لجريدة عمان:
2024-11-26@03:25:59 GMT

في السابع من أكتوبر «الطوفان» يزلزل المحتل

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

بعد حرب السادس من أكتوبر 1973، التي أعادت الثقة للجندي العربي في أن لدى العقلية العربية ما يمكنها أن تغيّر النظرة السائدة؛ أننا لا نملك ما لدى الآخر من القدرات للتخطيط المحكم، صحيح أن هذه الحرب لم تحقق كل الأهداف التي نريدها، ولا تمت استعادة كل الأراضي العربية المحتلة؛ لاعتبارات عسكرية وتكتيكية وسياسية، ليست محلا للمناقشة في هذا المقال.

بعدها بسنوات أطلق الرئيس المصري الأسبق أنور السادات عبارة أن حرب السادس من أكتوبر 73 هي آخر الحروب، وربما يقصد أنه يمكن استعادة كل الأراضي العربية المحتلة، ومنها الأراضي الفلسطينية بالوسائل السلمية، لكن هذا القول لم يتحقق من خلال المفاوضات السياسية بالنسبة للأراضي العربية في سوريا ولا لبنان، ولا الأراضي العربية الفلسطينية؛ بسبب الرفض الإسرائيلي للسلام العادل في المنطقة، بل يريد سلاما منقوصا، وهي أساس المشكلة في الحروب العربية/ الإسرائيلية، نعم أن مصر استعادت أراضيها المحتلة بعد حرب 1967، لكن السلام كان أحاديا بين مصر وإسرائيل، أما القضية الفلسطينية فلم يتم حلها، وهذا ما تريده إسرائيل من ابتعاد مصر من الصراع العربي/ الإسرائيلي، بعد اتفاقية السلام المعروفة باتفاقية «كامب ديفيد»، والتي لم تنجح إلا بثمن باهظ؛ كون مصر من أكبر الدول العربية في المنطقة، بمكانتها وتأثيرها السياسي والعسكري وأهميتها الإقليمية.

وقد سعت مصر للحل السلمي في تحركات ولقاءات بين مفاوضين فلسطينيين وإسرائيليين في سنوات عديدة، لكن لم تحقق شيئا؛ لأن إسرائيل لا تريد سلاما حقيقيا وشاملا، من خلال استعادة العرب ما احتلته في حروب عام 1948، وحرب 1967، وانتهى الأمر باتفاقيات «أوسلو» عام 1992، بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وهي مجرد سلطة إدارية بلا حكم ولا دولة قابلة للحياة، ومع ذلك هذه السلطة الإدارية في ظل الاحتلال في الأراضي الفلسطينية؛ فإسرائيل بحكم تفوقها العسكري ودعم الولايات المتحدة الأمريكية لها، ترى أنها متفوقة على كل الدول المحيطة، وأن بإمكانها -كما تعتقد- أن تحتفظ بالأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، وهذا ما جعل الصراع قائما ومستمرا، وسيستمر أيضا حتى لو كانت بعض الدول العربية التي إلى جوار فلسطين ضعيفة عسكريا، في ظل الظروف الراهنة، ولذلك ترى وتشعر أنها تتفوق عسكريا عليهم، إلا هذا الأمر لن يبقى دائما، مهما طال الوقت على هذا الاحتلال، أو الاعتقاد أنها القوة التي لا تهزم، أو من خلال دعم الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الغربية، لكنه يظل شعورا أو توهما في أن ما تملكه من قوة عسكرية قادرة على هزيمة الدول المحيطة، لكن الحقوق المغتصبة لأي أمة من الأمم لا يمكن نسيانها، ولا تجاوزها، حتى مع اختلال موازين القوى العسكرية بين العرب وإسرائيل، وحتى مع المقاومة الفلسطينية التي شبّت عن الطوق والخوف من القوة العسكرية الضاربة، خاصة فارق القوة العسكرية والقدرات الأخرى بينها وبين إسرائيل، ولذلك فهذا الشعور بالتفوق الأبدي، وهو من الأوهام -كما أشرت آنفا- والتجارب في هذا الصدد كثيرة، ومدعاة للنظر والمراجعة للعقول الواعية للتغيرات والتحولات لحركة الشعوب والإرادة على قهر الظلم والتكبر والتفوق؛ فالقوة العسكرية للاتحاد السوفييتي -السابق- كدولة عظمى لم تستطع البقاء في أفغانستان، عندما تخلت عن حماية النظام الماركسي آنذاك في عام 1979، وخسرت عشرات الألوف من القتلى في أفغانستان وانسحبت منها، ويقال إن من أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي كان بسبب دخول السوفييت أفغانستان، والولايات المتحدة لم تستطع الصمود أمام المقاومة الفيتنامية مع ضربهم بآلاف القنابل من طائرات الفانتوم، وعندما قامت الولايات المتحدة باحتلال أفغانستان عام 2002 لم تستطع البقاء في أفغانستان بعد احتلالها، ولم تستفد مما جرى للسوفييت بعد احتلالهم، وخرجت هاربة بسبب المقاومة العنيفة، وتركت النظام يهرب بعد ذلك من الحكم، والسبب هو إرادة المقاومة في استعادة الحق المسلوب، وهكذا هي الشعوب لا بد لها أن تقاوم وتجاهد لاسترداد أراضيها المحتلة.

وهذا ما فعلته المقاومة الفلسطينية في غزة يوم السابع من أكتوبر 2023، وما عُرِف بـ(طوفان الأقصى)، من خلال التخطيط لضربة عسكرية من كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، في التوغل في العمق الإسرائيلي ودخول العديد من القواعد والمعسكرات والمستوطنات وأسْر المئات، ويعد هذا العمل المباغت والمحكم، أحد أهم السوابق العسكرية لفصيل فلسطيني مقاوم لوحده، وليس من دولة مركزية بقوات ضخمة، وقد تحقق لها ما لم يتحقق في كل الحروب العربية/ الإسرائيلية السابقة، مع الفارق العسكري بين القوة الإسرائيلية وبين هذا الفصيل المقاوم في غزة: تلك المدينة الصغيرة والمحاصرة من قبل الاحتلال منذ عقود، لكن قوة الصمود وإرادة التحدي لتحقيق الهدف، مكّن لهم هذا الانتصار الضخم في هذه العملية، غير المسبوقة والنادرة في مخططها العسكري المفاجئ الخداع العسكري.

وإسرائيل منذ إنشائها منذ أكثر من قرن، سعت إلى طرد العرب الفلسطينيين من أرضهم، أو حتى سحقهم كما فعل النازيون، وهذا ما سعى إليه المؤسس للمشروع الصهيوني «تيودور هرتزل» لاحتلال فلسطين أو الهجرة اليهودية لهذه الأرض بأقوال وأساطير كثيرة، أو ما سمّاها هذا المؤسس: (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، لكن هذه الفكرة، كما يقول الكاتب الصحفي محمد حسنين في كتابه (نهايات طرق: العربي التائه 2001)، إن هرتزل يدرك أن هذه الكلمة التي أطلقها من أجل تحريك مخطط توطين اليهود في فلسطين، فيقول الأستاذ هيكل في قصة التأسيس: «أدرك (هرتزل) هذه الحقيقة أثناء قيادته للحركة الصهيونية وراعه بُعدها عن مخيلته (وكان الذي حدث أن «هرتزل» أراد أن يستوثق من استعداد فلسطين للاستيطان اليهودي، بعث باثنين من حاخامات «فيينا» لمهمة استطلاع، ومن فلسطين أرسل إليه الاثنان «تلغرافًا» يقول له بالرمز إن «العروس جميلة -لكن المشكلة أن لديها زوجًا»- يقصد الحاخامان أن «الأرض عليها شعب). وفي هذه المرحلة -ومن مخيلة «تيودور هرتزل» إلى مخطط «ديفيد بن غوريون»- كانت مهمة السلاح في المشروع الإسرائيلي أن يتكفل بقتل الزوج، أو طرده على الأقل لكي يحل شعب مكان شعب أو زوج مكان زوج».

هذه النظرية الصهيونية التي خرجت من أوروبا ليست بعيدة من الفكرة النازية التي يتم الآن إسقاطها على الشعب الفلسطيني، فيما جرى ويجري من قتل همجي وتدمير المباني على ساكنيها؛ فعقلية الإبادة أصبحت حاضرة فيما يتم في غزة منذ الثامن من أكتوبر الحالي، وهي لا تزال راسخة في العقلية الصهيونية، وتقال حتى الآن من بعض المؤثرين في القرار السياسي والعسكري الإسرائيلي، فبعد عملية كتائب القسام بعد اليوم السابع من أكتوبر التاريخي، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي في إحدى جلساته مع العسكريين الإسرائيليين (مجلس الحرب)، سكان غزة أنهم «حيوانات بشرية»، وأعتقد أن هذه كلمة خطيرة وعدوانية، لكنها لم تُقَل لأول مرة.. فقد فوجئت من أيام عندما قرأت في إحدى الدراسات، أن كلمة الحيوانات قيلت في مناسبة سابقة، من الجناح المتطرف نفسه الذي يحكم الآن في إسرائيل، فقبل أكثر من عشرين عاما، (في مقابلة نُشرت في -صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية في 10 مايو 2004)، مع «أرنون سوفر» الأستاذ في جامعة حيفا، والمستشار السابق «لأرئيل شارون»، قال ما نصه: «حين يعيش 2.5 مليون شخص في غزة المغلقة، ستكون كارثة إنسانية. فهؤلاء سيصبحون حيوانات أكثر مما هم عليه الآن، بمساعدة إسلام أصولي مجنون. إن الضغط على الحدود سيكون مخيفا. إنها ستكون حربا مرعبة. ولذا، إذا ما أردنا أن نبقى أحياء، يجب علينا أن نقتل ونقتل ونقتل. - !! - كل الأيام، كل يوم... إذا لم نقتل فلن نبقى في الوجود. الشيء الوحيد الذي يهمني هو كيف نضمن أن يكون في استطاعة الشبان والرجال الذين يتوجب عليهم القيام بالقتل، العودة إلى منازلهم وعائلاتهم والبقاء بشرا عاديين». هذا القول الخطير في آدمية الإنسان الفلسطيني، تكشف أن الفكر الصهيوني ينفّذ هذه الممارسات اللاإنسانية في حق مخلوقات بشرية، وهذا ما يحصل الآن في غزة تحت سمع العالم وبشره، بل إن الحيوانات تستحق الرفق عندما تُقتل عمدا، وهذا القول من هذا السياسي الإسرائيلي يجعل الإنسان العربي وهم أصحاب الحق الأصلي -في رؤيتهم- أدنى حتى من الحيوانات! وهذه الأقوال لا بد من كشفها للعالم، كيف يتم التخطيط القتل اللاإنساني الممنهج، نعم إسرائيل خسرت قدرتها في الاستئثار بالقوة الرادعة، وفشلت حتى استخباراتيا، وهذه بداية الانهيار الحقيقي من الناحية العسكرية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأراضی العربیة من أکتوبر وهذا ما من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 44235 شهيدا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 44235 شهيدا و104638 مصابا منذ 7 أكتوبر من العام الماضي، وذلك بحسبما أفادت فضائية "القاهرة الإخبارية" في خبر عاجل لها، اليوم الاثنين.
وأضافت الصحة الفلسطينية، أن هناك 24 شهيدا و71 مصابا في مجزرتين ارتكبهما الاحتلال بمناطق متفرقة بقطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية.

ويُواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه المُكثف وغير المسبوق على قطاع غزة، جوًا وبرًا وبحرًا، مُخلّفًا آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، منذ السابع من أكتوبر 2023.

ويشن جيش الاحتلال مئات الغارات والقصف المدفعي وتنفيذ جرائم في مختلف أرجاء قطاع غزة، وارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.

ويواجه سكان قطاع غزة قيود إسرائيلية متزامنة في ظل استمرار الحرب، لا سيما محافظتي غزة والشمال، مجاعة شديدة في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عامًا.

مقالات مشابهة

  • باحث فلسطيني: نتنياهو يحمل المؤسسة العسكرية مسؤولية الفشل في 7 أكتوبر
  • المقاومة اللبنانية تستهدف قاعدة راوية الشمالية للعدو الإسرائيلي (مقر قيادة الكتيبة 71 مدرعات) في الجولان السوري المحتل بصلية صاروخية
  • عقلانية المقاومة تردع وحشية العدو
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 44235 شهيدا
  • وسائل إعلام العدو الإسرائيلي تتحدث عن دوي صفارات الإنذار في مستوطنات المطلة ومسكفعام وكفار جلعادي في الجليل المحتل
  • خلاف داخل الجيش الإسرائيلي
  • القضية الفلسطينية محور رئيسي في محطات العلاقات العربية الأمريكية
  • «القاهرة الإخبارية»: القضية الفلسطينية محور رئيسي في العلاقات العربية الأمريكية
  • استشهاد 44176 في غزة جراء العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023
  • عاجل- الصحة الفلسطينية: حصيلة العدوان الإسرائيلي وصلت إلى 44176 شهيدًا منذ السابع من أكتوبر 2023