بين الخوف من الإسلام والأحكام المسبقة ومحاولات الحوار، يصاب الآباء الكاثوليك الذين يعتنق أطفالهم الإسلام بالذهول، وقد نظمت أبرشية كريتيل بفرنسا أمسية يوم الخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري لمحاولة دعم بعض هذه العائلات.

هذا ما مهدت به الكاتبة بصحيفة لاكروا (ومعناها الصليب) جولييت فينوت دي فوبلان تقريرا لها، أوردت فيه قصص بعض هؤلاء الآباء، وأبرزت فيه أن هدف الأبرشية من هذا اللقاء هو توفير مكان يتحدث فيه الآباء الذين يمرون بالتجربة نفسها ويتبادلون الآراء حول ما ينبغي فعله خصوصا في ظل السياق الحالي حيث "تسود المخاوف والارتباك بشأن الإسلام"، على حد تعبيرها.

وتبدأ لاكروا، وهي صحيفة مسيحية، بقصة ماغي التي تقول إن ابنها ولد كاثوليكيا، لكن عند بلوغه العشرين من عمره أخبر أمه أنه يفكر في تغيير دينه إما إلى البوذية وإما الإسلام، فتمنت ألا يصبح مسلما، إذ كانت تربط هذا الدين بالعنف، كما تقول.

ولذلك، عندما علمت أنه تحوّل إلى الإسلام، قالت إنها شعرت بأنها "تدمرت"، وإن كانت اليوم تتقبل هذا الأمر، كما تقول.

وقد شارك في هذه الأمسية حوالي 10 كاثوليك من فال دو مارن استمعوا باهتمام إلى ماغي، إذ أثارت شهادتها ما ينتاب مثل هؤلاء الآباء من مخاوف وما يخطر على بالهم من أحكام مسبقة عند سماع تحول ابنهم إلى الإسلام.

ويقول التقرير إن هناك تنوعا في المهتدين إلى الإسلام من حيث الجنس والمهنة والالتزام الديني، وإن النقطة المشتركة بينهم هي أن هذا التحول يحدث في معظم الوقت في سن 20 عاما تقريبًا.


ردود الفعل

وعن ردود الأفعال الأولية، تقول لاكروا إن الأمر بالنسبة للعائلة يكون دائمًا مفاجئا، بل صادما في بعض الأحيان، إذ إن بعض هؤلاء الكاثوليك الممارسين الذين تحول أبناؤهم إلى الإسلام صار لديهم شكل من أشكال الشعور بالذنب لعدم نجاحهم في نقل إيمانهم إلى أطفالهم، وهنا تورد الصحيفة قصة عرازيليا الكاثوليكية المتدينة المنخرطة في "رعيتها"، إذ لاحظت أن ابنتها بدأت وهي لم تتجاوز 16 عاما بارتداء "العباية" في الشارع الربيع الماضي.

وفور اكتشاف الأمر، ومن دون أن تحاول الفهم، تعترف هذه الأم بأنها كان لها رد فعل "وحشي": "انتظرتها لتعود من المدرسة إلى البيت ورميت كل شيء، باستثناء القرآن بالطبع، قمت بإخفائه"، وهنا تتدخل أم أخرى هي جويل لتنتقد ردة الفعل هذه غير المحسوبة، حسب رأيها وينضم لها زوجها ليحكيا قصة ابنتهما سيلين، البالغة من العمر الآن 47 عامًا، وكانت قد اعتنقت الإسلام قبل 25 عامًا.

وتسأل جوييل غرازيليا "هل أخبرتك ابنتك المراهقة أنها فعلت ذلك باختيارها أم أنها إنما كانت تحاكي صديقاتها؟" لتجيبها غرازيليا بأنها لم تذهب لحد طرح مثل هذا السؤال على ابنتها، إذ إنها لا يمكن أن تتصور أن يتحول أحد إلى هذا الدين في سن 16 عاما إن لم يكن قد انغمس فيه بشكل حقيقي.

وهنا يوضح ميشيل فاغو، الشماس والمسؤول عن العلاقات مع المسلمين في أبرشية كريتيل، بعض المفاتيح لفهم الدين الإسلامي لمساعدة المشاركين على إدراك الرحلة الروحية لأطفالهم، مشددا على أنها كافية لطمأنتهم ودفعهم للدخول في حوار مع أبنائهم و"قياس مدى جدية توجههم".

اختلال العادات

وبعيدًا عن المخاوف، تقول لاكروا إن التحول إلى الإسلام ينطوي أيضًا على تغيير في نمط الحياة، مما يؤثر على الأسرة بأكملها، وتخص هنا مسألة الوجبات، إذ يسعى آباء المهتدين إلى التكيف مع العادات الغذائية الجديدة لأبنائهم، ويبدؤون في اكتشاف اللحم الحلال، وقد يتوقف البعض عن شرب الكحول في حضور أبنائهم.

لكن، بعض التوترات ربما تحصل في الأسر، إذ يقول إريك وفيرونيك، وهما زوجان حضرا هذه الأمسية، إنهما اضطرا للتخلي عن الطاولات العائلية الكبيرة، لأن زوجة ابنهما المتحول إلى الإسلام ترفض إزالة حجابها أمامهما، مما يتسبب أحيانا في خيبة الأمل أو حتى الغضب، لكن يجب ألا يؤدي ذلك إلى قطيعة مع الابن، حسب ما أجمع عليه من حضروا الأمسية.


 

الاهتمام بكبار السن

وهناك أمور جيدة لدى المهتدين إلى الإسلام يمكن للآباء والأجداد أن يقدروها، إذ تقول جويل "بمجرد أن نمرض أو نواجه مشكلة تأتي سيلين وزوجها لمساعدتنا"، موضحة أن الدين الإسلامي يولي اهتمامًا خاصا بكبار السن، وخاصة الأمهات، "أحيانًا أقول لنفسي إن هذا هو ما يساعدنا على الاستمرار".

ومن المفارقات أن بعض الحاضرين ذكروا أن رحلة أطفالهم الروحية دفعتهم هم أيضًا إلى أن يكونوا "أكثر مسيحية"، فتحول سيلين، مثلا، منح جاك وجويل فرصة لمناقشات جديدة حول الطريقة التي يحرك بها الإيمان حياتهما، أو حتى مفاهيم العدالة والتضامن، وقد يؤدي النقاش إلى مزيد من الانفتاح بين الآباء وأبنائهم المهتدين.


الحوار الحقيقي بين الأديان

يريد الشماس ميشيل فاغوت أن يكون مطمئنًا، ويصر على أن ما يعيشه هؤلاء الآباء مع أطفالهم ليس سوى "حوار حقيقي مع المسلمين"، حوار بين الأديان على مستوى الأسرة، قد يكون صعبا أحيانًا ولكنه قد يكون مثمرًا، فهو عملية تستغرق وقتا ولا توجد لها وصفة جاهزة. ولكن هذا التحول هو أيضًا فرصة لنصبح أكثر تسامحًا، حسب رأي الحاضرين للأمسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى الإسلام

إقرأ أيضاً:

ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني

نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية مقالا لأميت ياغور، نائب رئيس الساحة الفلسطينية السابق في مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي، يناقش فيه التحديات الإقليمية التي تواجه إسرائيل بعد الحرب الحالية.

ويقدم ياغور رؤية استراتيجية لإعادة تشكيل الفضاء الإقليمي عبر مواجهة ما أسماه "صعود الإسلام السني المتطرف" ودعم رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط.

ويزعم ياغور، الذي شغل أيضا منصبا رفيعا في الاستخبارات البحرية سابقا، أن منطقة الشرق الأوسط تُعرف بازدواجية الخطاب، حيث يتم التصريح بمواقف علنية بينما تجري تحركات مغايرة خلف الكواليس.

المواقف المتضاربة

ويستشهد بمصر كمثال، حيث يقول إنها تبدو في الظاهر وسيطا محايدا بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن في الوقت نفسه يعكس موقف مفتي مصر، الذي ظهر على التلفزيون الرسمي وبجانبه نموذجا لدولة فلسطين بعاصمتها القدس، حالة من التناقض بين الموقف الرسمي العلني والمواقف الفعلية التي تؤثر على الرأي العام المصري.

أما بالنسبة للموقف المصري من قطاع غزة، فيشير المقال إلى أن مصر طرحت خطة لإدارة القطاع دون التطرق إلى مصير حركة المقاومة الإسلامية (حماس). ولفت الانتباه إلى التقارير التي تحدثت عن طلب الاستخبارات المصرية من إسرائيل تجنب المساس بقيادات حماس، بحجة أنهم الأطراف التي تعمل معها مصر لضبط الأوضاع في غزة، وهو ما يتناقض مع الواقع الذي شهد صعودا لمكانة حماس العسكرية والسياسية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان

ويستعرض المقال مواقف دول أخرى مثل السعودية، التي يستنكر عليها أنها استضافت الرئيس السوري أحمد الشرع، مشيرا إلى أنها أعربت عن دعمها للحكومة السورية الجديدة رغم انتهاكاتها لحقوق الأقليات، دون أن يحدد ماهية هذه الانتهاكات.

ويشير أميت ياغور أيضا إلى تناقض الموقف السوري الجديد، حيث شكلت الحكومة الجديدة مجلسا شرعيا لضمان تطبيق الشريعة (يقصد تعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتيا للجمهورية العربية السورية وتشكيل مجلس الإفتاء الذي يصدر الفتاوى في المستجدات والقضايا العامة)، رغم أنه لم يعكس تمثيلا حقيقيا للطوائف المختلفة في تشكيل حكومتها.

أما في لبنان، فيسلط المقال الضوء على عدم اتخاذ الحكومة الجديدة أي خطوات ضد حزب الله، بما في ذلك رفع لافتات ضخمة لزعماء إيران وحزب الله وحماس في بيروت بمناسبة "يوم القدس العالمي".

كذلك، يتطرق إلى الموقف الإيراني، حيث أشار مسؤول بارز إلى أن طهران قد تسعى لامتلاك سلاح نووي في حال تعرضها لهجوم، ما يعكس تصعيدا في الخطاب الإيراني تجاه الغرب.

رؤية استراتيجية

ويؤكد الضابط الإسرائيلي السابق أن إسرائيل بحاجة إلى تجاوز الرؤية العسكرية التقليدية، التي تعتمد على القوة العسكرية وحدها لفرض معادلات جديدة، مشددا على أن هذه المقاربة لها حدودها، إذ أنها لا تردع القوى الإقليمية عن تعزيز نفوذها أو تبني سياسات معادية لإسرائيل.

ومن بين التوصيات التي يطرحها المقال:

ملء الفراغ الإقليمي بسرعة: يشدد الكاتب على أن الفراغات التي تتركها إسرائيل يتم ملؤها من قبل جهات أخرى، ما يجعل من الصعب لاحقا تغيير الحقائق على الأرض. مواجهة صعود الإسلام السني المتطرف: يرى الكاتب أن هناك محورا جديدا يتشكل بتمويل ودعم تركي، ويمثل تهديدا يجب مواجهته بالتوازي مع احتواء محور المقاومة الشيعي. دعم رؤية ترامب للشرق الأوسط: يشير المقال إلى أن المبادرة الاقتصادية التي تربط الهند بالسعودية والأردن وإسرائيل (أي إم إي سي) تواجه تهديدا من محور اقتصادي مضاد تقوده قطر وتركيا عبر سوريا، وهو ما يستدعي تحركات مضادة. إطلاق خطة لإعادة إعمار المنطقة: يقترح الضابط الإسرائيلي تبني "خطة مارشال" إقليمية، تقودها الولايات المتحدة بالشراكة مع السعودية والإمارات وإسرائيل، لخلق استقرار اقتصادي يكون مدخلا لإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية. تسريع التعامل مع غزة: يوصي الكاتب بتكثيف الجهود لإحداث تغيير سريع في غزة، بما في ذلك أن يقوم جيش الاحتلال بتقديم المساعدات الإنسانية بشكل مباشر، مع تشجيعهم على ما يسميه الهجرة الطوعية. وضع سياسة موحدة مع واشنطن تجاه تركيا: يدعو الكاتب إلى تبني مقاربة أكثر حزما تجاه تركيا، التي يعتبرها أشبه بـ"إيران ثانية" في المنطقة، محذرا من أن منح واشنطن تسهيلات عسكرية لها قد يضر بالمصالح الأميركية والإسرائيلية. إضعاف نفوذ حزب الله في لبنان: يدعو الكاتب إلى تنسيق الجهود مع الولايات المتحدة لعزل حزب الله سياسيا، عبر تعزيز خطاب مدني يحظى بدعم عسكري للدولة اللبنانية لنزع الشرعية عن الحزب. إعلان

ويخلص الضابط السابق أميت ياغور إلى أن إسرائيل تحتاج إلى تغيير استراتيجيتها تجاه الشرق الأوسط، والانتقال من الخطاب العسكري التقليدي إلى نهج أكثر شمولية يعتمد على إعادة تشكيل البيئة الإقليمية عبر خطوات سياسية واقتصادية.

ويختم مقاله بالدعوة إلى فهم أعمق للواقع المتغير في المنطقة، وضرورة تنسيق التحركات مع الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج العربي، بما قد يساعد في بناء نظام إقليمي جديد يحافظ على المصالح الإسرائيلية على المدى الطويل.

مقالات مشابهة

  • اتهامات إسرائيلية متلاحقة للجيش: دماء قتلى غلاف غزة على أيدي القادة
  • زيارة أبنائهم الراحلين.. من طقوس العيد التي استعادتها أسر شهداء الثورة
  • ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
  • المطارنة الموارنة: دعم الدولة في سعيها لتنفيذ الـ1701وحصر السلاح في يدها
  • الفاضلي: الإرهاب مجرد معركة وهمية كيدية صنعوها لنا
  • زيلينسكي: قادة أوروبيون يبحثون نشر قوات في أوكرانيا
  • أنور عبد المغيث: بعض نجوم الدراما الشعبية يبحثون عن «التريند» على حساب المسئولية|فيديو
  • عيد الفطر في مصر طقسًا دينيًا لا يشبه سواه بالعالم العربي والإسلامي.. صور
  • تحقّق: هل تجبر بريطانيا فعلا تلاميذ المدارس على دراسة الإسلام؟
  • زوبية: الإسلام دين عقل ومنطق وليس نقل تفاسير من ألف سنة