حل الأزمات مقابل التوطين.. هل تم تصنيع مشكلات مصر على عيون إسرائيل؟
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
بينما يصر النظام المصري على إعلان رفضه توطين سكان قطاع غزة في شمال سيناء، ويحشد وسائل إعلامه الرسمية ودفع الجماهير للتظاهر في الشوارع والميادين الجمعة الماضية للتأكيد على الأمر، تتكشف تباعا سيناريوهات مقلقة عن ذلك التوطين، مقابل حل أزمات البلد العربي الذي يعاني اقتصاده الانهيار والديون وقرب الإفلاس.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وإطلاق المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" التي أوجعت الاحتلال وأصابته بالشلل وتسببت له في خسائر فادحة، يسعى قادته بدعم أمريكي وغربي لخيار توطين فلسطيني غزة في سيناء المصرية، لإفساح المجال لترسانته العسكرية لإبادة المقاومة.
وعلى مدار نحو 19 يوما يقوم جيش الاحتلال بقصف قطاع غزة، في محاولة منه لتهجير نحو 1.1 مليون فلسطيني، وسط أحاديث عن مُخطط كامل لتهجير حوالي 2.3 مليون فلسطيني من القطاع إلى سيناء.
"تسكين في أكتوبر والعاشر"
أحدث سيناريوهات التوطين، كشف عنها المدير والباحث في معهد "مسجاف" للأمن القومي الاستراتيجية الصهيونية، أمير وايتمان، تحت مسمى "برنامج لإعادة التوطين والتأهيل النهائي في مصر لكافة السكان"، مؤكدا أنه سيناريو "يتوافق مع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لإسرائيل، ومصر، وأمريكا والسعودية".
وبحسب الوثيقة التي تكشف تفاصيل الخطة، ووصل "عربي21" نسخة منها، فإنه في عام 2017، تم رصد 10 ملايين وحدة سكنية شاغرة بمصر، بمدينتي السادس من أكتوبر، والعاشر من رمضان، الصناعيتين، تملكها الحكومة والقطاع الخاص، بجانب أراضي بناء كافية لإسكان 6 ملايين نسمة.
ولفتت إلى أن تلك المساكن الفارغة تكفي لسكان غزة البالغين من 1.4 إلى 2.2 مليون نسمة، مبينة أنه يمكن أن تحول إسرائيل لمصر من 5 إلى 8 مليارات دولار مقابل تمويل المشروع، ملمحة لإمكانية مضاعفة هذه المبالغ، أو جعلها 3 أو 4 أضعاف.
ووفق الخطة المُشار إليها يمكن كذلك "استثمار بضعة مليارات من الدولارات (20 أو 30 مليار دولار) لحل هذه المشكلة الصعبة"، متطرقة إلى احتمالات زيادة الدعم الخليجي، وكذلك الأمريكي والأوروبي لمصر، من أجل حل أزمات الديون وتفاقم أزمة الجنيه مقابل العملات الصعبة.
وتوقعت أنه "يمكن التوصل لهذه الصفقة بين مصر وإسرائيل بغضون أيام قليلة بعد بدء تدفق المهاجرين من غزة إلى مصر عبر معبر رفح".
"خطط مماثلة"
وعبر فضائية "14" العبرية، كشف سفير الاحتلال السابق في الأمم المتحدة داني دانون عما أسمّاه بالعرض السخي الذي قدمته أمريكا للسيسي، من أجل صفقة إجلاء الفلسطينيين لسيناء، مقابل 20 مليار دولار.
ورغم أن المسؤول الإسرائيلي أشار إلى رفض السيسي لذلك العرض، ولكنه أضاف أنه "ربما تتغير الأمور، لأن السيسي يعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة".
عاجل️: لاول مرة، اذاعت قناة ١٤ العبرية ماكنت اتكلم عنه لشهور ولم يصدقنى الكثيرين ، عرض قدم للسيسي فعلا بـ 20 مليار دولار.. داني دانون -سفير الاحتلال السابق في الأمم المتحدة- يكشف عن العرض الذي قدمته أمريكا للسيسي من أجل صفقة إجلاء الفلسطينيين لسيناء!! ايه رايكم؟؟؟#صفقة_القرن… pic.twitter.com/vK2kk3Jx0y — Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) October 23, 2023
تلك الخطط انتقلت إلى دعوات معلنة وصريحة من قادة الاحتلال، حيث دعا كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين، ريتشارد هيشت، الفلسطينيين للفرار من الغارات الجوية إلى سيناء، بحسب وكالة "رويترز".
وكشفت تقارير صحفية غربية عن توافق الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، على إجلاء فلسطيني غزة إلى سيناء، بل ذهبت الصحافة الأمريكية للقول إن "الإدارة الأمريكية تدرس الخطوة وطرق تنفيذها مع دول أخرى".
وفي عام 2020، أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الجدل بإعلانه عن "صفقة القرن"، والتي تشمل توطين أهالي غزة بشمال سيناء، مقابل دعم مالي لنظام عبدالفتاح السيسي في مصر.
وأعلن وزير الاتصالات السابق من حزب الليكود أيوب قرا، في شباط/ فبراير 2017، أن لقاء ترامب ونتنياهو، بواشنطن يدشن خطة لإقامة دولة فلسطينية بغزة وسيناء.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، دعت وزيرة شؤون المساواة الاجتماعية الإسرائيلية السابقة، جيلا غامليل، لإقامة دولة فلسطينية بديلة بسيناء.
"تناقض مصري"
موقف السيسي، المُعلن جاء رافضا فكرة نزوح الفلسطينيين إلى مصر، لكنه كشف عن قبول فكرة نزوح الفلسطينيين للتخلص من المقاومة، ولكن بتوطينهم بصحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة.
المثير أن الرفض المصري لما يُثار عن توطين فلسطيني غزة في سيناء، يقابله رفض تام من السلطات المصرية لإعادة توطين أهالي سيناء قرب حدود غزة.
بل إن الجيش المصري الذي قام بتهجير سكان المناطق الحدودية مع غزة منذ العام 2014، أطلق الرصاص الحي لتفريق تجمع سلمي للمُهجرين المطالبين بالعودة غرب مدينة رفح، مساء الاثنين.
الجيش المصري يطلق الرصاص الحي لتفريق تجمع سلمي للمُهجرين المطالبين بالعودة إلى مناطقهم، وذلك بالقرب من قرية الوفاق غرب مدينة رفح، مساء اليوم الاثنين 23 أكتوبر 2023.
The Egyptian army fires live ammunition to disperse a peaceful demonstration of displaced people protesting… pic.twitter.com/STxSlnqmJd — Sinai for Human Rights (@Sinaifhr) October 23, 2023
هذا الاعتداء والمنع المثير للجدل اعتبره الكاتب الصحفي المعارض أحمد حسن الشرقاوي، يوضح قصة التوطين، في إشارة إلى أن النظام يمنع تسكين أهل سيناء بالمنطقة لأجل سيناريو توطين أهالي غزة بها.
كما أنه من المثير للتساؤلات أيضا، أن الجيش المصري يقوم بحشد جنوده بمحيط معبر رفح المنفذ الرئيسي لسكان غزة، في خطوة توحي بمنع أية نزوح على الأراضي المصرية.
لكنه وفي المقابل، فإن السلطات نصبت خياما واتخذت تدابير أمنية بالمنطقة العازلة البالغ طولها 14 كيلومترا بجوار معبر رفح، وفق تأكيد موقع "مدى مصر"، ما جعل البعض يرى أن تلك الاستعدادات تشير للموقف الحقيقي للسلطات المصرية، بقبول التوطين.
وهو الخيار الذي يرفضه الفلسطينيون بشكل قاطع، حيث قال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، إنه "لن تكون هناك هجرة من غزة لمصر".
ولكن يبدو أن الإغراءات المالية قد تدفع نظام السيسي، للقبول بالعرض، ووفق مراقبين فإنه فقط يساوم على حجم الصفقة.
وتحدث موقع " مدى مصر" عن تعرض مصر لضغوط من دول غربية لقبول سيناريو التوطين مقابل حوافز اقتصادية، مشيرا لوجود ميل داخل بعض دوائر صناعة القرار المصري لقبول الأمر.
هل يقبل المصريون؟
وتظل سيناء على مدار التاريخ مطمعا لغزاة مصر من الشرق، لكن ما يثير مخاوف المصريين أن سيناريو التوطين مقابل الدعم المالي بدأ التمهيد له إعلاميا.
وزعم الكاتب عماد الدين أديب، الأحد الماضي، أن "الإخوان (جماعة الإخوان المسلمين) كانوا ممكن يقبلوا بصفقة القرن مع إسرائيل مقابل الدعم المالي بالموافقة على اتساع مساحة غزة في سيناء".
وإثر عملية "الرصاص المصبوب" عام 2008، والحرب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة، اقتحم نحو 35 ألف فلسطيني معبر رفح، ودخلوا الأراضي المصرية، لكن نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، مارس قبضته الأمنية وأعادهم بالقوة وأغلق معبر رفح.
وفي العام 2017، كشف مبارك عن عرض تلقاه من نتنياهو عام 2010، لتوطين الفلسطينيين بسيناء، مشيرا لرفضه الأمر.
لكن تبقى المخاوف من نظام السيسي الذي فقد فيه كثير من المصريين الثقة، وهو ما أشار إليه منسق حركة "مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية" بأمريكا محمد إسماعيل، مؤكدا أن أحداث عديدة جرت في مصر تمهيدا للتوطين أو صفقة القرن، ولم تقع صدفة، وأن وجود السيسي على رأس السلطة ليس صدفة.
وأشار إسماعيل إلى أزمة "التفريط في نهر النيل، واتفاقية مبادئ النيل 2015، حتي تكون المياه لمصر بشرط وصولها سيناء، ووصول المياه داخل إسرائيل، واستقبال سكان غزة ضمن صفقة القرن".
ولفت إلى وقائع "تهجير أهل سيناء دون رجعة، حتى تتمكن إسرائيل من قذف غزة وأهل غزة، ومصر تفتح المعابر دون رجعة، وتتحقق أهم خطوات صفقة القرن حتي ينتهي حلم حق العودة للشعب الفلسطيني".
وجود السيسي علي حكم مصر ليس صدفة!!!
التفريط في تيران و صنافير عشان قناة بنغوريون الاسرائلية لتحل محل قناة السويس
التفريط في حقول الغاز لحساب إسرائيل لاضعاف اقتصاد مصر وتقوية اقتصاد اسرائيل ووقف اي موارد جديدة تمنع مصر من بيع الاصول والامن القومي
التفريط في نهر النيل… pic.twitter.com/JPbXsTtel7 — Mohamed Ismail (@Mohamed71935373) October 24, 2023
وحول مدى معقولية تنفيذ هذه السيناريوهات على الأرض، تحدثت "عربي21"، مع مراقبين مصريين وفلسطينيين، وطرحت عليهم السؤال: "هل تعتقدون أن الأوضاع التي تعيشها مصر والأزمات المتتابعة والمتفاقمة تشير لاحتمالات تصنيع تلك الأزمات بعناية طيلة سنوات ماضية حتى يأتي الحل من الجانب الإسرائيلي مقابل التوطين؟
"نفيه إثبات"
السياسي والإعلامي المصري المعارض الدكتور حمزة زوبع، يرى أن "الرفض الظاهر لتوطين الفلسطينيين جيد إذا كنّا إزاء نظام طبيعي يحترم شعبه ولم يقم بتهجير أهالينا في رفح المصرية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، استدرك بقوله: "لكن النظام الحالي غير جدير بالثقة، ويجعلنا نتحسس رؤوسنا مع كل مصيبة وأزمة وكارثة، ومع كل تصريح بالنفي، لأن عهدنا به أن نفيه إثبات".
وأكد زوبع أن "النظام يعاني ولا يجد مخرجا، ولن يجد، حتى لو باع كل مقدرات الأوطان، لأنه يشبه المقامر المخمور الذي يصر على أنه سيكسب وهو لا يدري أن الخمر ذهب بعقله، والقمار ذهب بماله، إن جاز أن يكون ماله".
ولفت إلى وجود "مصلحة صهيونية من توطين الفلسطينيين في مصر، ولكن مصر كدولة وشعب لا مصلحة لها في ذلك؛ بل الضرر كل الضرر"، موضحا أن "نقل الفلسطينيين يعني أن السلطة باعت القضية من أجل حفنة دولارات، وسوف يذكر التاريخ اسم مصر مقرونا بذلك، وهذا عار وأي عار".
ويعتقد زوبع، أن "الفكرة المطروحة سيتم تقديمها على أنها بيع شقق مملوكة للجيش إلى مستثمرين عرب، وبالتالي لا يبدو الأمر وكأنه إعادة توطين، ويمكن تمرير ذلك عبر حملة إعلامية ضخمة تتحدث عن الأمر كما لو كان إنجازا أو شيء من هذا القبيل".
وأكد أن "قبول الجنرال (السيسي) مسألة وقت؛ فهو يريد ويرغب خدمة الصهاينة قبل أن يكون في ذلك مردود مالي ضخم والجمع بينهما بالنسبة له خير، وهو لا يخشى العواقب ولا يهمه الشعب بل لا يرى الشعب نصب عينيه".
وختم الإعلامي المصري بالقول إن "مصر تمر بأسوأ إفرازات انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، وللأسف تدفع فواتير ضخمة لهذا الانقلاب".
جميع السيناريوهات "متفجّرة"
من جانبه، قال الباحث الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية صلاح الدين العواودة، إن "الواقع الذي يعرفه الجميع لا يحتاج إلى تنبؤ ولا تحليل سياسي؛ فهو مبني على آثار الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) من قبل الغرب الاستعماري، والذي كان إحدى إفرازاته الدولة القطرية العربية مثل مصر وسوريا والأردن وغيرها بجانب فلسطين التي أُعطيت لليهود لإقامة ما يسمى بإسرائيل".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "كله مشروع استعماري واحد، والنظام العربي نتاج اتفاقية (سايكس بيكو)، والحكومات العربية وظيفتها إخضاع المنطقة لصالح الغرب، وبالتالي لا فرق بين مَن يعاني بشمال سوريا وجنوب اليمن وأقصى المغرب العربي والعراق وفلسطين؛ فأزمة الجميع الاستعمار والحكومات الموالية".
الباحث بمركز "رؤية للتنمية السياسية" بإسطنبول، أضاف: "بالتالي، الغرب يحرّك الحجارة على رقعة الشطرنج بالشرق الأوسط ويدير مصالحه بهذا الشكل فيغير نظام ويسقط هذا ويرفع هذا، ويجري انتخابات لا تعجبه النتيجة فيعيدها أو ينقلب عليها أو يأتي بجنرال ينقلب عليها، ولا يعجبه سلوك جنرال فيغيره، ولا يعجبه بلد فيقسمه، ويخلق الفتن، ويتحكم بالمنطقة وليس غزة أو فلسطين فقط".
ولفت إلى أنه "من الطبيعي جدا أن يطرح الجنرال غيورا إيلاند صفقة القرن منذ 2010، واليوم تُطرح من قِبل كتاب وباحثين وصارت فكرة متداولة بالأوساط الصهيونية منذ نشأة الكيان عام 1948، بفكرة الوطن البديل للفلسطينيين بالأردن أو سيناء".
#شاهد| "وثائقي قصير" يتطرق لمخطط تهجير أهل #غزة إلى #سيناء ومحاولة إنهاء #القضية_الفلسطينية#فلسطين pic.twitter.com/8GL3PxYBsX — قناة الشعوب (@AlshoubTv) October 20, 2023
ويرى العواودة، أنه "إذا لم يستيقظ الجميع سنعاني كلنا، وتباع غزة مقابل بعض المليارات للسيسي، ليبقى يفسد مصر ويدمرها"، موضحا أنه "لو قيل له بترحيل سكان غزة مقابل سداد ديون مصر، عندها لن يقول ضحينا بغزة ولكن سيقول مصر أهم وأكبر من غزة".
ويعتقد أن "المشكلة هنا أيضا أن هذه الأموال لن تذهب لشعب مصر ولن تستفيد منها البلاد كما قضايا أخرى بيعت في مصر في النهاية ستُنهب الأموال بيد الفاسدين الذين يرسلونها لبنوك أوروبا وأمريكا بالتالي الأموال تبقى لإسرائيل والغرب".
وأشار العواودة إلى أنهم "يحاولون إنجاح سيناريو التوطين، والنظام المصري صنيعتهم لن يستطيع قول لا، ولكن الاتفاق كالعادة هو الرفض العلني في الإعلام"، مبينا أن "أهل غزة ولو ماتوا لن يقبلوا بهذا العرض".
واستدرك: "ولكن الإجماع الأمريكي والبريطاني والفرنسي والألماني على دعم الاحتلال، مقابل الصمت والخزي العربي يجعل كل السيناريوهات واردة، وكما تم تهجير الشعب العربي من فلسطين عام 1948، ممكن أن يُهجر اليوم، خاصة وأنه إذا لم يُهجر أهل غزة فسيقتلون".
ويرى العواودة أن "هذا السيناريو الأرجح، إلا أن يحدث انفجار وينتج نتائج تغير نتائج الحرب العالمية الأولى في المنطقة"، معتقدا أن "هذه بذور الحرب العالمية الثالثة"، ملمحا لوجود "دراسات أمريكية عن سيناريو حرب دينية بسبب القدس ستنفجر بفلسطين وتؤدي لحرب ثالثة".
وختم بالقول: "ولذلك، هم يحاربون غزة النواة التي لا تقبل بالسكوت ولا الخنوع"، مؤكدا أن "السيناريوهات كلها متفجّرة؛ فلن يمر التوطين في سيناء بهدوء، ولن يمر ترحيل أهل غزة بهدوء، ولن يمر أي سيناريو إلا بتفجير وقتل ودمار".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصري غزة إسرائيل تهجير مصر إسرائيل غزة حقوق الإنسان تهجير سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صفقة القرن التفریط فی فی سیناء معبر رفح pic twitter com سکان غزة أهل غزة غزة فی فی مصر إلى أن من أجل
إقرأ أيضاً:
كرمه السيسي والسادات.. رحيل البطل محمد المصري
وتتساقط أوراق أبطال حرب أكتوبر، الذين أعادوا العزة لمصرنا الحبيبة، حيث توفي البطل محمد المصري الذي تمكن من تدمير 27 دبابة خلال حرب أكتوبر، عن عمر يناهز 76 سنة، بعد صراع طويل مع المرض، وبعد أيام قليلة من تكريم الرئيس عبد الفتاح السيسي له.
والبطل محمد المصري ، له أمجاد كبيرة خلال حرب أكتوبر، من الأبطال الذين سطروا تاريخهم بحروف من نور بعدما قدموه خلال الحرب وما سبقه من تدريبات شاقه حتى كتب الله النصر لمصر واستعادت كرامتها وأرضها ولقنت العدو الإسرائيلي درسا لن ينساه.
وأكد المصري في حوار سابق له في جريدة (الوفد) أنه تم تجنيده وتم توزيعه علي سلاح الصاعقة والذي جاء في الترتيب الأول في التدريبات على صواريخ جرادبي ، ثم التحق بسلاح المظلات، بعدها إنتقل المصري إلي أبو المطامير في البحيرة حيث استقر هناك وبعد إنتهاء الحرب إنتقل للعمل بمجلس المدينه حتي وصل إلي مدير العلاقات العامه قبل أن يحال إلى المعاش.
وكان محمد المصري يتذكر دائما أنه قبل أيام قليلة من حرب أكتوبر كان الإتحاد السوفيتي يحاول إصابتنا بالإحباط بعد أن أكد قياداته العسكرية أن المصريين يحتاجون إلي عشرات السنين حتى يتدربوا علي إطلاق الصواريخ التي كانت تحتاج إلى 3 مراحل هي التجهيز على القاعدة، زمن المرور، إصابة الهدف وذلك خلال 100 ثانية فقط ولكننا واصلنا تدريباتنا ليلا ونهارا حتى تمكنا من إجادة إطلاق الصواريخ خلال 30 شهرا فقط مما أصاب الروس بالذهول من مدي عقلية العسكرية المصرية
وحكي محمد المصري ، اللحظات التي سبقت بداية الحرب والذي كان ضمن الفوج الأول فور عبورنا إلى أرض سيناء سجدت لله شكرا ثم كانت أولي مهامي مع زملائي هي قطع الإمدادات عن الدبابات الإسرائيلية، وكان حريصا علي أن يصيب الهدف حتى لا يضيع الصاروخ هباء، لأنه من أموال الشعب (كما حكي) خاصة وأن الصاروخ ارتفع سعره من 500 دولار قبل إلي 1500 دولار بعد بداية الحرب، وهو مبلغ كبير جدا في ذلك الوقت
أسر عساف ياجوري
وكان محمد المصري، يفتخر دائما أنه يوم 8 أكتوبر 1973، ثالث أيام الحرب، حدث موقف لن ينساه عندما دمر دبابه العقيد الإسرائيلي عساف ياجوري قائد اللواء 190 مدرع ،حيث استدعاه من قائده العقيد حسن أبو سعده وعندما توجه إليه شاهد رجلا غريبا موثق القدمين ووجه في الأرض في حاله ذل وإنكسار، وعندما ناداني العقيد حسن أبو سعده ،قائلا تعالي يا محمد يامصري فوجئت بهذا الشخص يرفع وجه ويعطيني التحية العسكرية، وعرفت أنه القائد الإسرائيلي عساف ياجوري وعلم انه عقب وقوعه في الأسر طلب كوب من الماء ورؤيه الجندي الذي دمر دبابته.
وعقب انتهاء الحرب حيث تمكن من تدمير 27 دبابة للعدو، استدعاه المشير أحمد إسماعيل ، واصطحبه إلي منزل الرئيس الراحل أنور السادات في الجيزة، وفي الطريق قال له المشير أحمد إسماعيل، أنه حسب التقاليد العسكرية لا تمد يدك لمصافحة الرئيس السادات،لأنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعند وصوله احتضنه السادات لعدة دقائق.
ولا ينسى المصري أحد المواقف التي مرت به خلال أيام الحرب أثناء تواجده وزملائه في وادي النخيل حيث كان زميلهم شفيق فخري (مسيحي ) يصعد إلي النخيل في التلت الأخير من الليل من أجل إحضار (سباطه بلح) يأكلونها وكانوا حريصين علي عدم سقوطها علي الأرض حتي لا تنغمس في الرمال، وصعوبة غسلها لعدم كفاية مياه الشرب، وفجأه سمعوا دوي صوت عالي وعندما توجهوا إلي مصدره وجدوا زميلهم سقط أثناء نزوله من النخلة ويقول لهم لا تخافوا السباطة لم تقع على الرمال وحمدنا الله على أنه لم يصب بسوء .