لندن-سانا

“تاريخ يجدد نفسه ومواقف تعود للحياة مرة أخرى”… هكذا وصف الكاتب في صحيفة الغارديان البريطانية اوين جونز مواقف زعماء الغرب إزاء الحرب التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، فما حدث قبل الغزو الأمريكي للعراق 2003 من تعامي هؤلاء المسؤولين عن الحقيقة وإصرارهم على المضي قدماً في الحرب الأمريكية المدمرة رغم إدراكهم ما تحمله من نتائج يتكرر على حد تعبيره، من خلال إصرارهم الآن على لعب دور الساذج والجاهل بما تخطط له “إسرائيل”.

جونز أعاد إلى الأذهان عبارة استخدمها كثير من زعماء الغرب والسياسيين سواء في بريطانيا أو أمريكا وغيرها ممن دعموا الحرب الأمريكية على العراق بناء على أكذوبة أسلحة الدمار الشامل، وقولهم إنهم لو كانوا يعرفون ما لهم علم به الآن لما دعموا تلك الحرب، وكانت هذه العبارة تعويذة للتنصل من مسؤوليتهم عن فظائع الغزو الأمريكي على العراق والنتائج الكارثية التي خلفها على العالم بأسره.

وأشار جونز إلى أن هذه العبارة ستعود للظهور مجدداً وعما قريب، حيث عاد زعماء الغرب للعب الدور نفسه والادعاء بأنهم يجهلون ما ستقدم عليه “إسرائيل” من مجازر في غزة رغم إعلانها الصريح بذلك، مبيناً أن مسؤولي الغرب الذي يهللون حالياً لـ “إسرائيل” ويباركون ما تقوم به من جرائم سيكررون العبارة ذاتها للتنصل من النتائج الكارثية المترتبة على تشجيعهم هذا.

وقال جونز: إن ادعاء الجهل بما ستؤول إليه الأمور لدى أولئك الذين دعموا الحرب الأمريكية على العراق وغرقت أيديهم بدم العراقيين هو هراء بحد ذاته، حيث كشفت نتائج التحقيقات الرسمية في إطار لجنة تشيلكوت أن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير كان مدركاً تماماً لنتائج الحرب، بما فيها تزايد أنشطة تنظيم “القاعدة” الإرهابي، لكنه لم يكن ليبالي بكل هذه التحذيرات.

وبالمقارنة مع الوضع الحالي في غزة أشار جونز إلى أن “إسرائيل” قامت بقتل آلاف المدنيين ومعظمهم أطفال، وأن الأسوأ الذي تخطط لارتكابه في قطاع غزة ليس مجرد احتمال أو تخمين، بل هو واقع مؤكد وقادم ولم يحاول زعماؤها إخفاءه، ولم يتركوا أي مجال أمام قادة الغرب ليلعبوا دور الجاهل بما سيجري ولن يكون بإمكانهم استخدام عبارة “لو كنت أعلم ذلك”.

وقال جونز: إن نية “إسرائيل” شن حملة إبادة جماعية ضد أهالي غزة واضحة ولا تحتمل التشكيك، فمن العقوبة الجماعية التي تنزلها بأهالي القطاع من حرمانهم من الماء والطعام والوقود والدواء وصولاً إلى القصف العشوائي للمناطق المدنية وقتل الأطفال أينما اتجهوا، كل ذلك لا مبرر له ولا يوصف إلا بأنه خطوة نحو إبادة جماعية شاملة، وكل ما سيصدر عن زعماء الغرب بعد ارتكابها لن يزيد عن عبارة “لو كنا نعرف ما سيحدث”.

باسمة كنون

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

ما دور إسرائيل في الحرب الأميركية على الحوثيين؟

القدس المحتلة- في خضم الحرب التي تشنها القوات الأميركية على جماعة الحوثيين في اليمن، يبرز الدور الإسرائيلي بشكل متزايد، والذي يبدو أنه يشكل جزءا أساسيا من التنسيق العسكري والإستراتيجي الهادف إلى وقف هجمات الحوثيين، سواء تلك الموجهة نحو إسرائيل أو التي تستهدف السفن في البحر الأحمر.

ووفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية، وفي مقدمتها ما نشرته القناة 12، فإن الأسابيع الأخيرة شهدت تصعيدا في التعاون الدفاعي بين إسرائيل والولايات المتحدة، في ظل تزايد وتيرة الهجمات الصاروخية الباليستية المنطلقة من اليمن باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وقد ساهم هذا التعاون في رفع معدلات اعتراض هذه الصواريخ، مما أدى إلى تقليص عدد الإنذارات التي تطلقها صفارات التحذير الإسرائيلية.

مظلة دفاعية إسرائيلية أميركية مشتركة لحماية الأجواء الإسرائيلية من الصواريخ الباليستية (الجيش الإسرائيلي) مظلة دفاعية

تعتمد إسرائيل والولايات المتحدة على مجموعة متقدمة من المنظومات الدفاعية، منها منظومتا "حيتس 2″ و"حيتس 3" الإسرائيليتان، المخصصتان لاعتراض الصواريخ على ارتفاعات عالية وفي الفضاء الخارجي، بالإضافة إلى منظومة "ثاد" الأميركية التي تم تزويد إسرائيل بها مؤخرا.

وتشير التقارير إلى أن واشنطن عززت "مظلة الدفاع الجوي" عن إسرائيل من خلال نقل بطارية إضافية من منظومة "ثاد" إلى جانب بطاريتين من منظومة "باتريوت". وتندرج هذه الخطوة في إطار حماية إسرائيل من التهديدات الإقليمية، في وقت تتصاعد فيه العمليات العسكرية في قطاع غزة، وتتوسع رقعة التوترات الإقليمية.

إعلان

ومن جهة أخرى، تلعب القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" دورا محوريا في تنسيق عمل منظومات الدفاع الجوي بالمنطقة، بعدما أصبحت إسرائيل تابعة لنطاق عملها منذ عام 2021.

وتعنى "سنتكوم" بدمج المعطيات الاستخباراتية والرادارية من 21 دولة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لبناء صورة شاملة للتهديدات واتخاذ قرارات فورية بشأن الرد المناسب.

وفتحت هذه المعطيات باب التساؤلات لدى المحللين حول طبيعة الدور الإسرائيلي في هذه الحرب التي تقودها واشنطن ضد الحوثيين، وتتنوع التحليلات بين من يشير إلى دور استخباراتي وتقني متقدم، ومن لا يستبعد وجود مشاركة إسرائيلية مباشرة في بعض العمليات، سواء عبر توفير بيانات دقيقة للأهداف أو حتى من خلال دعم لوجستي وتشغيلي مشترك.

تعاون استخباراتي

أفاد يشاي بار يوسف مراسل الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان 11" بأن إسرائيل تلتزم الصمت حيال مدى مشاركتها في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثي. ومع ذلك، ألمح إلى وجود تعاون استخباراتي غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة ما يتعلق بتبادل المعلومات حول طبيعة الأهداف في اليمن.

وأشار المراسل إلى أن إسرائيل -وإن لم تعلن رسميا عن أي دور مباشر في العمليات العسكرية- تشارك بفاعلية خلف الكواليس، عبر تقديم معلومات دقيقة للجيش الأميركي تساعد في تحديد مواقع الأهداف ومخططات الحوثيين.

وفي هذا السياق، استشهد الصحفي الإسرائيلي بما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" التي نقلت عن مسؤولين أن إسرائيل زودت الولايات المتحدة بمعلومات استخباراتية ساهمت في تنفيذ عملية اغتيال داخل الأراضي اليمنية.

ووفقا لما ورد بالصحيفة الأميركية، فإن المعلومات التي قدمتها إسرائيل استندت إلى مصدر استخباراتي سري داخل اليمن، وحددت هوية عناصر حوثية كانت هدفا مباشرا للهجوم، إلا أن العملية أدت إلى فضيحة سياسية بعد تسريب تفاصيلها مما تسبب في إحراج كبير لإدارة الرئيس دونالد ترامب.

إعلان

ويقول مراسل الإذاعة الإسرائيلية إن "هذا التسريب، وما أعقبه من ردود فعل، ألقى الضوء على حجم التعاون الاستخباراتي العميق بين إسرائيل والولايات المتحدة في إطار العمليات التي تستهدف جماعة الحوثي، رغم نفي أو تجاهل إسرائيل للحديث العلني عن أي تورط مباشر في الحرب الدائرة في اليمن".

سلاح الجو الإسرائيلي في حالة استنفار قصوى تحسبا لأي هجمات من اليمن (الجيش الإسرائيلي) تسليح إسرائيل

وفي سياق هذه التطورات، كشف تقرير نشره موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل استقبلت شحنات كبيرة من الأسلحة الأميركية، بهدف تجديد مخزونات الجيش بعد نحو 18 شهرا من القتال المستمر على جبهات متعددة، وفي مقدمتها قطاع غزة.

وبحسب ما ورد في تقرير الصحيفة الإسرائيلية، تشمل الشحنات ذخائر تقدر بأكثر من 3 آلاف وحدة لسلاح الجو الإسرائيلي، وذلك ضمن الاستعدادات لمواصلة العمليات العسكرية في غزة، بالإضافة إلى احتمال تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران.

وأشار التقرير إلى إمكانية استخدام هذه الذخائر في إطار العمليات التي تشنها الولايات المتحدة ضد الحوثيين في اليمن، مما يعكس تشابك الملفات العسكرية في المنطقة وتداخل الأهداف بين واشنطن وإسرائيل.

ووفقا لمراسل الشؤون العسكرية بالصحيفة يوآف زيتون، فإن الإدارة الأميركية كانت قد وافقت في فبراير/شباط الماضي على صفقة أسلحة كبرى لإسرائيل بقيمة 7 مليارات و410 ملايين دولار، وتضم الصفقة ذخائر موجهة وقنابل ومعدات عسكرية متنوعة، وقد أُبلغ الكونغرس بها من قبل "وكالة التعاون الأمني الدفاعي" التابعة للبنتاغون.

وأشار إلى أن هذه الصفقة تهدف إلى الحفاظ على قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها -كما يقول المراسل- موضحا أن إسرائيل ستستخدم جزءا من أموال المساعدات العسكرية الأميركية لشراء هذه الأسلحة التي ستكون أيضا في خدمة المصالح الأميركية بالشرق الأوسط، ضمن تنسيق عسكري مستمر بين الجانبين.

طائرات حربية إسرائيلية ترافق قاذفة أميركية إلى البحر الأحمر والخليج العربي (الجيش الإسرائيلي) حملة عسكرية

في هذا الإطار، يرى داني سيترينوفيتش -الباحث في برنامج إيران واليمن في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب- أن الأسابيع الأخيرة شهدت تحولا ملحوظا في طبيعة الحملة العسكرية ضد الحوثيين، لا سيما من جانب التحالف الذي تقوده واشنطن.

إعلان

ويشير إلى أن هذا التحول يتجلى في جانبين رئيسيين: أولهما تصعيد ملحوظ في وتيرة العمليات، وثانيهما التركيز على استهداف مواقع تحت الأرض تستخدم لإنتاج الأسلحة وقيادة العمليات، بهدف إرباك قدرات هذه الجماعة وتعطيل بنيتها التشغيلية.

ولفت إلى أن "نتائج هذه الهجمات تبقى معقدة، فمن غير المرجح أن تؤدي إلى وقف كامل لهجمات الحوثيين على إسرائيل أو مضيق باب المندب" لكنه يشير إلى أن "هذا التصعيد -وخصوصا من جانب التحالف الدولي- نجح في تقليص قدرة الحوثيين على تنفيذ هجمات صاروخية ضد إسرائيل، حتى وإن بقي هذا التهديد قائما من حيث المبدأ".

ووفقا لهذا التحليل، فإن من المتوقع استمرار العمليات الأميركية في اليمن لفترة طويلة، في إطار إستراتيجية تهدف إلى استنزاف قدرات الحوثيين وإضعاف تهديدها الإقليمي.

مقالات مشابهة

  • كاتب هندي: إبادة غزة حولتنا لشهود قسريين على بشاعة السياسة
  • الغرب يشجعه على الحرب.. روسيا تتهم زيلينسكي بإفشال محادثات لندن
  • كاتب بريطاني يشيد بموقف البابا فرنسيس إزاء غزة.. منحنا قيادة أخلاقية
  • الغارديان: قيس سعيد يقوض إنجازات الديمقراطية التونسية بمساعدة من الغرب
  • دراسة: الجهاز المناعي لكبار السن يستجيب جيدا لأدوية السرطان رغم ضعفه
  • ما دور إسرائيل في الحرب الأميركية على الحوثيين؟
  • من الفوضى الاقتصادية إلى الحرب المقدسة.. كيف يُعيد داعش صياغة الصراع العالمي؟
  • رسالة ترامب إلى زعماء الكونجرس بشأن الحرب ضد “عصابة القراصنة الحوثية” في اليمن
  • مؤشر داو جونز يقفز بأكثر من 600 نقطة مع تعافي وول ستريت من موجة بيع
  • إيران: الغرب يغض الطرف عن ترسانة إسرائيل النووية ونرفض التفاوض العلني