عربي21:
2024-12-23@02:52:49 GMT

ذبح الرضيع أم ذبح الحقيقة؟

تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT

في الوقت الذي كان فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتل قرابة ألف طفل فلسطيني كانت شبكات تلفزيونية غربية كبرى مثل «سي إن إن» و«بي بي سي» تسهم في انتشار الأكاذيب الإسرائيلية، مثل تلك الكذبة المزرية عن ذبح مقاتلي المقاومة الفلسطينية لأطفال إسرائيليين رُضّع أثناء الهجوم على مستوطنات غلاف غزة.

نقلت تلك الوسائل الإعلامية عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله إنه «تأكد» من أن مقاتلي حماس قاموا «بقطع رؤوس الأطفال الرضع» فيما شبكة «سي إن إن» تنقل تصريحات الناطق باسم مكتب «أكذب رئيس حكومة في إسرائيل» حسب معلقين إسرائيليين، وتعيد تكرار الخبر بأصوات متهدجة للمذيعين والمراسلين، الذين نقلوا خبر «ما لا يقل عن 40 طفلاً رضيعاً فُصلت رؤوسهم عن أجسادهم، ونزعت أحشاؤهم» ليدخل الرئيس الأمريكي جو بايدن على الخط، حيث عبر عن صدمته لذبح «الإرهابيين» الأطفال، لأنه لم يكن يتصور «الإرهابيين وهم يقطعون رؤوس الأطفال» رغم أنه في الواقع لم ير أية صورة، وهو ما أكده لاحقاً البيت الأبيض، بالقول «إن أياً من المسؤولين لم ير صوراً» لهذه المذبحة المزعومة.



وزير الخارجية الأمريكي، «اليهودي» أنتوني بلينكن، في زيارته لإسرائيل ردد ما قاله الإعلام الإسرائيلي عن «ذبح الأطفال الرضع، وإحراق اليهود أحياء، وقتل الأبناء أمام أعين آبائهم وأمهاتهم، بالإضافة إلى اغتصاب النساء» وهي الأكاذيب التي لم يعتذر عنها كبار المسؤولين الذين رددوها، رغم انكشاف أمرها.
يمكن لنظرة سريعة على التغطيات الإعلامية الغربية للحرب على غزة أن تلحظ تجاوزات خطيرة لضوابط مهنة الإعلام، وخروجاً على المهنية، بالانحياز للجلاد ضد ضحايا يريد هذا الإعلام أن يحرمهم حتى من وصول أصواتهم إلى العالم.
المهم، مذيعة ومراسلة «سي إن إن» سارة سيدنر كانت تسأل مراسلتهم في إسرائيل عن «ذبح الأطفال الرضّع» بصوت متهدج وهي تذيع خبر قطع رؤوسهم، لتتقمص المراسلة «المهنية جداً» دوراً سياسياً بالقول إنه «لا يمكن أن يكون هناك سلام مع حماس، إذ لا يمكن وجود سلام مع جماعة ترتكب هذه الفظاعة» التي «لم يشهد لها اليهود مثيلا منذ زمن الهولوكوست» على حد تعبيرها.

يبدو أن سارة سيدنر، وهي أيضاً مراسلة تلفزيونية، تحمست للذهاب إلى المنطقة لمزيد من التغطيات، وقد بكت وهي تستقل طائرة الخطوط الجوية الفرنسية عندما سمعت الطاقم يغني أغنية عبرية تعاطفاً مع الضحايا الإسرائيليين، قبل أن ترى المحرقة الحقيقية التي يتعرض لها الغزّيون، لتقول فيما بعد إن «الجحيم لا تزال تمطر على غزة».
ثم ماذا؟
بما أن حماس «منظمة إرهابية» وبما أن إسرائيل «ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط» فإنه يجوز الكذب لصالح «الديمقراطية» ضد «الإرهاب، مجرد «كذبة بيضاء»!

انكشفت الكذبة واختبأ الكثير ممن روج لها، واعتذرت قلة قليلة من مروجي هذه الفرية التي ابتكرها أحد قادة المستوطنين المتطرفين، والتي ظلت تنتشر رغم انكشاف زيفها، لأنه يسهل تقبل الأخبار الصادمة، حتى ولو كانت كاذبة، في حين يصعب تقبل نفيها المؤكد، إذ يحدث أحياناً أن تكون أكثر الأخبار انتشاراً هي تلك التي لا يمكن تصديقها، حيث يساعد الرعب الذي تثيره على سرعة تقبلها، في حين أنها تُختلق من أجل التبرير والتغطية على المجازر التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة، والتسويق لهذه الحرب على أساس أنها دفاع إسرائيلي عن النفس، وإظهار المجرم في ثوب الضحية، مع إبراز الضحية على صورة الجلاد، وتصدير صورة المحتل كمدافع عن النفس، وتصوير المقاومة على هيئة من يمارس العدوان.

ثم إنه، وبما أن حماس «منظمة إرهابية» وبما أن إسرائيل «ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط» فإنه يجوز الكذب لصالح «الديمقراطية» ضد «الإرهاب» الافتراء هنا عبارة عن «كذبة بيضاء» هدفها شريف، وهو دعم «الديمقراطية الإسرائيلية» ضد «الإرهاب الفلسطيني».

وقبل أيام، وفي لقاء على «بي بي سي» القناة الرابعة كررت سفيرة إسرائيل لدى المملكة المتحدة تسيبي هوتوفلي كذبة إن حركة الجهاد الإسلامي هي من قصفت المستشفى المعمداني في غزة، وعندما تحداها مقدم البرنامج كريشنان غورو مورثي أن تثبت ذلك قالت إن لدى «الموساد» أدلة أطلع عليها الأمريكيون الذين شهدوا بذلك، على طريقة: «قال مين يشهد للعروسة؟ قال أمها».

وعندما قال المذيع مورثي إن حماس والجهاد نفيا أن يكونا وراء تلك المذبحة، قالت السفيرة: كيف تصدق حركات إرهابية، وتكذب الدولة الديمقراطية؟! على أساس أن تلك الديمقراطية لم تبتكر حكاية «ذبح أربعين رضيعاً إسرائيلياً» في هجوم يوم سبعة تشرين أول/أكتوبر الحالي، وهي الكذبة التي شاركت السفيرة هوتوفلي في الترويج لها.

دعونا نرجع ل «سي إن إن» حيث انتشر فيديو، قبل أيام بشكل واسع النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي، سمع فيه صوت أحد مخرجي نشرات الأخبار على القناة «الرصينة» وهو يوجه أفراد فريق القناة الذي يغطي الحرب بأن يظهروا بمظهر المرعوب من صواريخ المقاومة، وتظهر المراسلة وهي تحاول القيام بالدور الدرامي، والمخرج يطلب منها المزيد من تقمص الدور، غير أنها كانت تكتم ضحكة ساخرة، وتسأل زملاءها: شباب، هل ترون حالتنا أو وضعنا؟ وهو ما يؤشر إلى انتقال الإعلام من مهنة «تغطية الحدث» إلى محاولة «صناعته» عبر تقمص الأدوار، والتظاهر بالرعب لإظهار همجية الهجمات الجوية التي ترد بها مقاومة غزة على المحرقة الإسرائيلية في القطاع.

وفي مثال آخر على الفجور الإعلامي، تطل علينا حكاية «علم تنظيم داعش» الذي زعم الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أذرعي أنه وجد ضمن مضبوطات حرَّزها جيش الاحتلال إثر هجوم المقاومة على مستوطنات غلاف غزة، وبطبيعة الحال فإن الهدف واضح من محاولة الربط بين المقاومة وتنظيم داعش، وهو تشويه الفلسطينيين، وتأليب الرأي العام العالمي ضدهم، والقول بأن المقاومة لا تشكل خطراً على إسرائيل وحدها، ولكنها تشكل خطراً على «العالم الحر» حسب التصنيف «الحضاري» للعالم بقسمته إلى «فُسطاطين: فسطاط حرية لا عبودية فيها، وفسطاط عبودية لا حرية فيها» إذا ما استعرنا عبارات تنظيم القاعدة.

ولمزيد من توسيع حالة «الدعشنة» تستمر «بي بي سي» في نهجها، وتقول عن المتظاهرين المؤيدين لغزة بأنهم متظاهرون مؤيدون لحماس، لأغراض معروفة من بينها تشويه المتظاهرين وتحريف أهداف المظاهرات، وترهيب الناس كيلا يحتجوا، دون أن نغفل عن نية مبيّتة لاختصار القضية الفلسطينية في العمل المسلح، واختصار المقاومة الفلسطينية في حماس التي صنفتها دول غربية حركة إرهابية، وبالتالي فإن أي متعاطف مع القضية الفلسطينية سيعد متعاطفاً مع الإرهاب، ويمكن أن يقع تحت طائلة القانون.

ختاماً، يمكن لنظرة سريعة على التغطيات الإعلامية الغربية للحرب على غزة أن تلحظ تجاوزات خطيرة لضوابط مهنة الإعلام، وخروجاً على المهنية، بالانحياز للجلاد ضد ضحايا يريد هذا الإعلام أن يحرمهم حتى من وصول أصواتهم إلى العالم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطيني غزة حماس بايدن فلسطين حماس غزة بايدن مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سی إن إن

إقرأ أيضاً:

فصائل فلسطينية: قضينا على 3 جنود إسرائيليين وسط مخيم جباليا شمال غزة

أعلنت فصائل فلسطينية، أنهم قضوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.

