نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعدته بيثان ماكرنان وسفيان طه أشارا فيه إلى أن العمليات الإسرائيلية المستمرة في الضفة الغربية تثير الغضب بشكل قد تشعل المناطق الفلسطينية المحتلة. فقد قتلت قوات الاحتلال أكثر من 90 فلسطينيا وجرحت 1.200 آخرين منذ هجوم حركة "حماس"  في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الجاري.

وذكر  التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الجيش استهدف بيتا في مخيم عقبة جبر قرب أريحا لاعتقال ماهر شلون بتهمة قتل مستوطن وقتل فتى فلسطيني عمره 17 عاما أثناء المداهمة وجرح ستة أشخاص واعتقل اثنان.

وبعد تدمير بيت العائلة أخذت الأم الأخ الأكبر إلى بيت لحم لمعالجته، وتركت الطفلين الصغيرين في عناية عمهما، منصور وجدتهما، حمدة حيث لم يخرج الطفلان من البيت منذ تدمير بيت العائلة.

وقال منصور، 56 عاما إن قوات الاحتلال تأتي كل يوم منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر بهدف الانتقام، "في إشارة للغزو الذي قامت به حماس للأراضي الإسرائيلية من قطاع غزة وأدى لمقتل 1.400 إسرائيلي وأدى لحرب جديدة قتل فيها حتى الآن أكثر من 5.700 فلسطيني"، بحسب تعبير التقرير.


وذكر التقرير أن مخيم عقبة جبر يعتبر واحدا من 19 مخيما أقيمت بعد النكبة لكي يسكن فيه الفلسطينيون الذي فروا من بيوتهم بعد نشوء إسرائيل، ولا تزال المخيمات اليوم مثل مدن صفيح وبأزقة ضيقة وخدمات قليلة ونسب عالية من الفقر والجريمة، وتحولت إلى مركز للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف أن مداهمة عقبة جبر يوم الجمعة، كانت واحدة من عدة عمليات في مخيمات الضفة الغربية وخلال الأسبوعين الماضيين، وهي إشارة إلى تعامل إسرائيل مع الضفة الغربية على أنها جزء من الحرب التي تشنها على حماس في غزة وعن الكيفية التي قد تشعل فيها النشاطات العسكرية النيران في الضفة الغربية غير المستقرة.

وتم إجبار ثمانية مجتمعات فلسطينية على مغادرة مناطقها بالقوة بسبب التصعيد الذي يقوم به المستوطنون، ففي وادي السيق، قرب رام الله، اعتقل المستوطنون والجنود ثلاثة فلسطينيين وجردوهم من ملابسهم قبل أن ضربهم والتبول عليهم وإطفاء السجائر في أجسادهم والاعتداء عليهم جنسيا. 

ورأى التقرير أن الضفة الغربية التي يعيش فيها 3 ملايين فلسطيني و 500.000 مستوطنة أصبحت على حافة الانفجار. وفي يوم الثلاثاء ظلت عقبة جبر في حالة توتر، وتوقفت طوابير الشاحنات والسيارات أمام مدخل أريحا ولساعات طويلة في انتظار نقاط التفتيش وهو مشهد تكرر في معظم مدن الضفة الغربية. وجلس فلسطيني قرب كشك خرساني مؤقت وقد  قيدت يديه إلى ظهره وتحت حر الشمس بانتظار الجنود لتفتيش سيارته.

وأصبح بيت شلون الذي كان مكونا من طابقين أنقاضا وغطت بقاياه أشجار النخيل المحيطة به. وفي أثناء عملية الهدم، دخل الجنود بيت منصور وأزالوا نوافذ البيت بحجة سلامة ساكنيه، وتأثر بيته بالهدم حيث تضررت غرفتان. وفي بيت والدي محمود حمدان، 23 عاما الذي استشهد برصاص قناص إسرائيلي عندما كان في طريقه للعمل وبدون معرفته بالمداهمة، جلس والديه تهاني ومحمد أمام شاشة التلفاز. وعرضت القناة الأردنية التي كانا يشاهداها ما يجري في غزة دون حذف، ولم يكن هناك أي راحة من لقطات الأطفال الذين نقلوا في سيارات الإسعاف او نقلوا في أكياس الموتى. وقالت تهاني (44 عاما): "أشعر بالألم مع كل الأمهات ومنذ مقتل محمود،  وأعرف أن الإسرائيليين سيأتون في أي وقت ويقتلون كل أطفالي"، بحسب ما نقله التقرير.

وأشار معدا التقرير إلى أن الفلسطينيين كانوا يتوقعون عودة الحرب إلى الضفة قبل أن تندلع في غزة. وكان عام 2022 الأكثر دموية في المناطق المحتلة ومنذ توقف الانتفاضة الفلسطينية في عام 2005، وقد زاد عدد الشهداء في 2023 عن العام الماضي حتى قبل أن تندلع الحرب في غزة.


ونوه التقرير إلى أن حماس تمتلك خلايا ناشطة في الضفة وقدر من الدعم الشعبي، إلا أن الجيل الجديد من المقاتلين لا ينتمون لأي من التنظيمات التقليدية، ويتركزون في نابلس وجنين، ولكنهم يعملون بشكل محلي. ووضع العنف المتزايد ضغطا على حركة فتح التي تسيطر على الضفة والسلطة الوطنية التي لا تحظى بشعبية واسعة في ظل قيادة محمود عباس الذي يحكم منذ 16 عاما.

وفقدت السلطة السيطرة، بحسب التقرير، على عدد من المخيمات في الضفة الغربية خلال العامين الماضيين. وقمعت قوات الأمن الفلسطينية تظاهرات مؤيدة لغزة واستخدمت الرصاص المطاطي ما عزز الرؤية أنها لا تمثل الشعب الفلسطيني.

ونقل التقرير فتى عمره 19 عاما من عقبة جبر قوله إن "السلطة تتصرف وكأنها مع إسرائيل" و "من الواضح أن جيلي لا أمل له في احتلال دائم ويعتقد أن الجماعات المسلحة لديها الجواب". وفي الأزمة الحالية تم تهميش السلطة الوطنية في جهود التوسط وخفض التوتر. وقال جلال زقوت، عضو المجلس الوطني الفلسطيني "عاجلا أم أجلا، سيشتعل الوضع في الضفة الغربية" و "هو وضع خطير. وحاولت إسرائيل تقسيم الضفة الغربية وغزة. وكلنا فلسطينيون وما يحدث هناك لا يمكنه ألا يترك أثر هنا وفي القدس".

يشار إلى أن الاحتلال اعتقل منذ بدء "طوفان الأقصى" في السابع من شهر تشرين الأول /أكتوبر، أكثر من 1380 من أبناء الشعب الفلسطيني من مختلف مدن الضفة، في ظل العدوان الشامل، وعمليات الانتقام الجماعية الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني، بحسب أحدث بيانات نادي الأسير الفلسطيني.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الضفة الغربية غزة الاحتلال الإسرائيلي غزة الضفة الغربية الاحتلال الإسرائيلي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة الغربیة عقبة جبر فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

عن قرارات إسرائيل الأخيرة ودولة الاستيطان في الضفة الغربية.. من يتفاجأ؟!

اتخذت حكومة بنيامين نتنياهو في 28 حزيران/ يونيو المنصرم سلسلة قرارات في إطار تكريس الاستيطان وإعدام المجال الحيوي للفلسطينيين في الضفّة الغربية، وهي باختصار "شرعنة" خمس بؤر استيطانية في مناطق نابلس ورام الله والبيرة وبيت لحم والخليل، ومدّ الصلاحيات الإدارية لـ"الإدارة المدنية الإسرائيلية" إلى مناطق (ب)، وإلغاء صلاحيات السلطة الفلسطينية عن محمية طبيعية مصنفة (ب) تمتد شرقي بيت لحم وتبلغ مساحتها 166 ألف دونم بما يساوحي 3‎‎ في المئة من مساحة الضفة الغربية، وتوسيع البناء الاستيطاني في المستوطنات المقامة، وتقييد حركة بعض مسؤولي السلطة؛ وهذا القرار الأخير أقلّها أهمّية.

وأعلن وزير المالية (وصاحب الوزارة الثانية داخل وزارة الحرب الإسرائيلية) زعيم حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريش؛ أنّ هذه القرارات جاءت ردّا على اعتراف خمس دول أوروبية بدولة فلسطين، وعلى ملاحقة الكيان الإسرائيلي في المحاكم الدولية، لكن المفاجئ لغير المتابعين، أنّ هذه القرارات بعينها ناقشتها لجنة الخارجية والأمن في "الكنيست" الإسرائيلي في 19 تموز/ يوليو 2023، أي قبل عام، وقبل حرب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وقبل اعتراف الدول الأوروبية تلك بدولة فلسطين، وقبل قرارات المحكمتين الدوليتين العدل والجنائية!

