ألمانيا تتبنى استراتيجية واضحة في ملف مكافحة تغير المناخ والاحتباس الحراري العالمي
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
تتبنى الحكومة الألمانية استراتيجية واضحة في التعاطي مع أزمة مكافحة تغير المناخ والاحتباس الحراري العالمي، ترسم مسار تحقيق أهداف ألمانيا المناخية، التي تتمثل بشكل أساسي في خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 65% بحلول عام 2030 مقارنةً بعام 1990، وبنسبة 88% بحلول عام 2040، وتحقيق الحياد المناخي في العام 2045.
ففي عام 2021، أدخلت ألمانيا تحسينات جوهرية على “قانون حماية المناخ”، ورفعت من مستوى الأهداف المناخية المحددة في القانون، حيث تنص النسخة المنقحة على تقليص حجم الانبعاثات الضارة السنوية المسموح بها حتى عام 2030 بشكل كبير يبلغ 65%، وتقديم موعد وصول ألمانيا إلى صافي الانبعاثات الصفرية بواقع خمس سنوات إلى عام 2045.
الأرقام والبيانات الإحصائية في ألمانيا، تؤكد أن تغير المناخ يتسبب في حدوث خسائر بشرية ومادية فادحة وتكاليف باهظة، نتيجة التعرض لظواهر مناخية حادة أبرزها الفيضانات والعواصف الحادة، التي أحدثت دماراً وأضرار جسيمة بقيمة نحو 145 مليار يورو، خلال الفترة من عام 2000 إلى 2021، فيما تتوقع سيناريوهات تحاكي تطورات تغير المناخ مستقبلاً، ارتفاع قيمة الخسائر والتكاليف المستقبلية في ألمانيا، بحلول عام 2050، إلى نحو يتراوح ما بين 280 إلى 900 مليار يورو، بالإضافة إلى الضغط على النظم البيئية وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور نوعية الحياة.
وقد أظهرت دراسة “معهد البحوث الاقتصادية البيئية” Institut für ökologische Wirtschaftsforschung (IÖW) ، حجم الخسائر الناجمة عن تأثيرات تغير المناخ في ألمانيا، وأوضحت أن فيضانات الأنهار والبحيرات الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة، تعد من أقوى الأحداث المناخية المتطرفة ضرراً في ألمانيا.
وأشارت الدراسة إلى تأثيرها على مجالات تشمل الصناعة والتجارة وسلاسل التوريد، بالإضافة إلى إلحاق الضرر بالمباني والمساكن وشبكة الطرق وحركة المرور.
وأكدت أن الأضرار الناجمة عن الفيضانات بلغت نحو 70 مليار يورو منذ عام 2000، وسلطت الضوء على الفيضان الذي حدث في وادي أهر وإرفت “Ahr und Erft” في يوليو 2021، الذي ألحق أكبر ضرر بألمانيا في تاريخها الحديث، بواقع 40.5 مليار يورو، بسبب الفيضانات.
الدلائل الواضحة على تغير المناخ وآثاره المدمرة على ألمانيا في شكل تكبد خسائر بشرية ومادية وبيئية فادحة، جعلت الحكومات الألمانية المتعاقبة، تولي أهمية كبيرة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتحديد أهداف مناخية تعمل على تحقيقها عن طريق محاور مختلفة، أهمها مضاعفة قدرات توليد الطاقة المتجددة من مصادر الرياح والطاقة الشمسية على الأرض وفي البحر وكذلك الطاقة المائية، لزيادة استهلاك الكهرباء النظيفة سنوياً من نحو 50% حالياً إلى 80% بحلول عام 2030، وتوليد نحو 360 جيجاوات من مصادر الطاقة المتجددة في عام 2030، عن طريق تشجيع الاستثمارات الخاصة والعامة في مجال التكنولوجيات الصديقة للمناخ بمساعدة أدوات استثمار وتمويل وطنية وأوروبية ودولية، لتمويل التحول الكبير في الطاقة نحو الحياد المناخي.
وتؤكد دراسات تحول الطاقة أن الإمكانات الأكبر، التي تتمع بها ألمانيا في مجال توليد الطاقة النظيفة، تكمن في مجال الطاقة الشمسية، حيث يؤدي التوسع بنحو 22 جيجاوات سنويًا، إلى زيادة إنتاج الطاقة الكهروضوئية إلى إجمالي 215 جيجاوات بحلول عام 2030، بالتزامن مع التوسع في تركيب توربينات الرياح بإجمالي 115 جيجاوات على الأرض اليابسة، بالرغم من الصعوبات التي تواجهها بسبب صعوبة تخصيص الأراضي لإنشاء توربينات الرياح.
وعن أبرز النتائج التي أحرزتها ألمانيا في مكافحة التغير المناخي وتقليص الانبعاثات الضارة، أظهر أحدث تقرير صادر عن هيئة البيئة الفيدرالية في ألمانيا، “Umweltbundesamt” أو “Central environmental authority” انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في ألمانيا بنحو مليون طن في عام 2022، وأوضح أن العام الماضي شهد إطلاق نحو 354 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، مقارنة على أساس سنوي.
ورصد التقرير انخفاض حجم الانبعاثات الضارة بنسبة 6% إلى 112 مليون طن في قطاع الصناعة، وارتفاعها في قطاع الطاقة بنسبة 3% إلى 242 مليون طن، كما رصد انخفاض حجم انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 1.9% مقارنة بعام 2021، وهو ما يتوافق تقريبًا مع الأهداف المناخية للبلاد وتحقيق الأهداف المناخية بشكل عام.
وفي تحليل لأبرز أسباب انخفاض حجم الانبعاثات الضارة في ألمانيا، عزا سيمون مولر Simon Müller، الخبير في شؤون تحول الطاقة، مدير مركز أبحاث “Agora Energiewende”، السبب الرئيس وراء الانخفاض الطفيف في حجم الانبعاثات الضارة الذي سجلته ألمانيا مؤخراً، إلى انخفاض الإنتاج في قطاع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة لاسيما الغاز، وأشار الخبير في تحول الطاقة، إلى تأثيرات إجراءات توفير الطاقة على تراجع الإنتاج وانخفاض الانبعاثات الضارة.
وبالنظر إلى مستوى اهتمام ألمانيا بأزمة مكافحة تغير المناخ وخفض الانبعاثات الضارة على الصعيد الدولي، نجد أن الحكومة الألمانية قد تعهدت مؤخراً بزيادة مساهماتها في تمويل إجراءات مكافحة التغير المناخي دولياً، عن طريق زيادة التمويل المخصص لإجراءات مكافحة التغير المناخي على مستوى العالم إلى ستة مليارات يورو بحلول عام 2025، ودعم صندوق المناخ الأخضر بمبلغ إضافي قدره ملياري يورو.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: تغیر المناخ ملیار یورو ألمانیا فی فی ألمانیا بحلول عام ملیون طن عام 2030
إقرأ أيضاً:
عضو بـ«الشيوخ»: المنتدى الحضري سلط الضوء على آثار قضايا تغير المناخ
أكد الدكتور جمال أبو الفتوح، عضو مجلس الشيوخ، أن إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية والاستراتيجية الوطنية للتحضر الأخضر، خلال انعقاد النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضري العالمي، يهدف إلى تعزيز الجهود الوطنية القائمة في مجالات التحضر استناداً إلى المعايير الدولية للاستدامة والشراكة، في ظل التحديات التي تواجه العالم في هذا الشأن وتتعلق بالتغيرات المناخية التي ينتج عنها كوارث طبيعية تهدد حياة الملايين حول العالم وتهدد مصير دول بأكملها، وكان آخر تلك الكوارث ما حدث في إسبانيا من فيضان كارثي لم تتوقع الدولة حدوثه بتلك الآثار المدمرة، والذى كان السبب الرئيسي ورائه هو تغير المناخ.
تعزيز التنمية الحضريةوأضاف «أبو الفتوح»، في بيان، اليوم الثلاثاء، أن انطلاق المنتدى الحضري فرصة مهمة لتدشين حوار مثمر وفعال بين جميع الفاعلين المعنيين، حول كيفية تحسين أوضاع التجمعات البشرية وتعزيز التنمية الحضرية، وكيفية خلق مشاركة فعالة من كل الأطراف المعنية من المجتمعات المحلية، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والجامعات لعقد شراكات وصياغة سياسات واستراتيجيات تعكس احتياجات وتطلعات الشعوب في حياة كريمة قادرة على مواجهة التحديات البيئية والحضرية، كما يركز المنتدى على بناء تحالفات قوية لتنفيذ الأجندة الحضرية الجديدة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومعالجة التحديات العالمية الرئيسية التي تفرضها أزمة الإسكان العالمية ومواجهة تعقيدات التنمية الحضرية المستدامة بشكل مباشر، خاصة أن هذه القضايا تؤثر على حياة الشعوب بشكل مباشر بتداعيات مفاجئة لذا لابد من التخطيط لها بشكل مسبق لتخفيف النتائج الناجمة عنها.
50% من سكان العالم يعيشون في المدنوأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن المنتدى الحضري العالمي يناقش أيضا قضايا عالمية شائكة تتمثل في أزمة السكان وتغير المناخ، خاصة أن نحو 50% من سكان العالم يعيشون في المدن، ومن المتوقع أن ترتفع هذا النسبة إلى 70% بحلول 2050، لذا فلابد من دراسة تأثير هذه الزيادة على مستقبل الشعوب، نظراً لأن الانتقال إلى المراكز الحضرية له تأثير كبير على المجتمعات والمدن والاقتصادات وتغير المناخ والسياسات، فضلا عن بعض الإحصائيات التي تشير إلى أن إفريقيا تشهد أكبر معدل في النمو السكاني بتاريخها، إذ إنه من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان القارة تقريبًا، خلال السنوات الـ 30 المقبلة، وتصبح العاصمة المصرية القاهرة إلى جانب العديد من مدن القارة الإفريقية، واحدة من أكبر المراكز الحضرية في العالم.
وأوضح أن الرئيس السيسي ركز على مناقشة هذه التحديات التي تؤثر على مختلف دول العالم وقاراتها بشكل مباشر، مما يؤكد على أهمية التعاون المشترك، للوقوف على هذه القضايا والتوصل إلى حلول تسهم في تخفيف آثارها على المدن، خاصة أن انعقاد هذه النسخة يأتي في وقت صعب للغاية يمر بالمنطقة من حروب وصراعات تجعل من الصعب الحديث عن التنمية الحضرية مع وجود هذه الحروب والقتلى والمصابين من الأبرياء والمدنيين، في ظل صمت المجتمع الدولي الذى يغمض عينه أمام مجازر الاحتلال الإسرائيلي و وحشيته بحق الشعب الفلسطيني واللبناني، الأمر الذى يتطلب حلول عاجلة بوقف هذه الحرب وحالة الاستقطاب الراهنة التي باتت تقود المشهد وتؤدي إلى نتائج كارثية، لذا لابد من التعاون لضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى هدنة فعالة بين كافة الأطراف.