينيين أعلى من كلّ الأصوات؟ نعتقد أن عملية "طوفان الأقصى" وما رافقها من المواقف الغربية المنحازة كليّا لصالح إسرائيل تبرهن أن حلّ القضية الفلسطينية يمرّ عبر امتلاك أسباب القوة العسكرية والاقتصادية المؤثرة في عالم لا تُحرّك ضمائره غير المصالح الآنية. أما "مناشدة الضمائر الحية" و التعويل على تطبيق القوى العظمى للقانون الدولي الذي تدوسه، بنور يقذف فجأة في ضمائرها فتفريط في القضية تحت عناوين "نبيلة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب الإرهاب المقاومة مقاومة إرهاب كتاب مفاهيم كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة المقاومة المسلحة الولایات المتحدة القانون الدولی الإرهاب الدولی بین الإرهاب على مستوى من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
قراءة خلف السطور لحديث البرهان
يقول ماكس فيبر عن الشرعية ( أن نظام الحكم يكون شرعيا عند الحد الذي يشعر فيه المواطنون بأن ذلك النظام صالح و يستحق التأييد و الطاعة)
جاءت ردود الفعل متعددة و متباينة و بعضها تغلف بشيء من الحدة على كلمة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش التي كان قد القاها أمام "القوى الوطنية السياسية المجتمعية" ببورسودان.. و ردود الفعل كانت متوقعة لسببين الأول الكل؛ إذا كانوا مجموعات منظمة، أو تحالفات، أو حتى أفراد كان لديهم تصوراتهم الخاصة لفترة ما بعد الحرب، و عن كيفية التعامل مع الواقع الجديد بعد غياب الميليشيا.. و غياب الميليشيا لا يشملها وحدها بل كل القوى السياسية المتحركة في محورها.. القضية الثانية الصراع على السلطة و كيفية التعامل معه، البعض يعتقد أن القيادات العسكرية تريد الاستمرار في السلطة تحت زرائع عيدة.. و آخرين يعتقدون أن الحوار بين القوى السياسية و التوافق هو الذي يجعلهم الأجدر بالسلطة.. و هناك أيضا قوى منتظرة أن تقف الحرب لكي تبدأ ثورة من جديد.. هذا التباين في الأراء و التصورات كان لابد ان يخرج إلي العلن..
و أيضا يمكن القول؛ أن سبب ردود الفعل المتباينة؛ لكلمة البرهان لأنها نقلت الحديث من السر إلي الجهر، و من التفكير الذاتي المغلق إلي التفكير الجمعي بصوت عال،.. و هنا يأتي السؤال لماذا قرر البرهان أن يقول كلمته السياسية أمام " جمع سياسي" و ليس في منبر عسكري؟ مع العلم أن البلاد ما تزال في حالة حرب.. لأن كلمة القائد العسكري في المنابر العسكرية لا تناقش بل هي لرفع الروح المعنوية و توجيهات للتنفيذ .. أما المنبر السياسي يقبل الخلاف و المجادلة حول الرؤية المطروحة و لا يقبل المسلمات.. و بدلا من التخيلات التي لا تسندها وقائع أن تطرح القضية بكلياتها أمام الناس لمعرفة الأراء المختلفة و المتدثرة.. فالخروج بالتفكير إلي العلن هو الذي أدى إلي هذا الحراك السياسي و تقديم الأراء رغم حدة بعضها، و من الضروري أن يخرج النفس الحار من الصدور حتى يستطيع الناس أن يفكروا عقلانيا.. أن غياب القوى السياسية و عجزها أن تقدم تصوراتها تجعل الآخرين يفكرون نيابة عنها، و يملأوا الفراغ الذي تخلفه في الساحة السياسية..
