ترأس المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس السنوي، لراحة نفس داني شمعون وعائلته و"شهداء نمور الأحرار"، بدعوة من أمانة الإعلام في حزب الوطنيين الاحرار، في حضور رئيس الحزب النائب كميل شمعون، والنواب رازي الحاج، مروان حمادة، فريد البستاني، بيار ابو عاصي ونزيه متى، المونسنيور بيار ابي صالح ممثلا رئيس ابرشية بيروت المارونية المطران بولس عبدالساتر وشخصيات حزبية وسياسية ومناصرين في كنيسة السيدة - الحدت.

بعد الانجيل المقدس ألقى مطر عظة قال فيها: "إن صاحب الغبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يشارك اليوم برئاسة قداسة البابا فرنسيس في مجمع كنسي مقدس يعقد في روما ويدوم انعقاده شهرا كاملا قد أولاني شرف تمثيله في هذا القداس الذي نقيمه على نية شهيد لبنان والإنسانية المرحوم داني شمعون وزوجته انغرد وولديه طارق وجوليان في الذكرى الثالثة والثلاثين لتقدمتهم قربانا على مذبح وطننا الحبيب لبنان وقد كلفني غبطته أن أنقل إلى العائلة العزيزة وإلى الحزب الذي كان فقيدنا الغالي رئيسا له وإلى الرفاق والأصدقاء وإليكم جميعا عواطفه الأبوية وتعزياته القلبية وبركته الرسولية في هذه المناسبة الجلل التي تزيد كلا منا تعلقا بشهدائنا الأبرار ومحبة للوطن الذي أهرقوا دماءهم فداء عنه على الرجاء بأن تصبح الحياة لأجياله المقبلة أفضل وأحلى".

وتابع: "وإذا تبصرنا بالعمق في معنى الشهادة نرى مفاهيمها الأولى تنبع من الكتاب المقدس ومن جوهر الإيمان الذي يعيش في صدورنا ف لله الذي طلب في سفر التكوين من إبراهيم أبي الإيمان أن يضحي بابنه إسحاق بعد وعده بأن يصيره أبا لكثيرين كافأه على قبوله بهذه التضحية الكبرى فأمره بأن يقدم له كبشا أعطي إياه ليكون فداء عن الصبي ليخلص. أما الرب يسوع له المجد فكان هو الحمل الإلهي الذي قدم نفسه على الصليب قربانا عن الإنسانية كلها وصار هو الفادي العظيم الذي غسل بدمه خطايا العالم يعني مانحا إياه فرصة جديدة للعودة إلى الخالق وإلى العمل في بنيان ملكوته كي تتحول الأرض فيه إلى سماء ويشع فيه الحب والعدل والأخوة التي ستجمع الشعوب بأجمعها إلى واحد. فمن من هذا المنطلق الروحي السامي ندرك أن الشهادة هي عمل فداء يقوم به إنسان أو جماعة من أجل مصير أفضل لأحباب يبقون على قيد الحياة ويكملون المسيرة".

أضاف: "الشهادة إذا هي مشروع إنقاذ يقوم به الشهداء ويكمل على أيدي الباقين الأحياء وصولا إلى الغاية المنشودة فالشهداء لا يموتون لنحيا وحسب بل لنكمل الرسالة التي سطروها بدمائهم ونكسب برهان الحياة لأجلنا ولأجلهم على السواء هكذا وبكل محبة وصدق وفي ضوء شهادة ناصعة من قبل الشهيد داني وعائلته العزيزة حري بنا أن نسأل عن رسالتنا في لبنان ومن أجله بعد مرور ما يقارب ال50 عاما على بداية هذه الحرب التي اشتعلت سنة 1975 ولم تعرف بعد نهاية واقعية لها. لقد سقط لنا آلاف من اللبنانيين الشهداء من كل منطقة ومن كل جانب وقد رووا جميعهم تراب الوطن بتضحيتهم. وكان أملنا كبيرا وسيبقى بأن وحدة الدم الذي سفكوه من أجلنا ستضعنا على طريق وحدة الحياة التي من أجلها كانت كل هذه التضحيات. لكننا وبكل أسف نعترف أن بلادنا اليوم لم تنقذ بعد بل هي تراجعت إلى الوراء أكثر من أي وقت مضى في وحدتها العميقة وفي انتظام دولتها وفي اقتصادها وفي حملها مسؤولية الشعب الحائر بأمره  والذي يرى أبناءه يرحلون دون أمل كبير بالعودة إلى بلادهم من جديد. أفليس في الأمر ما يشبه الاستهتار بدم شهدائنا الأبطال وبآمال شعبنا الذي أدمته جراح الحياة وغصات الموت؟. لقد أعطى شهدائنا للوطن كل شيء حتى الرمق الأخير فهل كثير علينا أن نقدم باسمهم للوطن فرصة للعيش فيه كشعب واحد ترضى مكوناته ببعض التنازلات بغية خلق التوافق في الأعماق والانطلاق في عملية البناء من جديد؟"