لفهم طبيعة القرارات وخطورتها، يحسن العودة إلى اتفاق أوسلو الثاني الموقع في طابا المصرية في 28 أيلول/ سبتمبر 1995؛ الذي قُسّمت فيه الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق وهي (أ) وتمثّل 2‎‎ في المئة من مساحة الضفة الغربية في 6 مدن فلسطينية (لا تشمل الخليل التي صار لها وضع خاص وفق بروتوكول موقع في 15 كانون الثاني/ يناير 1997 قُسّمت بموجبه إلى منطقتين H1 تخضع للسلطة، وH2 تخضع للاحتلال)، هذه المدن المنفصلة عن بعضها تتولّى فيها السلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية والإدارية، كرّست "إسرائيل" واقعا استيطانيّا، وللمفارقة بالاستناد إلى اتفاقية أوسلو، التي كانت تتيح من الناحية الفعلية للاحتلال التمدّد الاستيطاني في مناطق (ج) التي تمثّل المساحة الأكبر من الضفة الغربية، وأفضى هذا الواقع الاستيطاني إلى بنية استيطانية ممتدة ومتضخمة ومترابطة ببنية تحتية وشبكة مواصلات وموارد طاقة ومياه وفيرة، وإلى تجمعات سكانية فلسطينية متفرقة ومنفصلة ويتحكم في عُقد التواصل بينها أكثر من 700 حاجز إسرائيلي، وتعتمد بالكامل في مواردها على التحكم الإسرائيليو(ب) وتمثّل 26‎‎ في المئة من مساحة الضفّة الغربية موزّعة بين 420 قرية فلسطينية؛ بحيث تتولّى السلطة الفلسطينية فيها المسؤولية الإدارية فقط، ومناطق (ج) وتمثّل 72‎ في المئة من مساحة الضفة الغربية وتبقى خاضعة بالكامل للسيطرة الإسرائيلية الأمنية والإدارية.

وكان يُفترض وفق اتفاقية "واي ريفر" الموقعة في 23 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1998، أن يجري، على ثلاث مراحل، نقل مساحات أخرى من مناطق (ج) إلى (ب) و(أ) ومن (ب) إلى (أ)، مقابل التزامات أمنية من السلطة الفلسطينية، إلا أن ما حصل هو العكس تماما، فقد علقت "إسرائيل" تنفيذ بقية المراحل، وشرع مستوطنوها بعد توقيع "واي ريفر" مباشرة في بناء مواقع استيطانية وشقّ طرق التفافية جديدة.

كرّست "إسرائيل" واقعا استيطانيّا، وللمفارقة بالاستناد إلى اتفاقية أوسلو، التي كانت تتيح من الناحية الفعلية للاحتلال التمدّد الاستيطاني في مناطق (ج) التي تمثّل المساحة الأكبر من الضفة الغربية، وأفضى هذا الواقع الاستيطاني إلى بنية استيطانية ممتدة ومتضخمة ومترابطة ببنية تحتية وشبكة مواصلات وموارد طاقة ومياه وفيرة، وإلى تجمعات سكانية فلسطينية متفرقة ومنفصلة ويتحكم في عُقد التواصل بينها أكثر من 700 حاجز إسرائيلي، وتعتمد بالكامل في مواردها على التحكم الإسرائيلي، مما أنتج نظاما شديد الوضوح من الفصل العنصري. (يعاني فلسطينيو الضفة هذه الأيام من تعطيش مبرمج غير مسبوق في مستواه بسبب تقليص الاحتلال لحصص المياه المخصصة لهم).

في 23 شباط/ فبراير 2023 مُنِح سموتريتش وزارة ثانية في وزارة الحرب الإسرائيلية بموجب اتفاق بينه وبين وزير الحرب يؤاف غالانت، بهدف إيجاد مرجعية جديدة للحالة الاستيطانية في الضفة الغربية غير "الإدارة المدنية" (الإدارة المدنية هي هيئة عسكرية إسرائيلية تتبع جيش الاحتلال تحكم الضفة الغربية بات اسمها "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق").

الحكم العسكري في معناه الظاهر؛ هو أنّ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية مؤقت، ولكن فصل المستوطنين في الضفّة الغربية عن إدارة الجيش من خلال دائرة مدنية خاصة بهم يعني من الناحية الفعلية ضمّ المستوطنات إلى الكيان الإسرائيلي، وفرض نمط من الاحتلال المدني الذي يلغي الطابع المؤقت لاحتلال الضفة الغربية، ويكرّس واقعا أكثر تحديدا من الفصل العنصري، حيث يبقى الفلسطينيون خاضعين للإدارة العسكرية الإسرائيلية.

الحكم العسكري في معناه الظاهر؛ هو أنّ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية مؤقت، ولكن فصل المستوطنين في الضفّة الغربية عن إدارة الجيش من خلال دائرة مدنية خاصة بهم يعني من الناحية الفعلية ضمّ المستوطنات إلى الكيان الإسرائيلي، وفرض نمط من الاحتلال المدني الذي يلغي الطابع المؤقت لاحتلال الضفة الغربية، ويكرّس واقعا أكثر تحديدا من الفصل العنصري، حيث يبقى الفلسطينيون خاضعين للإدارة العسكرية الإسرائيلية
كانت هذه الخطوة، بالضمّ الناعم غير المعلن للمستوطنات، جزءا من خطة سموتريتش لحسم الصراع بالضفة الغربية التي أعلن عنها عام 2017، والتي تهدف إلى إلغاء أدنى إمكانية لقيام دولة فلسطينية بالضفة الغربية، وتكريس "إسرائيل" دولة يهودية واحدة من البحر إلى النهر.

ما جرى إذن يوم 28 حزيران/ يونيو 2024 من قرارات جديدة، هو تنفيذ لخطة معلنة، وقرارات جرت مناقشتها من قبل، بما في ذلك إلغاء النفوذ الإداري للسلطة عن مساحة واسعة من مناطق (ب)، ومدّ الصلاحيات الإدارية الإسرائيلية إلى مناطق (ب) بما يشمل قرارات الهدم وتراخيص البناء، وما يتصل بذلك بالضرورة من بنية تحتية وطاقة ومياه وترددات الاتصالات وشبكة المواصلات. وأكثر من ذلك؛ فإنّ لجنة الخارجية والأمن في الكنيست في تموز/ يوليو من العام الماضي، ناقشت كذلك مدّ الصلاحيات الإدارية الإسرائيلية إلى مناطق (أ).

وإذا كانت اتفاقية أوسلو قد أتاحت للاحتلال إعدام المجال الحيوي للفلسطينيين في مناطق (ج) التي أطبق عليها الاستيطان وطوّر فيها الاحتلال بنيته التحتية الاستعمارية؛ التي خنقت الفلسطينيين في محميات بشرية صغيرة منفصلة عن بعضها، وصادرت منهم إمكان التطوير الزراعي والصناعي، فإنّ مدّ الصلاحيات الإدارية الإسرائيلية إلى مناطق (ب) كما قُرّر أخيرا، و(أ) كما سيجري بالتأكيد لاحقا؛ يعني خنق التجمعات الفلسطينية من كلّ ناحية، وفرض القلق والخوف واللايقين على الفلسطيني الذي سيصبح منزله معرضا للهدم، ومصالحه في قبضة المجهول.

المفارقة أنّه ومنذ ذلك الاجتماع في تموز/ يوليو العام الماضي درس الإسرائيليون المسوغات القانونية لإجراءاتهم المزمعة بمدّ صلاحياتهم الإدارية إلى مناطق السلطة وإلغاء صلاحيات السلطة في بعض المناطق بنحو كامل، وكانت المفارقة في كونهم استندوا إلى اتفاقية أوسلو نفسها، فقد نصّت الفقرة (1) من البند (7) في الملحق رقم (1)  من اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة عام 1995 أنّه: "ليس في هذه المادة ما ينتقص من صلاحيات إسرائيل ومسؤولياتها الأمنية وفقا لهذه الاتفاقية"، أي أن تقسيم الضفة إلى ثلاث فئات لا ينتقص من صلاحيات "إسرائيل" في أيّ من تلك الفئات.

وبالفعل منذ العام 2002 و"إسرائيل" تمارس الدور الأمني المباشر في مناطق (أ) التي تقتحمها باستمرار بغرض الاعتقالات والاغتيالات وهدم منازل منفّذي العمليات وتجريف البنية التحتية أثناء الاقتحامات، في حين يُفترض أن تقتصر الصلاحيات الأمنية في هذه المناطق على السلطة الفلسطينية، وكذلك المحمية البرية التي تقع شرقي بيت لحم والتي سحبت "إسرائيل" صلاحيات السلطة عنها تماما. درست "إسرائيل" منذ عام المسوّغ القانوني لذلك، وهو أنّه اشترط على السلطة في اتفاقية "واي ريفر" أن تخصص هذه المنطقة للمحميات الطبيعية والمناطق الخضراء وأن تمنع التمدد العمراني إليها، فالإخلال بهذا الشرط يمثّل غطاء قانونيّا للاحتلال لتكريس سيطرته على الضفة الغربية. (وقد أجرى نتنياهو مناقشات بشأن هذه المحمية في أيلول/ سيبتمبر 2023، وزارها في الشهر نفسه وزير الحرب غالانت وحذر من كون البناء الفلسطيني فيها مخالفا لاتفاقية أوسلو).

التمزيق المستمرّ للوجود الفلسطيني، وجعله بلا أمل في حياة أفضل يملك فيها الفلسطيني تصورا واضحا عن حياته؛ لا يقتصر على التمدد الاستيطاني الذي يعدم مجاله الحيوي ويشلّ قدرته على الحركة، ولكنه يستند كذلك إلى تنظيم الحالة الاستيطانية في مليشيات مسلحة لها مرجعياتها الحزبية ومنطلقاتها الأيديولوجية ومدارسها الدينية، ومواردها الاقتصادية ونفوذها في الأمن والجيش والحكومة
هذا التمزيق المستمرّ للوجود الفلسطيني، وجعله بلا أمل في حياة أفضل يملك فيها الفلسطيني تصورا واضحا عن حياته؛ لا يقتصر على التمدد الاستيطاني الذي يعدم مجاله الحيوي ويشلّ قدرته على الحركة، ولكنه يستند كذلك إلى تنظيم الحالة الاستيطانية في مليشيات مسلحة لها مرجعياتها الحزبية ومنطلقاتها الأيديولوجية ومدارسها الدينية، ومواردها الاقتصادية ونفوذها في الأمن والجيش والحكومة، هذه المليشيات من أمثال "فتية التلال" و"تمرد" و"تدفيع الثمن" تتحول باطراد إلى صورة أخرى من عصابات "الهاغاناة" و"أريغون: إيتسل" و"ليحي"، وهو ما يتضح بهجمات الاستباحة لبلدات الفلسطينيين بالحرق والإتلاف والنهب والقتل.

ما لا يقلّ عن ذلك مفارقة، هو أن موافقة نتنياهو في "الكابينت" أخيرا على "شرعنة" خمس بؤر استيطانية كان مقابل أن يفرج سموتريتش (بوصفه وزير المالية) عن أموال السلطة التي تحتجزها "إسرائيل" (طبعا بعد أن تقتطع منها حصة غزة في ميزانية السلطة ومخصصات الأسرى والشهداء وعوائلهم، وديونها التي تزعم أنّها مستحقّة على السلطة، وما تزعمه كذلك من تعويضات مستحقة على السلطة؛ مثلا تعويضات عوائل القتلى الإسرائيليين الذين سقطوا في عمليات فلسطينية).

وهكذا يصبح راتب الفلسطيني مقابل التمدّد الاستيطاني؛ في حالة من التشوّه والشذوذ لم تخطر في كوابيس أكثر الفلسطينيين تشاؤما في أيّ يوم من الأيام.. والحاصل هذه هي "إسرائيل" وهذه هي الضفة الغربية، وهذا هو مآل مشروع التسوية وطريق السلام!

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • عدن على صفيح ساخن: قائد مكافحة الإرهاب ينفي التورط في الإفراج عن متهم الجعدني
  • إسرائيل تقوم بأكبر عملية مصادرة لأراضي الضفة الغربية منذ 30 عاما
  • خبراء أمميون يدينون 57 عامًا من غياب العدالة في الضفة الغربية المحتلة 
  • مستوطنون يرمون الحجارة على القوات الإسرائيلية في الضفة
  • مخاوف إسرائيلية متصاعدة من تطور قدرات المقاومة في الضفة الغربية
  • مباراة على "صفيح ساخن" بين تركيا والنمسا في "يورو 2024".. التشكيلة الأساسية والقنوات الناقلة
  • المقاومة في الضفة.. بين العبوات الناسفة وسلاح الحرائق
  • عن قرارات إسرائيل الأخيرة ودولة الاستيطان في الضفة الغربية.. من يتفاجأ؟!
  • NYT: المقاومة في الضفة الغربية تسعى إلى محاكاة حماس في غزة
  • شهيدان و4 جرحى برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية