السومرية نيوز – دوليات

سلَّط قصف الاحتلال الإسرائيلي على كنيسة القديس بورفيريوس، قبل ايام، الأنظار على المسيحيين الذين يعيشون في غزة المحاصرة وتاريخ وجودهم في هذه المدينة.
ووفقاً لهيئة Caritas Internationalis الأرثوذكسية، فقد توفي 17 مسيحياً على الأقل، بينهم أفراد من عائلة واحدة، في الغارة الإسرائيلية التي أسفرت عن سقوط سقف كنيسة القديس بورفيريوس على مَن فيها.



*تاريخ المسيحيين في غزة
تعتبر دولة فلسطين بشكل عام مهد المسيحية في العالم، فهي موقع العديد من أحداث العهدين القديم والجديد من الكتاب المقدس، كما أنها تحتوي على كنيسة المهد التي وُلد يسوع المسيح في مكان موقعها في مدينة بيت لحم، وبالتالي فإن وجود مسيحيين في غزة هو أمرٌ طبيعي؛ نظراً للتنوع الديني في فلسطين.

ووفقاً لتقرير حديث نشره موقع Middle East Eye (مقره بريطانيا)، فإن التاريخ المسيحي في غزة فريد من نوعه، كون المنطقة تمثل أهمية خاصة في تطور الإيمان.

ووفقاً للتقرير، فإن منطقة قطاع غزة يُشار إليها بالاسم في كتاب العهد الجديد في أعمال الرسل 8، والذي يُشير إلى القديس فيلبس الرسول، الذي يعمد رجلاً من الحبشة على الطريق بين القدس وغزة.

وتقول الآية: "ثم إنَّ ملاك الرب كلم فيلبس قائلاً: قم واذهب نحو الجنوب، على الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة التي هي برية".

في حين فقد بدأ انتشار المسيحية في منطقة غزة إلى القرن الخامس، وذلك وفقاً وفقاً لما تشير إليه الكنائس والأديرة المتواجدة في القطاع.

وبحسب الباحثة نيكول بلايش، مديرة الدراسات في قسم العلوم الدينية بالمدرسة العملية للدراسات العليا بباريس، والتي تغطي مجالات بحثها الرئيسية الديانات الوثنية وتغيراتها في الإمبراطورية الرومانية الشرقية، فقد ذكرت في كتاب شاركت في الكتابة به، وهو كتاب غزة المسيحية في العصور القديمة المتأخرة "Christian Gaza in Late Antiquity"، فإنه عندما تم تعيين القديس بورفيريوس الرَّائِي أسقفاً لغزة، كان عدد السكان المسيحيين "أقل من 300 من بين عدد السكان الذي يقدر بما بين 20.000 و25.000".

وأضافت الباحثة في الكتاب أنّ التحول الجماعي إلى المسيحية في غزة في القرن الخامس بدأ تحت رعاية الإمبراطورية البيزنطية، خليفة الإمبراطورية الرومانية الشرقية، مؤكدة أنّ العملية كانت صعبة جداً.

وأوضحت أنّه في نهاية الأمر تم التغلب على التردد الذي كان يشعر به الغزاويون من خلال جهود كبيرة بذلها قساوسة مثل بورفيريوس، استطاعوا بعدها الدمج ما بين الطقوس التي يمارسها السكان الأصليون وبين طقوس الكنيسة المسيحية، مؤكدة أن اعتماد المسيحية في غزة أصبح على نطاق واسع مع حلول نهاية القرن السادس، ولكن لم تستطِع المسيحية أن تبقى وقتاً طويلاً في غزة؛ لأن معظم السكان اعتنقوا الإسلام مع وصوله، وبات الدين الرئيسي للمنطقة.

في حين بقيت أقلية مسيحية صغيرة جداً في غزة استطاعت أن تتمتع بازدهار قصير جداً في ظل الحكم الصليبي لغزة خلال القرن الثاني عشر.

*المسيحيون في غزة خلال العصر الحديث
تعرض الكثير من المسيحيين الفلسطينيين في غزة للتهجير والتحول إلى لاجئين بسبب الاحتلال الإسرائيلي، ما أجبرهم على ترك منازلهم في غزة والفرار إلى مناطق أخرى.

بدأت عمليات تهجير المسيحيين بعد النكبة في عام 1948 ليتضاءل عدد السكان المسيحيين في غزة بشكل أكبر على مر العقود، وهو الاتجاه الذي استمر بعد النكبة.

في منتصف ستينيات القرن الماضي كان عدد المسيحيين في غزة يتراوح ما بين 6 إلى 7 آلاف شخص، ولكن منذ أن بدأ الحصار الإسرائيلي على غزة في عام 2007 أُجبر الكثير منهم على الفرار.

ووفقاً لما ذكرته وكالة الأناضول التركية فإن قطاع غزة حالياً يحتوي على حوالي 1000 مسيحي فلسطيني فقط يعانون من العزلة وانعدام الحرية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 16 عاماً.

ووفقاً لما ذكره موقع The New Arab، فإن معظم المسيحيين الذين يعيشون في غزة اليوم هم يتبعون الطائفة الأرثوذكسية اليونانية، في حين يتواجد أيضاً أقليات تتبع الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية.

في المقابل أيضاً، فإن المسيحيين في غزة معزولون تماماً عن المجتمعات المسيحية الأكبر المتواجدة في القدس والضفة الغربية، إذ إن أي شخص منهم يحتاج إلى تصريح سفر للخروج من غزة في المناسبات الدينية.

ورغم ذلك، فإن ضمان استخراج هذه التصاريح غير مضمون، ودائماً ما تقوم سلطات الاحتلال بإلغاء تصاريح كان قد استخرجتها للمسيحيين لحضور قداس عيد الفصح.

*يرفضون الخروج من غزة
وفي الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال إلى تشويه سمعة المسلمين الذين يعيشون في غزة من خلال اتهامهم بمضايقة المسيحيين، فإن المسيحيين أنفسهم يرفضون الانصياع للاحتلال.

مؤخراً عندما قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتحذير السكان المدنيين من ضرورة الانتقال إلى الجزء الجنوبي من القطاع، قررت الغالبية العظمى من العائلات المسيحية عدم الانتقال والبقاء داخل الكنيسة.

أنطون وهو مسيحي يبلغ من العمر 42 عاماً، صرح لصحيفة EL PAÍS الإسبانية، قائلاً: "في الوقت الحالي، يمكننا البقاء في غزة لمدة تصل إلى شهرين؛ لأننا قمنا بأخذ كامل احتياطاتنا منذ أن بدأ الاحتلال تصعيداته في غزة، فأنشأنا قبل بضعة أشهر لجنة إدارة للأزمات المستقبلية وبدأ الاستعداد للأوقات الصعبة".

وتابع: "لن نرحل، والفكرة هي ضمان بقاء المجتمع المسيحي في غزة عندما تنتهي الحرب، لا نريد أن نضطر إلى الرحيل من هنا، مكاننا في غزة".

*أماكن مسيحية مقدَّسة في غزة
كنيسة القديس برفيريوس التي بُنيت في القرن الخامس وسُميت على اسم القديس برفيريوس، وهي أحد أهم الأماكن الدينية المسيحية في غزة وأقدمها.

في حين أن هناك العديد من الأماكن المسيحية المهمة الأخرى في غزة، مثل دير تل أم عامر، الذي يعتبر مسقط رأس القديس هيلاريون، ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس، ويضم كنائس وقاعة معمودية ومقبرة وسرداباً، وكان بمثابة مكان للعبادة للمسافرين بين مصر وبلاد الشام، بما في ذلك فلسطين وسوريا.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: المسیحیین فی غزة المسیحیة فی فی حین

إقرأ أيضاً:

أرض الصومال .. بؤرة مشتعلة في منطقة القرن الأفريقي

تداعيات متسارعة في منطقة القرن الأفريقي، نجمت عن زيادة مطامع أديس أبابا في الحصول على منفذ بحري مطل على البحر الأحمر، على حساب سيادة دولة الصومال.

 

في ضوء ذلك حذرت مصر مواطنيها من السفر إلى إقليم أرض الصومال بجمهورية الصومال الفيدرالية، مناشدة المصريين المتواجدين في الإقليم المغادرة في أقرب وقت وفرصة عبر مطار هرجيسا.

 

وهو ما يدفعنا للتساؤل التالي؛ هل سيتحول منطقة القرن الأفريقي إلي ساحة للحروب؟ بعد تحذير الخارجية المصرية والذي يأتي بعد غلق المكتبة المصرية في صوميالاند، بالإضافة إلي رصد مخاوف أديس أبابا من حجم العلاقة والتعاون بين مقديشو والقاهرة.

ملاحظات أولية بين العلاقة المصرية الصومالية 

قد يبدو أن التعاون العسكري الذي وُقِّع بين مصر والصومال يوم 15 أغسطس الماضي، أزعج السلطات الأثيوبية، فردت عليها بتعين سفيرا  لها في إقليم أرض الصومال غير المعترف به حتي الآن، والذي يمثل خطوة عدائية من إثيوبيا على سيادة دولة الصومال.

ويأتي الأتفاقية بين البلدين، علي خلفية العلاقات الوطيدة التي تجمع القاهرة ومقديشو منذ ستينات القرن الماضي، وهذا ما دفع مصر برفض مذكرة التفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال، وعبرت من خلال وزارة الخارجية المصرية قاطع على ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الصومال الفيدرالية علي كامل أراضيها، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات علي السيادة الصومالية، مشددة علي حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.

 وزارة الخارجية الإثيوبية

وخرجت وزارة الخارجية الإثيوبية، بيانًا تعبر عن غضبها، بالتعاون العسكري بين الصومال والقاهرة، واعتبرتها مصدرتهديد لأمنها  القومي، محذرة مقديشو :" التواطؤ مع جهات فاعلة خارجية بهدف زعزعة استقرارنا"، ويتعين علي القوى التي تحاول تأجيج التوتر لتحقيق أهدافها قصيرة الأجل أن تتحمل العواقب الوخيمة".

فيما دخلت حكومة أرض الصومال الانفصالية على خط التوتر، وأصدرت بيانا صعدت فيه ضد مصر، وانتقدت إرسال قوات مصرية إلى دولة الصومال، وأغلقت المكتبة الثقافية المصرية في هرجيسا.

 

أسباب الخلاف بين الصومال واثيوبيا

لم يكن التوترات بين إثيوبيا والصومال جديدة، فقد سيطرت أديس أبابا علي إقليم أوجادين الصومالية، فضلًا عن قيامها بغزو الصومال عسكريًا في الفترة ما بين 2006-2009

 

ولم تكتفي بالماضي ولكن في القرن العشرين تسعي إثيوبيا لوضع قواتها علي إقليم جديد من الأراضي الصومالية، من خلال  توقيع  إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الأنفصالي في يناير 2024، بحصولها علي حق استئجار منطقة ساحلية وإنشاء قاعدة عسكرية مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، مما قوبل برفض قاطع من الحكومة الصومالية التي اعتبرت الاتفاقية انتهاكا صريحا لسيادتها.

 

وهددت الحكومة الصومالية، بطرد 10 آلاف جندي إثيوبي، متواجدين كجزء من بعثة حفظ السلام، وبموجب اتفاقيات ثنائية لمحاربة الحركات الأرهابية، في لحظة إلغاء مذكرة التفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال.

 

وتري حكومة الصومال أن صوماليلاند، التي لم تحصل علي اعتراف دولي رغم تمتعها بالحكم الذاتي العملي لأكثر من 30 عامًا جزء من الصومال، ورغم معرفة أثيوبيا بأنها تابعة لمقديشو تعاونت مع أرض الصومال بشكل غير قانوني، من أجل خروجها من كابوس الدولة الحبيسة، بهدف إنشاء قاعدة عسكرية بحرية وتنويع منافذ إيوبيا التجارية علي سواحل خليج عدن والبحر الأحمر عمومًا.

 

 

في ضوء ذلك توجهت لإقليم أرض الصومال التابعة للحكومة الصومالية، من أجل توقيع مذكرة تفاهم للحصول علي منفذ بحري عن طريقة ميناء بربرة، في المقابل تسعى أرض الصومال إلي الحصول علي أول اعتراف دولي بها من جانب أثيوبيا.

 

مالا تعرفه عن أرض الصومال؟

 

حصلت أرض الصومال علي استقلالها في عام 1960، واندمجت مع الصومال بعد ماكانت شبه صحراوية تقع علي ساحل خليج عدن، وكانت تحتلها إيطاليا.

وفي عام 1991م، انفصلت أرض الصومال وأعلنت استقلالها عن جمهورية الصومال عقب الإطاحة بالرئيس الصومالي الأسبق سياد بري، وبالرغم من ذلك غير معترف بها دوليًا.

يبلغ عدد سكان أرض الصومال التي عاصمتها هرجيسا، 5.7 مليون نسمة، ومساحتها 177,000 كيلو متر مربع.

بوادر حرب 

قالت الدكتورة أماني الطويل، خبيرة في الشأن الأفريقي ، إن تصاعد التوتر في أرض الصومال نتيجة الاصرار الإثيوبي علي الوجود فيها والذي أصبح له طابع عسكري.

