أنا واحدة من ثلاثة وعشرين مستشارا استقالوا من حزب العمال منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس. في مجلس مدينة أوكسفورد، حيث أشارك الآن بوصفي عضوا مستقلا، غادر ثمانية أعضاء. والسبب الذي جعلني أستقيل هو أن زعيم حزب العمال كير سترامر أقرّ على نحو مريع العقاب الجماعي للفلسطينيين في غزة.

في حوار مع (إل بي سي) في الحادي عشر من أكتوبر، سئل ستامر عما لو أن حصار إسرائيل لغزة ـ وقطعها الكهرباء والماء عنها ـ أمر مناسب فقال «أعتقد أن ما تفعله إسرائيل صواب، الوضع مستمر.

بديهي أن كل شيء يجب أن يتم في إطار القانون الدولي، لكنني لا أريد أن أتجاوز المبادئ الجوهرية التي تخول لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها».

أزعجني ذلك الرد لأن أفعال إسرائيل تمثل شكلا من أشكال العقاب الجماعي، وهو غير مشروع بموجب القانون الدولي. وستامر كان من قبل محامي حقوق إنسان ولا بد أنه على دراية بهذا. ولكن كلماته جاءت انعكاسا لكلمات النائب العام إيميلي ثورنبيري التي رفضت هي الأخرى إدانة قطع الكهرباء والماء.

وحتى اليوم لم يقم ستامر أو أي من أعضاء حكومة الظل التي يرأسها بالدعوة علنا وجهرا إلى وقف إطلاق النار أو إلى إنهاء استعمال إسرائيل القاتل والعشوائي للقوة لسحق غزة، وهي من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية إذ يتكدس فيها مليونان ومئتا ألف نسمة قرابة النصف منهم من الأطفال دون الثامنة عشرة.

بوصفي شخصا انخرط من قبل في الغوث الدولي لأكثر من خمسة عشر عاما، فقد عملت في أرجاء المنطقة التي تضم الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورأيت في مخيمات اللاجئين بغزة، المسماة لسخرية القدر باسمين جميلين هما مخيم الشاطئ ومخيم جباليا، وقد تعرض كلاهما للقصف.

لقد قضيت عقودا وأنا أعمل مع فرق طوارئ الغوث الدولية إذ تحاول التفاوض لتوصيل الغوث إلى مناطق الصراع ومناصرة الحالات الإنسانية، وتدعو الحكومات والساسة إلى الاقتداء بها في ذلك. ولم يخطر لي قط أني قد أفعل مثل ذلك يوما داخل حزبي نفسه.

لو أن ستامر قادر أن يبلغ هذا الطيش في التصريحات والافتقار إلى المبادئ وهو زعيم المعارضة، فما بالنا به حينما يصبح ـ كما هو متوقع ـ رئيسا للوزراء في الانتخابات العامة القادمة؟ لقد قال المتحدث باسم ستامر ـ بعد مرور أسبوع على تصريحه ـ إن «ذلك كان من اللحظات التي تتداخل فيها الأسئلة والأجوبة بناء على ما قيل من قبل». ثم بدأ ستامر نفسه في التراجع. لكن بدلا من أن يكتفي بقوله إنه أخطأ أو أساء التعبير، حاول أن يجعل الأمر يبدو وكأنه لم يقل قط ما قاله بالفعل.

«أعرف أن مقطع (إل بي سي) انتشر على نطاق واسع وتسبب في قلق وحزن حقيقيين في بعض أوساط المسلمين، فاسمحوا لي أن أوضح ما كنت أقوله وما لم أكن أقوله. كنت أقول إن لإسرائيل حق الدفاع عن النفس، وحينما أشرت إلى ذلك الحق كنت أعني أنه حق الدفاع عن النفس. ولم أكن أقول إن لإسرائيل الحق في قطع الماء أو الغذاء أو الوقود أو الدواء».

يبدو أن استراتيجية فريقه لإخراج أنفسهم من هذه الحفرة تتمثل في تسليط الضوء على المسلمين البريطانيين وابتلائهم بالمزيد من الأذى والاحتقار لأوساطهم المدمَّرة. ولقد سنحت فرصة التقاط صور في مركز إسلامي بجنوب ويلز ـ قام ستامر بعدها بنشر تغريدة سيئة الصياغة أشارت إلى رهائن حماس ـ فزادت الأمور سوءا.

إن الصراع بين إسرائيل وفلسطين ليس في جوهره موضوعا إسلاميا أو يهوديا، وإنما هو موضوع يتعلق بحقوق الإنسان، لكن الصراع يؤثر تأثيرا غير متناسب على المسلمين واليهود في العالم وهنا في المملكة المتحدة، حيث يعيش الناس في خوف متزايد من جرائم الكراهية وفي قلق على السلامة والأمن. بالنسبة للمسلمين من شتى الخلفيات القومية، يمثل وضع حقوق الإنسان في فلسطين قضية يتوحدون فيها، ومن هنا كانت استقالة المستشارين والناشطين المسلمين، وإحباط معنويات الناخبين العماليين المحتملين أمر مهم حقا.

وفي حين أننا لا نعرف بعد هل تمثل مسألة «تصويت المسلمين» ـ التي قتلت نقاشا ـ مسألة مهمة لحزب العمال، فإن الواضح تماما من أحداث الأسبوعين الماضيين أنه يجري النظر إلينا بوصفنا كتلة يمكن الاستغناء عنها سياسيا. وهذا، في نهاية المطاف، حزب اتهمه تقرير فورد بأنه «يدير عمليا هيراركية للعنصرية» ويعجز عن التعامل اللائق مع اتهامه برهاب الإسلام. وكأنما من قبيل إثبات اتهام فورد، حسبكم أن تتأملوا هذا: لقد نقل عن «مصدر عمالي رفيع» وصفه استقالة المستشارين من أمثالي بـ»نفْض البراغيث».

بوسع ستامر وحزب العمال أن يحتفلوا بانتصارات الانتخابات الفرعية، الناجمة عن انهيار التصويت للمحافظين، ولكن ما لم يعد باستطاعتهم هو أن يتظاهروا بأن دافعهم إلى السلطة هو أن ينطقوا باسم مجتمعات بريطانيا، بطبقاتها العاملة متعددة الأعراق. فمن الواضح أن المسلمين البريطانيين ـ الذين مروا بالكثير بدءا بالمعاناة غير المتناسبة من آثار كوفيد وحتى إهانتهم علنا من وزيرة الداخلية سويلا برافرمان ـ ما عادت لهم أهمية في نظر حزب العمال.

لقد اتصل بي في هذا الأسبوع رجلان مسنَّان من باكستان ـ جاءا إلى بريطانيا في فترة ما بعد الحرب للإسهام في إعادة بناء هذا البلد ـ وأعربا عن دعمهما لي. قالا إنني بالاستقالة من حزب العمال لا أناصر فقط الفلسطينيين، وإنما أناصرهما أيضا. وإنني أتلقى كلماتهما تلك بأقصى ما أملك من تواضع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حزب العمال

إقرأ أيضاً:

متحدث باسم الحزب الجمهوري: ترامب يريد انتهاء حروب إسرائيل بانتصار حاسم

قال متحدث باسم الحزب الجمهوري الأمريكي إن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يريد أن يرى إسرائيل تنهي حروبها قريبًا بانتصارات حاسمة.

وفي حديثها إلى قناة 12 العبرية، في أعقاب فوز ترامب في انتخابات يوم الثلاثاء، سُئلت المتحدثة باسم الحزب الجمهوري إليزابيث بيبكو عن تعليق ترامب، قرب نهاية خطاب النصر، بأنه "لن أبدأ الحروب، سأوقف الحروب".

وسألت مذيعة القناة 12 يونيت ليفي: "هل هذا يعني أنه يتوقع من إسرائيل أن تنهي الحرب ضد حزب الله في لبنان، والحرب ضد حماس في غزة؟".

أجابت "أود أن أقول إنه يتوقع منهم إنهاء الحرب بالفوز بها بنسبة مائة بالمائة، هكذا يتحدث دائمًا عن إنهاء الحروب"، ردت بيبكو، مضيفة أنها لا تعتقد أن هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي بدأ الحرب الجارية، كان ليحدث لو كان ترامب رئيسًا في ذلك الوقت.

وأضافت بيبكو "يقول دونالد ترامب دائمًا إنه يريد موت عدد أقل من الأبرياء - هذا هو موقفه سواء كنا نتحدث عن الحرب في غزة، أو كنا نتحدث عن روسيا في أوكرانيا أو في أي مكان آخر".

وأوضحت "لذا أعتقد أنه يريد أن تنتهي الحرب في أقرب وقت ممكن، كما يفعل كل الأشخاص العقلانيين، لكنه يريد أن تنتهي بانتصار حاسم".

وعندما تساءلت ليفي أكثر، مشيرة إلى أن "النصر الحاسم هو بالتأكيد شيء يمكن أن يستغرق بعض الوقت، فقد استغرق أكثر من عام"، اقترحت بيبكو أن إدارة بايدن كانت مسؤولة جزئيًا عن طول الحرب الجارية، مستشهدة بما أسمته سياسة "ذهابًا وإيابًا".

وقالت بيبكو: "عندما يتعلق الأمر بإنهاء حرب في الشرق الأوسط والتعامل مع إيران أو حماس، يجب أن تكون حاسمًا، ولم أر ذلك من قيادتنا".

وأضافت: "أعتقد أنه عندما يكون لديك رهائن أمريكيون - ينسى الناس أن يقولوا ذلك، رهائن أمريكيون - محتجزون لمدة عام تقريبًا، وترى قادتك يقررون تحركاتهم للسياسة الخارجية بناءً على ما من شأنه أن يساعدهم في الفوز بالانتخابات، ينتهي بك الأمر بالكثير من إراقة الدماء غير الضرورية على يديك، وهذا ما رأيناه في العام الماضي".

رفضت بيبكو التعليق على ما إذا كان ترامب سيعطي إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، قائلة إن الأمر متروك للرئيس القادم للتعبير عن آرائه حول هذا الموضوع وأنه سيفعل ذلك عندما يتولى منصبه في يناير.

وفي يوم الأربعاء، تحدث ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقال مكتب رئيس الوزراء في بيان إن "الاثنين اتفقا على العمل معًا من أجل أمن إسرائيل" و"ناقشا التهديد الإيراني".

مقالات مشابهة

  • رفض اتفاقية الحكم الذاتي ثم شارك في الانتخابات التي أجريت بموجبها (3- 15)
  • قائمة الأعداء.. من هم الشخصيات التي توعد ترامب بالانتقام منهم؟
  • خبير عسكري: حزب الله يستهدف مركز ثقل إسرائيل لإجبارها على تقليل طموحاتها
  • متحدث باسم الحزب الجمهوري: ترامب يريد انتهاء حروب إسرائيل بانتصار حاسم
  • شريف فتحي يبحث سبل زيادة أعداد السياح البريطانيين إلى مصر
  • «الغرف السياحية»: مؤشرات قوية بشأن زيادة توافد السائحين البريطانيين إلى مصر
  • 5 وعود من ترامب للمسلمين والعرب الأمريكان.. هل ينفذها ؟
  • اتحاد عمال صيدا والجنوب طالب بتعويضات عاجلة للعمال المتضررين من العدوان
  • أبرز شركات الطيران التي علقت رحلاتها للمنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية
  • بيرم في جنيف لتقديم شكوى ضد جرائم إسرائيل بحق العمال اللبنانيين