وأردف: "إن عدم المقدرة على انتخاب رئيس للجمهورية على الرغم من مرور أكثر من سنة على بداية الاستحقاق لهذا العمل الوطني الأساس لهي علامة على الأزمة الوجودية التي نعيش والتي يجب أن نتخطاها بقوة مستمدة من عطاءات شهدائنا ونصاعة تضحياتهم وان نكسب بذلك الرهان من أجل لبنان. نحن في هذه الأيام العصيبة لنا وللمنطقة العربية بأسرها نكبر تضحيات الشعب الفلسطيني الذي صبر ثلاثة ارباع القرن من الزمن على محاولة محوه كشعب وتحمل الاحتلال الغاصب الذي لم يظهر رحمة ولا اعترف بحق فإذا بهذا الشعب ينتفض مرة تلو المرة فيما المحتل لا يتصرف إلا بالقوة والقهر. لكن التاريخ يعلم أن أحدا لا يستطيع أن يفرض سلام العبيد على أحد دون أن ينقلب التاريخ على الواهمين بصنعه بالغضب والبغضاء ويفتح صفحاته البيض لمن اختار الإنسانية المتآخية والمتصالحة وما نصبو إليه جميعا باسم حق الشعوب بتأمين مصيرها هو أن تجلس فلسطين إلى طاولة المفاوضات في العالم ويعود إليها اختيارها والاعتراف بها وبحقوق شعبها".

أضاف: "يبقى همنا الأول لبنان وهو مسؤوليتنا الأولى ودون أي سوانا فنقول بشأنه في هذه الظروف وفي كل الظروف: أن لبنان الرسالة يمثل بكل فخر واعتزاز حضارة العرب وحضورهم في الدنيا ومن المعيب أن يسخى به مجانا وهو بعيشه المشترك ومواطنية بنيه كما يرسمها لهم دستورهم يشكل الرافعة التاريخية لصياغة مستقبل للإنسانية مبني على احترام الآخر والمساواة معه والاعتراف بحقوقه فردا كان أم جماعة. وإن كنا نميز في هذا المجال بين أهداف لبنان وغاياته الكبرى وما حقق له أبناءه حتى الزمن الراهن فإننا نبقى مصممين على الا نضيع لا هوية الوطن ولا بوصلة دربه إلى المراقي المنشودة رغم الصعوبات والنكسات على أنواعها".

وتابع: "هنا يكمن دور الشهداء في تحريك ضمائرنا ومحاسبة نفوسنا على أخطاء وقعنا فيها وخطايا ارتكبناها بحق لبنان ومثله العليا. ففي هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة وفي وسط تهديدات برسم خوارط جديدة لها وأمام تخوف من ضياع مصالح الضعفاء أمام جنون أقوياء العالم غير المنصاعين إلى الحق يجدر بنا وكرمى لشهدائنا وصونا لبلادنا وتأمين مستقبلها أن نتوحد في الرؤية وفي رص الصفوف وان يتشاور حكماؤنا بعضهم مع بعض من أجل إنقاذ لبنان فلبنان يجب الا يموت ولن يموت. لذا ندعو من كل قلوبنا لأن نتوقف جميعا عن التمسك بمصالحنا الخاصة وأن نغلب عليها حتما مصلحة لبنان ولننتخب رئيسا للجمهورية اليوم قبل غد ونؤلف حكومة كاملة الأوصاف ونرسم لذاتنا خطة التعافي وعند ذاك نعود إلى لعب الدور الذي يليق بنا في المنطقة وسواها ولنوقن بأن الوطن هو ضامننا الأوحد وهو فخرنا وشرفنا في الجغرافيا كما في التاريخ. وما من شك في أن الشهيد داني لو تسنى له أن يحاكينا اليوم لكان يقول لنا ما نقوله ولكان أوصانا بتخطي خلافاتنا وبأن نسير يدا بيد على طريق خلاص الوطن وطريق إسهامه في سلامة المنطقة بأسرها وفي تقدمها في كل مجال".

وختم مطر: "رحم الله شهيدنا الغالي الذي نصلي معكم اليوم لأجله ورحم زوجته وولديه وجميع شهدائنا الذين سقطوا من أجل لبنان كما نسأل الرحمة لشهداء فلسطين الجريحة والصامدة وبخاصة لشهداء الإنسانية في المستشفى المعمداني في غزة ونسأل لجميع القادة في هذا العالم الفسيح تركا للضلال واتباعا للهدى فينبذوا العنف والحقد في التعاطي ويعودوا إلى خدمة الإنسان والإنسانية ويكسبوا رضى الله ومحبة الشعوب. وليغدق الله عليكم جميعا أيها الإخوة الأحباء فيضا من نعمه وبركاته".

ثم ألقى شمعون كلمة قال فيها: "في الذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاد القائد داني شمعون وعائلته، نترحم على دمائهم وعلى شهداء نمور الأحرار وجميع شهداء الحرية. داني كان يمثل لي أكثر من عم وكانت لي معه ذكريات عائلية. كان مثالا للشجاعة والمواطنة والعنفوان. كان يمشي امام شباب الأحرار بأشرس المعارك ضد الاحتلال ولم يخف يوما من الموت. نحن اليوم وللأسف في موقع شبيه بالعام 75 عندما لم يكن للدولة قرار حازم ما سمح للفصائل التخريبية ان تهيمن بسلاحها على الأرض، وانقسم الرأي العام اللبناني".

أضاف: "نحن لن نسمح اليوم بأن نعيد التاريخ نفسه، خاصة بظل الظروف الاقتصادية الصعبة والانهيار التام الذي يعيشه الشعب اللبناني. نحن نرفض كل التجاوزات الاستفزازية التي يقوم بها فريق ياتمر بالخارج على الحدود الجنوبية، بما يعنيه من تغييب للجيش اللبناني والقوات الدولية وعدم احترام للسيادة اللبنانية. نقول للجميع إن القضية اللبنانية هي أهم من كل القضايا ونحذر من جر لبنان مرة أخرى للدمار وزجه بحروب الآخرين، وأي رأي آخر سيؤدي إلى تقسيم لبنان والمنطقة".

وختم: "نحن كحزب وطنيين أحرار نكرر اليوم مطالبتنا بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية كخطوة لا بد منها للمحافظة على الهوية والكيان".

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

علامة زار مع وفد لجنة الشؤون الخارجية الناقورة : لبنان لا يريد الحرب

 زارت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب برئاسة النائب فادي علامة، المقر العام لقيادة "اليونيفيل" في الناقورة، وكان في إستقباله القائد العام لـ"اليونيفيل" الجنرال أرلدو لاثارو والضباط الكبار الذي رحب بالوفد، وعقد معه لقاء مغلقا عرض لدور ومهام "اليونيفيل" في هذه الظروف، على أبواب التجديد لليونيفيل سنة جديدة. 

ووصل الوفد النيابي، على وقع إطلاق صفارات الانذار التي دوت في المقر الدولي بعد سماع دوي انفجارات وقصف معاد إسرائيلي عند الحدود مع فلسطين المحتلة.
 
وفي كلمة له، قال النائب علامة "ان لبنان لا يريد الحرب، يريد تنفيذ القرارات الدولية، وان زيارتنا اليوم كلجنة للشؤون الخارجية والمغتربين في مجلس النواب ليست الاولى الى الجنوب اللبناني للاجتماع بكم، ولكنها تأتي اليوم بالتزامن مع استمرارالاعتداءات الاسرائيلية على لبنان من جهة، ومن جهة أخرى مع استحقاق موعد التجديد لقوات ال UNIFIL للاستمرار بأداء مهمتها الانسانية العابرة للدول".

وأضاف علامة: "ويحضر موعد التجديد لقوة حفظ السلام بعد تصاعد الاعمال العدوانية الاسرائيلية والخرق المتواصل للقرار 1701 خلال السنوات الماضية من خلال آلاف الطلعات الجوية والخروق البرية والجوية والبحرية وخطف المزارعين اللبنانيين وغيرها الكثير من الاعتداءات التي احصتها التقارير الصادرة عن الامم المتحدة، لينتقل للخروق المتفجرة من خلال الاعتداءات اليومية على العديد من المناطق لا بل أكثر حتى انه وفي تلك الاعتداءات التي هي أشبه بحرب، فإن العدو الاسرائيلي لم يلتزم بالقانون الدولي الانساني. وثبت مسلسل اعتداءاته على مدنيين ومسعفين واعلاميين كذلك استعمل القنابل الفوسفورية الحارقة والمحرمة ولا بد انكم تلحظون ذلك بشكل يومي حيث لم توفر اسرائيل استهداف البشر والبنى التحتية فضلا عن تدميرها البيوت والمؤسسات الاقتصادية والتجارية". 
 
أضاف :"من هنا، لا بد ان نؤكد موقف لبنان المتعاون معكم بشكل مطلق وواضح لتطبيق القرار الدولي 1701 والذي يشكل طريقا ومدخلا للتهدئة ووقف الحرب على غزة".
 
اما المتحدثة باسم "اليونيفيل" كانديس ارديل، فقالت : "الزيارة مهمة، لأنها تظهر أهمية العمل الذي تقوم به "اليونيفيل" تجاه الحكومة اللبنانية. وقد طلبت الحكومة مؤخرا من مجلس الأمن تجديد ولايتنا لمدة عام آخر. وهذا يبين الأهمية التي نقوم بها لتحقيق المنفعة التي تجلبها قوة حفظ السلام للمجتمعات المحلية في جنوب لبنان والأمن والاستقرار الذي تجلبه قوات حفظ السلام. وقد أبلغنا الطرفان، السلطات اللبنانية والإسرائيلية، أن القرار 1701 هو الإطار المناسب للتحرك نحو حل سياسي وديبلوماسي دائم. وعليه فإن هذه الزيارة هي جزء من دعم القرار 1701". 
 
واضافت كانديس:"الوضع في الجنوب اليوم متوتر وقد تكرر هذا الأمر كثيرا منذ الثامن من تشرين الأول. لقد شهدنا فترات من التوتر الشديد. تكون بعض الأيام أكثر هدوءا ولكننا نشهد اليوم بعض التبادلات العنيفة لتبادل إطلاق النار. ونحن نواصل العمل من خلال آليات الإرتباط والتنسيق لدينا، ونتحدث إلى السلطات على جانبي الخط الأزرق لحثها على العودة إلى وقف الأعمال العدائية، وحث جميع الأطراف الفاعلة على إلقاء أسلحتها حتى نتمكن من المضي قدما من خلال القرار 1701، من خلال إطار وقف الأعمال العدائية نحو حل سياسي وديبلوماسي يعيد الاستقرار على المدى الطويل إلى جنوب لبنان".

مقالات مشابهة

  • نصيحة للراعي بتحضير للقاء جامع في ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير
  • أجواء إيمانية مفعمة بالطمأنينة بتوجيهات القيادة الرشيدة.. المسجد النبوي الشريف.. منظومة متكاملة لراحة ضيوف الرحمن
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يشهد يوم المكتب الوطني للمنشآت الرسولية البابوية بالقاهرة للمرحلة الإعدادية
  • المطران جورج خضر المعلم الكثير النقاء
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس المناولة الاحتفالية بالفجالة
  • الابيض في مؤتمر اتحاد الأطباء في طرابلس: الاستقرار والتقدم مستحيلان من دون عدالة
  • انتظروا الفاتيكان بعد احتفالية تطويب البطريرك الدويهي
  • تمسّك سياسيّ بالبطريرك الراعي بعد حملات تطالبه بالاستقالة
  • علامة زار مع وفد لجنة الشؤون الخارجية الناقورة : لبنان لا يريد الحرب
  • عز الدين: العدوّ أعجز من أن يقوم بهجومٍ بريٍّ على لبنان