عرى تردي الأوضاع  في غزة، جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر 2023 ، انحدارا خطيرا وصادما في الالتزام بالقانون الدولي وبالمشروعية، لاسيما مقتضيات القانون الدولي الإنساني، الذي تضمن مبادئَ وقواعد أساسية تحكم اختيار الأسلحة وتحظر استعمال أسلحة معينة أو تقيّدها وتمنع استهداف المستشفيات ولمدنيين العُزل.

ومما يجدر التذكير به أن القانون الدولي الإنساني يُنظّم أساليب ووسائل القتال، حيث يهدف القانون إلى تحقيق توازن بين العمل العسكري المشروع والهدف الإنساني المتمثل في التخفيف من معاناة الناس وخاصة بين المدنيين …. وقد وضع القانون الدولي الإنساني لتوفير الحماية القانونية لضحايا النزاعات المسلحة.

لكن ما تتعرض له غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، يُعري سوأة العالم وبلدانا وزعماء يزعمون الانتماء للحضارة والتحضر. فالحق في الحياة يُنتهك جهارا وعلناً على مرأى ومسمع الجميع وبالمباشر وبالصوت والصورة… وبالأكاديب  وتزييف الحقائق fake news ، التي تحولت إلى سلاح دمار شامل عبر كافة وسائل التواصل القديمة والحديثة والمستحدثة، بشكل مفضوح يخرق مقتضيات القانون الدولي الإنساني الذي يُوفِر الحماية القانونية لضحايا النزاعات المسلحة.

ففي الوقت الذي تتقاطر على سكان غزة مختلف أسلحة الدمار والخراب ليلا ونهارا وبأسلحة محرمة دوليا، علاوة على قطع الماء والكهرباء والغذاء والدواء واستهداف سارات الإسعاف وأطقمه والصحفيين والإعلاميين ( مثلما فعل مع الصحفية شيرين أبو عقلة بتاريخ 11 ماي 2022، ولم تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية التي تحمل المُغتالة جنسيتها) ……كل ذلك ضدا على القانون الدولي الإنساني الذي يؤطر سير الحروب والممنوعات المُحددِ ممارستها وإلزامية حماية المدنيين….

والمثير والغريب والصادم… أن كثيرا من البلدان والأنظمة التي تدعم إسرائيل حاليا بالسلاح وبالدعاية المباشرة والتغطية الصحفية المُنحازة والمشبوهة بعيدا عن المهنية والحياد…، في عدوانها السافر على غزة وقاطنيها وطواقمها الطبية ( بمختلف تخصصاتها ومستوياتها…) وسيارات الإسعاف…..، لها سوابق من ذات الممارسات العدوانية إبان احتلالها واستعمارها لشعوب بلدانٍ عدة، نالت استقلالها بعد تقديم تضحيات جسام من الأرواح والضحايا….، بل هذه القوى الاستعمارية ذاتها كانت تنعت مواطني البلدان المستعمَرة بالإرهاب والإرهابيين لإنكار حقهم في النضال من أجل التحرر والانعتاق من الاستعمار ( فرنسا، بريطانيا، إيطاليا إسبانيا وبلجيكا…..) كما يؤطرها القانون الدولي وقيم الإتصاف، وإذا تصفحنا لائحة من زاروا إسرائيل لتقديم التضامن والأسلحة الفتاكة والدعم في المحافل الدولية وفي وسائل الإعلام، وغض الطرف عن جرائمها ….. سنجد أن من ضمنهم من كانوا وراء صناعة إسرائيل وتمكينها من أراضي لا حق لها فيها (اتفاقية سايكس بيكو : وهي معاهدة سرية بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، ولتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا وتقسيم الدولة العثمانية التي كانت تُسيطر على تلك المنطقة في الحرب العالمية الأولى) وتسليح الكيان الصهيوني بكل أنواع الأسلحة بما فيها السلاح النووي، (إسرائيل تمتلك أسلحة نووية وهي سادس دولة في العالم تقوم بتطوير هذا النوع من الأسلحة. وهي واحدة من أربع دول نووية غير مُعرَّفةٍ في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (NPT) كدول تمتلك السلاح النووي). وتغطية جرائمها ودعمها في المحافل الدولية بالاصطفاف معها وخلفها واستعمال الفيتو لصالحها، في مجلس الأمن، وتسخير نفوذها لتجميد إعمال مقتضيات القانون الدولي في مختلف تجلياته واختصاصاته وتدابيره الواضحة والمُلزمة للجميع طبقا لمبدأ المساواة أمام القانون وعدم الإفلات من المساءلة والعقاب، آخره اتفاقية غزة أريحا، اتفاق تنفيذ الحكم الذاتي في قطاع غزة ومنطقة أريحا (4 ماي 1994) الذي يلتزم به الفلسطينيون وتتنكر له إسرائيل وتتنصل من مقتضياته وتعرقل تفعيله منذ عقود، ولم يتردد الرئيس الأمريكي السابق غن اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالجولان السورية المحتلة جزءا من إسرائيل.

كمالم يتردد زعماء البلدان المنحازة لإسرائيل في إنكار حق مواطني غزة في الحماية، طبقا للقانون الدولي الإنساني، في أبسط متطلباته، وهم يعلمون، بالملموس والمثبت بكل الطرق، فظاعة ما ترتكبه إسرائيل ومتطرفوها  وعنصريوها ( المتعصبون دينيا وكثير منهم أعضاء في حكومة نتنياهو الحالية) ضد المدنيين العُزل والمنشآت المحمية بالقانون الدولي الإنساني.

 

وختاما يجدر التذكير أنه عند وقوع انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، فإن الدول ملزمة بمقاضاة الجناة. ولذلك تلعب المحاكم المحلية دوراً هاماً في تعزيز القانون الدولي الإنساني. وعلاوة على المحاكمات المحلية فإن انتهاكات القانون الدولي الإنساني تُحاكَمُ أيضاً دولياً عبر جلسات محاكمة دولية. فهل تتحرك الجهات المعنية ( العربية والفلسطينية والمنظمات الإنسانية الدولية وبلدان تدعم إسرائيل في كل التجاوزات التي تقترفها….) للجوء إلى الآليات الدولية المتوفرة لمحاسبة إسرائيل، ومن وراءها ومن معها عن الجرائم التي تعتبر انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني ويصنفها هذا القانون كذلك.

 

بوشعيب دوالكيفل

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: القانون الدولی الإنسانی

إقرأ أيضاً:

كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان

#سواليف

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل #كاتس أن قوات الجيش ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في #جنوب_لبنان بعد انتهاء مهلة اتفاق وقف إطلاق النار في 18 فبراير 2025.

وخلال تقييم أجراه أمس مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، ومسؤولين عسكريين آخرين، أوضح كاتس أن “الجيش الإسرائيلي سيبقى في النقاط الخمس التي تسيطر على #المنطقة_العازلة في #لبنان، إلى أجل غير مسمى، من أجل حماية سكان الشمال”.

وشدد على أن “هذا لا علاقة له بالمفاوضات المستقبلية حول نقاط الخلاف على الحدود”.

مقالات ذات صلة قبل الإفطار .. 4 شهداء بقصف الاحتلال خلال جمعهم الحطب، في حي الزيتون 2025/03/14

وذكر مكتب كاتس أن الوزير “أصدر تعليماته للجيش بتحصين مواقعه في النقاط الاستراتيجية الخمس والاستعداد للبقاء هناك لفترة طويلة”.

وكان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أعلنت قبل يام أنها وافقت على إجراء محادثات تهدف إلى ترسيم الحدود مع لبنان، مبينة أنه تم الاتفاق على تشكيل ثلاث مجموعات عمل مشتركة مع لبنان وفرنسا والولايات المتحدة، بهدف مناقشة قضايا تتعلق بترسيم ” #الخط_الأزرق “، والمواقع الخمس التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى ملف المحتجزين اللبنانيين في خطوة وصفتها بأنها “بادرة حسن نية تجاه الرئيس اللبناني”.

وقالت مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، في بيان: “تعلن الولايات المتحدة اليوم أننا نعمل على تقارب بين لبنان وإسرائيل لإجراء محادثات تهدف إلى حل عدد من القضايا العالقة بين البلدين دبلوماسيا”.

وقالت الرئاسة اللبنانية على منصة “إكس” أن الرئيس جوزيف عون تبلغ “تسلم لبنان أربعة أسرى لبنانيين كانت قد احتجزتهم القوات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، على أن يتم تسليم أسير خامس يوم غد الأربعاء”.

ورغم انتهاء مهلة سحب إسرائيل لقواتها من جنوب لبنان بموجب وقف إطلاق النار في 18 فبراير، إلا أنها أبقت على وجودها في خمس نقاط استراتيجية في جنوب لبنان على امتداد الحدود، ما يخولها الإشراف على بلدات حدودية لبنانية والمناطق المقابلة في الجانب الاسرائيلي للتأكد “من عدم وجود تهديد فوري”، حسبما تقول.

مقالات مشابهة

  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • في اليوم الدولي لمكافحة الإسلاموفوبيا: الأمم المتحدة تحذر من تصاعد التمييز ضد المسلمين عالمياً
  • تشكيل لجنة حكومية لتنفيذ قانون إعادة العقارات الى أصحابها
  • صحف عبرية: إسرائيل استنفدت كل وسائل الضغط المتاحة علي حماس
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • محمد مصطفى أبوشامة: إسرائيل ترفض إنهاء الحرب في غزة لإبقاء الوضع معلقا
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
  • “العدل الدولية” تعقد جلسات استماع الشهر المقبل بشأن التزامات الاحتلال تجاه الفلسطينيين