الجزيرة:
2025-01-02@21:22:58 GMT

حسابات بايدن في دعمه الأعمى لإسرائيل

تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT

حسابات بايدن في دعمه الأعمى لإسرائيل

"حكومة نتنياهو هي الأكثر تطرفًا على الإطلاق منذ جولدا مائير"، بهذه العبارة انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن حكومةَ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في يوليو الماضي، وذلك على خلفيَّة تمرير القانون المثير للجدل المتعلّق بالتعديلات القضائيَّة في الكنيست الإسرائيلي، والذي أدَّى إلى انقسام المجتمع الإسرائيلي بطريقة لم تحدث منذ قيام إسرائيل قبل خمسةٍ وسبعين عامًا.

وهو ذاته بايدن الذي أمَرَ بتحريك حاملة الطائرات الأميركية (يو إس إس جيرالد فورد)، وهي أكبر حاملة طائرات هجوميَّة في العالم، إلى شواطئ إسرائيل؛ تضامنًا معها ودفاعًا عنها، وذلك بعد يومَين فقط من وقوع الهجمات التي تعرَّضت لها إسرائيل على أيدي المقاومة الفلسطينيَّة في السابع من أكتوبر الجاري. كما أنَّه هرول إلى زيارة تل أبيب بعد أيام قليلة فقط من وقوع تلك الهجمات، متعهّدًا بوقوف بلاده إلى جانبِ إسرائيل، ودعمها بشكلٍ كامل في حربها على قطاع غزة.

فما هي الحسابات والرهانات التي تحرّك إدارة بايدن فيما يخصّ الأزمة الراهنة؟ ولماذا يغامر بايدن بمستقبله السياسي وبمصالح بلاده لصالح إسرائيل؟

أولًا: يؤمن بايدن بشكل شخصي بأنّ وجود إسرائيل مسألة حيوية وضرورية بالنسبة للولايات المتحدة، وهو الذي قال في أكثر من مناسبة- منذ أن كان عضوًا في مجلس الشيوخ الأميركي، بين السبعينيات والتسعينيات من القرن الماضي-: إنه (لو لم يكن هناك إسرائيل … لأوجدناها)، وهي العبارة التي كرَّرها أيضًا خلال زيارته الأخيرة لتل أبيب.

يتجاوز تأييد بايدن المطلق لإسرائيل مسألةَ البعد الديني والرمزي، فهو ليس متدينًا بشكل حقيقي، كما أنه ليس إنجيليًا أو بروتستانتيًا، فهو ثاني رئيس كاثوليكي في تاريخ الولايات المتحدة الذي يحكم أميركا بعد الرئيس الأسبق جون كيندي الذي تمّ اغتياله في نوفمبر عام 1963. وهو أيضًا الذي يعتبر نفسه صهيونيًا رغم أنه ليس يهوديًا، وأطلق عبارته الشهيرة: (ليس بالضرورة أن تكون يهوديًا كي تصبح صهيونيًا). ولعل هذا ما قد يفسر الاندفاع الملحوظ لبايدن وإدارته في التعبير عن دعمهم الكامل لإسرائيل وإرسال كافة أنواع هذا الدعم من أسلحة وذخيرة، وسفن حربية وفرق خبراء وجنود أميركيين على أُهْبة الاستعداد للدفاع عن إسرائيل. فالذي ضُرب في السابع من أكتوبر ليس فقط الهيبة الإسرائيلية، وإنما الأميركية أيضًا باعتبارها الداعم والحاضن الرئيسي للكيان.

ثانيًا: دعم بايدن غير المحدود لإسرائيل، ينبع بالأساس من رؤيته لها، كغيره من الساسة الأميركيين، باعتبارها رصيدًا سياسيًا وأمنيًا واستراتيجيًا لأميركا في منطقة الشرق الأوسط يجب عدم التفريط فيه. وهي رؤية- بغض النظر عن منطقها وصوابها- ليست عابرةً أو وليدة اليوم، وإنما تعود لأكثر من خمسة عقود، وتحديدًا منذ انتصار إسرائيل في حرب الخامس من يونيو/حزيران 1967، وخروجها من تلك الحرب قوَّة إقليميَّة يمكن استخدامها، والاستثمار بها من أجل خدمة وتحقيق المصالح الأميركية في المنطقة، خاصةً في ظل الصراع آنذاك مع المعسكر الشرقيّ بقيادة الاتحاد السوفيتي سابقًا.

لذلك فهناك التزام أميركي مبدئي- من كافة الرؤساء والمسؤولين الأميركيين، خاصةً في الكونجرس الأميركي- بتقديم كافة أنواع الدعم العسكري والاستراتيجي والدبلوماسي لإسرائيل. بل وتمّ تشريع ذلك قانونيًا، فيما يخصّ الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل على جيرانها في المنطقة والذي تلتزم به كافة الإدارات الأميركية منذ السبعينيات وحتى الآن. وهو الدعم الذي أتاح لإسرائيل أن تصبح أكبر متلقٍّ للمساعدات العسكرية الأميركية على مستوى العالم، بما يصل إلى حوالي 4 مليارات دولار سنويًا.

تمثّل إسرائيل حليفًا مهمًا لأميركا فيما يخصّ النشاط الاستخباراتي والأمني بكافة أشكاله، والذي يدعم حماية المصالح والمواطنين الأميركيين في المِنطقة

ثالثًا: تمثل إسرائيل لاعبًا مهمًا في ميزان توازن القوى الإقليمي، وحجرًا أساسيًا في البناء الأمني للشرق الأوسط Middle East Security Architecture الذي وضعته ورسمته أميركا عقب حرب أكتوبر 1973، والذي يقوم على احتواء وكبح جماح القوى المناهضة لأميركا، خاصة إيران، وقبل ذلك كان العراق وليبيا، ولذلك فإن دعم وتسليح إسرائيل بشكل نوعي يساعد في تحقيق نوع من التوازن الاستراتيجي الذي يضمن تحقيق المصالح الأميركية في المنطقة.

في الوقت نفسه عملت الولايات المتحدة- ولا تزال- على دعم مسارات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ليس لتحقيق مصالح هذه الدول، ولكن بالأساس لعمل توازن في ميزان القوى الإقليمي من جهة، ورفع الغطاء العربي عن دعم المقاومة الفلسطينية من جهة أخرى. لذا ما نشهده اليوم من موقف عربي خجول وضعيف، ليس وليد اللحظة، وإنما بدأ منذ خمسة عقود على الأقل، حين تم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.

رابعًا: يمثل دعم إسرائيل ورقة انتخابية مهمة لبايدن، كما هي لغيره من المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين، الذين يتسابقون حاليًا لإظهار الدعم لها والمزايدة على بعضهم البعض في هذا الشأن. وهي مسألة ليست لحظية أو جديدة، وإنما نتاج مجهود كبير تقوم به المجموعات اليهودية الداعمة لإسرائيل، وأهمها الجمعية الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة (إيباك) والتي يعمل بها ما يقرب من مائة ألف موظف في أكثر من 18 ولاية أميركية، وتقوم بجمع الأموال والتبرعات للسياسيين.

في حين أن كثيرًا ممن يعملون في الأماكن المؤثرة بالمؤسسات السيادية الأميركية كالبيت الأبيض والكونجرس والخارجية الأميركية ووزارة الدفاع إما داعمين لإسرائيل أيديولوجيًا وعقائديًا، وإمَّا بحاجة لدعم اللوبي الإسرائيلي، إذا ما قرّروا دخول المجال السياسي. وفي الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنّ بايدن حريصٌ على الفوز بصوت الناخبين اليهود، والأهم من ذلك مغازلة الكتلة اليمينية المتشددة، والتي تصوت غالبًا للحزب الجمهوري، وهي كتلة أقرب في التصويت إلى الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يعرف كيف يغازلُها ويهيمن عليها بخطابه الشعبويّ.

وأخيرًا، تمثّل إسرائيل حليفًا مهمًا لأميركا فيما يخصّ النشاط الاستخباراتي والأمني بكافة أشكاله، والذي يدعم حماية المصالح والمواطنين الأميركيين في المِنطقة. فالموساد الإسرائيلي يلعب دورًا مهمًا في حماية المصالح الأميركية عبر تبادل المعلومات والتقارير السرّية مع وكالات الأمن والاستخبارات الأميركية حول العديد من المسائل الحرجة، مثل: الجماعات المتطرّفة وأنشطة إيران ووكلائها في المِنطقة. وفي نفس الوقت يقومُ بعمليات سرّية تستهدف خصومَ إسرائيل وأميركا في المنطقة. ناهيك عن تبادل التكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة في مجال الأمن السيبرانيّ.

لكنَّ السؤال الآن هو: هل يؤدّي دعم بايدن الأعمى لآلة القتل الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزّة إلى الإضرار بالمصالح الأميركية سواء في المنطقة وخارجها؟ سنحاول الإجابة عن هذا السّؤال في مقالٍ قادم بحول الله.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی المنطقة فیما یخص ا مهم ا

إقرأ أيضاً:

حسابات الذكاء الاصطناعي تهدد مستقبل فيسبوك وإنستجرام

ما الذي يتمنى المستخدمون رؤيته بشكل أكبر على منصات مثل Instagram وFacebook؟ هل هي المزيد من المنشورات من الأصدقاء والمعارف؟ أم المحتوى الأصلي الحقيقي حول الموضوعات التي تثير اهتمامهم؟ يبدو أن Meta قررت تقديم خيار آخر: المزيد من الروبوتات.

في خطوة قد تثير جدلًا واسعًا، تخطط Meta للسماح للأفراد بإنشاء حسابات ذكاء اصطناعي مستقلة تمامًا خلال العامين المقبلين. ستكون هذه الحسابات قادرة على إنشاء المحتوى ومشاركته كما لو كانت حسابات بشرية، مما يدعو للتساؤل: هل لا يزال Instagram منصة اجتماعية مفضلة؟

خطط Meta للذكاء الاصطناعي

وفقًا لتقارير صحيفة Financial Times، ترى Meta أن الصور الرمزية المخصصة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي قد تجذب الجمهور الأصغر سنًا، خاصة الجيل Z، أكد كونور هايز، نائب رئيس Meta للمنتجات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، قائلاً: "سيكون لهذه الحسابات سير ذاتية وصور شخصية، وستتمكن من إنشاء ومشاركة محتوى مدعوم بالذكاء الاصطناعي".

بدأت هذه المبادرة مع إطلاق Meta لمنصة AI Studio في يوليو الماضي، حيث تمكّن المؤثرون من إنشاء شخصيات ومساعدين ذكاء اصطناعي لتقديم الدعم والتفاعل مع المتابعين، حتى الآن، تم إنشاء مئات الآلاف من الشخصيات، ولكنها تظل محصورة في الاستخدام الخاص.

تجربة الماضي والمخاوف المستقبلية

تسعى Meta لاستكشاف مستقبل التفاعل الاجتماعي، لكنها تواجه تحديات متكررة، في السنوات الأخيرة، استثمرت الشركة مليارات الدولارات في مشاريع مثل الميتافيرس، الذي لم يحظ بقبول واسع، كما أطلقت روبوتات دردشة بأسماء وصور مشاهير، والتي فشلت في تحقيق النجاح وتم التخلي عنها بعد أقل من عام.

التأثير المحتمل على المنصات الاجتماعية

قد تشهد منصات Facebook وInstagram تحولًا جذريًا مع تزايد الحسابات التي يديرها الذكاء الاصطناعي، بينما يمكن لهذه الحسابات أن تظل نشطة على مدار الساعة، فإن تأثيرها على المستخدمين الحقيقيين قد يكون سلبيًا، أحد المخاوف الرئيسة هو أن يؤدي انتشار حسابات الذكاء الاصطناعي إلى تقليل ظهور منشورات الأصدقاء والعائلة، مما يضعف الطابع "الاجتماعي" للمنصات.

على الرغم من أن Meta قد تحدد بوضوح الحسابات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، فإن الإقبال على التفاعل مع هذه الحسابات يظل مشكوكًا فيه، ومع زيادة شكاوى المستخدمين من الإعلانات والمحتوى المكرر، قد يصبح المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي عبئًا إضافيًا.

قد تكون خطوة Meta نحو تعزيز وجود الذكاء الاصطناعي على منصاتها مجازفة كبيرة. إذا لم تُنفذ بحذر، فقد تُحدث تأثيرات عميقة على طبيعة التفاعل الاجتماعي، يبقى السؤال: هل ستنجح Meta في تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والإنسانية، أم أنها تخاطر بفقدان جوهر "التواصل الاجتماعي" الذي بنيت عليه منصاتها؟

مقالات مشابهة

  • حسابات الذكاء الاصطناعي تهدد مستقبل فيسبوك وإنستجرام
  • عرض جديد لـ بيرسي تاو .. ونجم الزمالك يدخل حسابات الأهلي
  • عاجل المملكة تدين وتستنكر حادث الدهس الذي وقع في مدينة نيو أورليانز الأميركية
  • المملكة تدين وتستنكر حادث الدهس الذي وقع في مدينة نيو أورليانز بالولايات المتحدة الأميركية
  • المنجم الذي تنبأ بانفجار مرفأ بيروت يعود مجدداّ ليتوقع : حماس ستوفق برأس إسرائيل ” ضخم ” وهذا ماسيحدث لليمن ولكل الدول العربية
  • الكشف عن قيمة الدعم المالي الهائل الذي قدمته أمريكا لـ إسرائيل منذ 7 أكتوبر .. أرقام صادمة وشراكة في الإبادة
  • «مصر.. درع الوطن ضد الفتن»
  • تقرير فرنسي: الحوثيون مصدر تهديد لإسرائيل
  • بيان من الإدعاء العام بشأن قضايا الاحتيال عبر الحسابات الوهمية
  • عاجل.. بيان من الإدعاء العام بشأن قضايا الاحتيال عبر الحسابات الوهمية