إما أن يقتلوا أو يتجرعوا ألم الفقد.. هكذا يفاقم الليل مخاوف سكان غزة
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
غزة – ما إن يسدل الليل ستاره، حتى يستبد الخوف بهبة الجملة (33 عاما) -أم لخمسة أطفال- ويحمل الظلام في غزة -خلال العدوان الإسرائيلي- بين طيّاته إما "موتا محتملا" وإما "تجرعا متوقعا لألم الفقد". ويتفق أهالي غزة على أن "الليل" هو أكثر ما يخشونه خلال الحرب، نظرا لما يحمله من مخاوف، وما يهدد به من أضرار وإصابات جراء القصف تولد الرعب وتضاعفه.
تقول الجملة -التي كانت تقطن في حي الدرج بمدينة غزة قبل أن تنزح لحي آخر- إن غروب الشمس يصيبها بحالة من القلق والاكتئاب، والتي تزداد رويدا رويدا مع حلول الظلام لتصل إلى حد الهلع.
وتبيّن للجزيرة نت أن "الليل هو خوف شديد ورعب وانتظار الأجل، لا أحد يمتلك اليقين أنه سيبقى حيا حتى طلوع الشمس، نتخيل أن الإسعاف والدفاع المدني سوف يبحثون عنّا بين الأنقاض، نخشى على أطفالنا، ولا نملك سوى الدعاء لله بأن يحفظنا".
وتضيف الأم -الثلاثينية- أن إسرائيل تتعمد تركيز عدوانها خلال فترة الليل، حيث تتصاعد أصوات الانفجارات والطيران المرعبة، وتهتز المنازل ويرتفع الصراخ وبكاء الأطفال، مشيرة إلى أن الأهالي يتجمعون في غرفة أو غرفتين أو أكثر حسب عددهم، في الطابق الأرضي، كي يشعروا ببعض الطمأنينة في انتظار رحيل هذا الضيف المخيف.
وتؤكد المتحدثة ذاتها أنها كثيرا ما شعرت -خلال الأيام الماضية- بأن الموت قريب جدا منها، ولم تتوقع أن تعيش حتى شروق الشمس. وبشأن أكثر ما يخيفها، تقول "الصوت المرعب للطيران، واهتزاز المنازل بسبب الغارات والضربات المتواصلة، وعدم معرفة الأخبار وانقطاع الكهرباء".
وتسرد الجملة ما وصفته بأسوأ ذكرياتها خلال فترة الليل، وكان في بداية الحرب، حيث تعرض مكان مجاور لمنزلها للقصف، وتكسر جميع زجاج شقتها، وتناثرت الحجارة، مما دفع الأسرة للهرب من المنزل، مضيفة "تشرّدنا وتشرد أطفالنا في منتصف الليل".
الليل يكاد يخلو من كل شيء في قطاع غزة ما عدا أصوات القصف وسيارات الإسعاف، وأصوات الطائرات الحربية والاستطلاعية (الفرنسية) تخيّل سيناريوهات مرعبةمن جهتها، تحمل رهف عزيز، ذكريات قاسية جدا مع فترة الليل، موضحة أنها كانت تقيم في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، قبل أن تنزح مع عائلتها إلى مدينة خان يونس (جنوب).
وفي حديثها للجزيرة نت، قالت رهف عزيز "مع انقطاع التيار الكهربائي، بات الليل أكثر رعبا"، مضيفة أن أكثر من يخيفها هو "توقّع سقوط الصواريخ على المنزل، وتخيّل صعوبة الخروج من تحت الركام في حال البقاء على قيد الحياة، وفقدان العائلة أو الأصدقاء".
وتتابع "الليل يكاد يخلو من كل شيء ما عدا أصوات القصف وسيارات الإسعاف، وأصوات الطائرات الحربية والاستطلاعية التي تصدر صوتا ينذر بوقوع مجزرة بشعة".
وتذكر رهف كيف تقضي وقتها بالليل في متابعة الأخبار والاطمئنان على العائلة والأصدقاء. وكثيرا ما شعرت أن الموت قريب جدا، جراء الغارات الإسرائيلية.