في هذه المقال أطرح أربعة قضايا خلافية و أحاول أقدم فيها رؤية مغايرة للذ تم طرحه في كلمة رئيس مجلس السيادة البرهان:-
القضية الأولي – الوثيقة الدستورية التي ذكرها البرهان و قال أنهم بصدد تعديلها.. أن الوثيقة كانت قد أتخذت شرعيتها بشرعية ثورية و ليست دستورية، و تعديلها أيضا تنقصه الشرعية، و يصبح وضع شاذ جديد في الساحة السياسية.. و المكون العسكري موافق عليه لآن الحركات متمسكة بالوثيقة، ليس لمصلحة عامة، و لكن لكي تبقي علي " اتفاق جوبا" الذي يعطي قيادتها أمتيازات عن الأخرين، رغم أن الحرب جعلت كل ولايات السودان دون استثناء تعاني من التهميش.. و الأفضل الرجوع لشرعية دستورية كان متفق عليها من أغلبية القوى السياسية، و هو دستور 2005م و الذي تترتب عليها نقلة مباشرة للشرعية الدستورية، أي انتخاب رئيس للجمهورية، و الذين يريدون استمرار الجيش في قمة السلطة عليهم بترشيح القائد العام لرئاسة الجمهورية بعد استقالته من موقعه في الجيش، و تكون البلاد انتقلت مباشرة للشرعية الدستورية...
القضية الثانية – السبب الذي أغضب العديد من النخب الإسلامية من كلمة البرهان هي بعد الكلمة من أدبيات السياسة و الدبلوماسية .. إذا كان البرهان قال أن الفترة التأسيسية لا تشارك فيها أية قوى سياسية فقط تشكل من التكنقراط كان حسم الموقف تماما..
القضية الثالثة – غضب الجماهير من قول البرهان أننا سوف نرحب بأي شخص ينزع يده من الجانب الأخر و يتخذ موقا وطنيا.. أن الجماهير رافضة مقولة " عفا الله ما سلف" و هي كلمة مشجعة للأخرين أن يمارسوا ذات الفعل مرة أخرى.. و بالتالي لابد من الإشارة إلي المحاسبة بقدر الجرم الذي وقع من أية شخص.. من الصعب جدا أن تكسب الجماهير عبر مراحل طويلة و سهلا تخسرها بكلمة واحدة.. لا اعتقد هناك أية شخص مع ممارسة افعال الانتقام و لكن ترسيخ مبدأ العدالة مسألة ضرورية في المجتمع حتى لا ينحرف إلي العنف و أخذ الحق باليد..
القضية الرابعة – أن أية سلطة دون جهاز رقابي و محاسبي هي دعوة صريحة للمفسدة.. إذا أصرت السلطة الحالية أن تشكل جهاز تنفيذي من التكنقراط يجب عليها أن تشكل مجلس تشريعي من خلال قيام انتخابات لمجالس الأحياء، و كل ولاية تبعث مناديب يتم اختيارهم انتخابيا من هذه المجالس ليكونوا المجلس التشريعي.. أن شرعية وضع اليد لن تصلح البلاد غير أنها تخلق خلافات عميقة بين الناس..
الحكم ليس شعارات تطلق في الهواء، أنما هي أفكار تقدم للحوار، و الغريب أن الأحزاب المناط بها تقديم المبادرات و الأفكار، أصبحت مجموعة من العناصر تقدم انتقادات سالبة لرؤى الآخرين، دون أن تقدم بدائل للأراء التي ينتقدونها.. صحيح أن الحرب قد وحدت قطاع عريض من الشعب و وقف مع الجيش في معركة الكرامة، و البعض الأخر ذهبوا مقاتلين في الاستنفار و المقاومة الشعبية، هؤلاء جميعا كان هدفهم الانتصار على الميليشيا حتى لا يكون لها وجد مستقبلا إذا كان عسكريا أو سياسيا.. و أيضا عدم الرجوع إلي فترة ما قبل 15 إبريل 2023م .. هذا التحول السياسي لا يمكن التنازل عنه، و الحرب أيضا سوف تخلق قيادة جديدة في المجتمعات السودانية في الأقاليم المختلفة.. هذا التحول يجب قيادة الجيش أن تدركه و تعرف كيف تتعامل معه في ظل الصراع على السلطة.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com