لجريدة عمان:
2024-11-23@23:51:29 GMT

لا بد من حل الدولتين

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

ما تطرقنا إليه في مقالين سابقين حول اختلال ميزان العدالة الدولية وتصرفات دول الغرب الكبرى عبر مواقف تعكس فصاما لا يتطابق فيه منطق الحق والعدل مع منطق القوة، سيبدو أكثر قتامةً حيال ما أصبح عليه عالم اليوم الذي زالت عنه الثنائية القطبية القديمة التي حكمت سنوات الحرب الباردة -ما بعد الحرب العالمية الثانية- عند ظهور قوتين عظميين على أنقاض بريطانيا وفرنسا (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي) فكان لتوازن القوى الحاكم بينهما خلال سنوات الحرب الباردة (1945 - 1990) قدرة واضحة على تدبير مركزية عالمية للأمن، مع بقاء هوامش ساخنة للحرب الباردة (لبنان - إريتريا - أفغانستان) التي تم حسمها مع زوال الثنائية القطبية بعيد عام 1990.

لقد كان منطق الحرب الباردة تحكمه قواعد وموازين تمثل رعبا استراتيجيا، يجعل من كل قطب من القطبين الكبيرين حريصا على توخي الحذر الشديد من ردود فعل القطب الآخر، بل كانت هناك مناطق واضحة لتقاسم النفوذ في العالم تعد حدود اشتباك مرعية بين الطرفين.

اليوم في ظل متغيرات كثيرة وكبيرة، مثل؛ تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1990 وظاهرة العولمة، إلى جانب ثورة المعلوماتية والاتصال (الإنترنت - السوشيال ميديا) التي تزامنت كلها في عقد واحد هو عقد التسعينيات الميلادية لا تبدو مقولة «عالم متعدد الأقطاب» التي يروج لها البعض أمرا حقيقيا، نتيجة لتلك المتغيرات الكبيرة التي أشرنا إليها آنفا.

ذلك أن الوجه الذي تغيّر به العالم من خلال تحولات العولمة وثورة الإنترنت غيّر حتى طبيعة وهوية المصالح -كما كان يتصوّرها الناس فيما قبل عام 1990، وبالتالي فإن طبيعة تلك التحولات ستفرض نفسها على نحو حساس تعبر عنه المصالح بين الدول الكبرى وتشتبك بطريقة أكثر تعقيدا بما لا يمكن تصوره من قبل.

صحيح ستبقى هناك الدعاية والأيديولوجيا، لكن ما يجعل منها أدوات مجوفة وخالية من المضمون يندرج فيما هو غير مرئي من العلاقات المعقدة والمتشابكة التي تفرضها متغيرات هوية المصالح الجديدة والمعقدة ما بعد الحرب الباردة بين الدول الكبرى، بالرغم من التكتلات المتعددة التي تنشط فيها بعض الدول -اقتصاديا وليس سياسيا- مثل منظومة بريكس وغيرها.

والحال، أن ما نراه اليوم من حال الوضع الذي تمر به القضية الفلسطينية والتجاوزات غير المسبوقة في الوقوف من قبل دول الغرب مع إسرائيل في ظل ما تفعله الأخيرة من أفعال غير مقبولة، على خلفية أحداث يوم السابع من أكتوبر ربما كان دليلا على ما نذهب إليه.

وإذا كانت قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي حول عدالة القضية الفلسطينية التي صدرت خلال سنوات الحرب الباردة قد أجبرت الولايات المتحدة والغرب على الإقرار بها وعدم القدرة على استخدام حق الفيتو ضدها، آنذاك، فإن واقع اليوم للأسف بدا واضحا أنه واقع يمر فيه العالم بأوضاع مختلة على نحو أكثر خطورة من أي وقت مضى. ربما احتج البعض بنموذج اجتياح بيروت في عام 1982 وخذلان الاتحاد السوفييتي للفلسطينيين -الذين راهنوا عليه آنذاك- لكن الحقيقة أن ذلك كان قبل 7 سنوات فقط من تفكك الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي يفسر لنا عجز السوفييت عن دعم منظمة التحرير الفلسطينية وخذلان ياسر عرفات وخروج المقاومة الفلسطينية من بيروت إلى تونس.

لقد مارست الولايات المتحدة منذ سنوات ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي خروجا عن سلطة مجلس الأمن الدولي في أكثر من تحرك خارجي دون أن يعكس ذلك أثرا في ردود فعل دول كبيرة كالصين وروسيا ضد تحركها نتيجة لاختلال واضح في ميزان القوة الجديد الذي فرضته النتائج الاستراتيجية للحرب الباردة.

هكذا ربما كان التعويل اليوم منحصرا، فقط، على إمكان تعقل استراتيجي من طرف أمريكا وإسرائيل والقدرة على إدراك أن المصلحة الحقيقية للسلم في منطقة الشرق الأوسط والعام تكمن في حل الدولتين، بعد كل ما يمكن أن تتمخض عنه نتائج الأحداث المؤسفة الجارية اليوم في فلسطين، من مذابح، فذلك في تقديرنا هو الرهان الوحيد الذي يمكن أن يؤكد للغرب الأمريكي والأوروبي وللإسرائيليين: أن تصفية القضية الفلسطينية (كما تتصور أكثر الحكومات اليمينية تطرفا في تاريخ إسرائيل اليوم بقيادة نتانياهو) هو أمر من سابع المستحيلات. وبالتالي لا بد من حل الدولتين وإن طال السفر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاتحاد السوفییتی الحرب الباردة

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني

 

أوضح المبعوث الأمريكي للسودان، توم بيرييلو، أن السبيل الوحيد لإنهاء معاناة السودانيين هو إنهاء الحرب وتمكين الشعب السوداني من اتخاذ قراراته بشأن مستقبله.

الخرطوم ــ التغيير

قال بيرييلو في منشور على منصة “إكس” إنه عقد  اجتماعات مثمرة في بورتسودان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، وقادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.

أكد أن الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني بشكل فوري، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد لوضع حد للمعاناة هو إنهاء هذه الحرب ومنح الشعب السوداني القدرة على تحديد مستقبله.

أوضح أن الرسالة التي تلقاها بوضوح من ممثلي المجتمع المدني الذين قابلهم في بورتسودان تنص على أن الجرائم التي تستهدف النساء السودانيات يجب أن تتوقف، ويجب حماية المدنيين.

وأضاف “نحن نتشارك معهم في حرصهم على إنهاء هذه الحرب، وإيقاف الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين، وضمان سودان موحد وديمقراطي وسلمي.

ورحب المبعوث الأمريكي بالتحسينات الأخيرة في توسيع الوصول للمساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة، كأكبر دولة مانحة للمساعدات للسودان، ستبذل قصارى جهدها لضمان وصول الغذاء والماء والأدوية إلى الناس في جميع الولايات الثماني عشرة بالإضافة إلى اللاجئين.

و قال: “أعبر عن تقديري للجهود الأخيرة التي تهدف إلى تحسين تدفق المساعدات الطارئة لـ 25 مليون سوداني يعانون من المجاعة والجوع الحاد. يجب علينا الاستمرار في زيادة كميات الغذاء والدواء المرسلة من بورتسودان وأدري، وتوسيع نطاق رحلات الإغاثة إلى المناطق النائية”.

أشار إلى أنه استمع إلى الآراء التي طرحها العاملون في المجال الإنساني من الأمم المتحدة في بورتسودان، مضيفًا: “مع تقديم الولايات المتحدة لأكثر من نصف الدعم الإغاثي في السودان، أُقدِّر التقدم الذي تم إحرازه في جهود تقديم المساعدة للمجتمعات الضعيفة في مختلف أنحاء البلاد، وستستمر الولايات المتحدة في دعم جهود الشركاء لتوسيع نطاق الإغاثة الطارئة للسودانيين الضعفاء”.

الوسومالحرب المبعوث الأمريكي بورتسودان توم بريللو

مقالات مشابهة

  • حقبة الحرب الباردة انتهت.. والليبرالية والديمقراطية باقيتان
  • القضية الفلسطينية محور رئيسي في محطات العلاقات العربية الأمريكية
  • «القاهرة الإخبارية»: القضية الفلسطينية محور رئيسي في العلاقات العربية الأمريكية
  • من بحري إلى بيالي: قصة الموسيقار اللاجئ الذي يبحث عن الأمل في المنفى 
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • بريطانيون يتدافعون لشراء مخابئ نووية من الحرب الباردة بأسعار قياسية
  • السلطة الفلسطينية تُرحب بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
  • مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
  • الرئاسة الفلسطينية تنتقد الفيتو الأميركي بشأن الحرب في غزة
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني