إسهامات مُضيئة للمرأة العُمانية في الحياة السياسية.. وعضوية النساء في "الشورى" تصقل الممارسة البرلمانية
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
مسقط- العُمانية
اتسعت مشاركة المرأة العُمانية في الحياة السياسية، وتمثل مشاركتها في انتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة نقطة محورية، وسيكون لها نتائج مستقبلية في ظل تحقيقها لإنجازات عدة بمشاركة أخيها الرجل من أجل تنمية هذا الوطن ومواكبة الرؤى والتوجهات الداعمة للنهوض بالمرأة في سلطنة عُمان.
وبلغ عدد المترشحين لانتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة العاشرة 738 مرشحًا بينهم 31 امرأة، كما بلغ عدد الناخبين (753690) ناخبًا بينهم (362844) ناخبة، وبلغت نسبة تسجيل قيد الناخبين الجدد عبر تطبيق "انتخاب" (91) بالمائة مقارنة بنسبة (9) بالمائة في الموقع الإلكتروني للانتخاب، وجاءت محافظة شمال الشرقية الأعلى في طلبات نقل القيد، حيث بلغ عددهم 3512 طلبًا، فكانت ولاية سناو هي الولاية الأعلى في نقل القيد، وجاءت الفئة العمرية (31-40 سنة) الأعلى قيدًا في السجل الانتخابي، حيث بلغ عددهم (179487) ناخبًا وناخبة.
وقالت الشيخة تميمة بنت محمد المحروقية، مستشارة الرئيس للشؤون الإدارية بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: "جميعنا يعلم بأهمية المرأة فهي النصف الثاني من المجتمع، والنواة التي يتأسس منها في مكوناته وقيمه وعاداته، وقد كفل لها النظام الأساسي للدولة كامل حقوقها في إيصال رسالتها وصوتها عبر مختلف القنوات والوسائل المدنية الذي صرح بها المشرع، وتعد مشاركة المرأة العُمانية في مجلس الشورى دليلًا قاطعًا بأهمية دورها في دخول مغامرة التنافس مع شقيقها الرجل بكل كفاءة واقتدار لما تتمتع به من تعليم وثقافة كبيرة ووصولها لمناصب عليا في الدولة والوعي والإدراك التام للمرأة العُمانية في طرح قضاياها المعاصرة وبكل شفافية".
وأضافت: "لا يختلف اثنان على أنَّ هناك قضايا تخص المرأة بشكل عام والمرأة العُمانية بشكل خاص، وكما يعلم الجميع بأنَّ المرأة العُمانية أخذت نصيبًا وافرًا من التنمية والرعاية والاهتمام على مستوى متخذي القرار، حيث كانت شريكة فاعلة في اتخاذ القرار الخاص بقضاياها، ويأتي قانون الطفل الخاص بحضانة الطفل ورعايته من أبرز القوانين التي صدرت عام 2014، وما زال يجرى عليه بعض التعديلات والمناقشات التي ترى فيه المرأة العُمانية مساحة تمكِّنها من التعديل والمطالبات". وبينت أنَّ المرأة العُمانية حظيت بالتعليم والتدريب والتأهيل والرعاية الصحية الأولية ما قبل الولادة، حيث أصبحت متمكنة في كل ميادين الحياة، وتعمل بتكاملية مع الرجل حتى في الأعمال الشاقة، ويرجع ذلك إلى قدرتها في العمل بكل احترافية من خلال تمكينها وتعليمها وتدريبها اللامحدود.
وأوضحت أنَّ طموح المرأة العُمانية في مجلس الشورى يكمن في الوعي التام والمتناهي بأهمية دورها وأن تحظى بأولوية في جميع المجالات العلمية والعملية، وأن تمكن التمكين الصحيح والفعال الذي ينعكس إيجابًا على المجتمع، ولا بد من تحفيز المرأة على المشاركة بشكل أوسع في العملية الانتخابية لإبراز التكاملية والتنافسية من حيث المشاركة البرلمانية، وأن تكون شريكة حقيقية في التنمية المجتمعية سواءً كانت ناخبة أو منتخبة، لا سيما أنَّها صاحبة الدور الكبير في دفع عجلة التنمية المستدامة.
