هناك شبه إجماع على أن إسرائيل سيكون من الصعب عليها للغاية تحقيق أي إنجاز عسكري يذكر ضد المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من خلال الغارات الجوية وحدها.

ويشير تقرير نشرته صحيفة هآرتس إلى أن الحكومة الإسرائيلية وهيئة الأركان العامة للقوات الإسرائيلية تجمعان على أن النيل من حماس يقتضي شن عملية عسكرية برية، الأمر الذي يتطلب إعادة بناء جزء من قوة الردع العسكرية الإسرائيلية، التي تلقت ضربة كبيرة في الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

كما أن النيل من الحركة يأتي في إطار المساعي لاستعادة جزء من ثقة الشعب في الجيش الإسرائيلي.

لكن مدى وتوقيت وطبيعة العملية العسكرية البرية، أمور تحددها 3 جهات هي: الإدارة الأميركية، والمجلس الوزاري الحربي الإسرائيلي، وجنرالات الجيش الإسرائيلي، وقد تؤجل العملية لعدة أيام أخرى أو لمدة أطول.

ويرى خبراء أن اختيار التوقيت ومسرح العمليات والطريقة التي سيتم بها الاجتياح البري، أمور مرهونة باعتبارات عدة من مثل الرغبة الأميركية في استمرار المساعي الرامية لتحرير بعض الرهائن الذين يحملون جنسيات أجنبية قبل التوغل البري الإسرائيلي، والحسابات المتعلقة باحتمال فتح جبهة ثانية مع حزب الله في لبنان، ومخاوف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن العملية البرية قد تصبح مستنقعا للجيش الإسرائيلي.

عامل حاسم

ومن اللافت أن المتغير الأكثر حسمًا في الصورة الإستراتيجية لهذه الحرب، مقارنة بالعمليات الأصغر بكثير التي قام بها الاحتلال في الماضي، يتعلق بالتدخل الأميركي.

فقد زار الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل قبل أسبوعين للتأكيد على دعم بلاده لإسرائيل، وتعزز ذلك الدعم بتحريك حاملة طائرات أميركية إلى المنطقة. لكن بايدن حرص أيضا على السيطرة على الوضع وإيصال وجهات النظر الأميركية قبل أن تتخذ إسرائيل أي قرار.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، يوم الثلاثاء الماضي، أن البنتاغون أرسل الجنرال جيمس غلين نائب قائد قوات مشاة البحرية والمتخصص في حرب المدن، وضباط آخرين إلى إسرائيل لمناقشة خطط الحرب مع جيش الدفاع الإسرائيلي.

ووفقا لهذا التقرير، تخشى إدارة بايدن ألا يكون لدى إسرائيل أهداف عسكرية قابلة للتحقيق في غزة، وتعتقد أنه من الضروري دراسة الخطط بعناية، لكنها لا تنصح إسرائيل بإلغاء العملية البرية.


دروس من الموصل والرقة

ونقلت صحيفة هآرتس عن مسؤولي دفاع إسرائيليين قولهم إن محادثات مفصلة تجري بين الجيش الإسرائيلي والأميركيين، بناءً على الدروس التي تعلمتها الولايات المتحدة من بعض الحروب التي خاضها الجيش الأميركي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العقد الماضي.

ومن بين تلك الحروب، الحرب الأميركية على العراق والتدخل الأميركي في سوريا، وتحديدا السيطرة على مدينتي الموصل في العراق حيث قاتل غلين، والرقة في سوريا.

وقالت المصادر الإسرائيلية إن الولايات المتحدة ووزير الدفاع لويد أوستن والجنرالات الأميركيين يراجعون الوضع بخبرتهم الواسعة.

ويريد الأميركيون الاطلاع على أهداف العملية بالتفصيل، والتطورات التي يتوقعها نظراؤهم الإسرائيليون، والآليات التي يجري النظر فيها لإنهاء الحرب، والنهاية التي تريدها إسرائيل في غزة خاصة، وفي المسرح الفلسطيني الأوسع عامة، وفي المنطقة ككل.


أهداف

طرحت القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية هدفا طموحا جدا وهو تدمير سيطرة حماس على قطاع غزة. لكن من وجهة نظر الأميركيين، فإن الخطط التي تمت صياغتها حتى الآن لا تضمن تحقيق هذا الهدف، وهي مبنية على افتراض مفرط الثقة بأن لدى إسرائيل وقتا غير محدود للتحرك.

وكرر الضباط الأميركيون الخطوط التي رسمها بايدن، ومفادها أن لدى إسرائيل الوقت للتحرك طالما أنها تتصرف بشكل مناسب وتحقق الإنجازات. لكن من وجهة نظرهم، يجب أن يحدث هذا دون احتلال غزة أو ارتكاب جرائم حرب تنتهك القانون الدولي.

كما أشاروا أيضًا إلى ضرورة محاولة إطلاق سراح المزيد من الرهائن من خلال المفاوضات وضمان وجود ممرات للمساعدات الإنسانية في جنوب غزة، وذلك لمنع جزئي للمعارضة الدولية لاستمرار الحرب.

ونصحوا بأن على الجيش الإسرائيلي التحرك بطريقة لا تؤدي إلى تدمير ما تبقى من توقعات الشعب الإسرائيلي من الجيش الإسرائيلي.

ما الحل؟

جاء الأميركيون إلى الاجتماعات الإسرائيلية بشأن الحرب يحملون معهم خبرة فيما تسميه الولايات المتحدة "مواجهة حركات التمرد"، راكمها الجيش الأميركي على مدى عقدين منذ حرب الولايات المتحدة على العراق في عام 2003 فصاعدا، فضلاً عن الحرب على تنظيم الدولة.

ورد الإسرائيليون بوجود اختلافات مهمة بين الحروب الأميركية تلك، والحرب مع المقاومة الفلسطينية في غزة، فحماس قوة حاكمة تقع على حدود إسرائيل مباشرة، وعلى بعد بضع مئات من الأمتار من منازل الكيبوتس. ولذلك فهم يرون ضرورة تدميرها.

وبدورهم تفهم الأميركيون الموقف الإسرائيلي، لكنهم قالوا أيضا إن الحل لا يتضمن بالضرورة الانتقال من منزل إلى آخر للقضاء على حماس، كما فعل أرييل شارون في غزة في السبعينيات، أو كما فعلت إسرائيل في عملية الدرع الواقي في الضفة الغربية عام 2002.

وأشاروا إلى أن الحل يمكن أن يشمل أيضا شن غارات جوية، وتوغلات برية متكررة محدودة، واغتيال شخصيات بارزة في حماس. كل هذا سيكون جزءا من حرب طويلة هدفها زرع الموت والدمار في صفوف الحركة.


حزب الله وإيران

كما أن للأميركيين حسابات تتعلق أيضا بإيران وحزب الله. وفي الوقت الحالي، يبدو أن إسرائيل والولايات المتحدة تتقاسمان التقييم الاستخباراتي نفسه الذي تم تقديمه بحذر، نظرا للفشل الصادم الذي منيت به إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وبحسب هذا التقييم، فإن حزب الله سيشارك في النضال الفلسطيني من الشمال، ويستغل الضعف الذي أظهرته إسرائيل على حدود غزة لتكثيف الصراع على طول الحدود اللبنانية.

ولكنهم خلصوا إلى أن إيران وحزب الله لن يضحيا بمشروعهما اللبناني لإنقاذ "مشروع غزة"، الذي يعتبرانه أقل أولوية. وعليه، فالتوقعات الأميركية والإسرائيلية هي أنه إذا تمكنت تل أبيب من التركز على تحقيق أهدافها في غزة، والصمود في الجبهة اللبنانية بدعم أميركي، فإن لديها فرصة جيدة في منع اندلاع حرب إقليمية.

بيد أنه ينبغي التعاطي مع هذا التقييم بقدر كبير من الارتياب نظرا لمعطيات الواقع، فقد تمكن حزب الله من تحقيق إنجاز تمثل في دفع إسرائيل لإجلاء عشرات الآلاف من مواطنيها من الحدود الشمالية، وجرها للدفع بالعديد من قوات الاحتياط للمرابطة هناك.

في حين شنت مليشيات موالية لإيران هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على قواعد أميركية في سوريا والعراق، ولا أحد يعلم متى يمكن أن تخرج تلك الردود عن نطاق السيطرة، الأمر الذي يثير قلق الأميركيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی الولایات المتحدة حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

الوسطاء يقدمون مقترحاً جديداً لوقف الحرب

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تطلق مشروع حفر آبار مياه في غزة الأمم المتحدة: غزة موطن لليأس و«الجوع المتعمد»

