يواصل سلاح الجو الإسرائيلي قصف قطاع غزّة بآلاف الأطنان من القذائف والمتفجّرات، وصلت إلى ما يعادل قوّة ربع قنبلة نووية. ويرتقي يوميا أكثر من 300 من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، كلّهم تقريبا من المدنيين العزّل. ويواصل جيش «الدولة الصهيونية» حربه العدوانية، التي تحوّلت إلى مجزرة مستمرة، يصفّق لها، بحثا عن الانتقام واستعادة الهيبة، الجمهور الإسرائيلي ونخبه السياسية والأمنية والثقافية والأكاديمية والاجتماعية، ويدعمها بحماس غير مسبوق ممثّلو «العالم المتحضّر»، تحت غطاء «الدفاع عن النفس»، المخادع والملتوي.



يأتي هذا الانفلات الإجرامي بعد أن تعرّضت إسرائيل إلى أكبر صدمة في تاريخها، هزّت بعمق الجيش والمجتمع والنخب ومكوّنات الدولة الصهيونية كافة من القاع إلى القمّة. الأحداث التاريخية صمّاء والبشر يمنحونها المعاني، وعليه فإن إدراك ووعي ما حدث لا يقل أهمية وتأثيرا عمّا حدث فعلا، وكل من يتابع حديث الساعة في إسرائيل يصل إلى استنتاج أن الجمهور الإسرائيلي بدأ يؤطّر ما حدث في السابع من أكتوبر، بأنه انكسار لهيبة الجيش والدولة، وتهاوٍ للردع، وانكشاف هشاشة «خط الدفاع الأوّل» المتمثل بعمل المخابرات، وانتشار الجيش وإقامة الجدار.

وتدل كل استطلاعات الرأي إلى أن الإسرائيليين فقدوا ثقتهم بالحكومة وبالجيش وبالمؤسسة الأمنية عموما، وبأنّهم يريدون انتقاما فوريا للضربة التي تلقّتها إسرائيل. وتتعرّض القيادة الأمنية والسياسية إلى ضغوط من الشارع للإسراع في العملية البرية للقضاء على حركة حماس، وتسيطر على وسائل الإعلام الإسرائيلية هستيريا عسكرية غير مسبوقة، تمجّد العنف والبطش، ولا يبدو أن مشاهد الرعب المقبلة من غزّة تؤثّر في الرأي العام في إسرائيل، بل بالعكس، فقد اختفت الادعاءات السابقة حول التفريق بين المحاربين والمدنيين.

شراكة أمريكية
يشير معظم، وليس كل، المحللين الإسرائيليين إلى أن الجيش أصبح جاهزا للاجتياح البري، وأنّه بانتظار قرار بايدن، الذي يطلب التريّث قبل أن يحسم الأمر. ويعود هذا الطلب اوّلا لمنح فرصة ومهلة للوساطة القطرية والمصرية لإطلاق سراح رهائن وأسرى، وثانيا لإتمام الاستعدادات لحماية الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة من هجمات حلفاء إيران، وثالثا لتمكين الجيش الأمريكي من تجهيز ما هو مطلوب للمشاركة في حرب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وهناك من يضيف أيضا أن الإدارة الأمريكية لا تثق بقدرات الجيش الإسرائيلي، وتخشى ضعفه القتالي وعدم قدرته على حسم المعركة.
خلافات شديدة بين نتنياهو وقيادة الجيش، فهو يعلن أن العملية البرّية وشيكة وكاسحة، لكنّه في الكواليس يعبّر عن خيبة أمل عميقة من أداء الجيش والأجهزة الأمنية
كما تخشى الإدارة الأمريكية أن تؤدّي عملية برية واسعة إلى فتح جبهات كبرى جديدة، قد تورّطها في مواجهات عسكرية غير مرغوبة وقد تعرّض مصالحها الحيوية للخطر. منذ حرب 1967، تدعم الولايات المتحدة إسرائيل في كل حروبها وحملاتها العسكرية ضد الفلسطينيين والعرب عموما. وجرت ترجمة هذا الدعم إلى معونات مالية ضخمة وتزويد بأحدث الأسلحة الفتّاكة وغطاء سياسي لا يقدّر بثمن في المحافل الدولية. المتغيّر الدراماتيكي هذه المرّة أن الولايات المتحدة لا تكتفي بالدعم من الخارج، إذا صح التعبير، بل هي شريكة كاملة وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة في الحرب الإسرائيلية الحالية.

وقام الرئيس الأمريكي جو بايدن، بزيارة خاصة لإسرائيل عبّر فيها عن تأييده ودعمه لها، وتبنّى روايتها ومنح غطاء «حق الدفاع عن النفس» لها ولجرائمها. وما قوله بضرورة الالتزام بالقانون الدولي في الحرب، إلّا غطاء لجرائم الحرب، وكأنّ إسرائيل لم ترتكبها بعد. وفي إطار التورّط الأمريكي العميق في الحرب الإسرائيلية جرى توجيه حاملتين للطائرات وأسطول بحري عسكري ضخم إلى شرق المتوسّط، وكذلك دفع الجيش الأمريكي بفرقتين من القوّات الخاصة إلى إسرائيل والمنطقة، وانطلق قطار جوّي لتزويد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة والذخائر وأعلن جو بايدن عن مساعدات تصل إلى 14 مليار دولار إضافية.

ويشارك ضبّاط أمريكيون كبار في التخطيط للعمليات العسكرية الإسرائيلية، وتساهم أجهزة المخابرات والاستشعار الأمريكية في ضخ المعلومات للجيش الإسرائيلي على مدار الساعة. لقد جرى تقسيم للمهام، بحيث تتولّى إسرائيل مسؤولية المواجهات العسكرية على حدودها المباشرة، وتقوم الولايات المتحدة بالتصدي للهجمات المقبلة من دول المحيط، وقامت بذلك فعلا بعد أن أسقطت سفنها الحربية للصواريخ والمسيّرات التي انطلقت من اليمن ولقسم من تلك التي انطلقت من سوريا والعراق. ويقوم الجيش الأمريكي بنصب بطاريات صواريخ مضادة للصواريخ في منطقة الخليج، تحسّبا من إمكانية ولو ضئيلة لدخول إيران في معمعان المعركة.

للولايات المتحدة حساباتها الاستراتيجية، وللإدارة اعتباراتها السياسية، ولجو بايدين فوق هذا كلّة نزعاته الشخصية، ولكن كل هذا يصب في الاتجاه نفسه، وهو تحالف إسرائيلي أمريكي، وربّما تحالف دول الغرب ضد الشعب الفلسطيني، ولو كانت التسمية الرسمية هي «ضد حماس». ومقولة «ضد الشعب الفلسطيني» ليس اعتباطية، بل هي محصّلة ما قاله قادة الغرب المتوافدين إلى إسرائيل بأنّ استعمال العنف هو امتياز حصري للدولة الصهيونية، التي «تدافع عن نفسها»، ولا يحق للمتضررين منه أن يدافعوا عن أنفسهم في مواجهته، والمسموح لهم فقط أن يتصرفوا بحسن سلوك ريثما يأتيهم الفرج.

لم نسمع من أحد من قادة «العالم الغربي المتحضّر» إدانة أو حتى انتقاد لاستهداف المدنيين الفلسطينيين، وقتل أكثر من ألفي طفل فلسطيني. وكم هو فظيع أن علينا أن نذكّرهم ونذكّر غيرهم بأن قتل الأطفال عموما هو أمر فظيع، ولكن قتل الطفل الفلسطيني هو أمر فظيع أيضا. كم هو مذهل أن مثل هذا الأمر بحاجة لشرح وإقناع لعالم يعتبر نفسه «متحضرا» وحساسا لحقوق الإنسان.

خلافات إسرائيلية
بعد صدمة السابع من أكتوبر، تشكّل في الدولة الصهيونية إجماع سياسي وأمني وإعلامي بضرورة الانتقام والبطش بحركة حماس وبأهالي غزّة عموما. وصار هناك اندفاع وتدافع في دعم وتبجيل الضربات الجوية الإجرامية على غزّة، ومن بين الآلاف من السياسيين والعسكريين والمثقفين والصحافيين والأدباء والفنانين، الذين ظهروا وتحدثوا في الإعلام الإسرائيلي، لم يخرج تقريبا أي صوت يعارض هذا القصف الجوي الوحشي. هناك أيضا شبه إجماع على ضرورة خوض معركة برّية لإتمام مهمة «تقويض حكم حماس».

لكن هناك خلافات شديدة بين نتنياهو وقيادة الجيش حول العملية البرية. هو يعلن في الملأ أن العملية البرّية وشيكة وكاسحة، لكنّه في الكواليس يعبّر عن خيبة أمل عميقة من أداء الجيش والأجهزة الأمنية، وهناك تسريبات بأنّه لم يعد يثق بقدرة القوات البرّية على حسم المعركة وتحقيق النصر وجلب صورة النصر. وعليه فهو متردد في خوض غمار المعركة البرية خشية الفشل، الذي سيقضي على حياته السياسية وعلى ميراثه التاريخي. لقد أرادت قيادة الجيش ومعها وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، توجيه ضربة استباقية في لبنان استنادا إلى ما اعتبر «فرصة استراتيجية» لاغتيال قيادة حزب الله، ولكن نتنياهو عارض ومنع ذلك.

وهذه القيادة العسكرية تريد الإسراع في العملية البريّة، ونتنياهو مرتبك وخائف، إلى درجة أن بعض من استمعوا إليه نعتوه بالجبان. هذا لا يعني أن نتنياهو «معتدل» عسكريا، بل هو حذر وقد يكتفي بمواصلة وبتصعيد القتل الجماعي من الجو، الذي ليس محفوفا بالمخاطرة بحياة الجنود.

يبدو أن نتنياهو يريد أن يبقى الباب مواربا لعدم القيام بحملة برية، والدليل أن أبواقه في الإعلام الإسرائيلي تردد بأنّها خطيرة وبأن الجيش غير جاهز وبأنّه يمكن حسم المعركة جوّا. كما عقد نتنياهو جلستين مع الجنرال احتياط بريك، الذي ينتقد بشدة قيادة الجيش ويتهمها بإهمال القوات البرية لحساب سلاح الجو والتكنولوجيا، ويعارض الاجتياح البرّي بسبب ضعف الجيش. وهنا يبدو أن أمام نتنياهو خيارين، الأوّل أن يسمح للجيش بالقيام بعملية برية، مع مراقبة شديدة أمريكية وإسرائيلية لمنع انزلاقه إلى فشل خطير، والثاني هو أن يمنع هذه العملية ويشن حملة على الجيش بأنّه غير مؤهّل وبأنه يتحمل مسؤولية ما حدث يوم السابع من أكتوبر، ليعفي نفسه من المسؤولية. وفي المقابل يدفع بسلاح الجو إلى رفع وتيرة القصف والدمار والقتل الجماعي.

المثير أنّه في مسألة الحذر والخوف من الفشل هناك توافق بين نتنياهو وبايدن، وهذا أمر مهم لأن القرار بيدهما والجيش الإسرائيلي بانتظار هذا القرار، كما يقول الناطقون باسمه، بشكل غير رسمي وحتى بشكل رسمي.

وعلى الرغم من كل المعيقات والتخوّفات، يبدو أن الجيش الإسرائيلي سيقوم بعملية أو عمليات برّية مدمّرة، ولكن حتى لو لم يفعل فهو سيواصل تنفيذ المجازر الجوية في غزّة إلى أن يردعه رادع. وهذا الرادع لن يأتي من فراغ إذا لم يكن هناك إنذار عربي واضح لإسرائيل لوقف هذه الحرب القذرة، والتهديد بقطع العلاقة معها، وإبلاغ الولايات المتحدة بأن مصالحها في المنطقة سوف تتضرر إن هي لم تلجم حليفتها إسرائيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال الحرب البرية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الإسرائیلی الولایات المتحدة یبدو أن

إقرأ أيضاً:

نتنياهو وكاتس يُعرقلان مفاوضات صفقة التبادل

يمانيون../
على الرغم من الأجواء الإيجابية التي خيّمت على المفاوضات والحديث عن انفراجة وشيكة بشأن التوصل لاتفاق وصفقة تبادل، بلُغة هي الأولى من نوعها منذ بداية الحرب من حيث مستوى الأمل والتفاؤل، إلا أن الحذر يفرض نفسه على تصريحات المسؤولين في حماس والوسطاء، بما فيهم أمريكا التي تتخوف من عرقلة نتنياهو ويمينه المتطرف لهذا التقدم والعودة لمربع الصفر من جديد.

وتمارس كل من إدارتَي بايدن الحالية وترامب القادمة ضغوطًا على حكومة نتنياهو لإنهاء هذا الملف، الذي بات يُشكل صداعًا مدويًا في رأس الولايات المتحدة، التي لم تتخلَّ يومًا عن دعمها للكيان الصهيوني المُحتل في هذه الحرب الإجرامية، فيما قدمت المقاومة عدة تنازلات وأبدت مرونة غير مسبوقة، من أجل وقف نزيف معاناة الفلسطينيين المستمر لأكثر من 14 شهرًا.

وعرقل رئيس حكومة الكيان الصهيوني بينامين نتنياهو وفق تأكيدات جهات سياسية عربية ودولية وصهيونية أكثر من محطة في إطار وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع المقاومة في غزة لمصالحة شخصية وسياسية خاصة باليمين المتطرف.

وفي هذا السياق شن مسؤولون بفريق التفاوض الصهيوني هجومًا على نتنياهو ووزير الحرب “يسرائيل كاتس” حول صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وبحسب ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرنوت” الصهيونية، فقد اتهم المسؤولون كاتس بأن تصريحاته تضُر بمفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس بقولهم: “سماع تصريحات وزير الحرب في محور فيلادلفيا من شأنها أن تفجر المفاوضات”.. مُضيفين: “من الواضح أننا في أيام اتخاذ القرارات الحاسمة، التي يجب فيها استلام قائمة المختطفين (المحتجزين بغزة)، وهي أيام تتطلب المرونة وحسن النية”.

كما وجّه المسؤولون في فريق التفاوض الصهيوني حديثهم لنتنياهو وكاتس.. قائلين: “لا تأخذا هذه النقطة الحاسمة وتعلنا أنكما لن تُنهيا الحرب (الإبادة بغزة)، وأن الجيش سيسيطر على غزة”.. معتبرين أن “هذه التصريحات سببت أضراراً جسيمة، إنه ببساطة أمر صادم”.

وأضاف المفاوضون: “هذا لا يعني أنه لن يكون هناك صفقة، لكن هذه التصريحات التي أدلى بها وزير الحرب بعد تصريحات رئيس الوزراء في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، لا تساهم (في إبرامها)”.

وردًا على اتهامات المفاوضون، قال مكتب نتنياهو في بيان له: “صدى كاذب آخر لدعاية حماس من مصادر مجهولة في فريق التفاوض الذين يتصرفون انطلاقاً من أجندة سياسية”.

وزعم المكتب أنّ “نتنياهو مُلتزم بإعادة جميع المختطفين إلى وطنهم، وتحقيق الأهداف الأخرى للحرب في غزة”، والتي تشمل القضاء على حماس وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل في المستقبل، وفق ما أعلنه نتنياهو مراراً.

وطالب مكتب نتنياهو المفاوضين بـ”التركيز على المهمة المقدسة المتمثلة في إعادة المختطفين، والتوقف عن اللعب لصالح منظمة حماس الإرهابية”.. وفق وصفه.

ويضم فريق التفاوض الصهيوني مسؤولين كبار في جهازي الاستخبارات “الموساد” والأمن العام “الشاباك” وجيش العدو الصهيوني.

ونفتْ مصادر مصريَّة، اليوم الخميس، المزاعم “الصهيونية بتراجع حماس عن تفاهمات بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.. وقالت لـ”التلفزيون العربي”: إنَّ “حركة المُقاومة الإسلاميَّة حماس أبدت تجاوبًا كبيرًا وتنازلت عن بعض شروطها خلال مفاوضات وقف إطلاق النار”.. مؤكدة أنَّ “إسرائيل” عادت إلى طرح نقاط سبق التوصل إلى اتفاق فيها.

وكان كاتس، قد قال أمس الأربعاء، خلال زيارة إلى محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الذي تحتله “إسرائيل” على الحدود بين قطاع غزة ومصر: إن “السيطرة الأمنية على غزة ستبقى في أيدي “إسرائيل”، وستكون هناك مساحات أمنية ومناطق عازلة ومواقع سيطرة بالقطاع”.

فيما قال نتنياهو، لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية: إنّ “الحرب ستستمر حتى القضاء على حماس تماماً”.. مشيراً إلى أنّ “إسرائيل لن تقبل بوجودها على حدودها”.

ونقلت قناة “آي 24 نيوز” عن والد أسير صهيوني، قوله: إن فريق ترامب يعلم أن نتنياهو يعرقل إتمام صفقة غزة.. مؤكداً أنه مهتم بصفقة جزئية حتى يتمكن من مواصلة الحرب فى غزة.

وأشار إلى أن حكومة نتنياهو لا تريد حديثا عن اليوم التالي ولا وقفا للقتال بل حكما عسكريا لغزة.

وتصاعدت وتيرة الاتهامات المتبادلة بين رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب “معسكر الدولة” بيني غانتس، إثر اتهام الأخير للأول بـ”تخريب” مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.

ويوم الأحد الماضي، اتهم غانتس، نتنياهو، في كلمة متلفزة نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” الصهيونية بـ”تخريب” مفاوضات الصفقة.. منتقداً حديث نتنياهو مع وسائل إعلام أجنبية بشأن الصفقة الجاري بلورتها مع حماس.

وقال غانتس: “نحن في أيام حساسة، الحياة والموت حقا يتحكم فيهما اللسان”.. مضيفاً: “كما قال نتنياهو نفسه قبل أسبوع واحد فقط كلما تحدثنا أقل، كلما كان ذلك أفضل، بينما المفاوضون يعملون، نتنياهو يخرب المفاوضات من جديد”.

كما خاطب غانتس نتنياهو في بيان جديد.. قائلا: “نتنياهو، لا تكن جبانا، خفت من تفكيك الائتلاف، وفقط بفضل إصرار غانتس تمكنا من إعادة أكثر من 100 مختطف (محتجز) إلى هنا”.

وأضاف بيان غانتس: “نتنياهو، لقد أفسدت سابقا فرصة التوصل إلى صفقة لتحرير المختطفين خوفا من انهيار الائتلاف، لن نسمح لك بفعل ذلك مرة أخرى بينما هناك صفقة حقيقية على الطاولة”.

وبحسب تصريحات مصادر مُطلعة لوسائل إعلام العدو الصهيوني، يسعى الكيان الصهيوني إلى صفقة من قسمين؛ صفقة “إنسانية” (تشمل النساء والجرحى وكبار السن)، يعقبها صفقة أخرى تؤدي إلى إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الصهيوني من قطاع غزة.

وتعثرت مفاوضات تبادل الأسرى التي تجري بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية أكثر من مرة، جراء إصرار نتنياهو على “استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، ومعبر رفح بغزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم وسط القطاع.

من جانبها، تصر حركة المقاومة الإسلامية حماس على انسحاب كامل للعدو الصهيوني من القطاع ووقف تام للحرب، بغية القبول بأي اتفاق.

ويحتجز العدو الصهيوني في سجونه أكثر من 11 ألف فلسطيني، فيما يُقدر وجود 100 أسير صهيوني بقطاع غزة، فيما أعلنت حركة حماس هم مصرع عشرات من الأسرى لديها في غارات عشوائية صهيونية.

وتقلصت فرص التوصل لاتفاق هدنة بين الكيان الصهيوني وحركة حماس بشأن الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وذلك بسبب العقبات فيما يتعلق بأسماء وأعداد الأسرى الفلسطينيين والرهائن الصهاينة المتوقع الإفراج عنهم خلال مراحل الصفقة.

وعلى الرغم من تأكيد جميع الأطراف وجود تقدم في المفاوضات التي يديرها الوسطاء؛ إلا أن هذا التقدم طفيف للغاية، ولم يحقق أي انفراجه يمكن البناء عليها من أجل الإعلان عن البدء في المرحلة الأولى من التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين.

ويرى مراقبون وخبراء، أن “التقدم الذي تشهده مفاوضات التهدئة بين طرفي القتال بغزة بطيء للغاية، ولا يمكن أن يؤدي لاتفاق للتهدئة بين حركة حماس والكيان الصهيوني خلال الفترة القريبة المقبلة”.. مبينةً أن الطرفين بحاجة لمزيد من الوقت للتوصل لاتفاق.

ويؤكد المراقبون والخبراء أن الكيان الصهيوني لا يتوقف عن وضع شروط جديدة في كل جولة للمفاوضات، خاصة ما يتعلق بملف الرهائن بغزة والأسرى الفلسطينيين في سجونه.. مشددًا على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرغب بتقليل تكلفة الإفراج عن الرهائن.

ويشيرون، إلى أن “نتنياهو غير معني بالتوصل لصفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، ويستغل وضع الحركة السياسي الضعيف لفرض إملاءاته وشروطه على المجتمع الدولي والمنطقة بأسرها”.

وتتسارع خلال الساعات الأخيرة وتيرة الأخبار والمعلومات المتداولة عن قرب التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط أجواء وصفتها جميع الأطراف، حماس وحكومة العدو الصهيوني والوسطاء، بالإيجابية، فيما يُمني الفلسطينيون والصهاينة أنفسهم باتفاق يُنهي تلك المعاناة المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023.

ورغم تلك الأجواء الإيجابية التي يعتبرها البعض هي الأفضل منذ بداية الحرب، والمدفوعة بحزمة من المحفزات والمخاوف، إلا أن التعويل عليها للتوصل إلى اتفاق نهائي مسألة غير محسومة، في ظل وجود شخصية مثل بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة التي يسيطر عليها اليمين المتطرف، الذي اعتاد عرقلة مثل تلك التحركات بإشهار ورقة الانسحاب من الائتلاف الحكومي في وجه رئيس الوزراء المأزوم.

وقالت حماس على لسان قياديها: إن الاجتماعات التي استضافتها الدوحة والقاهرة مؤخرًا كانت بنّاءة، وأن الأجواء أكثر إيجابية ممّا كانت عليه سابقًا.. لافتة إلى أن مشاركة الحركة في تلك الجولة تتميز بالمرونة والتعاطي بنظرة أوسع لإنهاء الحرب.

وبينما يبلغ مسار المفاوضات مستويات متقدمة، يواصل جيش العدو الصهيوني حرب الإبادة والتهجير والتجويع بحقّ عشرات الآلاف من الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، لليوم الـ75 على التوالي، حيث محاصرة سكان جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا منذ الخامس من أكتوبر الماضي، ما أدى إلى ارتقاء أربعة آلاف شهيد وإصابة 12 ألف آخرين، فضلًا عن اعتقال أكثر من 1750 فلسطينيًا.

السياسية – مرزاح العسل

مقالات مشابهة

  • ‏الخارجية الكويتية تدين إحراق إسرائيل لمستشفى كمال عدوان بغزة وتدعو المجتمع الدولي لمحاسبة مرتكبي العملية
  • الجيش الإسرائيلي يحرق مستشفى كمال عدوان ويكثف قصفه على غزة وحماس تؤكد: إسرائيل ترقض وقف إطلاق النار
  • الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوي بمناطق عدة في جميع أنحاء إسرائيل إثر إطلاق صاروخ من اليمن
  • نتنياهو وكاتس يُعرقلان مفاوضات صفقة التبادل
  • محلل سياسي: الدعم الأمريكي لإسرائيل يزيد من تطرف نتنياهو
  • نتنياهو يعلن الحرب على الحوثيين
  • إعلام حوثي: إسرائيل قصفت مواقع في صنعاء والحديدة.. ولا تعليق من الجيش الإسرائيلي
  • نتنياهو ووقف إطلاق النار
  • الجيش الإسرائيلي يعلن إنهاء العملية العسكرية في طولكرم
  • صحيفة عبرية: قدرة التحالف الأمريكي على ردع الجيش اليمني باتت موضع شك