لم يتمكن مجلس الأمن الدولي من الاتفاق على مشروعي قرارين مقدمين من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا حول تصاعد الوضع في غزة وإسرائيل والأزمة الإنسانية في قطاع غزة.

التغيير ــ وكالات

صوت الأعضاء أولا على مشروع القرار الأمريكي. استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار، بعد حصوله على تأييد 10 أعضاء ومعارضة 3 (روسيا والصين ودولة الإمارات العربية المتحدة) وامتناع عضوين عن التصويت.

أما مشروع القرار الروسي، الذي شارك في تقديمه السودان وفنزويلا، فقد حصل على تأييد 4 أعضاء فقط فيما عارضه عضوان وامتنع 9 عن التصويت. لم يُعتمد مشروع القرار لعدم حصوله على العدد الكافي من الأصوات.
مشروع القرار الأمريكي
أعربت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد عن خيبة أملها بشأن استخدام كل من روسيا والصين لحق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الأمريكي، ووصفت مشروع القرار الذي قدمته بلادها بأنه كان “قويا ومتوازنا. وجاء نتاج مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن”.

ومضت قائلة: “لا ينبغي أن نشجع سلوك روسيا غير المسؤول والساخر”، من خلال التصويت على مشروع القرار الروسي الذي وصفته بأنه تم إعداده “في اللحظة الأخيرة وبدون مشاورات”.

وقالت إن بلادها مستعدة للعمل مع كافة الدول الأعضاء لدعم جهود الأمين العام والرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

كما أعلنت استعداد بلادها للتعاون مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن وفي المنطقة من أجل بناء مستقبل أكثر سلاما وأمنا لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

مشروع القرار كان يرفض ويدين بشكل قاطع “الهجمات الإرهابية الشنيعة التي شنتها حماس والجماعات الإرهابية الأخرى في إسرائيل اعتبارا من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وكذلك أخذ وقتل الرهائن والقتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي واستمرار الإطلاق العشوائي للصواريخ”.

وأكد من جديد الحق الأصيل لجميع الدول في الدفاع الفردي والجماعي عن النفس، وعلى ضرورة امتثال الدول الأعضاء- لدى الرد على الهجمات الإرهابية- لجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي.

ودعا مشروع القرار إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة، التي تشمل على وجه التحديد الهُدَن الإنسانية، للسماح بالوصول الكامل والسريع والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية إلى غزة.

الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، شانغ جون قال إن بلاده صوتت ضد مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة لأنه يشمل عناصر كثيرة “تفرق ولا تجمع، وتتجاوز البعد الإنساني”.

وأضاف أن نص مشروع القرار “غير متوازن ويخلط بين الحق والباطل، وطُرح على عجالة ولم يحصل على التوافق المطلوب بالنسبة لفعاليته”، مؤكدا أن عددا من أعضاء المجلس ومنهم الصين وروسيا اقترحوا تعديلات، لكن تم تجاهل مشاغلهم، وتم إدخال تعديلات تجميلية.

وأضاف أن مشروع القرار الأمريكي “لا يعكس الدعوة القوية لوقف إطلاق النار وإنهاء العنف”، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار ليس مجرد عبارة دبلوماسية، ولكنه يعني “الحياة والموت” لكثير من المدنيين.

وأوضح ممثل الصين كذلك أن مشروع القرار الأمريكي “انتقائي” في ذكر الأسباب الجذرية للأزمة الإنسانية في غزة.

وأضاف أن تبني ذلك المشروع يعني الإطاحة بأفق حل الدولتين، ويدخل الطرفين في دائرة مفرغة من المواجهة والكراهية. وقال إنه بناء على هذا تصوت الصين لصالح مشروع القرار الروسي.
مشروع القرار الروسي
أعرب الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عن أسفه لأن المجلس “لم يتمكن من انتهاز فرصة جديدة أتيحت للتصدي للأزمة غير المسبوقة في الشرق الأوسط”.

وجدد التأكيد على أن مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة غير مقبول، معربا عن أسفه لأن “الأعضاء لم يتسموا بالشجاعة والحكمة لدعم النص الروسي” حسب تعبيره، مشيرا إلى أن مجلس الأمن “لم يلبِ التطلعات”.

مشروع القرار الروسي كان يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وقفا فوريا ودائما يُحترم بالكامل، وأدان بشدة جميع أشكال العنف وأعمال القتال المرتكبة ضد المدنيين.

ورفض المشروع وأدان “بشكل قاطع الهجمات الشنيعة التي شنتها حماس في إسرائيل وأخذ الرهائن المدنيين”.

وأدان أيضا بشكل قاطع “الهجمات العشوائية ضد المدنيين والأعيان المدنية في قطاع غزة التي تؤدي إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيين”. وأدان ورفض الإجراءات الرامية إلى “ضرب حصار على قطاع غزة يحرم السكان المدنيين من الوسائل التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة”.

في كلمته أمام مجلس الأمن بعد رفض مشروع القرار المقدم من بلاده، قال السفير الروسي إن كل الجهود الرامية لتلافي التصعيد في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي سوف تكون في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومن المقرر أن تستأنف الجمعية العامة غدا الخميس عقد دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة التي تحمل عنوان: الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة.

وأعلن السفير الروسي تأييد بلاده لمشروع القرار المطروح من الأردن أمام الجمعية العامة والذي تشارك روسيا في تقديمه، داعيا الدول كافة لدعم نص مشروع القرار.

وصوتت السفيرة لانا نسيبة الممثلة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة لصالح مشروع القرار الروسي، الذي شارك في تقديمه السودان وفنزويلا.

وعقب التصويت، قالت إن أي قرار يعتمده المجلس ينبغي أن يعطي الأولوية لمسائل “وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وإطلاق سراح كل الرهائن وكذلك وصول المساعدة الإنسانية الآمنة والكافية والوقود للمستشفيات ومحطات تحلية المياه وكذلك الامتثال للقانون الدولي الإنساني”.

وتابعت قائلة: “سمعنا يوم أمس عشرات البيانات التي تناشد هذا المجلس إعطاء القيمة نفسها لحياة الفلسطينيين مثلما يعطي القيمة لحياة الإسرائيليين. يجب ألا نسمح بأي لبس حول هذه النقطة. ما من هرمية في حياة المدنيين”.

وكان مشروع القرار الروسي يرفض الإجراءات الرامية إلى “ضرب حصار على قطاع غزة يحرم السكان المدنيين من الوسائل التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني”.
أسف إسرائيلي لعدم اعتماد المشروع الأمريكي
السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان تحدث بعد التصويت وشكر الولايات المتحدة وكل من صوت لصالح مشروع القرار الذي قدمته لإدانته الواضحة “للأعمال الإرهابية الوحشية” وتأييد حق الدول الأعضاء في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب.

وقال إن معارضة بعض الدول الأعضاء لمشروع القرار أصابه بالصدمة، وقال موجها كلامه للدول التي صوتت ضد مشروع القرار: “إذا واجهت أي من دولكم مجزرة مماثلة، أنا واثق من أنكم كنتم ستتصرفون بقوة أكبر من إسرائيل”.

وتساءل عما كانت ستفعله روسيا أو الصين إذا تعرضتا لهجمات مشابهة لما حدث في إسرائيل. واتهم المجتمع الدولي بأنه “يكيل بمعيارين”.

وقال: “أولئك الذين صوتوا ضد مشروع القرار الذي قادته الولايات المتحدة، أظهروا للعالم أن هذا المجلس غير قادر على القيام بأبسط المهام بإدانة إرهابيين مشابهين لإرهابي داعش، وتأكيد الحق في الدفاع عن النفس لضحايا هذه الجرائم الشنيعة”.