من جانبها، أكَّدت الدكتورة فوزية بنت سيف الفهدية باحثة في الأدب العربي ونقده دكتوراة الفلسفة في اللغة العربية وآدابها أنَّ ترشح المرأة العُمانية في مجلس الشورى ما هو إلا ممارسة لحقّها الدستوري الذي كفله لها النظام الأساسي للدولة، وأهّلها له المستوى العلمي والعملي الذي وصلت إليه، بعد حصولها على حقّ التعليم والانتخاب والترشح، مشيرةً إلى أنّ صوت المرأة يمثل صوت الأسرة في كل مجتمع، وذلك لأنها قادرة على المناقشة وإبداء الرأي، فهي الشريك القوي للرجل في إدارة الدّفة.
وأوضحت أنَّ هناك الكثير من القضايا التي يمكن أن تتناولها الفترة العاشرة من انتخاب أعضاء مجلس الشورى والتي تهم المجتمع بشكل كبير كقضية الباحثين عن العمل وقضايا تطوير التعليم، والارتقاء بمستوى المهارات لخريجي التعليم العالي فهي قضايا أساسية على طاولة المناقشة لأعضاء مجلس الشورى، إضافة إلى قضية جودة الخدمات الصحية والاجتماعية. وبيَّنت أنَّ هذه القضايا تُوجد بعض التحديات أمام الأعضاء فهم من يوصلون أصوات المواطنين، إضافة إلى أنَّهم مطالبون بالتفكير العميق لابتكار حلول ومسارات تنموية تساعد الحكومة على تحقيق الأهداف والإنجازات.
وأضافت أنَّ دخول المرأة للترشح في مجلس الشورى علامة مهمة لوجودها بالرغم من قلة نسبة المتقدمات للترشح والانتخاب عند مقارنتها بنسبة الرجال، وربما يكون ذلك بسبب تأثير المعتقدات المجتمعية بشكل عام، رغم وجودها في المؤسسات المختلفة كونها امرأة عاملة، ما يجعلنا نشدد على ضرورة حضورها في مجال البرلمانات السياسية، كما أنَّ تفوقها العلمي يعد صورة من صور التعبير عن إمكاناتها وقدراتها وتميزها.
وقالت الدكتورة ياسمين بنت شنان البلوشية مستشارة في الأكاديمية السلطانية للإدارة: "ينص النظام الأساسي للدولة على المساواة بين الرجل والمرأة، وانطلاقًا من هذا المبدأ، أخذت المرأة العُمانية حقها من التعليم، والصحة والمشاركة في اتخاذ القرار، وأسهمت النهضة العُمانية الحديثة في منحها حق التصويت والترشح لعضوية جميع المجالس لا سيما مجلس الشورى، ما جعلها عضوةً فاعلةً وقادرةً على اتخاذ القرار وإبداء الرأي، وتقديم المقترحات".
وبيّنت أنَّ المرأة العُمانية تتطلع لحضورها في مجلس الشورى كمًّا وكيفًا؛ حيث تكون قادرة على العمل في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة لمشاركتها بشكل متساوٍ مع الرجل في كافة المجالات والمحافل المحلية والدولية وزيادة نسبة تقلّد المرأة للمناصب في القطاعين الحكومي والخاص.
وقالت مكية بنت حسن الكمزارية مساعدة مديرة مدرسة قدى للتعليم الأساسي إنَّ أهمية ترشح المرأة العُمانية ووجودها في مجلس الشورى مهم بقدر أهمية ترشح الرجل، فهما مكملان لشريحة المجتمع ولا يغني أحدهما عن الآخر، وأنَّ تكاملية الأدوار درس عُماني أصيل متجذر منذ القدم. وأضافت أنَّ الفرص متاحة دائما أمام المرأة، ولكن يبقى أن تستغلها الاستغلال الأمثل وتحدد دورها بوعي بحيث تكون قادرة على إيصال صوتها إلى قبة المجلس الذي تنوعت أدواته وتماثلت قوانينه بعدالة لكل مواطن ومقيم على أرض سلطنة عُمان.
وأكَّدت أنَّه لا توجد قضايا تخص امرأة أو رجل فجميع القضايا ذات بعد وهدف واحد، فالبحث عن فرص العمل متجانسة للذكر والأنثى وقوانين عمل حسب طبيعة كل منهما وفرص استثمارية في كل بقعة، وسياحة أرقى وأكثر مواكبة واقتصاد متنوع وشامل وشفافية في الطرح، مشيرةً إلى أنَّ طموحات كل بيت عُماني هو البحث عن حياة كريمة لأجيال قادمة هي من ستحقق "رؤية عُمان 2040".
من جانبها، قالت الدكتورة أمل بنت طالب الجهورية باحثة في شؤون المرأة ومدربة في مجال التمكين السياسي إنَّ المشاركة السياسية للمرأة العُمانية ووجودها في المجالس المنتخبة لها أهمية كبيرة خلال المرحلة المقبلة لما لها من دور واضح في تحقيق الأهداف الوطنية، ومواكبة الرؤى والتوجهات الداعمة للنهوض بالمرأة في سلطنة عُمان، وهي ترجمة للتوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- في الحرص على أن تتمتع المرأة بحقوقها التي كفلها القانون، وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، وهو ما أكدت عليه "رؤية عُمان 2040" من أهمية توفير البيئة المناسبة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية، ويعزز وضعها ويمكنها من المشاركة الفعالة في جهودِ التنمية الشاملة والمستدامة.
وأشارت إلى أنَّ مشاركة المرأة تمثل في الفترة العاشرة أهمية أكبر كونها ستشهد متابعة ومناقشة الكثير من الملفات الوطنية الخاصة بالخطط التنفيذية ل"رؤية عُمان 2040"، وتقييم الخطة الخمسية العاشرة، ومناقشة ورسم مسارات الخطة الخمسية الحادية عشرة لسلطنة عُمان التي ستحضر فيها قضايا المرأة والمجتمع كجزء لا يتجزأ من منظومة العمل الوطني. وأوضحت أنَّ مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة تواجه تحديات مشتركة في مختلف الدول العربية، حيث تحتاج المرأة إلى مزيد من العمل على تعزيز ثقة المجتمع بأدوارها من خلال برامج انتخابية واضحة وعمل مجتمعي متواصل يبدأ قبل فترة الانتخابات بمرحلة كافية، كما أنَّ تلك التحديات مرتبطة بمدى قدرة المرأة على إنجاح مشاركها في مجلس الشورى من خلال حضور فاعل يسهم في تغيير القناعات، ويعزز من دعمها مستقبلًا بشكل أكبر.
وقالت الدكتورة عهود بنت سعيد البلوشية الرئيس التنفيذي لمركز دراسات المرأة إنَّه من المهم أن نعترف بحجم التطور والتنمية الذي مرت به سلطنة عُمان منذ السبعينيات على جميع الأصعدة، وحصيلة هذه التنمية وأهمها على الإطلاق هو الإنسان العُماني الذي يناقش اليوم سبل الدفع بالعملية الانتخابية في سلطنة عُمان؛ حيث تعد سلطنة عُمان أول دولة خليجية منحت المرأة حق الترشح والانتخاب. وأضافت أنَّه مما لا شك فيه أنَّ مشاركة جميع فئات المجتمع في العملية الانتخابية مهم جدا لنجاح مجلس الشورى سواء أكان ذلك بالترشح والفوز أم بالانتخاب عن طريق اختيار المترشحين القادرين على لعب دور فاعل في المجلس. وبما أنَّ المرأة هي في الحقيقة والواقع نصف المجتمع، فإنَّ مشاركتها يجب أن تكون حتمية وتكاملية بحيث تكون إضافة إيجابية للتنوع الإنساني والمعرفي في المجلس.
وقالت إكرام بنت الوليد الهنائية أخصائية إرشاد وصحة نفسية: "إنَّ وجود المرأة في مجلس الشورى يعكس التزام سلطنة عُمان بتعزيز المشاركة السياسية للمرأة العُمانية، كما أنَّ تعزيز دورهن في هذه المجالس البرلمانية له أهمية في التمثيل الديمقراطي ليعبرن عن وجهات نظرهن واهتماماتهن في القضايا التي تؤثر في حياتهن". وأضافت: "وجود المرأة في مجلس الشورى يسهم في تطوير قدراتها القيادية ويساعدها في تمثيل قضايا المرأة والدفاع عن حقوقها مثل المساواة بين الجنسين والعنف الأسري وحقوق الأمومة والتمكين الاقتصادي وغيرها، كما ستتيح مشاركتها في المجلس وجود آراء متنوعة وخبرات مختلفة في صنع القرارات المستدامة والعادلة التي تعكس احتياجاتها ومتطلباتها".
وأكدت أنَّ ترشح المرأة في مجلس الشورى يعدُّ مثالًا حيًّا للشابات العُمانيات ومصدر إلهام لهن لممارسة القيادة والمشاركة السياسية ويشجعهن على تطوير مهاراتهن والسعي نحو تحقيق طموحاتهن العلمية والمهنية والسياسية وهذا بدوره سيسهم في بناء مجتمع أكثر توازنًا وعدالة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: المرأة الع مانیة فی فی مجلس الشورى مشارکة المرأة المرأة فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
أستاذة بالجامعة الأمريكية: المرأة في صدر الإسلام كان لها حضور بارز في التعليم والفتوى
واصل العلماء المشاركون في فعاليات الجلسة العلمية الأولى بالندوة الدولية لدار الإفتاء المصرية نقاشاتهم حول موضوع الفتوى والأمن الفكري، حيث استعرضت الدكتورة وفية حمودة، الأستاذة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في بحثها بعنوان: "المرأة مفتية .. الأهمية والمعايير"، أن المرأة في صدر الإسلام كان لها حضور بارز في مجالات التعليم والفتوى، حيث تناول العديد من العلماء تراجمهن في مؤلفاتهم، على سبيل المثال، في كتاب "الإصابة في تمييز الصحابة"، ترجم الحافظ ابن حجر لـ 1543 امرأة، منهن فقيهات ومحدثات وأديبات، كما ذكر الإمام السخاوي في كتابه "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" نحو 85 شيخة.
ويشير الإمام النووي في كتابه "آداب الفتوى" إلى شروط المفتي، التي تشمل الكفاءة والنزاهة والعلم، وهذه الشروط ساعدت في تمكين النساء في مجالات الفتوى والتعليم، حيث كانت المرأة تتولى منصب الإفتاء وفقًا لمَلَكتها العلمية وأخلاقياتها، بغض النظر عن جنسها.
وأضافت: خلال القرن التاسع الهجري، كان لعدد كبير من النساء دور بارز في التعليم والفتوى في مكة المكرمة، ووفقًا للأرقام، بلغ عدد الفقيهات التي كانت لهنَّ علاقة بمكة حوالي 270 فقيهة، مما يعكس دور المرأة المهم في العلوم الشرعية في ذلك العصر، موضحه أن كتب الفقه لم تهتم بتوثيق أقوال النساء الفقيهات إلا ما كان مرتبطًا بأمهات المؤمنين وبعض نساء صدر الإسلام، ومن الأسباب التي أدَّت إلى هذا الإهمال زهدُ العديد من النساء في الكتابة والعلم، بالإضافة إلى هيمنة العلماء الرجال على الساحة الفقهية في تلك الفترة.
وتابعت: إن من أبرز النساء اللاتي لعبن دورًا في الفتوى والتعليم، أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، التي تخرج على يدها العديد من الفقيهات. ومنهن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وصفية بنت شيبة، وأم الدرداء الصغرى، اللاتي اشتهرنَ بعلمهن وزهدهن.
وفي القرون الهجرية الأولى، كان هناك العديد من النساء المتميزات في الفقه، مثل أسماء بنت أسد بن الفرات في القيروان، التي تعلمت على يد والدها وكان لها حضور في مجالس المناظرة، وكذلك خديجة بنت الإمام سحنون في تونس التي كانت من أبرز الفقيهات في عصرها، كما كان هناك فقيهات في مصر مثل أخت إسماعيل بن يحيى المزني، التي كانت تنافسه في الفقه وتناقشه، على الرغم من أن معظم العلماء لم يذكروا إسهاماتها بشكل بارز.
وفي ختام كلمتها أوضحت أن الذهبي في "ميزان الاعتدال" أشار إلى أن النساء كان لهن دور بارز في نقل العلم، حيث لم تُعهد عليهنَّ كذبة أو علَّة في رواية الحديث. وقد ذكر ابن القيم أن عدد من حفظ عنهم الفتوى من الصحابة والتابعين بلغ 130 شخصًا، من بينهم نحو 22 مفتية.