ناصر أبوبكر نقيب الصحفيين الفلسطينيين: ما نراه عبر الشاشات لا يمثل واحداً من ألف من مجازر الاحتلال
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
الكيان المحتل دمر نصف شقق قطاع غزة وقتل أكثر من 350 طفلاًدور مصر تاريخى فى مساندة القضية الفلسطينيةالإعلاميون على خط النار يعملون في ظروف مأساويةالإعلام المصرى ظهير قوي للفلسطينيين منذ بداية الحربتأخر التحقيقات فى جرائم الحرب يعطي الضوء الأخضر للصهاينة لمواصلة عدوانهمصمت المنظمات والمحاكم الدولية على حرب الإبادة الجماعية جريمة
غزة تتعرض لحربين، الأولى حرب الإبادة الجماعية التى شنها الكيان الصهيونى المُحتل ضد الشعب الفلسطينى، والثانية حرب إعلامية مُضللة، فالاحتلال يشن حملات تضليل واسعة ويقلب الحقائق وينقل صورة معاكسة تمامًا لما يحدث على أرض غزة، فى محاولة منه لعيش دور الضحية وكسب واستمرار تعاطف العالم الغربى معه، ولاستمرار تأييد المجتمعات الدولية.
فما يُعرض عبر الشاشات لا يُمثل واحداً من ألف من صور المجازر التى تتعرض لها غزة، ويرجع ذلك إلى صعوبة التغطية ونقل الأوضاع بصورتها الحقيقية، فما يُنقل هو فقط الجزء اليسير القليل من المجازر التى تُتركب، فالصحفيون يُمارسون عملهم تحت الصواريخ وتحت القصف الجوى والبرى والبحرى الذى يمارسه الاحتلال الصهيونى، بحسب ما قاله الكاتب الصحفى ناصر أبوبكر، نقيب الصحفيين الفلسطينيين، فى حواره لـ«الوفد».
إلى نص الحوار:
- فى البداية أود أن أتقدم بكامل الشكر لنقابة الصحفيين المصرية والقائمين عليها، فنقابة الصحفيين المصرية تُشكل منارة للحرية فى عموم الوطن العربى، والكل يحتذى بهذا النموذج العالى المستوى الذى نعتبره سنداً حقيقياً لفلسطين وسنداً للصحفيين الفلسطينيين.
فمجلس نقابة الصحفيين المصريين يقوم بجهد دولى هائل على صعيد مراسلة المنظمات الدولية ودعوته للنقابات العربية والتنسيق معنا ومع غيرنا من النقابات العربية، بل ويتواصل مع الإعلام الغربى، فالجهد الذى تقوم به نقابة الصحفيين المصريين يُكلل جهودنا، ونعى جيدًا أننا نحن شعب واحد، وألمنا واحد.
وبالفعل هذا ليس بجديد على الإعلام المصرى، فمنذ الوهلة الأولى للحرب، والإعلام المصرى على وجه التحديد كان له دور كبير وفعال فى مساندة القضية الفلسطينية، فمصر لها دور تاريخى تجاه القضية والشعب الفلسطينى، فخاضت حروباً من أجل الشعب الفلسطينى ودفعت دماء هائلة بل منعت حروب ضدنا، ونحن نعتز جداً بهذا الدور التاريخى.
- فى الحقيقة ما ترونه عبر الشاشات لا يُمثل واحداً من ألف من صور المجازر التى تتعرض لها غزة يوميًا، ويرجع ذلك إلى صعوبة التغطية، فالصحفيون يُمارسون عملهم تحت الصواريخ وتحت القصف الجوى والبرى والبحرى الذى يمارسه الاحتلال، لذا فمن الصعب ممارسة عملهم وتغطية ما يحدث ونقله لكم، فما نراه على الشاشات هو الجزء اليسير القليل الذى يجرى من هذه المجازر.