وتسرد رهف عزيز إحدى ذكرياتها مع القصف، حيث تقول إن الطائرات استهدفت منزل جيرانها في مخيم جباليا، دون إنذار مسبق وهو ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الشهداء، بالإضافة إلى تعرض منزلها للدمار الجزئي وسقوط الزجاج بالقرب من والدتها.
بدوره يتفق محمد هنية مع جملة وعزيز، في أن أصعب ما يعانيه أهالي غزة خلال هذه الحرب هو فترة الليل، ويقول إن "الليل هو خوف شديد، وألم ومعاناة شديدة، قلق وانتظار وخوف من القصف والفقدان، يتجمع فيه الأهل للاطمئنان على بعضهم بعضا".
وفي حديثه للجزيرة نت، يتابع هنية "ألف مرة، شعرت أن الموت قريب جدا، فإسرائيل تقصف المنازل فوق رؤوس أصحابها، الليل هو صراخ وتشرّد، واهتزاز البيت وتكسيره، وانتظار طلوع الشمس على أحر من الجمر".
النساء وملابس الصلاة
وتحرص فريال عبدو، المقيمة بحي الرمال بمدينة غزة، على النوم بملابس الصلاة خوفا من حدوث قصف إسرائيلي، مضيفة "جميع نساء غزة، لا يخلعن ملابس الصلاة خوفا من تعرض منازلهن للقصف لا سمح الله".
وفي حديثها للجزيرة نت، أوضحت عبدو أنها تقضي فترة الليل في سماع الأخبار عبر الإذاعات المتوفرة عبر الهواتف، والاستغفار وقراءة القرآن حتى طلوع النهار، مشيرة إلى أن أكثر من يصيبها بالقلق هو خوفها على الأهل والأقارب والأصدقاء، بالإضافة إلى الغارات وأصوات الطيارات والقنابل المضيئة.
وتذكر مشهدا لا تنساه، حدث في إحدى ليالي الحرب، حينما علا صريخ الجيران في منتصف الليل لتحذير السكان والطلب منهم إخلاء المنطقة بأكملها بعد ورود تحذيرات من جيش الاحتلال الإسرائيلي. وتختم حديثها قائلة "لا تهدأ نفوسنا إلا مع بزوغ الفجر، وحينها نقول: الحمد لله، نحن ما زلنا على قيد الحياة".
لا تهدأ نفوس أهالي غزة إلا مع بزوغ الفجر، وحينها يقول السكان: الحمد لله، ما زلنا على قيد الحياة (شترستوك) سياسة إسرائيلية مقصودةفي هذا السياق، يتهم استشاري الصحة النفسية في وزارة الصحة بغزة الدكتور محمد أبو شاويش، الاحتلال الإسرائيلي، بتعمّد إثارة حالة من الرعب في نفوس كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، خلال فترة الليل.
وقال أبو شاويش -للجزيرة نت- إن ما يفعله جيش الاحتلال خلال فترة الليل بغزة "ليس بمحض الصدفة، ولا يدع مجالا للشك أنه أمر مقصود"، مضيفا "العدو يعلم أن الليل في ظل انقطاع الكهرباء يكون أصعب، وهو يحاول بقدر الإمكان إدخال حالة من الرعب في نفوس الشعب، وإيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية وقتل عائلات بأكملها".
ويتابع أبو شاويش أن فترة الليل مرتبطة ذهنيا بعقول السكان وخاصة فئة الأطفال (من خلال الحروب السابقة) بزيادة وتيرة العدوان والمجازر، والظلام يمثل رمزية مخيفة بالنسبة للأطفال، وتجربة صعبة، خصوصا إذا ارتبطت بالمجازر المروعة الحالية.
وأشار الاستشاري النفسي إلى أن ما تمارسه إسرائيل حاليا خلال فترة الليل "يترك صورة ذهنية صعبة في نفوس الأطفال، ويتركهم في حالة تحفّز، ويترك عليهم آثارا جسدية مثل المغص ووجع الساقين والصداع وعدم القدرة على النوم، والتبول اللا إرادي، والالتصاق بالوالدين"، مؤكدا أن "كل الجروح الجسدية تشفى مع الوقت، لكنّ الندبات النفسية التي تحدث في نفوس الناس تحتاج إلى وقت طويل للتعافي".
أمراض ما بعد الصدمة
ولفت محمد أبو شاويش إلى أن معظم سكان غزة يعيشون حاليا ما يعرف في الصحة النفسية بـ"اضطراب الكرب الحاد"، وهو ردّ فعل طبيعي لظرف غير طبيعي تظهر فيه أعراض كثيرة من الخوف والهلع والصداع والتوتر، والرجفة وآلام المعدة وغيرها.
وتوقع الاستشاري ذاته أن الغزيين سيدخلون بعد مرور شهر كامل على انتهاء هذه المحنة، في اضطراب آخر يسمى "كرب ما بعد الصدمة"، مضيفا أنه "اضطراب صعب جدا، ويحتاج إلى وقت طويل للشفاء". وحذر من حالة التشوه الذي أصابت البُنى المعرفية في أذهان الأطفال؛ بسبب العدوان الوحشي الإسرائيلي.
وقال أبو شاويش إن "الأطفال يعتقدون أن الوجود مع الآباء آمن، وأن المنزل آمن وكذلك المستشفى والمدرسة والمسجد، وهذه مفاهيم تم تشويها في نفوس الأطفال، وستحتاج إلى فترات طويلة للتعافي منها وترميمها، وهذا سيمتد لأجيال، وليس فقط لهذا الجيل".
وتابع المتحدث ذاته "رغم أن الفلسطينيين بغزة، يمتلكون كثيرا من مقومات الصمود، لكن هذا الحدث غير عادي وغير مسبوق وحجم الدمار والدماء والقتل فاق كل التوقعات والتصورات، ومن ثم ليس من السهل إزالة هذه التصورات من عقول الأطفال خصوصا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: خلال فترة اللیل للجزیرة نت فی نفوس إلى أن
إقرأ أيضاً:
روسيا تسقط عدة مسيرات أوكرانية خلال الليل .. والحكم على امريكي بالسجن 15 عاما بتهمة التجسس
موسكو "وكالات": أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت خلال الليلة الماضية، 4 طائرات مسيرة أوكرانية، فوق الأراضي الروسية. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية، أن أنظمة الدفاع الجوي المناوبة دمرت 4 طائرات مسيرة، إذ تم تدمير ثلاث طائرات فوق أراضي مقاطعة روستوف وواحدة فوق أراضي مقاطعة فورونيج. تجدر الإشارة إلى أن الأنباء تتباين حول حجم خسائر طرفي الصراع في النزاع القائم بين أوكرانيا وروسيا، حيث يعلن كل طرف تكبيد الآخر خسائر فادحة، دون القدرة على التحقق من صحة هذه المعلومات.
سجن 15 عاما
حكمت محكمة روسية اليوم على المواطن الأمريكي جين سبكتور بالسجن 15 عاما في قضية "تجسس" لا تزال معالمها غامضة، حسبما أعلنت وكالات الأنباء الروسية.
وجاء في الحكم الذي أوردته وكالة ريا نوفوستي أن سبيكتور سيقضي عقوبته في "منشأة سجون بنظام صارم".
كذلك حكم عليه بدفع غرامة قدرها 14 مليون روبل، أي حوالى 134 ألف يورو، بحسب المصدر نفسه.
وكانت المحاكمة تجري حتى الآن في جلسات مغلقة، ولم تكشف سوى تفاصيل محدودة حول الاتهامات الموجهة إلى سبيكتور.
في إطار الحرب التي بدأت في فبراير 2022، أوقف الكثير من الغربيين وخصوصا من الأمريكيين في روسيا ووجهت إليهم اتهامات خطرة غالبا من دون أدلة.
وكان حكم على جين سبكتور، وهو أمريكي من أصل روسي، في سبتمبر 2022 بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة بتهمة "الفساد" في قضية تتعلق بمساعدة سابقة لنائب رئيس الوزراء الروسي السابق أركادي دفوركوفيتش.
وأعلنت السلطات الروسية في العام 2023 أنه متهم أيضا بالتجسس وأقر بالذنب وأبرم اتفاق تعاون مع المحققين.