 

حماس: تم الاتفاق على معظم النقاط المتعلقة بقضايا وقف إطلاق النار حماس: اتفاق وقف إطلاق النار سينتهي بصفقة جادة لتبادل الأسرى والمحتجزين

وفي سياق منفصل،  نشرت حركة حماس صورة بعنوان "يائير في ميامي بعيدًا عن الخطر، فما الذي يجبر نتنياهو على عقد صفقة شاملة؟"، في إشارة إلى يائير ابن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي سافر مع أمه سارة إلى ميامي في الولايات المتحدة الأمريكية، خوفًا من الاستهداف على يد المقاومة.

 وظهر في منشور حماس التصويري، يائير على شاطئ البحر وأسفله أحد الأسرى لدي حماس ينتظر أن يتم تحريره.


ومن جانبه، أعلنت حركة حماس، مساء اليوم السبت، عن متابعة القوى الثلاث (حركة حماس، حركة الجهاد، الجبهة الشعبية) بألمٍ كبير وقلقٍ  بالغ الأحداث التي تشهدها مدينة جنين ومخيمها عبر تصعيد الحملة الأمنية التي تنفذها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية. 

 

ونشرت حماس في بيان صحفي ثلاثي مشترك صادر عن (حركة حماس والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي) مايلي:

 

نؤكد حرصنا على ضرورة احتواء الأحداث الأخيرة في جنين بما يصون الدم الفلسطيني ويحمي المقاومة.

 

 

وإذ تؤكد القوى حرصها الشديد على احتواء هذه التطورات ومنع توسعها، فإنها تشدد على ما يلي:

 

 1. صون الدم الفلسطيني أولوية قصوى وخط أحمر، وإن الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني وضمان عدم الانجرار نحو الفتنة الداخلية يُمثّل واجباً وطنياً ومسؤولية كبرى تقع على عاتق الجميع.

 

 2.  تؤكد القوى الثلاث أن سلاح المقاومة لجميع القوى هو لمواجهة حرب الإبادة في قطاع غزة وللتصدي للاقتحامات والاعتداءات الصهيونية المتكررة والمتصاعدة من جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين في الضفة المحتلة، وهو سلاح شرعي وطاهر، ولا يجوز المساس به أو استهداف حامليه من الأبطال والمقاومين، وعلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقيادة السلطة الفلسطينية أن تنأى بنفسها عن أي إجراءات قد تهدد وحدة الموقف الفلسطيني أو تمس السلم الأهلي.

 

3- تطالب القوى الثلاث قيادة السلطة الفلسطينية  بالتراجع الفوري عن هذه الحملة الأمنية في جنين والتي لا تخدم إلا العدو الصهيوني، والعمل فورا على سحب قوات وعناصر الأجهزة الأمنية من المدينة والمخيم، ورفع الحصار المفروض عليهما.

 

 4. تدعو القوى إلى تشكيل لجنة وطنية عليا تضم كافة مكونات المجتمع الفلسطيني لوضع حد لهذا الاعتداء الحالي في جنين ومخيمها، ومنع انتقال هذه الأحداث إلى مناطق أخرى، وحماية السلم الأهلي والمجتمعي، وتبدي القوى استعدادها لإنجاح عمل هذه اللجنة، وانفتاحها على أي خطوات تطوق الأزمة وتجنب الفتنة وتصون الدم الفلسطيني وتحمي المقاومة وسلاحها.

 

 5.  في ظل حرب الإبادة والمخططات الصهيونية المدعومة أمريكياً خاصة في الضفة المحتلة، يحتاج شعبنا الفلسطيني إلى موقف موحّد يعزز صموده ويفشل خطط الاحتلال، وهذا بحاجة لوقف التنسيق الأمني، ورفض  المخططات الأمريكية، وتغليب لغة الحوار الوطني والالتزام بتنفيذ التوافقات الوطنية وربطها ببرنامج مقاومة شامل يحمي المشروع الوطني ويواجه تهديدات الاحتلال للأرض والوجود الفلسطيني.

 

مقالات مشابهة

  • تفاعل واسع مع مقطع قادة حماس ومغردون: حرب نفسية وتوقيت ذكي
  • معهد واشنطن: هذه مصالح إسرائيل في سوريا وهكذا يمكن أن تتحقق
  • هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع إسرائيل للوضع لسلب الأراضي السورية
  • مقرب من العصائب: الخزعلي يتواجد في ايران ويتمتع بصحة جيدة
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين بغزة توجه رسالة لترامب
  • فصائل فلسطينية: قضينا على 3 جنود إسرائيليين وسط مخيم جباليا شمال غزة
  • في أول رد.. فصيل مسلح: لا يمكن لأي جهة نزع سلاح المقاومة في ظل الوجود الأمريكي
  • في أول رد.. فصيل مسلح: لا يمكن لأي جهة نزع سلاح المقاومة في ظل الوجود الأمريكي - عاجل
  • الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية
  • حماس: إحراق مسجد في سلفيت تصعيد سيواجه بتصعيد المقاومة