لا كهرباء ولا مياه نظيفة مخيمات النازحين.. الحياة على «كسرة خبز»
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
أسر بالكامل هُجرت، أطفال لم يجدوا ذويهم لكنهم وجدوا الونس والمأوى المؤقتين، سيدات يحلمن بالعيش في طمأنينة، ورجال ينتظرون نهايات أوجاع طالتهم دون ذنب، فراق للأحبة ينتشر فى كل مكان، لكن الثابت هو الصمود المصحوب بالأمل، إرادتهم ومقاومتهم تتحدى رصاصات وقذائف وصواريخ قوات الاحتلال الإسرائيلي، رغم رحيل الأهل، تجمعهم كسرة خبز وطبق «المجدرة أو الشكشوكة» إذا وجدوه، لا كهرباء ولا مياه نظيفة ولا حتى أسرَّة ينامون عليها، هكذا هى حياة النازحين من غزة المحتلة إلى مخيمات النازحين فى خان يونس.
خيام قماشية لا تقى من حرارة الصيف ولا برد الشتاء، أعدتها وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فى غرب مدينة خان يونس لإيواء النازحين من الشمال فى غزة، لكنها ربما لم تأمن أيضاً من القصف الإسرائيلى الذى اغتال إنسانية الأهالى، وقتل الأطفال الأبرياء والمدنيين العُزل، وفق فادية أبوعاصى، مُعلمة نازحة مع أهلها إلى المخيمات: «عايشين ميتين، لا حياة ولا أدنى مقوماتها، نجونا من الموت وجئنا إلى المعاناة، هنا نتجمع عائلات كثيرة مع بعض فى خيمة قماشية لا تتعدى مساحتها الـ4 أمتار، لكننا نتحمل على أمل أن نعود يوماً إلى دارنا، نتجمع مع أحبتنا».
أمام خيمة بمخيم خان يونس، وثّقت عدسة المصور الصحفى هانى الشاعر، صورة رجل سبعينى يدعى جميل أبوجراد، يجلس فى حالة صعبة بعدما فقد أحبته من بينهم أبناؤه الـ3 وحفيدته، وفق حديثه لـ«الوطن»: «رحلوا أحبابى فلم يعد لى أحد فى غزة، جئت إلى المخيم راجياً رحيل الآلام عنى والهموم عنى، فاتح صدرى لربنا بعد ما سابونى ولادى وحفيدتى اللى كانت حياتى، لكن عندى يقين إنى سأعود يوماً ما إلى دارى التى تهدمت، سأعيد بناءها بيدى التى دفنت بها أبنائى وحفيدتى».
إلى جوار الخيام القماشية، اصطحب على عليان أطفاله، ليشاركوه فى إعداد بعض المأكولات التى تسد رمقهم وغيرهم من الرفقاء الجدد، مستعيناً بحجرين من الطوب وبعض قطع الخشب فى طهو الطعام: «جيت هون مع زوجتى وأطفالى، وبنحاول نساعد بعض كلنا، بنطبخ لعدد من الخيمات مش بس عيلتى، لكن نعيش حياة مأساوية، ما فى طعام كتير متوفر، يا دوب بنعمل شكشوكة وشوية مجدرة بمكونات بسيطة».
طفل رضيع تحدق عيناه إلى عدسة المصور، لم يستوعب عقله الصغير ما يدور حوله، وأشقاؤه الذين تشبثوا بـ«حبل الغسيل»، متخذين منه ساتراً ظناً منهم أنه لن ينقطع وسيحميهم من رصاصات الغدر، وإلى جوارهم ظلت والدتهم مرام النجار تراقبهم وهى تطهو لهم بعض أطباق الـ«مجدرة»، التى تتكون من العدس والقمح المسلوق وزيت الزيتون، وفقاً لها: «نزحت أنا وولادى لكن عايشين حياة صعبة، تركنا بيوتنا وباقى أهالينا، لم أتواصل مع زوجى منذ أكثر من 10 أيام لا أعرف إذا كان حياً أو ميتاً، عايشين وكأن يوم القيامة قرب».
أصوات القذائف تحاوطهم من كل اتجاه، لكنهم لا يبالون بما يحدث من حولهم، ربما لم تستوعب عقولهم ما يحدث، يلعبون ويلهون مع بعضهم البعض بجانب المخيمات، وفق «مرام»: «صغارى لسه ما مدركين اللى بيحصل، أنا فقدت 8 أفراد من عائلتى، ولا أعرف شيئاً عن إخواتى، سبت دارى ونجيت بأطفالى لكنى باموت مليون مرة من الخوف كل يوم، نفسنا ها الحرب تنتهى، والكابوس يخلص ونرجع نلتقى».
وبحسب وكالة تشغيل اللاجئين «الأونروا»، فإن مخيم خان يونس يأوى آلاف المواطنين النازحين من شمال غزة إلى الجنوب، لكنهم يعيشون حياة صعبة تخلو من المقومات الأساسية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي فلسطين غزة خان یونس
إقرأ أيضاً:
محطة الضبعة النووية وآمال مصر فى الحصول على طاقة نظيفة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استكمالاً للمقالين السابقين عن ضرورة البحث عن مصادر نظيفة للطاقة بدلاً من الوقود الأحفورى (الفحم والنفط والغاز) الذى تنتج عنه الغازات الدفيئة التى تسبب الاحتباس الحراري، نعرض فى هذا المقال محاولات مصر للحصول على مصادر للطاقة النظيفة مثل محطات توليد الطاقة من الخلايا الشمسية، والطاقة المتجددة من توربينات الرياح، وبناء محطة الضبعة النووية للحصول على الكهرباء.
وفى هذا الشأن، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، يوم 19 نوفمبر الحالي، الاحتفالية التى أقامتها هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، بمناسبة العيد السنوى الرابع ليوم الطاقة النووية، وهو اليوم الذى يوافق توقيع الاتفاقية الحكومية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية روسيا الاتحادية بشأن التعاون على بناء وتشغيل أول محطة نووية على الأراضى المصرية .
حيث قام الشريك الروسى شركة Atom Story Export بتركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الرابعة. ومن المخطط أن يتم تشغيل المفاعل النووى الأول لإنتاج الكهرباء بقدرة 1200 ميجا وات فى 2028 بإذن الله تعالى. ولمصر تاريخ طويل مع استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، حيث أنشأت سنة 1957 مؤسسة الطاقة الذرية المصرية، وبدأت قى تشغيل مفاعل أنشاص للأبحاث سنة 1961. وفى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، بدأت مصر إجراءات لبناء محطة للطاقة النووية ولكن كارثة تشيرنوبل فى أوكرانيا سنة 1986 عطلت تنفيذ المشروع. وفى سنة 2008، عادت مصر وقررت إحياء مشروع إنشاء محطة الضبعة النووية لإنتاج الكهرباء، إلا أن المشروع توقف بسبب أحداث يناير سنة 2011 وماتبعها من عدم استقرار.
وفى العام 2015، قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بتوقيع مذكرة تفاهم مع الجانب الروسى لتنفيذ المشروع. وفى سنة 2017، أبرم البلدان عقود إنشاء أربعة مفاعلات بطاقة 1200 ميجاوات لكل منها (4800 ميجاوات).
وفى شهر يوليو سنة 2022، بدأ تدشين المشروع وصب البلاطة الخرسانية للمحطة الأولى، معلنة بدء العمل فى محطة الضبعة النووية بمحافظة مرسى مطروح، المطلة على سواحل البحر المتوسط.
محاولات مصر المشروعة للحصول على المحطات النووية للأغراض السلمية ليست مستغربة رغم تكلفتها المبدئية الكبيرة، حيث إن التكلفة على المدى الطويل ستكون أقل من إنشاء المحطات التى تولد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعى أو النفط أو الفحم. بالإضافة إلى أن كمية الوقود النووى المطلوبة لتوليد كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية أقل بكثير من كمية الفحم أو البترول اللازمة لتوليد نفس الكمية. وتشغل المحطات النووية لتوليد الطاقة مساحات صغيرة من الأرض مقارنة بمحطات التوليد التى تعتمد على الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. ولا خوف من حدوث انفجار أو تسرب نووي، حيث أصبحت محطات الطاقة النووية آمنة وخاصة النوع الذى تعاقدت عليه مصر مع الشركة الروسية.
وعالمياً، يزداد الإقبال على إنشاء المحطات النووية حيث تُعتبر الطاقة النووية هى المنقذ للتقليل من الاعتماد على النفط والفحم والغاز لإنتاج الطاقة الكهربائية. ولذا تنتشر المحطات النووية فى معظم دول العالم، فعلى سبيل المثال؛ الصين يعمل بها 11 مفاعلاً نووياً، وتقوم بإنشاء 24 مفاعلاً، وتخطط لإنشاء 115 آخرين. وفرنسا بها 59 مفاعلاً وتقوم بإنشاء مفاعل، وتخطط لإنشاء مفاعلين. والهند بها 17 مفاعلاً وتقوم بإنشاء 6، وتخطط لإنشاء 38. واليابان بها 53 وتقوم بإنشاء 2 وتخطط لإنشاء 14. والولايات المتحدة الأمريكية بها 104 مفاعلات وتقوم بإنشاء مفاعل، وتخطط لإنشاء 31. وفى منطقتنا العربية، قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء هيئة تعنى بالطاقة النووية باسم مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، وأعلنت أنها ستمتلك 16 مفاعلاً نووياً بحلول عام 2030. وكذلك تخطط الإمارات العربية المتحدة لإنشاء أول محطة نووية، وكذلك الكويت فمن المتوقع أن يتم إنشاء أول مفاعل نووى كويتى عام 2025.
كما يزداد استخدام الطاقة النووية فى مجالات سلمية عديدة، أبرزها توليد الكهرباء والطب (علاج الأورام) والصناعة والزراعة وغيرها، لذا فإن دخول مصر عصر المحطات النووية يحقق حلماً طال انتظاره ويسهم فى التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
*رئيس جامعة حورس