نساء غزة في أماكن النزوح القسري
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
سافرت هبة الشابة الثلاثينية لمؤتمر للشباب حول الحوكمة الرقمية في دولة تونس الشقيقة قبل الحرب على غزة بأسبوعين، وتركت خلفها ثلاث بنات: لجين ذات العشر سنوات، وجوري ذات الثمانية والصغير كنزي التي لا يتجاوز عمرها الأربع سنوات، أخبرتني أنها كانت متحمسة للسفر؛ فهذه هي المرة الأولى التي تتاح لها فرصة السفر خصوصًا مع تعثر فتح معبر رفح المتكرر بسبب الحصار الخانق على غزة منذ عام 2007 م.
قالت هبة شعرت بدوار في رأسي، ولوهلة تذكرت بناتي وكيف سيكون حالهنّ الآن وأنا التي عشت العديد من الحروب على غزة وأعلم كيف سيكون الأمر مروعًا.
تواصل حديثها: اتخذنا القرار وتوجهنا بشكل جماعي للمعبر المسافة لا تقل عن سبع ساعات متواصلة وما أن وصلنا حتى تم قصف معبر رفح البري من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي.
عدنا بخفي حنين نبكي حالنا ونتابع الأخبار عن كثب لحظة بلحظة، دموعي لم تجف وما زاد الطين بلة هو قطع الاتصالات والإنترنت لأيام متواصلة والذي أدى إلى إعاقة تواصلي مع بناتي وأهلي وزوجي. إنها معاناة أعيشها منذ بدء الحرب والتي أتمنى أن تنتهي في أسرع فرصة لرؤية بناتي واحتضانهنّ إن كُتبت لهنّ الحياة في ظل إيغال الاحتلال الإسرائيلي في قتل المدنيين من الأطفال والنساء.. هذا ما قالته هبة وهي تشعر بكثير من الخوف والوجل.
لم يكن حال نساء غزة أفضل من حال هبة؛ فالواقع الذي تعيشه المرأة الفلسطينية مرير منذ اليوم الأول للحرب على غزة خصوصًا بعدما اضطرت عوائل بأكملها إلى مغادرة مكان سكناها قسرًا من شمال قطاع غزة إلى جنوبه للبحث عن الأمان تحديدًا مع تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف المدنيين العزّل من الأطفال والنساء.. هذا الواقع الذي فُرض على المرأة جعلها في حالة تحدٍ وصراع مستمر من أجل البقاء وتحقيق الأمن لعائلتها في بيئة نزوح لا ترقى لذلك ولا يوجد فيها أدنى مقومات الحياة، زد على ذلك إضافة العديد من المتطلبات التي وقعت على عاتقها من تجهيز أماكن للنوم مع الحفاظ على الخصوصية في ظل مشاركة عائلات أخرى، ثم إعداد الطعام بقدر الإمكان وباستخدام أقل الإمكانيات، ثم الاصطفاف منذ الساعة السادسة صباحًا في طوابير الخبز لتوفير نصف ربطه للأفواه الجائعة، ويستمر هذا الأمر لساعات، ومن بعده تعود للاصطفاف في طابور الماء إنْ توفرت مياه صالحة للشرب.. وتهدئة الأطفال في حالة القصف والمحافظة على راحتهم أثناء النوم من خلال توفير ما تيسر من أغطية ومستلزمات للنوم أمر صعب للغاية. وغسل الملابس والأواني بأقل كمية من الماء يعتبر معجزة في أماكن النزوح البالغ عددها أكثر من 222 مركزا ما بين مدارس وساحات المستشفيات. لا مكان للرفاهية فكل النساء سواسية، كلهنّ يمارسن نفس الأدوار، هن منبع للعطاء ومثال للتضحية، وما زاد الأعباء عليهنّ استمرار أيام الحرب دون هدنة مطلقًا هذا سبب ظهور العديد من المشكلات الصحية عند الأبناء، منها الأمراض الجلدية والمعوية والإسهال وانتشار الجدري.