وأضافت الطويل لـ"الوفد"، أن تحذير وزارة الخارجية المصرية علي ضرورة مغادرة رعاياها صوميالاند، لأنه يجعل الوجود المدني المصري اما مستهدف او مهدد ومن هنا جاء التحذير.

وردًا علي السؤال السيناريوهات المحتملة، أوضحت خبيرة في الشأن الأفريقي، أن السيناريوهات مفتوحة وبالتالي الاحتكاك ممكن.

مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا

بينما أوضح اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، أن في الآونة الأخيرة حدث تصعيد وجاء عقب توقيع مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا، الذي سيحق لحصول الأخيرة لمنفذ بحري مطل علي البحر الأحمر مقابل اعترافها صوميالاند، ويعد ضد السيادة الصومال وممكن يؤدي الإنقسام البلاد.

وقال عبد الواحد لـ"الوفد"، إن أرض الصومال رفضت تعاون مصر الصومالي العسكري، وردت بغلق المكتبة الثقافية التي عملت منذ ستينات القرن الماضي وتجددت من فترة، فضلًا عن طردها للمصريين، مشيرًا إلي أن أثيوبيا منذ يومان دعمت منطقة بونتلاند الصومالية بالأسلحة والذخائر.

وأضاف خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، أن تحذير وزارة الخارجية المصرية، جاء بعد التوترات التي تشهدها أرض الصومال، خوفًا علي المواطنين المصريين، قائلًا:" من الممكن استهدافهم يأتي كسلاح وضغط علي مصر، وسيكون الحجة أن ميليشات أرهابية السبب في ذلك".

وأستطرد حديثه لـ"الوفد"، أن التعاون العسكري المصري الصومالي، يأتي في الإطار الشراكة العسكرية الذي يطلق عليه الدبلوماسية العسكرية، ودور مصر في تلك الشراكة في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، يساهم الجيش المصري في تدريب الصوماليين.

ولفت إلي أن تواجد القوات المصرية في الأراضي الصومالية لن يكن جديد، ولكن في عام 1996، كان القوات تحمي مطار مقديشو لمدة ثلاث سنوات وكان اللواء محمد عبد الواحد، ضمن البعثة التي كانت تابعة للأمم المتحدة".

وقال إن أهمية التواجد القوات المصرية في الأقليم لمراقبة الوضع المشتلعة الذي يحده من كافة الجوانب بصراعات ونزاعات داخلية وحدودية، فضلًا عن التنافس الأقليمي والدولي للأهميته الجوسياسية.

وتابع أن العلاقة بين مصر والصومال تعد مصالح مشتركة، لأن هناك جار مشاغبة وهي إثيوبيا، تهدد مصالح الصومالية ومحتلة أراضيها منذ سنين، كما تفرض عداءة استمراري مع مصر من خلال ملف المياه.

وأكد  اللواء محمد عبد الواحد، أن أثيوبيا ستنفذ مذكرة التفاهم وستضع قواعد عسكرية وبحرية علي الأراضي الصومالية، وستعترف بأرض الصومال كدولة.

وردًا علي سؤال، احتمالية حدوث حرب بين الصومال واثيوبيا وتدخل مصر، قال:" المتوقع أن اثيوبيا ستتخذ إجراءات تصاعدية لان البحر الأحمر بالنسبة لها حياة أو موت، ويهدد نفوذها في الإقليم"، مؤكدًا بصعوبة الصلح بين الصومال واثيوبيا لان بينهما كراهية منذ قرن.

 

مقالات مشابهة

  • سيد نيمار يكشف سبب رحيله عن الزمالك.. والفريق الأقرب لضمه
  • سيد نيمار: الزمالك استحق السوبر الإفريقي.. وفضلت الخروج للإعارة
  • سيد نيمار: أجبرت علي الرحيل عن الزمالك بسبب ما حدث معي
  • تذكار استشهاد القديس كبريانوس أسقف قرطاجنة
  • في اليوم العالمي للقهوة.. تاريخ اكتشاف المشروب الأكثر إثارة للجدل في التاريخ
  • جريمة “العلم الوطني”.. الحوثيون يرفضون الإفراج عن قرابة 1000 شاب اعتقلوا خلال أيام
  • مذنب القرن يقترب من الأرض وهذا موعد ظهوره
  • أرض الصومال .. بؤرة مشتعلة في منطقة القرن الأفريقي
  • تفاصيل احتفالات رعية القديس ميخائيل في الكرك بسوريا
  • حياة القديس كيرياكوس.. من النسك إلى المعجزات