فأكثر من نصف شقق قطاع غزة أصيبت بأضرار كثيرة، وأكثر من 20 ألف شقة دمرت بالكامل، أكثر من مليون و300 ألف فلسطينى هجروا منازلهم فى غزة، فالاحتلال يريد أن يعمل مناطق عازلة اسمتها مناطق إنسانية، فهذا الاحتلال يقتل ويذبح ويمارس إرهاباً منظماً من الاحتلال ويتحدث عن الإنسانية، وهذا المنطقة قد يتم عمل اجتياح برى لها فى أى لحظة.
فحرب الكيان المحتل أحدثت مجازر بل تُمارس حملات إبادة جماعية للشعب الفلسطينى، إضافة إلى ذلك فإنها أحدثت بروباجندا وتضليلاً إعلامياً كاملاً، فنتنياهو أعلن الحرب على الشعب الفلسطينى ومعها الحرب الإعلامية المضللة، وأكبر مثال على ذلك حينما رفع صورة أطفال إسرائيليين مقطوعي الرأس وثبت كذب ادعائه وتضليله للمؤسسات الإعلامية فى عموم العالم، فهناك أكثر من 350 طفلاً فلسطينياً قتلوا خلال هذه الحرب ولا يزال الإعلام يتجاهل هذه الأخبار ويتعامل مع الاحتلال على أنه الضحية.
- أولًا أحذر جميع المؤسسات الدولية والحقوقية من مجزرة جماعية قد تُرتكب ضد الصحفيين، فالآن هناك أكثر من ألف صحفى متواجدين فى مستشفى ناصر فى مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وعشرات الصحفيين فى مستشفى الشفاء بغزة والعشرات فى مستشفى القدس، عشرات الصحفيين فى مستشفى شهداء الأقصى فى مدينة دير البلح وعدد من المستشفيات الأخرى، وربما يتم استهداف الخيم التى يتواجدون بها داخل المستشفيات.
فعدد أعضاء الصحفيين أكثر من 1300 صحفى فى قطاع غزة، وإذا حدث استهداف جديد للصحفيين، فيعنى أنهم لا يريدون أى تغطية إعلاميًا تخرج من قطاع غزة، وما يمارس ضد الصحفيين الفلسطينيين من قتل ممنهج هو جرائم حرب وفقًا لاتفاقية جنيف.
نحن قدمنا للمحكمة الجنائية الدولية شكاوى رسمية باسم نقابة الصحفيين الفلسطينيين وباسم الاتحاد الدولى للصحفيين لجرائم قتل الصحفيين، فعدم بدء إجراءات التحقيق فى قتل الصحفيين هو مشاركة بالجريمة وبمثابة إعطاء ضوء أخضر للاحتلال ليواصل جرائمه.
- الصمت يُعد بمثابة جريمة أيضاً، فنطلب من المحكمة الدولية على غرار ما فعلته فى حرب أوكرانيا بعد أسبوعين من الحرب أعلنت عن فتح ملف تحقيق، فنحن نتعرض لحرب إبادة جماعية منذ أكثر من أسبوعين، والاحتلال منذ 75 عاماً ولم تقدم المحكمة الدولية أى شىء ضد الاحتلال.
وأيضاً نطلب من منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، أن تصدر بيانات إدانة، فمساواة القاتل بالضحية هو جريمة، لذا نطالب منظمات الحقوقية والدولية بفتح تحقيق فى جرائم الاحتلال، كما نطالب منظمات حقوق الإنسان بأن تبدأ فى تحقيقها فى جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى.
- نُطالب وسائل الإعلام العربية أن تواصل تكثيف جهودها وتغطيتها لإيصال رسالة الشعب الفلسطينى، خاصة وسائل الإعلام العربية الناطقة بالإنجليزية واللغات الأجنبية نطالبها باستمرار تغطيتها المرحلة المقبلة.
- هذا أمر جيد جدًا، خاصة أنه بمثابة دافع للحكومات للاستمرار، وللفت أنظار العالم حول القضية الفلسطينية ولمجازر العدوان الغاشم، ونطالب الشارع العربى والدولى بالتحرك فى الشوارع، لأن التحرك الجماهيرى يمنع هذه الحكومات ويوقف دعم حكوماتهم لاستمرار قتل وذبح الشعب الفلسطينى.
فالمظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية فى مصر والعالم العربى والغربى مهمة جدًا فى مساندتنا، فتحرك الشوارع العربية والغربية والدولية فى غاية الأهمية، ولها ألف حساب، فاستمرار تعبير الشعوب عن غضبها واستنكارها له دور كبير فى فضح جرائم الاحتلال.
- الكيان المحتل يستهدف الصحفيين رغم أنهم يمارسون عملهم وفقًا لمنظمة جنيف والتعدى عليهم بمثابة جريمة حرب، فخسائرنا حتى هذه اللحظة أكثر من 18 زميلاً وزميلة صحفيين استشهدوا بالقذف المجرم، وأكثر من 50 مؤسسة إعلامية دمرت بالكامل، عدد آخر من المؤسسات الإعلامية أصابتها أضرار جزئية، ولدينا أكثر من 30 صحفياً أصيبوا حسبما استطعنا الوصول إليهم، فلا يمكننا الوصول لإحصائيات دقيقة فى قطاع غزة الآن ونحن تحت القذف والنيران.
وهناك أكثر من 22 إذاعة محلية فى غزة متوقفة عن العمل منذ اليوم الأول للاجتياح الإسرائيلى، وكانت هى صوت الإعلام الذى يصل لكل سكان غزة، وذلك توقف إما بسبب القصف أو عدم وجود وقود أو كهرباء أو إنترنت وتشريد الصحفيين وعائلاتهم الذين أصبحوا يبحثون عن مأوى لهم بدل العمل فى مهنة الصحافة.
فالعديد من الزملاء أصيبوا على الهواء وهم ينقلون الحدث، بل استشهدت عائلاتهم مثل الزميل سامح مراد مراسل قناة العربية الذى اكتشف استشهاد عائلته وهو ينقل الحدث، وهذا لم يحدث فى العالم، بل لم يحدث بالتاريخ أن صحفياً يصور ويكتشف أنه يصور أمه أو أخته، هذه جرائم إبادة جماعية.
ورغم ذلك فهناك صمود هائل لا يمكن أن يتحمله أو يتخيله بشر يقوم به الصحفى الفلسطينى، فهو يُمارس عمله رغم كل هذه الظروف بين القذف والنيران وبين جثث وشهداء وأشلاء أبنائهم يعمل الصحفى الفلسطينى, فنحن أمام مأساة حقيقية لكننا صامدون.
- نُطالب وسائل الإعلام الغربية أن توقف انحيازها للاحتلال، وأن تنقل الحقيقة وتتعامل بالعدالة والموضوعية والحيادية، فنحن لا نطالب إلا بعرض الحقيقة، ونقل المجازر وحرب الإبادة الجماعية التى تنتهجها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى.
- هذه مناسبة جيدة، لتوجيه جزيل الشكر للشارع المصرى الذى على قلب رجل واحد وخرج للشوارع تعبيرًا عن رأيه تجاه القضية الفلسطينية، وللتنديد بجرائم الحرب التى تُرتكب وهذا ليس بجديد على المصريين.
- بالنسبة لاستغلال السوشيال ميديا لدعم قضية فلسطين، لا بد أن يتم من خلال توحد الجهود ونشر رواية الفلسطينيين عن الجرائم التى يتعرض لها وأيضاً نشرها فى مصر واستمرار الضخ، والتواصل مع المسئولين عن منصات التواصل لوقف انحيازها ضد الفلسطينيين.
- الروايات التى نسمعها على القنوات ونقرأها فى الصحف هى جزء بسيط من حجم المعاناة التى يعيشها أهل غزة يوميًا، فالأهالى يعيشون أيام بدون مياه أو طعام، وأذكر أن أحد الصحفيين ظل لمدة 48 ساعة بدون نقطة مياه واحدة، وما حدث مع الطفل يوسف حينما ذهبت أمه لإحضار حبة طماطم من جارتهم لتطعمه، تصف حجم القسوة التى يفرضها الكيان الصهيونى على الجميع بمن فيهم الأطفال، فالمواطنون يموتون جراء علميات القصف المستمرة وتتدهور حالتهم الصحية بسبب اختفاء المواد الغذائية والمياه وهى أقل الاحتياجات اللازمة للحياة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكيان الصهيوني قطاع غزة القضية الفلسطينية الإعلام المصري الشعب الفلسطيني ناصر أبوبكر نقيب الصحفيين الفلسطينيين الصحفیین الفلسطینیین القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینى فى مستشفى قطاع غزة أکثر من التى ت من ألف
إقرأ أيضاً:
الإعلام بين التنوير والتضليل
مع بداية كل عام جديد، تتنافس بعض البرامج الفضائية على جذب المشاهدين عبر استضافة المنجمين والفلكيين الذين يقدمون توقعاتهم لما سيحدث فى العام المقبل، وعلى الرغم من أن هذا النوع من المحتوى يحقق نسب مشاهدة مرتفعة، إلا أنه يثير جدلاً واسعًا فى الأوساط الدينية والثقافية، خاصة مع الهجوم الواضح الذى يشنه علماء الأزهر على مثل هذه الممارسات التى تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامى.
لقد أكد علماء الأزهر مرارًا أن التنجيم ليس علمًا، بل خرافة مبنية على استغلال عقول الناس واهتمامهم بمعرفة المستقبل، وهو أمر محرم شرعًا ، والعبارة الشهيرة «كذب المنجمون ولو صدقوا» أصبحت شعارًا يتردد فى كل مرة يظهر فيها هؤلاء على الشاشات، حيث يشدد الأزهر على أن علم الغيب هو من اختصاص الله وحده، ولا يمكن لأى إنسان، مهما كانت ادعاءاته، أن يعرف ما سيحدث فى المستقبل.
ما يثير الاستغراب هو إصرار بعض الإعلاميين على تقديم هذا النوع من المحتوى، رغم أن الرسالة الإعلامية يجب أن تكون مسئولة وتهدف إلى تثقيف وتنوير المشاهدين، وليس تضليلهم.. هذه البرامج بدلًا من التركيز على تقديم محتوى هادف يُثرى العقول ويشجع على التفكير العلمي، أصبحت وسيلة لإثارة الفضول وزيادة نسب المشاهدة على حساب وعى الجمهور.
إن استضافة المنجمين والفلكيين لا تقتصر على تقديم توقعات شخصية أو عامة فحسب، بل تتعداها أحيانًا إلى استغلال الأزمات الاجتماعية والسياسية لزيادة تأثيرهم، فهم يقدمون وعودًا براقة أو تحذيرات مخيفة، مما قد يؤثر على نفسية الجمهور، خاصة فى أوقات الأزمات.
الإعلام باعتباره أحد أهم أدوات تشكيل الرأى العام، يجب أن يتحمل مسئوليته تجاه المجتمع فبدلاً من استضافة المنجمين، يمكن توجيه الجهود إلى استضافة خبراء حقيقيين فى مجالات العلوم والاجتماع والاقتصاد لمناقشة التحديات الحقيقية التى تواجه الناس وكيفية الاستعداد لها بطرق علمية وعملية.
ومما لا شك فيه يجب أن تكون هناك ضوابط واضحة تمنع استغلال الشاشات لنشر الخرافات، خاصة تلك التى تتعارض مع القيم الدينية والثقافية للمجتمع، كما يجب تعزيز وعى المشاهدين بخطورة الانسياق وراء هذه الادعاءات التى تفتقر إلى أى دليل علمي.
وفى النهاية.. الإعلام ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو شريك فى بناء وعى المجتمع ،وإذا اختار الإعلاميون التركيز على التفاهات والخرافات بدلاً من تقديم الحقائق، فإنهم يسهمون فى تجهيل الجمهور بدلاً من تثقيفه.
ولذلك دائما ما اؤكد ان المستقبل لا يُعرف بالتنجيم، بل بالعمل والعلم والإيمان تحية لقرار الأستاذ أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، وقراره المحترم بمنع استضافة العرافين والمنجمين.