رسالة غضب إلى الرئيس بايدن
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
رسالة غضب إلى الرئيس بايدن
الأسابيع القادمة ستكشف قدرتكم على تدمير حماس، لكن تأكدوا بأنكم تتحركون ضد العدالة وحقوق الإنسان.
حكومة إسرائيل ليست واثقة من النتائج، وكل الاحتمالات غير مؤكدة، في حين تستعد المقاومة لمعركة طويلة.
المرحلة السابقة استنفدت أغراضها. علينا انتظار ما ستسفر عنه خطة السيوف الحديدية مقابل مبادرة طوفان الأقصى.
في هذا المخاض الصعب، قررتم وضع كل بيضكم في سلة واحدة، واستدامة تفوق عسكري لإسرائيل ومساعدتها على تدمير حماس.
الأكيد أن المشهد غدا سيكون مختلفا، وأن المنطقة دخلت في منعطف تاريخي جديد، تختلط فيه المشاعر وتتصادم فيه الإرادات والأجندات.
رغم أن عدد ضحايا القصف العشوائي للغزيين الأبرياء تجاوز 7 آلاف شهيد، 40% منهم أطفال، لم تجرؤوا على مطالبة حليفكم الحميم نتنياهو بوقف إطلاق النار.
أصرت إدارتكم على ربط تمكين أهل غزة من الماء والغذاء والدواء والوقود باستسلام المقاتلين رغم أن القانون الدولي يعتبر حرمان المدنيين منها جريمة حرب.
تبنيتم كذبة قطع عناصر حماس لرؤوس الأطفال، وادعيتم رؤية الصور الدالة على ذلك، ورغم تراجع إدارتك عن الرواية السخيفة تمسكتم بتكرارها، وأصررتم أن إسرائيل ضحية والمقاومة معتدية.
* * *
السيد الرئيس، هذه رسالة من مواطن تونسي احترف الكتابة منذ أكثر من نصف قرن، وانخرط في حركة حقوق الإنسان، وتوفرت له الفرصة لزيارة بلادكم في أكثر من مناسبة، وكنت أدرك خلفيات الانحياز الأمريكي إلى الكيان الصهيوني، لكني مع ذلك تابعت بدهشة وغضب تصريحاتكم ومواقفكم منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى".
لقد تصرفتم بشكل مشين ومستفز. من شأنكم كرئيس للولايات المتحدة أن تتضامنوا مع الدولة العبرية، وقد سبق منذ فترة طويلة أن صرحتم بأنه لو لم تكن إسرائيل موجودة لوجب اختراعها، لكن احترموا عقولنا ولا تعتبر الآخرين بمن فيهم مواطنوك أغبياء لا يفقهون.
تبنيتم كذبة قطع عناصر حماس لرؤوس الأطفال، وادعيتم بأنكم رأيتم الصور الدالة على ذلك، ورغم تراجع إدارتك عن هذه الرواية الإسرائيلية السخيفة تمسكتم بتكرارها، كما واصلت القول بأن إسرائيل هي الضحية والمقاومة هي المعتدية.
وعندما قُصف مستشفى المعمداني، ادعيتم بأن الطرف الإسرائيلي بريء من هذه المجزرة، وأن مرتكبيها هم "الآخرون"، أي حماس، رغم أن الجميع يعلمون بمن فيهم صحفيون إسرائيليون بأن الجيش هو الذي ارتكب عن سبق إصرار هذه الجريمة البشعة.
ورغم أن الأغلبية الساحقة من شعوب الأرض تطالب بتمكين سكان غزة من الماء والطعام والدواء والبنزين، أصرت إدارتكم على ربط ذلك باستسلام المقاتلين، رغم أن القانون الدولي يعتبر حرمان المدنيين من هذه الحقوق الأساسية جريمة حرب.