تجلس وئام برفقة أبنائها الأربعة وحيدة تحتضن أصغرهم الذي لم يتجاوز العامين تبكى حالها بعد أن استشهد زوجها وهو يؤدي الصلاة داخل أحد المساجد التي تم استهدافها في منطقة بيت لاهيا فأصبح أثرا بعد عين.. والخوف من استمرار القصف أجبرها للنزوح برفقة أهل زوجها وجيرانها للبحث عن أمان وهمي في ظل القصف المتواصل في جنوب قطاع غزة، عيونها تتوشح بسواد ينم عن عدم قدرتها على النوم، أعراض الأرق والقلق واضحة عليها، لم نفرح بمنزلنا الذي شيده زوجي قبل أشهر فتركناه ربما تدمر الآن، قالت عبارتها وهي تربت على كتف صغيرها بيدها المرتجفة.
جارتها سلمى التي تقاسمها غرفة الفصل الدراسي في مدرسة النزوح لم تكف عن الصراخ بسبب آلام المخاض التي جاءتها فجأة وهي في نهاية شهرها الثامن، ما جعل النساء يسرعن في البحث عن ممرضة لتوليدها داخل الفصل، خرج كل من بالفصل أمام ساحة المدرسة فتحولت إلى ساحة ترقّب من قبل الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، الكل يبتهل بالدعاء لهذه المسكينة التي حال الظلام الدامس بينها وبين خروجها للمستشفى، أسرعت بعض النسوة للمساعدة بتوفير الماء الساخن من أحد البيوت المجاورة، أمّا الأخريات فذهبن لتوفير بعض الملابس للطفل المرتقب.. صرخة مدوية أخرجتها المرأة ليسُمع بعدها صوت صراخ الطفل الصغير، تكبيرات من الخارج وهتافات بعد سماع نبأ ولادتها، أُطلق على الطفل اسم «عودة» تيمنًا بجده الذي ولد في إحدى خيام اللجوء عام 1949م.
كما سلمى التي وضعت طفلها الثاني في بيئة غير آمنة صحيًا بالمطلق هناك أكثر من 222 حالة ولادة يوميًا بمركز اللجوء على امتداد قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 365 كم مربع، هذا الواقع يستدعي ضرورة التدخل الفوري ممن ينادون بحقوق المرأة والطفل لتطبيق المواثيق والقوانين الدولية التي تنادي بحق النساء في العيش بحياة كريمة أثناء الصراعات.
والأشد صعوبة هو مراعاتها للحالة النفسية للأبناء من كافة الأعمار في ظل القصف المتواصل والذي يستخدم فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي أعتى الأسلحة المحرمة دوليًا التي تسبب الخوف الشديد والقلق ونوبات الهلع والتبول اللاإرادي، هذه الظروف الاستثنائية تتطلب من المرأة ممارسة أدوار أخرى تسبب لها ضغطا نفسيا كونها كائنا عاطفيا بطبعه لا يمكن لها أن تتخيل فقد أحد من أبنائها في ظل تغول الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب جرائم بحق الأطفال والنساء وكأنه يسعى لتحقيق انتصار وهمي من وراء ارتكابه مزيدا من المجازر.
تحتاج المرأة والطفل لتوفر الأمن والأمان هذا حسب ما تنص عليه القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية في العالم لإنهاء هذا الصراع المستمر منذ عام 1948 م ولن يحدث ذلك إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی العدید من معبر رفح قطاع غزة على غزة
إقرأ أيضاً:
القوات الإسرائيلية تجبر 130 عائلة على النزوح من بيت حانون شمالي قطاع غزة
أجبر الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء مئات المواطنين على النزوح من مراكز إيواء ومنطقة سكنية في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة تحت إطلاق النار والقصف المدفعي
وأفادت مصادر محلية، بأن القوات الإسرائيلية المتوغلة
في المنطقة حاصرت 130 عائلة داخل مراكز الإيواء في بلدة بيت حانون والمنازل المحيطة بها، وأجبر من فيها على النزوح تحت الرصاص وتهديد السلاح خارج البلدة.
وقال شهود عيان، إن النازحين خرجوا تحت زخات الرصاص وتهديد السلاح من مراكز الإيواء والبيوت المجاورة باتجاه شارع صلاح الدين الواصل شمال قطاع غزة بجنوبه.
وأشار الشهود إلى أن البلدة تشهد قصفا مدفعيا مكثفا تزامنا مع إطلاق نار من قبل الآليت الإسرائيلية.
ومن جانبه أعلن المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، واقع مدينة بيت حانون في ظل الاجتياح البري والحصار المفروض على محافظة الشمال لليوم الـ40 على التوالي:
عدد سكان مدينة بيت حانون قرابة 7500 مواطن.تبلغ مساحة مدينة بيت حانون حوالي 20 كيلو متراً.يوجد بداخلها 4 مراكز إيواء وهم: (مدرسة مهدية الشوا، مدرسة غازي الشوا، مدرسة الوكالة الشوا، المدرسة الغربية).القوات الإسرائيلية تحاصر المدينة بشكل كامل من كافة الاتجاهات.ارتكبت القوات الإسرائيلية فجر اليوم مجزرتين بحق عائلتي شبات والكفارنة راح ضحيتها نحة 15 قتيلا وعدد من الجرحى، وما زالوا تحت أنقاض المنازل وفي الشوارع.للمرة الأولى منذ بدء الحصار تم إدخال 3 شاحنات دقيق ومعلبات ومياه على المدينة، وفجر هذا اليوم تم إفراغ المدارس من المواطنين دون الاستفادة من هذه المساعدات.لليوم الـ21 على التوالي مدينة بيت حانون بلا دفاع مدني ولا مستشفيات ولا إسعافات.لليوم الـ40 على التوالي ما زالت القوات الإسرائيلية تحاصر المدينة وتمنع عنها الطعام والشراب والدواء.هجّرت القوات الإسرائيلية المئات من المواطنين من مدينة بيت حانون باستخدام القوة المفرطة، وما زال يتواجد عدد كبير من المواطنين داخل المنازل في المدينة.
فضيحة التسريبات الأمنية تهز حكومة نتنياهو وتثير جدلاً سياسيًا في إسرائيل
تعيش الساحة السياسية الإسرائيلية أزمة حادة من عدم الثقة، إثر فضيحة تسريب معلومات أمنية حساسة من ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي أحدثت ضجة كبيرة وأثارت قلقًا واسعًا. فقد وصف سياسيون ووزراء سابقون من المعارضة هذه التسريبات بأنها “إفشاء لأسرار الدولة” لتحقيق مصالح سياسية، مما يزيد التوتر بين الشعب والحكومة.
وصرح المحامي ميخا باتمان، الذي يتولى الدفاع عن أحد المتهمين في القضية، صباح اليوم الثلاثاء لموقع “ynet” بأن موكله كان يعتقد أن المعلومات التي تم الكشف عنها كان ينبغي أن تصل إلى رئيس الوزراء، مشيرًا إلى أن إيلي فيلدشتاين، المتهم الرئيسي في القضية، أكد نقل هذه المعلومات إلى نتنياهو، الذي بدا مهتمًا للغاية وخصص يومًا من الأجر لمتابعة هذا الملف.
وأوضح المحامي أن الدافع وراء التسريبات كان له صلة بصفقة تبادل الأسرى والرهائن، حيث كانت هذه المعلومات تهدف لمساعدة رئيس الوزراء ومستشاريه في اتخاذ قرارات أفضل بشأن الصفقة، ما يظهر تسخيرًا لهذه المعلومات الحساسة لأهداف تتعلق بتفاوضات سياسية.
وبحسب ما تردد، فقد بدأت الأزمة حين تم الكشف عن تورط مستشار كبير، لا يحمل تصنيفًا أمنيًا يسمح له بالوصول إلى الوثائق السرية، في تسريب وثائق مصنفة سرية للغاية إلى وسائل إعلام أجنبية. وأشارت التقارير إلى أن هذا المستشار كان يتواجد بشكل متكرر إلى جانب نتنياهو في اجتماعات مغلقة وزيارات رسمية، مما سهل وصوله إلى معلومات حساسة على الرغم من عدم تأهيله للاطلاع عليها.
أثارت هذه الفضيحة حالة من السخط وعدم الثقة داخل إسرائيل، حيث تتصاعد التساؤلات حول مدى سلامة الإجراءات الأمنية داخل ديوان رئيس الوزراء، وما إذا كانت مصالح الدولة تُوظف لخدمة أهداف سياسية ضيقة. ويرى المراقبون أن هذه القضية قد تؤدي إلى إعادة النظر في سياسات الأمن الداخلي وتعزيز الرقابة على الوثائق الحساسة لمنع تكرار هذه الحوادث التي تهدد أمن الدولة وتماسكها السياسي.