وقال إن بلاده ما زالت تتعرض للهجوم جنوبا من حماس وشمالا من حزب الله. وانتقد مشروع القرار الروسي وذكر أنه كان يسعى لتقييد يد إسرائيل ومنعها من القضاء على التهديد الوجودي الذي يواجهها، والسماح “لإرهابيي الإبادة الجماعية بإعادة ترتيب صفوفهم كي يذبحونا مرة أخرى” حسب تعبيره.
تصويت الأسبوع الماضي

وكان المجلس قد صوت مرتين الأسبوع الماضي على مشروعي قرارين بهذا الشأن. الأول مشروع روسي كان مدعوما من عدد من الدول العربية.

لم يحصل مشروع القرار على العدد المطلوب من الأصوات لاعتماده، إذ أيده 5 أعضاء وعارضه 4 مع امتناع 6 عن التصويت.

وفي الثامن عشر من الشهر الحالي صوت أعضاء المجلس على مشروع قرار برازيلي لم يُعتمد بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضده فيما أيده 12 عضوا وامتنع عضوان عن التصويت هما روسيا والمملكة المتحدة.

الوسومإسرائيل الصين روسيا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إسرائيل الصين روسيا

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن، والسودان

الناظر إلى العلاقات القائمة بين الدول في العصر الحديث يجد صوراً عديدة ومتنوعة وفقا لما يمليه الواقع العملي علي المستوي الدولي بكل تعقيداته، مما استدعي ذلك تأسيس هيئة عالمية تجتمع تحت مظلتها دول العالم ويتاح لجميع الدول الإنضمام الي عضويتها ، ففي البداية كانت عصبة الأمم وبعد فشلها جاءت الأمم المتحدة ، ثم توافقت الدول علي ميثاق عالمي ينظم العلاقات فيما بينها ويؤسس لعلاقات ودية هادئة ، ولكن ماذا لو حدثت نزاعات أو حروب ؟ كان لابد من تكوين آلية فاعلة لوقف الحرب وفض النزاعات.

بعد مؤتمر موسكو 1943م ومؤتمر طهران منتصف 1944م اجتمعت وفود روسيا والولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة في مؤتمر دومبارتون أوكس في واشنطن للتفاوض حول هيكل الأمم المتحدة وبالفعل جاء النقاش حول تكوين مجلس الأمن ليكون آلية دولية تعمل علي منع النزاعات ووقف الحروب واتخاذ إجراءات قانونية تجاة المعتدي ، وعقدت أولى جلساته في 17 يناير 1946م ، وهو أحد الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة، وخصص له الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة لبيان طريقة تكوينه وإجراءات العمل الخاصة به.

ويتألف مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً، خمسة دائمين هما الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتنتخب الجمعية العامة للأمم المتحدة عشرة أعضاء آخرين ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس يتم تغييرهم كل سنتين ويراعي في ذلك التوزيع الجغرافي.

لكل عضو صوت واحد وتصدر القرارات في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من الأعضاء ، أما في المسائل الموضوعية فتصدر القرارات بموافقة تسعة من اعضائه علي ان يكون من بينهم أصوات الأعضاء الدائمين متفقة.
تكون رئاسته بالتناوب بين الدول الاعضاء كل شهر وفقاً للترتيب الابجدي لأسماء الدول الأعضاء باللغة الإنجليزية.

نطاق عمل مجلس الأمن واسع ، وقراراته ملزمة لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، ويتميز مجلس الأمن دون أجهزة الأمم المتحدة بحق التدخل لتسوية المنازعات الدولية التي تنشأ بين الدول سواء طلب منه التدخل من الدول أو تدخل من تلقاء نفسه، حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين ، وله سلطة تحديد الطرف المعتدي .

جاءت تلك المهام نتيجة للمادة الرابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة التي أوضحت أن جميع الدول الأعضاء يعهدون إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسة في حفظ السلم والأمن الدوليين وهو يعمل بالإنابة عنهم في هذة التبعات.

هذة المادة هي جوهر عمل مجلس الأمن، لأنها منحته الصلاحيات الواسعة بموافقة كافة الدول الأعضاء، والموافقة علي أن يعمل نيابة عنهم بموجب هذة الصلاحيات وفقا لمبادئ الأمم المتحدة.

و لمجلس الأمن، كما جاء في المادة الثالثة والثلاثين من الميثاق، أن يدعو أطراف أي نزاع إلى التفاوض أو التحقيق أو الوساطة أو التوفيق أو التحكيم أو التسوية القضائية لحل النزاع، وله إيفاد بعثة أو تعيين مبعوثين أو توجيه الأمين العام للأمم المتحدة ببذل مساعيه الحميدة لإخماد النزاعات والتوفيق بين أطرافها.

و إذا لم تنجح تلك المساعي السلمية، يكون لمجلس الأمن الحق في إرسال قوات لحفظ السلم والأمن الدوليين لمكان النزاع ، أو وقف العلاقات الاقتصادية، وله قطع المواصلات بجميع أنواعها براً وبحراً وجواً جزئياً أو كلياً ، وله قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولة المعتدية و دول العالم .

لمجلس الأمن مهام كثيرة واختصاصات عديدة تمكنه من تطبيق أحكام القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة بما يحقق ضبط النزاعات بين الدول أو النزاعات التي تنشأ داخل إقليم الدولة لكنها تنعكس سلبا علي أمن وسلام المنطقة.

من جهة أخرى نجد أن ميثاق الأمم المتحدة لم يتضمن أي نص يجيز الطعن في قرارات مجلس الأمن ، وبذلك لا تستطيع أي جهة أن تحاسبه أو تطعن في قراراته مما يجعله المتحكم الفعلي في أعمال الأمم المتحدة.

بموجب حق الفيتو الممنوح للدول الخمس الدائمين في مجلس الأمن يتم التحكم في جميع القرارات الصادرة عنه أياً كان هدفها أو غايتها ، فإن كانت لاتخدم مصالح أي من الدول الخمس فالفيتو في انتظارها ، وهكذا يتعطل الدور الحقيقي والجوهري لمجلس الأمن في الحفاظ علي السلم والامن الدوليين بعدالة ويكون القرار مرتهنا بما تراه الدول الخمس محققا لمصالحها فقط.

*مجلس الأمن والحرب في السودان*
بين السودان ومجلس الأمن العديد من القرارات ، لكن في ملف الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023م وضع آخر ، حيث كان أول قرار لمجلس الأمن في 8 مارس 2023م وهو القرار رقم 2676 الذي يمدد نظام عقوبات علي السودان تتمثل في تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة، وهو قرار فني لتجديد التدابير التي تم تجديدها سابقاً.

في يونيو 2023م ، طالبت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة لإيقاف الحرب ، وركزت على الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء وهي الغابون وغانا و موزمبيق و على جهود الإتحاد الأفريقي لتأمين وقف الحرب ، والتأكيد علي حماية المدنيين كركيزة أساسية، وذلك أثناء مناقشة مجلس الأمن لتجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونيتامس) .

في 11 أكتوبر 2023م صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأغلبية 19 صوتاً مقابل 16ضد وامتناع 12عن التصويت، لصالح اعتماد قرار بإنشاء لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم والانتهاكات التي وقعت في السودان منذ بداية الحرب،
وأخطر مجلس الأمن بذلك.

في 8 مارس 2024م أصدر مجلس الأمن قراراً يدعو لوقف فوري للعنف في السودان وإزالة أي عراقيل لوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ودون عوائق خلال شهر رمضان.

ثم ناقش مجلس الأمن مشروع قرار حول الحرب في السودان ووقف العدائيات، إلا أن الدول الأفريقية الثلاث رفضت مسودة مشروع قرار صاغته بريطانيا لمجلس الأمن منتصف أبريل 2024م .

و في 29 أبريل 2024م عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لبحث التصعيد للعمليات العسكرية مع التركيز على الأوضاع في مدينة الفاشر، وقلق المجلس بشأن الوضع الإنساني للمدنيين ، وطالبت بعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة مجلس الأمن لوضع حد حاسم لدعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع وإصدار قرار بذلك .

في 30 مايو 2024م عقدت جلسة لمجلس الأمن لعرض تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع الإنساني في السودان وتداعيات الحرب .

في 13 يونيو 2024م ، طالب مجلس الأمن من المليشيا الإرهابية إنهاء حصارها لمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وأصدر القرار رقم 2736 ، حيث تحاصر المليشيا مئات الآلاف من المدنيين في أوضاع إنسانية متردية للغاية ، لكن المليشيا لم تستجب للقرار .

في منتصف أغسطس 2024م أعلن المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان (المضي قدما) في حل الأزمة السودانية بحضور أمريكا ومصر والسعودية والإمارات والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، في اجتماع جنيف، رغم عدم وجود ممثل للحكومة السودانية، وبعد انتهاء الاجتماع وفشلهم ذكر المبعوث الأمريكي الخاص أن المحادثات قد تستأنف في تاريخ غير محدد مستقبلا.

القراران الصادران في مارس ويونيو 2024م أيدتهما 14دولة مع امتناع روسيا عن التصويت، لكنه سمح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن والابقاء علي معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحا لدخول المساعدات الإنسانية.

في11 سبتمبر 2024م قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن أوضاع الحرب في السودان والموقف الإنساني هناك ، وقدم ممثل بعثة السودان الدائمة كلمة السودان ، ثم جدد المجلس نظام العقوبات الخاص بالسودان (دارفور) حتى سبتمبر 2025م ، سعياً للحد من دخول الأسلحة لإقليم دارفور .

وفي أكتوبر 2024م ناقش مجلس الأمن إمكانية نشر بعثة مشتركة بقيادة الإتحاد الأفريقي للمساعدة في حماية المدنيين ، والاستماع لاحاطة مفتوحة من الأمين العام للأمم المتحدة .

18 نوفمبر 2024م ، ناقش مجلس الأمن مشروع قرار صاغته بريطانيا وسيراليون حيث كانت بريطانيا تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر نوفمبر 2024م ، ويدعو القرار إلى وقف الأعمال العدائية ووقف التصعيد العسكري، جاء مشروع القرار متخفياً وراء كلمات دبلوماسية يؤيد اتفاق جدة ويدعم دخول المساعدات الإنسانية، وهو في حد ذاته محاولة للسير بسرعة نحو تسوية مدنية تحافظ علي كيان المليشيا الهالكة، لذلك جاء مشروع القرار كأنه يستبق الزمن للوصول لحل سياسي دبلوماسي قبل أن تتورط المليشيا الإرهابية في المزيد من الجرائم ، مما يزيد سخط الشعب السوداني عليها وبالتالي يصعب للوصول إلى تسوية تنقذها من الهزيمة المحققة، غير أن مشروع القرار هذا حسم بفيتو روسي أعاد الامور إلى نصابها .

في نفس الوقت كانت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) قد أصدرت نشرة زرقاء بأسماء قائدين بالمليشيا بناء على قرار مجلس الأمن الصادر للدول الأعضاء بهدف منع تحركاتهم عبر أراضيها وتجميد الأرصدة المالية التي تخصهم .

لكن إلى الآن لم يتطرق مجلس الأمن لتوجيه اتهام للمليشيا الإرهابية بأنها جماعة إرهابية، رغم كل جرائمها ، ولم يوجه اتهاماُ للإمارات لدعمها المليشيا للاستمرار في عملياتها الإرهابية تجاة المدنيين العزل الذين يخشى عليهم مجلس الامن ويقلق لاجلهم !!

رغم الانتهاكات الجسيمة والجرائم المروعة التي تصل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والتي وثقت من قبل المليشيا نفسها ونشرت علي المنصات الاعلامية المختلفة ، وذكرتها ووثقتها تقارير المنظمات الدولية والإقليمية وتقرير لجنة الخبراء الدولية، إلا أن المجلس الموقر لم يصدر إدانة واحدة ضد المليشيا المغتصبة للآن !!

منذ بداية الحرب خصص مجلس الأمن جلسات كثيرة للسودان ولمناقشة الحرب والاوضاع الإنسانية للمدنيين ، جلسات منها المغلقة ومنها المفتوح ، منها جلسات إحاطة ومنها جلسات أصدر فيها مجلس الامن قرارات مباشرة ، وهناك حوالي خمس جلسات خصصت للنقاش حول اليونسفا (UNISFA) ، وست جلسات لمناقشة وضع يونيتامس (UNITAMS).

عدد كبيرمن الجلسات لكن للاسف أغلبه لايصب في مصلحة السودان وشعبه ، أغلبها محاولات ضغط من بريطانيا لكي ينصاع السودان للضغوط الأميركية و الإماراتية لوقف الحرب مع انحياز كامل من بريطانيا تجاة المليشيا، والتي ترفض أي إدانة للمليشيا الإرهابية عبر جلسات مجلس الأمن ، وهي نفسها التي سعت لإبعاد تقرير لجنة الخبراء التي كونها مجلس الأمن وقدمت تقريراً مفصلاً يتضمن وقائع وأحداث تدين المليشيا وتثبت علي الإمارات تهمة تمويل المليشيا الارهابية في السودان ، ثم عملت بريطانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة علي تعليق شكوي السودان ضد الإمارات ، وعدم تقديمها لمجلس الأمن حتي لا يتخذ قرار فيها رغم أن هذه الشكوي تستند إلى العديد من الأدلة والبراهين منها تقرير بعثة الخبراء الأممية سالفة الذكر ، ورغم اتهام اليونسيف للمليشيا المتمردة أنها تجند الأطفال وتدفع بهم لنيران الحرب بما يمثل انتهاكا دوليا يضاف إلى سجل المليشيا الاجرامي ، إلا أن بريطانيا لا تزال منحازة للمليشيا بصورة سافرة .

علي كل فإن مجلس الأمن يعقد جلسات إحاطة اليوم الخميس بشأن السودان ويترأس وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكين الاجتماع ، والذي من المقرر أن يقدم فيه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش أو وكيله المعين ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توماس فليتشر ، إحاطة حول مستجدات الأوضاع في السودان.

نأمل أن تكون هذة الجلسة مختلفة عن سابقاتها،وان يكون يوم *(19 من ديسمبر)* علامة فارقة في السجل الأممي تجاة السودان كما كان علامة فارقة في تاريخ السودان الحديث.

التهاني للشعب السوداني الأبي الحر بمناسبة ذكري اعلان الاستقلال المجيد من داخل البرلمان ، والتحية لقواتنا المسلحة الظافرة المنتصرة بإذن الله وحوله ، والتحية لقوات الشرطة والأمن والقوات المشتركة فرسان السودان ، والمستنفرين الأبطال ، سائلين الله عز وجل أن يتقبل شهداءنا برحمته الواسعة في الفردوس الأعلى.

د. إيناس محمد أحمد احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الفريق خالد ثالث يطالب المجتمع الدولي بالضغط على الإمارات
  • وزير الخارجية الأمريكي يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي
  • عوض الله: نطالب الدول بعدم التعاطي مع روايات إسرائيل بشأن المنظمات الدولية
  • مجلس الأمن يمدد تواجد القوة الأممية في الجولان 6 أشهر
  • «مجموعة أ 3 بلس» تُعبر عن «صدمتها» من الانتهاكات ضد نساء السودان .. في خطاب لممثل الجزائر بمجلس الأمن باسم الدول الأربع
  • تفاصيل قرار مجلس الأمن رقم 2254.. الطريق الأمثل لحل الأزمة السورية
  • أستاذ علوم سياسية: تعاون مصر مع دول الجنوب أعطاهم أهمية في صناعة القرار الدولي
  • مجلس الأمن، والسودان
  • أستاذ علوم سياسية: تعاون دول الجنوب يساهم في صناعة القرار الدولي
  • أستاذ علوم سياسية: مصر تتعاون مع «دول الجنوب» للمشاركة في صنع القرار الدولي