وبما أن القضية سرية، لم يكشف عن أي معلومات أخرى.
وبحسب وكالة أنباء تاس فإن جين سبكتور ولد ونشأ في روسيا قبل أن يستقر في الولايات المتحدة حيث حصل على الجنسية. شغل منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات ميدبوليمبروم الروسية.
وفي الأول من أغسطس نفذ الغرب وروسيا أكبر عملية تبادل للأسرى منذ نهاية الحرب الباردة وكان بينهم الصحفي الأمريكي إيفان غيرشكوفيتش وعنصر المارينز السابق بول ويلان بعدما أفرجت عنهما موسكو.
تسري شائعات حول تبادل جديد للسجناء بين الغربيين والروس قبل أو بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير.
مطلع نوفمبر أيدت محكمة في موسكو حكما بالسجن لمدة 12 عاما ونصف العام، على المواطن الروسي الأمريكي روبرت وودلاند الذي أوقف في يناير في قضية مخدرات.
وفي اكتوبر حُكم على أميركي آخر ستيفن هوبارد ويبلغ من العمر 72 عاما بالسجن سبع سنوات بتهمة العمل "كمرتزقة" لحساب أوكرانيا.
غرق سفينة شحن
قالت وزارة الخارجية الروسية اليوم إن سفينة شحن تحمل اسم أورسا ميجور غرقت في البحر المتوسط بعد وقوع انفجار في غرفة المحرك، وإن اثنين من أفراد طاقمها في عداد المفقودين.
وشُيدت السفينة عام 2009 وتعود ملكيتها النهائية إلى شركة أوبورون لوجيستيكس، التي تشارك في مشروعات بناء عسكرية لوزارة الدفاع الروسية.
وقالت الشركة في وقت سابق إن السفينة كانت في طريقها إلى ميناء فلاديفوستوك في أقصى شرق روسيا وكانت تحمل على متنها رافعتين عملاقتين.
وقال مركز الأزمات التابع لوزارة الخارجية في بيان إنه جرى إنقاذ 14 من 16 فردا في طاقم السفينة ونقلوا إلى إسبانيا، لكن اثنين ما زالا في عداد المفقودين. ولم يذكر المركز سبب انفجار غرفة المحرك.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن السفارة الروسية في إسبانيا قولها إنها تبحث في ملابسات غرق السفينة وإنها على اتصال بالسلطات في إسبانيا.
وأحجمت شركة أوبورون لوجيستيكس وإس.كيه-يوج، وهي المالك والمشغل المباشر للسفينة، عن التعليق على الحادث. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركتين في عام 2022 بسبب علاقاتهما بالجيش الروسي، كما فرضت عقوبات على السفينة نفسها.
وأظهرت لقطات صورتها سفينة عابرة ونشرت على موقع لايف دوت آر.يو الروسي الثلاثاء السفينة وهي تنزلق بقوة إلى جانبها الأيمن مع غمر المياه لمقدمتها بشكل أكثر من المعتاد الاثنين.
وقالت خدمة الإنقاذ البحري الإسبانية إنها تلقت إشارة استغاثة من أورسا ميجور أمس الاثنين حينما كانت تبعد نحو 57 ميلا عن ساحل ألميريا.
وذكرت الخدمة أنها تواصلت مع سفينة قريبة أبلغت عن سوء الأحوال الجوية وعن وجود قارب نجاة في المياه، وقالت السفينة إن أورسا ميجور كانت تنزلق إلى جانبها الأيمن.
وأُرسلت سفينتان وطائرة هليكوبتر إلى الموقع ونُقل أفراد الطاقم الذين تم إنقاذهم، وعددهم 14، إلى ميناء قرطاجنة الإسباني.
ونقلت خدمة الإنقاذ البحري الإسبانية عن أفراد الطاقم قولهم إن السفينة كان على متنها حاويات فارغة بالإضافة إلى رافعتين على السطح.
وذكرت أن سفينة حربية روسية وصلت في وقت لاحق إلى الموقع وتولت مسؤولية عمليات الإنقاذ.