شكلت قمة الرياض بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول رابطة الآسيان، التي عقدت الأسبوع الماضي، مؤشراً جديداً إلى سياسة "التوجه شرقاً" التي تتبناها دول الخليج العربية ضمن إطار إستراتيجيتها الرامية إلى تنويع الشركاء الدوليين، والانفتاح على مختلف القوى الإقليمية والعالمية الفاعلة.
رابطة دول الآسيان تمثل إحدى هذه القوى الصاعدة في خريطة النظام العالمي الجديد
لا سيما أن رابطة "دول الآسيان" تمثل إحدى هذه القوى الصاعدة في خريطة النظام العالمي الجديد، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا التكتل الذي يضم عشر دول تقع في جنوب شرقي آسيا، (إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلند وبروناي وفيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا)، نحو 3 تريليونات دولار في سنة 2020، ما يجعلها ثالث أكبر اقتصاد في آسيا وخامس أكبر اقتصاد في العالم.
ويبلغ عدد سكان هذا التكتل نحو 700 مليون نسمة، أي ما يعادل 8.8 % من سكان العالم. ولا تقل دول مجلس التعاون الخليجي أهمية عن هذا التكتل، إذ تمثل هذه الدول اللاعب الأبرز في أسواق الطاقة العالمية، كما أنها تتمتع بناتج محلي إجمالي تجاوز تريليوني دولار في سنة 2022، وفقاً لتقديرات البنك الدولي الذي توقع أن يصل هذا الناتج إلى 6 تريليونات دولار بحلول سنة 2050، ويعني هذا أن تعزيز التعاون بين هذين التكتلين سيصب حتماً في خدمة مصالح الطرفين وتعزيز قوتيهما الاقتصاديتين في الساحة الدولية.
ومن شأن مخرجات هذه القمة أن تدفع بمسيرة التعاون المشترك بين دول الخليج ورابطة دول الآسيان خطوات أبعد إلى الأمام مقارنة بمستوى التعاون الحالي، إذ بلغ حجم التجارة بين دول الخليج وآسيان 8 % من مجمل تجارة دول مجلس التعاون عالمياً، بقيمة وصلت إلى 137 مليار دولار، بحسب ما جاء في كلمة ولي العهد السعودي في ترؤسه القمة.
والذي أوضح أيضاً أن صادرات دول مجلس التعاون إلى دول آسيان تشكل 9 % من مجمل الصادرات، وأن حجم الواردات من دول آسيان يبلغ ما نسبته 6 % من مجمل واردات دول مجلس التعاون، وأن مجمل استثمارات دول مجلس التعاون وصل في العشرين عاماً الماضية إلى 75 مليار دولار، وعلى الرغم من أهمية هذه الأرقام، فإنها تظل أقل مما هو مأمول في ضوء الإمكانات الكبيرة للطرفين.
ومن هنا جاء تأكيد البيان الصادر عن قمة الرياض تعزيز تدفقات التجارة والاستثمار بين الطرفين، واستكشاف سبل التعاون بينهما فيما يتعلق بأولويات الشراكة الاقتصادية الرئيسة، مع التركيز على القطاعات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات وشبكات المدن الذكية ونقل التقنية والابتكار ومصادر الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة وغيرها من المجالات التي تفتح الآفاق لمستقبل تعاوني واعد بين الجانبين.
ولم يقتصر الأمر على الجوانب الاقتصادية، بل أبرز البيان الختامي للقمة توافقاً ملحوظاً بين الجانبين تجاه القضايا الإقليمية والعالمية المختلفة، ولا سيما الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، والفعاليات الكبرى التي ستشدها المنطقة الخليجية، وفي مقدمتها مؤتمر الأطراف "كوب 28" الذي سيعقد في دبي أواخر الشهر المقبل، فجاء تأكيد البيان الختامي واضحاً في الدعوة إلى المشاركة الفعالة في المؤتمر ودعم دولة الإمارات في مساعيها للخروج بنتائج طموحة تسهم في حماية الكوكب من التغير المناخي.
إن انعقاد المؤتمر بين هذين التكتلين المهمين إقليمياً وعالمياً والنتائج التي أفرزها يجسدان بوضوح الحرص الخليجي على مواصلة سياسة الانفتاح وبناء العلاقات المتوازنة مع مختلف التكتلات الدولية بما يخدم في النهاية مصالح دول الخليج وطموحاتها التنموية الكبيرة لمستقبل شعوبها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الخليج العربي آسيا آسيان دول مجلس التعاون دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
الحكومة: 100 مليون دولار حجم محفظة الوكالة الكورية للتعاون الدولي في مصر
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا، صباح اليوم، مع تشانج وون سام، رئيس وكالة التعاون الدولي الكورية (كويكا)، والوفد المرافق له، بحضور الدكتور رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وكيم يونج هيون، سفير جمهورية كوريا لدى مصر.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع بالترحيب تشانج وون سام، رئيس وكالة التعاون الدولي الكورية (كويكا) في زيارته لمصر، مُعربًا عن تقديره لهذه الزيارة، حيث يُعد تشانج هو أول رئيس لوكالة التعاون الدولي الكورية يزور مصر منذ عام 2009، ما يعكس الرغبة في تعزيز العلاقات الثنائية على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
التعاون بين البلدينوأكد الدكتور مصطفى مدبولي مكانة جمهورية كوريا كواحدة من شركاء مصر المُتميزين في آسيا، مُشيرًا إلى أن التعاون بين البلدين يُعد مثالًا مُتفردًا للشراكات المثمرة من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الرائدة في مصر، بما يتماشى مع مستهدفات الدولة المصرية الإنمائية لتحقيق التنمية المستدامة.
اختيار مصر كواحدة من الشركاء الخمسةوأعرب رئيس الوزراء عن تقديره لاختيار مصر كواحدة من الشركاء الخمسة ذوي الأولوية في برنامج المساعدات الإنمائية الرسمية لجمهورية كوريا، ما يُعزز أهمية تعاوننا الثنائي ويعكس التزامنا المُشترك بالتنمية المستدامة.
وهنأ الدكتور مصطفى مدبولي الحكومة الكورية على نجاح القمة الكورية الأفريقية 2024، مُعربًا عن اهتمام مصر القوي بمزيد من التعاون مع جمهورية كوريا في كافة المجالات التنموية ذات الأولوية لمصر والدول الأفريقية، ومؤكدًا أن الشراكة بين مصر وكوريا تشكل نموذجًا للتعاون التنموي، ما يعزز قدرتنا على مواجهة التحديات المشتركة.
مشروع تعزيز القدرات التعليميةوفي غضون ذلك، أشاد رئيس الوزراء بتوقيع المرحلة الثانية من مشروع تعزيز القدرات التعليمية وربط الجامعة بالصناعة بجامعة بني سويف التكنولوجية، بقيمة 8 ملايين دولار، موضحًا أن هذه المرحلة من المشروع تستهدف دمج المناهج المبتكرة والمخصصة للصناعة في مجالات مثل الميكاترونيك وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسيارات الكهربائية وتكنولوجيا السكك الحديدية.
وسلّط الضوء على محفظة الوكالة الكورية للتعاون الدولي في مصر، والتي بلغت حوالي 100 مليون دولار أمريكي، لدعم مشروعات التنمية بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.
برامج التعاون تشمل التعليم التكنولوجيوأضاف مدبولي أن برامج التعاون تشمل التعليم التكنولوجي، وتوظيف الشباب، والتحول الرقمي، والمساواة بين الجنسين، وغيرها، مشيدا بمساهمات الوكالة الكورية للتعاون الدولي القيّمة في دعم جهود الحكومة المصرية في مجال بناء القدرات للكوادر الحكومية من خلال برنامج تحسين القدرات (CIAT)، حيث استفاد العديد من المسئولين من هذه البرامج التدريبية، مما عزز بشكل كبير قدرات مصر في مجال الحوكمة والإدارة، مُعربًا عن تطلعه إلى مواصلة التعاون المشترك المثمر في مجال تبادل المعرفة وبناء القدرات.
وأعرب رئيس الوزراء عن تطلعه إلى مزيد من التعاون مع الوكالة الكورية عبر زيادة عدد المشروعات التنموية المشتركة، بما يتماشى مع أولويات التنمية الشاملة في مصر.
بدوره، أعرب تشانج وون سام، رئيس وكالة التعاون الدولي الكورية (كويكا)، عن تقديره لحسن استقباله والوفد المرافق له في مصر، في أول زيارة له كرئيس للوكالة الكورية منذ تأسيس مكتبها في القاهرة عام 2009.
وأشار رئيس وكالة التعاون الدولي الكورية إلى أن زيارته إلى مصر حاليًا تأتي لتقييم المشروعات التي تتعاون فيها الوكالة مع الجانب المصري، وإجراء مشاورات مع المسئولين المصريين بشأن تعزيز التعاون في عدد من مجالات التعاون المهمة.
وأشاد تشانج وون سام بالتجربة التنموية المصرية، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية استطاعت أن تتجاوز التحديات الاقتصادية التي واجهتها على مدار الأعوام الماضية، وهي إلى جانب ذلك تلعب دورًا مهمًا في محيطها الإقليمي والقاري.
وفي غضون ذلك، أشار رئيس وكالة التعاون الدولي الكورية إلى أنه في إطار المساهمات التي تقدمها الوكالة لبرامج التنمية في آسيا، اعتمدت مخصصات لبرامج التنمية في القارة الأفريقية، وتتطلع إلى أن تكون مصر أحد داعميها في تحقيق رؤيتها التنموية في القارة السمراء.
وفي غضون ذلك، استعرض برامج ومشروعات التعاون التي تنفذها وكالة التعاون الدولي الكورية في مصر، مؤكدًا أن مصر تُعد شريكًا محوريا للوكالة، حيث بلغت قيمة الدعم المقدم من جانب الوكالة لمصر حتى عام 2023 نحو 90 مليون دولار، فيما تعمل الكويكا على تنفيذ 6 مشروعات جديدة ضمن خطة مشروعاتها في مصر لعام 2024، في مجالات التمكين الاقتصادي، وبناء القدرات وتبادل المعرفة والمناخ والاستدامة.
مشروعات التعاون المشتركةوخلال الاجتماع، أشادت الدكتورة رانيا المشاط بالدور المهم للوكالة الكورية للتعاون الدولي، معربة عن تطلعها للموافقة النهائية على عدد من مشروعات التعاون المشتركة لعام 2025.
وأعربت الوزيرة عن تطلعها لاستكشاف آفاق جديدة للتعاون في مجال الطاقة الخضراء والتكنولوجيا المتقدمة وإصلاح التعليم وتطوير البنية التحتية الذكية، مضيفة: نأمل أن نعمل معًا بشكل وثيق لإنشاء خارطة طريق للتعاون طويل الأجل بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 ويُحقق الاستفادة المنشودة من خبرة كوريا في التحول الرقمي والابتكار.
كما أشارت إلى إمكانية زيادة مشاركة القطاع الخاص الكوري في مصر، بهدف تنفيذ المشروعات في سياق الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز التعاون الأفريقي على نطاق أوسع.