مع دخول الحرب في غزة يومها الـ20، اليوم الخميس، واستمرار ارتفاع حدة الصراع بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، واتساع رقعة الحرب، وسط مطالبات أممية عاجلة لإدخال مساعدات والتوصل لحل لوقف إطلاق النار، هناك من يرى أن الحرب الدائرة حالياً يمكن أن تتحول إلى فرصة لتحقيق سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

تملك الولايات المتحدة من خلال تجربتها في البوسنة تقديم الإرشاد والتوجيه

يجب تقديم حوافز قوية لكل طرف لحمله على التوصل إلى اتفاق

الولايات المتحدة سوف تحتاج إلى حشد تحالف إقليمي في الشرق الأوسط

ووفقاً لتحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، فإن الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس على إسرائيل وما أعقبه من تصاعد في حدة الصراع بالمنطقة، يشكل عواقب مأساوية للفشل في إيجاد حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتقول كاتبة التحليل، المستشارة في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ونائبة الممثل التجاري الأمريكي، السفيرة ميريام سابيرو: إنه "مع تعمق الأزمة الإنسانية وتزايد خطر التصعيد على نطاق أوسع، فمن الضروري تحديد مسار وطريقة لتجاوز سفك الدماء نحو تسوية شاملة، على الرغم من صعوبة تصور ذلك".

الدور الأمريكي

وترى السفيرة سبايرو، أن القيادة الأمريكية يجب أن يكون لها دور حيوي في حل القضايا التي تحتاج إلى معالجة للوصول إلى السلام الدائم في الشرق الأوسط، حتى لو بدت فرص النجاح ضئيلة، مشيرةً إلى زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي.

وقالت  إن "هناك نموذجاً للطريق نحو السلام في الشرق الأوسط"، مضيفة أن  الولايات المتحدة لعبت دوراً رئيسياً في التوسط في اتفاق السلام الذي أنهى الحرب في البوسنة في التسعينيات، وسط معارك للسيطرة على الأراضي والأدلة على الفظائع، وكنت  جزءاً من الفريق الأمريكي الذي ساعد في قيادة تلك المحادثات، وفي ذلك الوقت، لم نكن نعرف ما إذا كنا سننجح، لكننا كنا نعلم أنه يتعين علينا المحاولة".

وبحسب التقرير، فإن الجهود الأوروبية المتكررة للتوصل إلى تسوية سلمية في البوسنة باءت بالفشل.. وتم نشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، لكنها كانت مترددة في استخدام القوة لحماية المدنيين، حتى بعد ظهور أدلة تشير إلى تورط صرب البوسنة في عمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية ضد مسلمي البوسنة.

وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة في ذلك الوقت، قررت أن عليها التدخل بعد أن لم ينجح أي خيار آخر.. وباستخدام مزيج من الدبلوماسية العدوانية والتهديد بشن ضربات جوية إضافية من حلف شمال الأطلسي ضد صرب البوسنة، قامت واشنطن بتنسيق الاتفاق بشأن المبادئ التوجيهية لمفاوضات السلام التي جرت في دايتون بولاية أوهايو.

وأضافت المسؤولة الأمريكية "تأكدت الولايات المتحدة حينذاك من أن كل الأطراف المدعوة إلى المحادثات -صربيا، وكرواتيا، ومسلمي البوسنة- تفهم بشكل لا لبس فيه أن عدم التعاون سوف تكون له تكاليف باهظة.. وسوف تكون اليد الحازمة على نحو مماثل -والقيادة الأمريكية القوية- ضرورية أيضاً للتوصل إلى أي اتفاق سلام في الشرق الأوسط".

وتابعت قائلة: "كل مفاوضات السلام تعاني ظروفاً صعبة بشكل استثنائي"، ولكن هناك جوانب من تجربة الولايات المتحدة في البوسنة  قادرة على تقديم الإرشاد والتوجيه في التعامل مع الأزمة الحالية"، مضيفة "في دايتون، رفضنا التعامل مباشرة مع كبار صرب البوسنة نظراً لدورهم المباشر في الأعمال الوحشية، وكانت بلغراد تمثل مصالحهم.. وعلى نحو مماثل، فمن المؤكد أن قيادة حماس الحالية لن تكون موضع ترحيب على الطاولة في حالة استئناف محادثات السلام في الشرق الأوسط".

حوافز قوية

وأردفت الكاتبة، "في البوسنة، عملنا على تقديم حوافز قوية لكل طرف لحمله على التوصل إلى اتفاق، فضلاً عن مثبطات الفشل.. وسيكون الأمر نفسه ضرورياً لأي مفاوضات مستقبلية في الشرق الأوسط. بالنسبة للفلسطينيين.. على سبيل المثال، يمكن أن يشمل التشجيع إعادة الإعمار الحقيقي لغزة، ووضع البنية التحتية في كل من غزة والضفة الغربية، وزيادة الوصول إلى داخل الضفة الغربية بالإضافة إلى فتح الطرق إلى غزة".

وأضافت "كما عملنا جاهدين لإشراك الدول الأوروبية والعربية وغيرها من الدول التي لها مصلحة في تحقيق الاستقرار في منطقة البلقان، والتي ستحتاج إلى تقديم دعم ملموس لإعادة الإعمار والتدريب والتكامل.. وبالنسبة لأي محادثات حول السلام في الشرق الأوسط، سيكون من الأهمية بمكان تحديد الأدوار المهمة لجيران إسرائيل والمجتمع الدولي الأوسع.. وينبغي أن يشمل ذلك اختبار مدى استعداد المملكة العربية السعودية للاعتراف بإسرائيل.. وفي الواقع، يبدو أن أحد الدوافع الرئيسية وراء هجوم حماس كان هدفه عرقلة التطبيع".

"Every peace negotiation presents uniquely challenging circumstances. But there are aspects of the US experience in Bosnia ... that can provide guidance to navigating the current crisis," writes @miriamsapiro.https://t.co/TWL8GNNFBj

— CNN Opinion (@CNNOpinion) October 26, 2023 حشد تحالف إقليمي

وبحسب السفيرة سابيرو، فإن "الولايات المتحدة سوف تحتاج إلى حشد تحالف إقليمي في الشرق الأوسط، تماماً كما فعلت مع مجموعة اتصال البوسنة التي أبقت الاتحاد الأوروبي والقوى الأوروبية الكبرى، متزامنة مع وتيرة الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإنهاء تلك الحرب".

وتابعت قائلة: "بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، يمكن لمجموعة الاتصال هذه في الشرق الأوسط أن تضم في قلبها مصر والأردن، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية.. ومن الممكن أن يُعرض على قطر، التي تساعد في التوسط لإعادة المزيد من الرهائن وساعدت بطرق أخرى، دوراً شريطة أن تتصرف بشكل بناء".

#بايدن يطالب بالاستعداد لمرحلة "ما بعد الحرب" https://t.co/ms2jJb569s

— 24.ae (@20fourMedia) October 25, 2023 هل هجوم حماس تحذير لواشنطن؟

ويبقى أن نرى ما إذا كان هجوم حماس سيكون بمثابة تحذير للولايات المتحدة، في الوقت الذي تكافح فيه لمعالجة التوترات الداخلية والبقاء شريكاً دولياً يمكن الاعتماد عليه.. وبقدر انشغال أمريكا بالاستقطاب الداخلي المتزايد، فإنها هي الدولة التي وصفتها وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت وآخرون بأنها "الأمة التي لا غنى عنها"، وفق المسؤولة الأمريكية.

وأوضحت السفيرة سابيرو، أن "الآفاق الملموسة لتجديد جهود السلام في الشرق الأوسط سوف تعتمد على العديد من القضايا المترابطة، بما في ذلك مدى قدرة إسرائيل على تفكيك البنية الأساسية لحماس، مع الحفاظ على دعم تحركاتها من شركائها الإقليميين والولايات المتحدة".

وأضافت "ليس من الواضح بعد ما إذا كانت إسرائيل سوف تكون قادرة على تحقيق هدفها المتمثل في تدمير حماس، وفي أي إطار زمني.. وكلما طال أمد الحرب في غزة، كلما تعاظم خطر خسارة إسرائيل لبعض الدعم الإقليمي والدولي، الذي يشكل ضرورة أساسية لعزل حماس مالياً وعسكرياً وسياسياً".

تدريبات في #إيران والقرار من #بيروت.. كواليس جديدة عن هجوم 7 أكتوبر #تقارير24https://t.co/ZBiAyNOmmt pic.twitter.com/CXtpS0mNRJ

— 24.ae (@20fourMedia) October 25, 2023

 ومن أجل الحفاظ على الدعم الدولي، وأيضاً كمسألة ضرورة أخلاقية، يجب على إسرائيل أن تثبت أنها تفعل كل ما في وسعها لدعم القانون الإنساني الدولي، حتى وهي تتصارع مع عدو يضع الأصول العسكرية بالقرب من المستشفيات والمدارس والمساجد المدنية، وهذا ما يثني المدنيين عن الفرار إلى مناطق أكثر أماناً.. إن الحاجة الملحة لإيصال المساعدات إلى غزة واتخاذ كافة الخطوات الممكنة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين واضحة، على حد قول الكاتبة.

الحكومة اليمينية

ومن الناحية السياسية في إسرائيل، قالت الكاتبة "سوف يعتمد نجاح المفاوضات أيضاً على نوع القيادة التي ستظهر في إسرائيل.. ولم يكن الائتلاف اليميني المتطرف الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يعتنق أبداً حل الدولتين المنصوص عليه في اتفاقيات أوسلو، وكانت مشغولة ببناء آلاف المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية على حساب المعتدلين الفلسطينيين والتعاون الاقتصادي بين رام الله وإسرائيل والمنطقة الأوسع".

وأضافت أن "القيام بدور أكبر في تحديد السياسة أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأصوات الإسرائيلية، التي تعتقد أنه لا يوجد بديل عملي لتسوية سلمية شاملة.. ومسألة من سيمثل الفلسطينيين لا تقل أهمية، لقد حان الوقت لإلقاء نظرة فاحصة على السبل الملموسة لدعم الفلسطينيين الذين ما زالوا يسعون إلى السلام وتشجيع ظهور قادة جدد".

ليبرمان ينضم إلى "حكومة الطوارئ" في #إسرائيل https://t.co/SgrJWOmUZz

— 24.ae (@20fourMedia) October 14, 2023 السلطة الفلسطينية

وبالنسبة إلى السلطة الفلسطينية، قالت الكاتبة إنها "تعاني من عدد لا يحصى من المشاكل، لكن هذه المشاكل لا تقلل من التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني -مثل الإسرائيليين، مثل الأمريكيين- للعيش في سلام وأمن وكرامة".

وأضافت "يجب على إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والأهم من ذلك، دول الخليج أن تفعل المزيد بطريقة منسقة لمعالجة الفساد، وخلق الفرص الاقتصادية وبناء المؤسسات الفلسطينية المحلية اللازمة للحكم الناجح، ليس فقط في الضفة الغربية ولكن في نهاية المطاف في الضفة الغربية وغزة، وإلا فسوف ينشأ فراغ سياسي سوف تستغله النسخة التالية من حماس، بدعم من إيران".

خلال لقائه مع بلينكن.. عباس يحذر من "نكبة ثانية" بتهجير سكان غزة https://t.co/VVYBTczkAN

— 24.ae (@20fourMedia) October 13, 2023

وختمت الكاتبة التقرير بالقول: إن "التزام الولايات المتحدة القوي بالمفاوضات، إلى جانب الدعم الملموس من اللاعبين الإقليميين لمحاربة حماس وبناء سلطة فلسطينية فعالة، فضلاً عن ظهور قادة إسرائيليين وفلسطينيين يدعمون حل الدولتين، كل ذلك يعطي الأمل في أن هذه المرحلة الرهيبة يمكنها أن تزرع بذور مستقبل أفضل"، مضيفةً "ومع تفكير اللاعبين الأساسيين إستراتيجياً وتصرفهم على المستوى التكتيكي -كما حدث في البوسنة أخيراً- فإن السلام في الشرق الأوسط قد يحظى بالفرصة".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أمريكا حماس السلام فی الشرق الأوسط الولایات المتحدة الضفة الغربیة فی البوسنة

إقرأ أيضاً:

تتحدث 6 لغات.. تعيين سيجريد كاج مبعوثة أممية جديدة للشرق الأوسط

أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة٬ أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش عيّن الجمعة وزيرة الخارجية الهولندية السابقة، سيجريد كاج مبعوثة جديدة للمنظمة الدولية في الشرق الأوسط.

وأوضح نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، أن كاج ستواصل أيضًا دورها الحالي؛ كبيرة منسقي المنظمة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة.

وأضاف حق أن تعيين كاج مبعوثة للشرق الأوسط هو تعيين مؤقت، بينما لا يزال غوتيريش يبحث عن بديل دائم لتور وينسلاند، الذي استقال من منصبه نهاية العام الماضي بعد أربع سنوات من العمل.

ولدى سيجريد كاج خبرة واسعة في المجالات السياسية والإنسانية والتنموية، بالإضافة إلى خبرتها الكبيرة في الدبلوماسية.

وشغلت مؤخرًا منصب النائبة الأولى لرئيس الوزراء وأول وزيرة للمالية في الحكومة الهولندية منذ كانون الثاني/ يناير 2022.

وقبل ذلك، تولت منصب وزيرة التجارة والتعاون الإنمائي في هولندا من تشرين الأول/ أكتوبر 2017 حتى أيار/ مايو 2021، ثم شغلت منصب وزيرة الشؤون الخارجية حتى أيلول/ سبتمبر 2021.


وتم انتخابها زعيمة للحزب الاشتراكي الليبرالي في أيلول/ سبتمبر 2020، واستقالت من هذا المنصب في آب/ أغسطس 2023. وقادت حزبها إلى الفوز في انتخابات آذار/ مارس 2021.

كما شغلت كاج مجموعة من المناصب في منظومة الأمم المتحدة، حيث كانت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بين عامي 2015 و2017.

ومنذ عام 2013 إلى عام 2015، عملت كمنسقة مشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وبعثة الأمم المتحدة في سوريا.

وقد شغلت أيضًا منصب مساعدة الأمين العام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بين عامي 2010 و2013، ومنصب المديرة الإقليمية لمنظمة اليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الأردن بين عامي 2007 و2010. وقبل ذلك، عملت في العديد من المناصب العليا لدى اليونيسف، والمنظمة الدولية للهجرة، ووكالة الأونروا.
 
وكاج حاصلة على درجة الماجستير في الآداب في دراسات الشرق الأوسط من جامعة إكستر، وماجستير الفلسفة في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد، وبكالوريوس الآداب في دراسات الشرق الأوسط من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وهي تتحدث الهولندية والألمانية والفرنسية، والإنجليزية، والإسبانية، والعربية.

مقالات مشابهة

  • البابا فرانسيس: نموذج الدولتين الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني
  • هل يتم نقل جزء من سكان غزة إلى إندونيسيا؟.. تقارير أمريكية تكشف التفاصيل
  • هكذا أعادت هجمات 7 أكتوبر تشكيل الشرق الأوسط  
  • الباركود وسياسة الهضم
  • فاسيلى نيبينزيا: المسار الأمريكي الفاشل أدى إلى الأزمة في الشرق الأوسط
  • ترامب والشرق الأوسط.. دراسات أمريكية عن الموقف من فلسطين وإسرائيل وإيران
  • نيبينزيا: المسار الأمريكي الفاشل أدى إلى الأزمة في الشرق الأوسط
  • تتحدث 6 لغات.. تعيين سيجريد كاج مبعوثة أممية جديدة للشرق الأوسط
  • بجانب مهام غزة.. سيغريد كاغ مبعوثة جديدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط
  • تعيين الدبلوماسية الهولندية «سيجريد كاج» مبعوثة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط