لجريدة عمان:
2025-01-03@00:00:33 GMT

في السابع من أكتوبر «الطوفان» يزلزل المحتل

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

بعد حرب السادس من أكتوبر 1973، التي أعادت الثقة للجندي العربي في أن لدى العقلية العربية ما يمكنها أن تغيّر النظرة السائدة؛ أننا لا نملك ما لدى الآخر من القدرات للتخطيط المحكم، صحيح أن هذه الحرب لم تحقق كل الأهداف التي نريدها، ولا تمت استعادة كل الأراضي العربية المحتلة؛ لاعتبارات عسكرية وتكتيكية وسياسية، ليست محلا للمناقشة في هذا المقال.

بعدها بسنوات أطلق الرئيس المصري الأسبق أنور السادات عبارة أن حرب السادس من أكتوبر 73 هي آخر الحروب، وربما يقصد أنه يمكن استعادة كل الأراضي العربية المحتلة، ومنها الأراضي الفلسطينية بالوسائل السلمية، لكن هذا القول لم يتحقق من خلال المفاوضات السياسية بالنسبة للأراضي العربية في سوريا ولا لبنان، ولا الأراضي العربية الفلسطينية؛ بسبب الرفض الإسرائيلي للسلام العادل في المنطقة، بل يريد سلاما منقوصا، وهي أساس المشكلة في الحروب العربية/ الإسرائيلية، نعم أن مصر استعادت أراضيها المحتلة بعد حرب 1967، لكن السلام كان أحاديا بين مصر وإسرائيل، أما القضية الفلسطينية فلم يتم حلها، وهذا ما تريده إسرائيل من ابتعاد مصر من الصراع العربي/ الإسرائيلي، بعد اتفاقية السلام المعروفة باتفاقية «كامب ديفيد»، والتي لم تنجح إلا بثمن باهظ؛ كون مصر من أكبر الدول العربية في المنطقة، بمكانتها وتأثيرها السياسي والعسكري وأهميتها الإقليمية.

وقد سعت مصر للحل السلمي في تحركات ولقاءات بين مفاوضين فلسطينيين وإسرائيليين في سنوات عديدة، لكن لم تحقق شيئا؛ لأن إسرائيل لا تريد سلاما حقيقيا وشاملا، من خلال استعادة العرب ما احتلته في حروب عام 1948، وحرب 1967، وانتهى الأمر باتفاقيات «أوسلو» عام 1992، بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وهي مجرد سلطة إدارية بلا حكم ولا دولة قابلة للحياة، ومع ذلك هذه السلطة الإدارية في ظل الاحتلال في الأراضي الفلسطينية؛ فإسرائيل بحكم تفوقها العسكري ودعم الولايات المتحدة الأمريكية لها، ترى أنها متفوقة على كل الدول المحيطة، وأن بإمكانها -كما تعتقد- أن تحتفظ بالأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، وهذا ما جعل الصراع قائما ومستمرا، وسيستمر أيضا حتى لو كانت بعض الدول العربية التي إلى جوار فلسطين ضعيفة عسكريا، في ظل الظروف الراهنة، ولذلك ترى وتشعر أنها تتفوق عسكريا عليهم، إلا هذا الأمر لن يبقى دائما، مهما طال الوقت على هذا الاحتلال، أو الاعتقاد أنها القوة التي لا تهزم، أو من خلال دعم الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الغربية، لكنه يظل شعورا أو توهما في أن ما تملكه من قوة عسكرية قادرة على هزيمة الدول المحيطة، لكن الحقوق المغتصبة لأي أمة من الأمم لا يمكن نسيانها، ولا تجاوزها، حتى مع اختلال موازين القوى العسكرية بين العرب وإسرائيل، وحتى مع المقاومة الفلسطينية التي شبّت عن الطوق والخوف من القوة العسكرية الضاربة، خاصة فارق القوة العسكرية والقدرات الأخرى بينها وبين إسرائيل، ولذلك فهذا الشعور بالتفوق الأبدي، وهو من الأوهام -كما أشرت آنفا- والتجارب في هذا الصدد كثيرة، ومدعاة للنظر والمراجعة للعقول الواعية للتغيرات والتحولات لحركة الشعوب والإرادة على قهر الظلم والتكبر والتفوق؛ فالقوة العسكرية للاتحاد السوفييتي -السابق- كدولة عظمى لم تستطع البقاء في أفغانستان، عندما تخلت عن حماية النظام الماركسي آنذاك في عام 1979، وخسرت عشرات الألوف من القتلى في أفغانستان وانسحبت منها، ويقال إن من أسباب انهيار الاتحاد السوفييتي كان بسبب دخول السوفييت أفغانستان، والولايات المتحدة لم تستطع الصمود أمام المقاومة الفيتنامية مع ضربهم بآلاف القنابل من طائرات الفانتوم، وعندما قامت الولايات المتحدة باحتلال أفغانستان عام 2002 لم تستطع البقاء في أفغانستان بعد احتلالها، ولم تستفد مما جرى للسوفييت بعد احتلالهم، وخرجت هاربة بسبب المقاومة العنيفة، وتركت النظام يهرب بعد ذلك من الحكم، والسبب هو إرادة المقاومة في استعادة الحق المسلوب، وهكذا هي الشعوب لا بد لها أن تقاوم وتجاهد لاسترداد أراضيها المحتلة.

وهذا ما فعلته المقاومة الفلسطينية في غزة يوم السابع من أكتوبر 2023، وما عُرِف بـ(طوفان الأقصى)، من خلال التخطيط لضربة عسكرية من كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، في التوغل في العمق الإسرائيلي ودخول العديد من القواعد والمعسكرات والمستوطنات وأسْر المئات، ويعد هذا العمل المباغت والمحكم، أحد أهم السوابق العسكرية لفصيل فلسطيني مقاوم لوحده، وليس من دولة مركزية بقوات ضخمة، وقد تحقق لها ما لم يتحقق في كل الحروب العربية/ الإسرائيلية السابقة، مع الفارق العسكري بين القوة الإسرائيلية وبين هذا الفصيل المقاوم في غزة: تلك المدينة الصغيرة والمحاصرة من قبل الاحتلال منذ عقود، لكن قوة الصمود وإرادة التحدي لتحقيق الهدف، مكّن لهم هذا الانتصار الضخم في هذه العملية، غير المسبوقة والنادرة في مخططها العسكري المفاجئ الخداع العسكري.

وإسرائيل منذ إنشائها منذ أكثر من قرن، سعت إلى طرد العرب الفلسطينيين من أرضهم، أو حتى سحقهم كما فعل النازيون، وهذا ما سعى إليه المؤسس للمشروع الصهيوني «تيودور هرتزل» لاحتلال فلسطين أو الهجرة اليهودية لهذه الأرض بأقوال وأساطير كثيرة، أو ما سمّاها هذا المؤسس: (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، لكن هذه الفكرة، كما يقول الكاتب الصحفي محمد حسنين في كتابه (نهايات طرق: العربي التائه 2001)، إن هرتزل يدرك أن هذه الكلمة التي أطلقها من أجل تحريك مخطط توطين اليهود في فلسطين، فيقول الأستاذ هيكل في قصة التأسيس: «أدرك (هرتزل) هذه الحقيقة أثناء قيادته للحركة الصهيونية وراعه بُعدها عن مخيلته (وكان الذي حدث أن «هرتزل» أراد أن يستوثق من استعداد فلسطين للاستيطان اليهودي، بعث باثنين من حاخامات «فيينا» لمهمة استطلاع، ومن فلسطين أرسل إليه الاثنان «تلغرافًا» يقول له بالرمز إن «العروس جميلة -لكن المشكلة أن لديها زوجًا»- يقصد الحاخامان أن «الأرض عليها شعب). وفي هذه المرحلة -ومن مخيلة «تيودور هرتزل» إلى مخطط «ديفيد بن غوريون»- كانت مهمة السلاح في المشروع الإسرائيلي أن يتكفل بقتل الزوج، أو طرده على الأقل لكي يحل شعب مكان شعب أو زوج مكان زوج».

هذه النظرية الصهيونية التي خرجت من أوروبا ليست بعيدة من الفكرة النازية التي يتم الآن إسقاطها على الشعب الفلسطيني، فيما جرى ويجري من قتل همجي وتدمير المباني على ساكنيها؛ فعقلية الإبادة أصبحت حاضرة فيما يتم في غزة منذ الثامن من أكتوبر الحالي، وهي لا تزال راسخة في العقلية الصهيونية، وتقال حتى الآن من بعض المؤثرين في القرار السياسي والعسكري الإسرائيلي، فبعد عملية كتائب القسام بعد اليوم السابع من أكتوبر التاريخي، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي في إحدى جلساته مع العسكريين الإسرائيليين (مجلس الحرب)، سكان غزة أنهم «حيوانات بشرية»، وأعتقد أن هذه كلمة خطيرة وعدوانية، لكنها لم تُقَل لأول مرة.. فقد فوجئت من أيام عندما قرأت في إحدى الدراسات، أن كلمة الحيوانات قيلت في مناسبة سابقة، من الجناح المتطرف نفسه الذي يحكم الآن في إسرائيل، فقبل أكثر من عشرين عاما، (في مقابلة نُشرت في -صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية في 10 مايو 2004)، مع «أرنون سوفر» الأستاذ في جامعة حيفا، والمستشار السابق «لأرئيل شارون»، قال ما نصه: «حين يعيش 2.5 مليون شخص في غزة المغلقة، ستكون كارثة إنسانية. فهؤلاء سيصبحون حيوانات أكثر مما هم عليه الآن، بمساعدة إسلام أصولي مجنون. إن الضغط على الحدود سيكون مخيفا. إنها ستكون حربا مرعبة. ولذا، إذا ما أردنا أن نبقى أحياء، يجب علينا أن نقتل ونقتل ونقتل. - !! - كل الأيام، كل يوم... إذا لم نقتل فلن نبقى في الوجود. الشيء الوحيد الذي يهمني هو كيف نضمن أن يكون في استطاعة الشبان والرجال الذين يتوجب عليهم القيام بالقتل، العودة إلى منازلهم وعائلاتهم والبقاء بشرا عاديين». هذا القول الخطير في آدمية الإنسان الفلسطيني، تكشف أن الفكر الصهيوني ينفّذ هذه الممارسات اللاإنسانية في حق مخلوقات بشرية، وهذا ما يحصل الآن في غزة تحت سمع العالم وبشره، بل إن الحيوانات تستحق الرفق عندما تُقتل عمدا، وهذا القول من هذا السياسي الإسرائيلي يجعل الإنسان العربي وهم أصحاب الحق الأصلي -في رؤيتهم- أدنى حتى من الحيوانات! وهذه الأقوال لا بد من كشفها للعالم، كيف يتم التخطيط القتل اللاإنساني الممنهج، نعم إسرائيل خسرت قدرتها في الاستئثار بالقوة الرادعة، وفشلت حتى استخباراتيا، وهذه بداية الانهيار الحقيقي من الناحية العسكرية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأراضی العربیة من أکتوبر وهذا ما من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم الأقصى 22 مرة ومنع رفع الأذان في الإبراهيمي 48 وقتا

وثقت وزارة الأوقاف والشؤون الدّينية الفلسطينية، في تقريرها الشهري حول انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيها لدور العبادة، 22 اقتحاما للمسجد الأقصى المبارك، ومنع رفع الأذان في الحرم الإبراهيمي بالخليل 48 مرة، خلال شهر ديسمبر الماضي.

وقالت الأوقاف في تقريرها، بحسب وكالة الانباء الفلسطينية وفا إن قوات الاحتلال والمستعمرين صعَّدوا من اعتداءاتهم بحق المسجد الأقصى، مشيرة إلى اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، المسجد في أول أيام عيد الأنوار اليهودي بحراسة قوات الاحتلال المشدّدة، وهو الاقتحام السابع له منذ تولّيه منصبه.

وحذرت من طبيعة هذه الاعتداءات التي تهدف إلى تكريس وجود المستعمرين وفرض أمر واقع جديد، من خلال أداء طقوس تلمودية كالســــجود الملحمي الجماعي والنفخ بالبوق وإدخال القرابين النباتية، في وقت ومكان محددين.

وأشارت إلى أن هذه الاقتحامات تجرى تحت إشراف وحماية شرطة الاحتلال، التي تمنع بشكل دائم حراس المسجد الأقصى التابعين لدائرة الأوقاف في القدس من القيام بعملهم داخل ساحاته، وتضيِّق على المصلين المسلمين، وتلاحقهم وتحتجزهم عن بوابات الأقصى.

وفي خطوة استفزازية، نشرت جماعات استعمارية متطرفة صورة معدلة تُظهر الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، مرفقة بعبارة "بناء الهيكل أقرب من أي وقت مضى"، كما دعت اتباعها لاقتحامات واسعة للمسجد.

وفيما يتعلق بالحرم الإبراهيمي، وثقت وزارة الأوقاف، منع قوات الاحتلال رفْع الأذان 48 وقتًا، كما اقتحمته واعتلت سطحه وأخذت بعض القياسات، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحرمة المقدسات الإسلامية وتعديًا على أملاك الوقف.

كما وثقت الأوقاف، قيام سلطات الاحتلال بتنفيذ حفريات وتمديد خط صرف صحي في ساحات الحرم الإبراهيمي، كما اعتدت على مدير الحرم الشيخ معتز أبو سنينة، عند البوابات العسكرية المؤدية إلى الحرم ومنعت إسعافه، وحاولت تعطيل فعالية لتلاوة القرآن في الحرم.

وجدد وزارة الأوقاف والشّؤون الدّينيّة، تحذيرها من المخططات الخطيرة المزمع تنفيذها تجاه الحرم الإبراهيمي الشّريف، والّتي أعلن عنها عضو الكنيست عن حزب اللّيكود، والّذي طالب بالسيطرة على الحرم الإبراهيمي ووضعه بشكل كامل تحت السّيادة الإسرائيليّة.

ووثق التقرير اخطار بلدية الاحتلال في القدس بهدم مسجد الإسراء في حي واد ياصول ببلدة سلوان في القدس المحتلة، وقيام مجموعة من المستعمرين الإرهابيين بالاعتداء على مسجد بر الوالدين في قرية مردة في محافظة سلفيت، وانتهاك حرمة مسجد يانون قرب بلدة عقربا في محافظة نابلس وتدنيسه بأحذيتهم والتقاط الصور وأداء طقوس تلموديه داخله.

وأشار التقرير إلى اعتداء قوات الاحتلال على مسجد أبو بكر الصديق في مخيم نور شمس ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه وإلحاق أضرار جسيمة بمرافقه، كما دمرت جرافات الاحتلال مدخل مسجد السلام في مخيم طولكرم، وأغلقته بالسواتر الترابية.

اقرأ أيضاً«انتهاكا فاضحا لقدسيته».. الأوقاف الفلسطينية تستنكر اقتحام المتطرف بن غفير للمسجد الأقصى

الأوقاف الفلسطينية تدين تصريحات عضو بـ «حزب الليكود» بتأميم الحرم الإبراهيمي والسيطرة عليه

الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمر 611 مسجدا بشكل كلي في غزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام

مقالات مشابهة

  • بالصور: الجيش الإسرائيلي يكشف أسرار عمليته العسكرية في منطقة مصياف
  • وزير الخارجية الإسرائيلي من الحدود السورية: لن نسمح بتكرار سيناريو 7 أكتوبر
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي لـ 45581 شهيدًا في غزة
  • ‏الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل891 عسكريا في الخدمة النظامية والاحتياطية وإصابة 5 آلاف و569 منذ 7 أكتوبر 2023
  • الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم الأقصى 22 مرة ومنع رفع الأذان في الإبراهيمي 48 وقتا
  • "منذ أكتوبر 2023" تعرف علي أبرز الأحداث السياسية في المنطقة العربية وسط انتشار الشائعات
  • الجامعة العربية والقضية الفلسطينية في 2024.. دعم قوي ونهج راسخ
  • الثوابتة: العدو الصهيوني قتل 1091 رضيعاً في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023
  • الصحة الفلسطينية: إجلاء عشرات الأطفال والمرضى لاستكمال علاجهم بالخارج
  • تصريح صادم من وزير المالية الإسرائيلي لـ"أسر المحتجزين": "لا ضمان بعودة ذويكم أحياء من غزة"