طرحت مصر وقطر مقترحاً جديداً بشأن غزة، يتضمن هدنة تمتد سنوات، وتبادلاً شاملاً للأسرى، وانسحاباً إسرائيلياً تدريجياً من غزة، حسبما أفادت تقارير إعلامية عربية ودولية.  
وبحسب التقارير، يتضمن المقترح الجديد هدنة تمتد من 5 إلى 7 سنوات، وهي أطول مدة تطرح منذ بدء الحرب، وتبادلاً شاملاً للأسرى، حيث سيتم إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل إطلاق آلاف الأسرى الفلسطينيين، كما يتضمن انسحاباً إسرائيلياً تدريجياً من غزة.
ويأتي المقترح بعد فشل تمديد الهدنة السابقة في مارس 2025، واشتعال مواجهات متقطعة.
ويختلف هذا المقترح عن المقترحات السابقة بأنه يركز على وقف إطلاق النار الدائم، بدلاً من الهدنات المؤقتة، مع جدول زمني طويل الأمد.
وتصر «حماس» على ضمانات لوقف دائم وإعادة إعمار غير مشروط، مع رفض أي نزع سلاح مسبق، فيما تربط إسرائيل أي اتفاق بتفكيك البنية العسكرية لحماس وضمان أمنها، وهو ما ترفضه الحركة.
وغادر الدوحة، أمس، وفد من حماس، متوجهاً إلى العاصمة المصرية القاهرة، لبدء اجتماعات مع المسؤولين المصريين والقطريين لبحث ما وصفه بـ«أفكار جديدة بشأن وقف النار»، حسبما قال مسؤول فلسطيني كبير ومطلع على المفاوضات.
وصرح المسؤول بأن الحركة أبدت مرونة غير مسبوقة، وأكدت استعدادها للتخلي عن حكم غزة لصالح أي كيان يتم التوافق عليه فلسطينياً أو إقليمياً، وقد يكون السلطة الفلسطينية أو هيئة جديدة. 
وكان السفير الأميركي الجديد لدى إسرائيل مايك هاكابي دعا «حماس» الاثنين الماضي إلى توقيع اتفاق مع إسرائيل، والقبول بإطلاق سراح الرهائن مقابل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وأضاف هاكابي: «عندما يحدث ذلك، ويطلق سراح الرهائن، وهو أمر طارئ جداً بالنسبة إلينا جميعاً، فإننا نأمل بعد ذلك بأن تتدفق المساعدات الإنسانية وتصل من دون عوائق».
في غضون ذلك، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني، أمس، مقتل 26 شخصاً على الأقل في غارات جوية إسرائيلية استهدفت فجراً أنحاء متفرقة في قطاع غزة.
وقال مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني بغزة محمد المغير: «إن الاحتلال شن غارات جوية عنيفة عدة فجر أمس على مدينة غزة وخان يونس ورفح وجباليا».
من جهته، لفت المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل إلى أن الجيش الإسرائيلي نسف أكثر من عشرة منازل شرقي مدينة غزة وفي رفح، بينما أسفرت غارة جوية عن إحراق وتدمير جرافات ومعدات تابعة لبلدية جباليا في شمال القطاع.
كما طال قصف مدفعي إسرائيلي أحياء الدرج والتفاح والشجاعية في مدينة غزة، وفق المصدر نفسه.

مقالات مشابهة

  • خبراء الأمن الإلكتروني يقدمون 3 ورش عمل للارتقاء بالخبرات الوطنية
  • خبراء الأمن الإلكتروني من تايوان يقدمون 3 ورش عمل للارتقاء بالخبرات الوطنية
  • الوسطاء يقدمون مقترحاً جديداً لوقف الحرب
  • أزمة في الجيش الإسرائيلي وخسائر فادحة وإرهاق بين الجنود وانسحاب واسع للجنود
  • الجيش الإسرائيليّ: اغتلنا هذه الشخصيّة في حزب الله اليوم
  • تقرير صيني يكشف الأمر الذي يُرعب أمريكا إن فكرت بحرب برية في اليمن
  • “هآرتس”: أزمة في الجيش الإسرائيلي وخسائر فادحة وانسحاب واسع للجنود
  • إذاعة الجيش الإسرائيلي: مقتل قيادي بارز مرتبط بحماس والجماعة الإسلامية في الغارة التي استهدفت سيارة قرب الدامور جنوبي بيروت
  • لبنان.. الجيش الإسرائيلي يقصف الجنوب ويعلن اغتيال مسؤول كبير
  • إسحق بريك: الجيش الإسرائيلي مني بهزيمة موجعة في غزة ولم يحقق أهدافه