ورغم أن عدد ضحايا القصف العشوائي للغزاويين الأبرياء تجاوز 7 آلاف شهيد، 40% منهم أطفال، لم تجرؤوا على مطالبة صديقكم الحميم نتنياهو بوقف إطلاق النار، وتمسكتم بالقول؛ إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها! ولم تعدلوا نسبيا موقفكم إلا بعد استفحال القتل في الأبرياء.
تأكد أيها الرئيس أن هذه العنجهية من شأنها أن تؤدي بدولة قوية مثل أمريكا إلى الضعف والعزلة، وأن تدفع بأغلب الشعوب نحو كراهية دولتكم، والتمرد على نظام دولي تتحكمون في كثير من مفاصله بإدارة تحمل كل هذا السوء، وتعادي قيم العدالة وحقوق الإنسان والقيم الدينية والإنسانية بهذه الطريقة.
وبما أن داخل أمريكا هناك عقلاء وأصحاب ضمائر حية، اضطر بعضهم إلى معارضة هذا المنهج العاطل والمخيف الذي اعتمدتموه.
فحالة الإحباط التي اتسعت رقعتها داخل وزارة خارجيتكم، بسبب إهمال "نصائح خبرائكم" وإصراركم على دعم العملية العسكرية الواسعة في غزة. ومن غير المستبعد أن تتوالى هذه الاستقالات لأن سياستكم تراجعت على "المستوى الأخلاقي" كما ورد في استقالة جوش بول بسبب قبول دعم بلاده للمجهود الحربي الإسرائيلي. وانتقل هذا التمرد إلى موظفي الكونغرس الذين طالبوا بوقف القصف في غزة.
تفاءل الكثيرون بفوزكم في الانتخابات الرئاسية الأخيرة؛ نظرا لكون منافسكم ترامب كان أشبه بالثور الإسباني في حالة هيجان قصوى، وعلق الكثيرون آمالا واسعة عليكم نظرا للشعارات التي رفعتموها من أجل دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم، خاصة في المنطقة العربية.
لكن مع هذا الاختبار القاسي، تجدون نفسكم وجها لوجه أمام الأمم المتحدة ومختلف منظمات حقوق الإنسان الدولية، وقد تصبح الشخصية المنبوذة أكثر في العالم إلى جانب مجرم حرب نتنياهو.
لا تنس كونكم أعطيتم الأوامر لإجهاض مشروع قرار كان سيصدر عن مجلس الأمن، يسمح بهدنة إنسانية مؤقتة لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة!
يمكن أن يتجاهل الرئيس الأمريكي كل هذه الأطراف المناهضة لسياسته، لكن في المقابل كيف يفسرون موقف عشرات الآلاف من اليهود الأمريكيين بمن فيهم أعضاء من المجلس القومي اليهودي الذين نزلوا إلى الشوارع، ونددوا بما يجري في غزة بكل شجاعة، خاصة عندما اندفع المئات منهم واقتحموا مبنى الكونغرس واعتصموا فيه؛ محاولة منهم للضغط عليكم من أجل إيقاف المجزرة؟
قد يكون ما قمتم به جزءا من التكتيك الانتخابي بنية الحصول على دعم اللوبي اليهودي الراديكالي، ووقوف الحركة الصهيونية إلى جانبكم في السباق المحموم من أجل ضمان دورة ثانية، لكن الانقسام أصبح واضحا داخل الرأي العام الأمريكي، حيث بيّنت استطلاعات الرأي تراجع شعبيتكم، وأن أغلبية الأمريكيين ليست مع الحرب، وليست مع منح إسرائيل مزيدا من الدعم.
الأحداث الجارية أكبر بكثير من الحسابات الانتخابية الأمريكية. هناك سعي من طرفي النزاع لإعادة تشكيل معادلات جديدة. نتنياهو وحلفاؤه وفي مقدمتهم البيت الأبيض، يحلمون بشرق أوسط جديد خال من فلسطين.
في المقابل المقاومة تعمل على كسر هذا الطوق الحديدي المضروب حول الفلسطينيين. قد تؤدي هذه الحرب إلى إعادة تشكيل خارطة مختلفة، تسمح بتحالفات أخرى ورهانات أكبر.
المرحلة السابقة استنفدت أغراضها. علينا انتظار ما ستسفر عنه خطة السيوف الحديدية مقابل مبادرة غضب الأقصى، فالحكومة الإسرائيلية ليست واثقة من النتائج، وكل الاحتمالات غير مؤكدة، في حين تستعد المقاومة لمعركة طويلة.
الأكيد أن المشهد غدا سيكون مختلفا، وأن المنطقة دخلت في منعطف تاريخي جديد، تختلط فيه المشاعر وتتصادم فيه الإرادات والأجندات. الأكيد أيضا أن إسرائيل لم تعد تتحكم وحدها في الأحداث وفي الميدان، رغم قدرتها العالية على الانتقام.
أما ما يسمى السلطة الوطنية الفلسطينية، فقد أصبحت جزءا من الماضي. في هذا المخاض الجديد والصعب، قررتم أيها الرئيس وضع كل بيضكم في سلة واحدة، والحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل من خلال مساعدتها على تدمير حماس. الأسابيع القادمة ستكشف مدى قدرتكم على إنجاز ذلك، لكن تأكدوا بأنكم تتحركون مرة أخرى ضد العدالة وحقوق الإنسان.
*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل أمريكا فلسطين المجزرة غزة بايدن وقف إطلاق النار وحقوق الإنسان رغم أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية ينقل رسالة من الرئيس السيسي إلى نظيره الكونغولى
خلال زيارة د. بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة إلى جمهورية الكونجو الديمقراطية، نقل الوزير عبد العاطي رسالة من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي إلى شقيقه فيليكس تشيسيكيدي رئيس جمهورية الكونجو الديمقراطية خلال تواصل تم صباح اليوم الجمعة ٢٢ نوفمبر، حيث تضمنت الرسالة تقدير الرئيس السيسي وجمهورية مصر العربية للعلاقات الثنائية الوطيدة مع الكونجو الديمقراطية الشقيقة واعتزازنا بالعلاقة التاريخية الممتدة بين البلدين والقيادتين، وتوجيه الدعوة لسيادته لزيارة القاهرة في المستقبل القريب.
كما نقل وزير الخارجية توجيهات الرئيس بتطلعنا لنقل العلاقات الثنائية إلى آفاق ارحب بما يسهم في مزيد من تعميق العلاقات المتميزة وتحقيق المصالح السياسية والاقتصادية والتجارية والمائية المشتركة للبلدين الشقيقين.
كما أحاط الوزير عبد العاطي الرئيس الكونجولي بمضمون مباحثاته مع وزيرة خارجية الكونجو الديمقراطية وما تم خلالها من التوقيع على عدد من الاتفاقيات، فضلاً عن الترتيب لعقد اللجنة المشتركة في أقرب وقت ممكن وإنشاء مجلس أعمال مشترك ودعم مصر الكامل لكافة المشروعات التنموية الجارية في الكونجو الديمقراطية، بما في ذلك في قطاعات الطاقة والزراعة والري والنقل والبنية التحتية والأدوية.
من جانبه، أعرب رئيس جمهورية الكونجو الديمقراطية عن اعتزازه العميق بالعلاقات الثنائية التاريخية مع مصر وبالعلاقة الأخوية التي تربطه بالرئيس السيسي، وقد رحب بتلبية الدعوة لزيارة مصر فى اقرب فرصة، مؤكدا ان مصر دولة شقيقة وأنه حريص كل الحرص على دفع وتطوير العلاقات الثنائية فى كافة المجالات بما فى ذلك مجالات التجارة والاستثمار والتنمية، وثمن فخامته الدعم الكامل الذي تقدمه مصر للكونجو الديمقراطية في عملية التنمية.