في عالم يتزايد ترابطه عبر العصر الرقمي، لم يكن دور وسائل الإعلام أكثر أهمية من أي وقت مضى في تشكيل التصور والرأي العام. ومع ذلك، فإن تعامل وسائل الإعلام مع الحروب والصراعات الدولية غالبًا ما يخضع للتدقيق بسبب ما يعتبره الكثيرون نفاق ومعايير مزدوجة في إعداد التقارير. 

ويمكن رؤية أحد الأمثلة الصارخة على ذلك في التغطية المتناقضة للحرب الأوكرانية الروسية والعدوان الرسرائيلي علي غزة والفلسطينيين بصفة عامة.

المعادلة غير المتوازنة: المحتل مقابل المقاومة

أحد الأمثلة الصارخة على المعايير المزدوجة لوسائل الإعلام هو التناقض في كيفية تصوير العدوان الإسرائيلي علي غزة مقارنة بالصراعات الأخرى، مثل الحرب الأوكرانية الروسية. غالبًا ما يتم التقليل من أهمية اختلال توازن القوى المتأصل في هذا الصراع المستمر أو تجاهله من قبل وسائل الإعلام الغربية، مما يتسبب في تشويهات كبيرة في الفهم العام.

عدم التماثل في القوة

إن العدوان الإسرائيلي علي غزة خاصة وفلسطين عامة غير متكافئ في الأساس. ويجب أن يؤخذ في الاعتبار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي مدعوم بجيش منظم ومجهز تجهيزاً جيداً، في حين أن فلسطين تفتقر إلى جيش مركزي. 

 

ولا يمتد هذا الخلل في توازن القوى إلى القدرات العسكرية فحسب، بل يمتد أيضاً إلى الموارد الاقتصادية، والنفوذ السياسي، والدعم الدولي. ونادرا ما يتم الاعتراف بهذا التفاوت في وسائل الإعلام الغربية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تصور منحرف للواقع.

 

وفي المقابل، فإن الحرب الأوكرانية الروسية تشمل دولتين قويتين عسكرياً، مما يجعلها صراعاً أكثر تناسقاً. وتميل وسائل الإعلام إلى تصوير هذه الحرب على أنها مواجهة بين كيانين متساويين، مما يمنحها تغطية وتحليلات أكثر شمولاً.

 لغة "الإرهاب"

هناك معيار مزدوج آخر يتعلق باللغة المستخدمة في التغطية الإعلامية، وكثيراً ما ينطبق مصطلح "الإرهاب" على جماعات المقاومة الفلسطينية، مثل حماس، التي غالباً ما يتم تصويرها على أنها منظمة خطيرة ومتطرفة.

 

ومع ذلك، نادرا ما يتم استخدام نفس التسمية للجماعات الأوكرانية أو غيرها من الجماعات القومية التي تقاتل في الصراع الأوكراني الروسي، حتى عندما تستخدم تكتيكات مماثلة. وتساهم هذه المصطلحات غير المتسقة في توصيف غير عادل للمقاومة الفلسطينية.

طوفان الأقصي

توضح عملية طوفان الأقصي في 7 أكتوبر 2023 التي أطلقتها حركة المقاومة الفلسطينية حماس ضد إسرائيل المعايير المزدوجة التي تتبعها وسائل الإعلام في إعداد التقارير. 

وعندما تقع هذه الأحداث، فإنها غالبا ما يتم تقديمها على أنها أعمال عدوانية غير مبررة من قبل منظمة إرهابية، منفصلة عن السياق الأوسع للصراع بين المحتل،إسرائيل و صاحب الأرض، الفلسطينيين. وفي الواقع، فإن الوضع أكثر تعقيدا بكثير.

حماس، وهي منظمة تعتبرها العديد من الحكومات الغربية جماعة إرهابية، ينظر إليها الفلسطينيين على أنها حركة مقاومة مشروعة تقاتل ضد قوة احتلال. 

الأسباب الجذرية لمثل هذه الأعمال هي الاحتلال الإسرائيلي المستمر، والحصار المفروض على غزة، وعدم إحراز تقدم سياسي نحو حل الدولتين. إن فشل وسائل الإعلام في توفير سياق مناسب لهذه الأحداث يحجب القضايا الأساسية ويديم السرد الأحادي الجانب.

المسؤولية الإعلامية

ومن الأهمية بمكان أن تعمل وسائل الإعلام كمصدر موضوعي وغير متحيز للمعلومات. إن المعايير المزدوجة في تغطية الصراعات مثل الحرب الأوكرانية الروسية والعدوان الإسرائيلي علي الفلسطينيين يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة. فهي لا تشكل الرأي العام فحسب، بل يمكنها أيضًا التأثير على قرارات السياسة الدولية والسعي إلى إيجاد حل عادل ودائم لهذه الصراعات.

يجب على وسائل الإعلام الغربية أن تكون أكثر اتساقًا في تقاريرها وأن تضمن نقل ديناميكيات القوة والسياق التاريخي لكل صراع بدقة. ولا يمكننا أن نأمل في التوصل إلى فهم أفضل، وفي نهاية المطاف، إلى حل سلمي لهذه الصراعات الطويلة الأمد إلا من خلال تصوير متوازن ومستنير لهذه القضايا. ولا تقع المسؤولية على عاتق وسائل الإعلام فحسب، بل تقع أيضًا على عاتق الجمهور المميز لإجراء تقييم نقدي للمعلومات التي يستهلكونها والبحث عن وجهات نظر متنوعة للحصول على رؤية أكثر شمولاً للقضايا المعقدة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة إسرائيل روسيا الإعلام الغربى الاحتلال الأوکرانیة الروسیة وسائل الإعلام على أنها ا ما یتم

إقرأ أيضاً:

علوان: استشهاد أكثر من 130 فنانا وكاتبًا بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة

قال إبراهيم علوان، مدير عام التراث الفلسطيني، إن الاحتلال الإسرائيلي لم يقتصر عدوانه على الإنسان الفلسطيني فقط، بل امتد للتراث الفلسطيني ولجميع مكونات الحياة الفلسطينية، لافتًا إلى أن وزير الثقافة الفلسطينية وجه برصد الدمار الذي حل بالأماكن التراثية والمراكز والجمعيات، وتم رصدها ووجد أن هناك دمار كبير لحق بالمكتبات والمواقع الأثرية.

الأونروا: الحياة تنفد في قطاع غزة ووصلنا إلى مستوى ما بعد الكارثة

وأضاف علوان، خلال مداخلة مع الإعلامية أمل الحناوي، ببرنامج عن قرب مع أمل الحناوي، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية»، أن مكتبة الجامع الكبير (مكتبة الظاهر بيبرس) تم تدميرها بشكل كامل، ومكتبة منصور الياجزي، بجانب قسم الأرشيف في بلدية غزة، بجانب الوثائق التي تعود إلى 150 عام سابق وتم تدمير مخطوطات قديمة وأثرية وسرقة بعضها.

وتابع: «هناك 105 مركز ثقافي وجمعية ثقافية، تم تدمير 55 مركز منها، والباقي تم تدميره بشكل جزئي، وهناك 3 مسارح كبرى في قطاع غزة تم تدميرهم بشكل كامل، وتم تدمير 87 مكتبة بشكل كامل، ويوجد 15 دار للنشر، تم تدمير 8 منها بشكل كامل والباقي بشكل جزئي، 325 موقع أثري وتراثي تم تدمير 200 موقع منهم بشكل كلي، مطرزات قديمة ومقتنيات عددها 3500، تم سرقة وتدمير 2100 قطعة منها، والأهم هو استشهاد أكثر من 130 فنان وكاتب وسينمائي، آخرهم الكاتبة فاطمة حسونة معها 10 من أفراد عائلتها».

طباعة شارك إبراهيم علوان التراث الفلسطيني الإنسان الفلسطيني الاحتلال الإسرائيلي

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية وتُشرّد سكانها
  • بيسكوف: الكثير من النقاط التي يتبناها ترامب للتسوية في أوكرانيا تتسق مع موقف روسيا
  • الأمم المتحدة تحذر: العديد من الفلسطينيين قد يموتون جراء الحصار الإسرائيلي
  • هآرتس: التحريض على إبادة الفلسطينيين سائد في إسرائيل
  • نائب فرنسي: مقتل مصلًّ في فرنسا يتحمل مسؤوليته وسائل الإعلام والسياسيون المعادون للمسلمين
  • وزير الاتصال يحذر من مغبة الوقوع في الأخبار المغلوطة التي تغذيها الإشاعات
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 51,495 شهيدًا
  • علوان: استشهاد أكثر من 130 فنانا وكاتبًا بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة
  • إنقاذ الفلسطينيين من حماس.. الإعلام الإسرائيلي يصطاد في الماء العكر بنشر تصريحات العولقي
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية