المثقفون العرب ماذا يفعلون أمام دم غزة؟
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
مذابح غزة مستمرة، والأيام الصعبة تزداد صعوبة هناك في فلسطين التي من دم وأمل، وتزداد في أمكنة أخرى حيرة المثقف العربي: ما الذي عليّ أن أفعله؟ هل دوري فقط أن أنظم القصائد لغزة؟ وأكتب القصص والنصوص تمجيدا لبطولاتها؟ ما الذي يمكن أن أفعله غير الكتابة؟ وهل تجدي الكتابة أصلا أمام دم عربي لا يتوقف عن النزيف؟ لا مفر أمام المواطن العربي من حل مسائل امتحان غزة، كيف يتعامل المثقف العربي مع امتحان غزة الصعب؟ كيف يحل أسئلته؟ هذه لقاءات مع عدد من مثقفي عالمنا العربي يجيبون فيه عن سؤال؟ ما الذي يمكن أن تفعله أمام مذابح غزة؟
الحياد خيانة
يقينا أن للمبدع دورا كبيرا فيما يحدث في غزة من مذابح وحشية لا إنسانية، وهنا يكون الحياد، الروائي الأردني مفلح العدوان يكتب: خيانة، فيجب أن يكون كل ما يصدر عن المبدع من كتابة وتصريحات يصب في الانتصار لأهلنا في غزة، وللأبطال المقاومين، ومع الشهداء الأبرار الأبرياء.
المعركة معركة وعي
من جانبها تقول الروائية المصرية سوزان كمال: أكثر من خمسة عشر يومًا وآلات الحرب الإسرائيلية ما زالت تقصف غزة بكل طاقتها على ارتكاب جرائم الحرب.. المدارس تُقصف، الكنائس، المستشفيات، سيارات الإسعاف البيوت والممرات الآمنة.. على المثقفين العرب أن يتّحدوا للمطالبة بطرد السفراء الإسرائيليين من كل العواصم العربية، فتح معبر رفح ودون أي شروط يمليها علينا العدو، توعية الشارع على أن الغرب لا يمكن أن يكون حليفا بعد أن انكشف وجهه الحقيقي، نشر الوعي بحقيقة اغتصاب هذا الكيان للأرض وكشف حقيقة جرائمه هناك... لا بد أن يبيِّن للعالم حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة ذات سيادة على أرضه.. التوعية الدائمة بأهمية سلاح المقاطعة وأن ينشر هذا بكل اللغات؛ فمعركة فلسطين في حقيقتها معركة وعي وكلمة المثقف وقلمه سلاح فاعل في تلك المعركة.
الكلمة ستبقى عالية
ويرى الشاعر السوري مروان علي أن الدور الأكبر والمهم للمثقف وبعيدا عن الشعارات الفخمة إضافة إلى دوره الطليعي وكل ما هناك من كلمات جاهزة عليه أن يقف مع شعبه، ويسعى لتقديم الحقيقة من خلال الكتابة عنها.. لأن الكلمة ستبقى عالية وواضحة وشهادة دائمة على كل ما حدث... لذلك حتى اليوم نعيد قراء غسان كنفاني في كل محنة تمرّ فيها فلسطين. الحرية التي نركض خلفها في نصوصنا وكتاباتنا ها هي قريبة جدا منا، ومن يدير ظهره لها.. لن يستطيع النظر في عيون البيوت والأشجار والأطفال هناك.
على المؤسسات الثقافية أن تعمل..
فيما يعتبر الشاعر والناقد المغربي صلاح أبو شريف أن ما يجري في غزة، كانت فيه للمثقف كلمة، وكان له رأي وموقف، لكن هذا الرأي من خلال البيانات التي قرأناها لحد الساعة، وعدد من وقعوا عليها، وطريقة التواصل مع المثقفين، فيها انتقاء لا يفيد القضية، ولا يفيد الموقف، ويجعل دور المثقف غير مفيد، وغير مؤثر.
ويقول "أبو شريف": على المؤسسات الثقافية أن تعمل، هنا والآن، وليس بعد فوات الأوان، أن توحد موقفها، وأن تلمّ شعث وتشتت المثقفين في كل العالم العربي، وأن يكون الرأي واحدا، لا غبار عليه، والإيقاف الفوري للهدم والقتل والحرق، وإدانة أمريكا والكيان الصهيوني الذي تبطش بيده، وإدانة الدول الغربية التي تبارك الهدم والقتل والحرق، وترهب كل من يتضامن ويتظاهر ويحتج ضد هذه الحرب البربرية الهمجية التي فيها مُنح للسجّان حق إعدام المسجون، وأن يدعو الجميع إلى تحرير الأرض، واستقلال الشعب الفلسطيني بكيانه، وبدولته، واستقراره، وما يضمن له كل حقوقه وفق قرارات مجلس الأمن، التي تلاعبت بها أمريكا وإسرائيل.
ليس أمام المثقف العربي سوى الإحساس بالعجز ..
من جانبه يقول الشاعر البحريني قاسم حداد: صار المثقف العربي في خانة العجز لفرط ما يحدث.. لقد بالغ الواقع لعزل المثقف حتى عن حق الإصغاء إليه، أخشى أن دور المثقف العربي قد انقرض منذ انتهت الطبقة الوسطى في حياتنا، لا يوجد من يقتنع بالدور الحضاري للمثقف في المجتمع العربي، فما يحدث في فلسطين انهيارات متتابعة لكل أحلامنا التي عشنا بها وساعدتنا على الحياة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وفيما يفشل السياسيون في أدوارهم، سيلتفت الجميع كالعادة إلى المثقفين، لا لكي يأخذوا دورهم وحقهم في الرأي والتنفيذ، لكن مسؤوليتهم في ترميم ما أفسده السياسيون والذي لا يزالون يفسدونه.. لقد كتبت في مقالة نشرت قبل حوالي ثلاثة أسابيع في (القدس العربي)، أطرح رأيا مبكرا عن (المؤامرة) وسعي العرب لتنفيذ صفقة القرن باتفاقهم مع كل العالم، بما فيه السلطة الفلسطينية و(حماس)، قبل أن يضطر الجميع لتأييد الشعب الفلسطيني الذي يُقصف في (غزة)، واستخدام (لكن) لاستثناء تأييدهم لحماس الدينية.. بالطبع ذلك الرأي لن يعجب الكثيرين، لحماسهم المفرط لحماس. وهذا هو مقتل الدور المتوقع للمثقف العربي بدوره النقدي لما جرى ويجري في الواقع العربي. والذين يستديرون الآن لمساءلة المثقف العربي، يقعون في الوهم ذاته، فليس أمام المثقف العربي طريق غير الشعور بالعذاب لفرط العجز والخذلان إزاء ما يحدث.
على المثقف مواصلة الكتابة
يضيف الشاعر العماني سيف الرحبي: دائما ما يطرح هذا السؤال بمناسبة، أو دون مناسبة، لكنّه يصبح مُلحّا وضاغطا أمام كل معركة، أو مُلمّة دمويّة مثل المشهد الغزاوي الكالح والمترامي الأطراف بالموت والدم والأسلحة بكل أنواعها، الأسلحة الأكثر فتكا ربما في تاريخ الحداثة العسكرية، تُقذف حمولاتها وأطنانها على رؤوس العزّل من الشعب الفلسطيني الذي لا حول له ولا قوة إلا مواجهة حِمم الموت، وبراكين الدمار بصدور عارية، وصرخات دامية، أمام هكذا كارثة ماذا يستطيع أن يعمل المثقّف عدا أن يكتب، وأن يواصل الكتابة، وإذا كان مُلمّا بلغة أجنبية فمن الأفضل أن يحوّل مادته إلى اللغة الإنجليزية على سبيل المثال؛ لأن المسألة ملحّة جدا في هذه الفترة، مثلما فعل ذلك أصدقاء منهم الدكتورة هدى المطاوعة التي حوّلت مقالها اليومي من العربية إلى الإنجليزية؛ لأنه في الفترة يمارس الإعلام الصهيوني كل هذا الغسيل، غسيل الأدمغة والزيف والكذب على الوعي الأوروبي والأمريكي مدعوما بالثكنة الإعلامية والتواصلية الأقوى والأكثر فتكا في العالم: الغربية الأمريكية ومن يدور في فلكهما من بلدان كثيرة في العالم.
أشك في وجود مفهوم كهذا
يشكك القاص المغربي أنيس الرافعي في مفهوم "المثقف العربي" ويتساءل: المثقف العربي؟.. أصبحتُ أشكُّ تماما في وجود مفهوم مثل هذا.. إذ أثبتت المستجدات الأخيرة للقضية الفلسطينية في مواجهتها لهمجية المحتل الإسرائيلي، أن الأجهزة الأكاديمية العربية لم تستطع إفراز نخب حقيقية، ذات رؤية وموقف نزيهين تجاه القضايا المصيرية لأمتها، بل فرّخت بالمقابل مخلوقات باهتة بلا بصيرة متوقدة أو ضمير حي، متهافتة على الهبات والمكاسب المادية، وذيلية على نحو مقيت تجاه أولياء نعمتها. نخب جبانة تخشى مؤسسات المراقبة والهيمنة، وترتعب من فقدان الريع الذي تحصلت عليه بفعل ما قدمته من تنازلات مخجلة.. وإذا كان ثمة من أصوات حرة معزولة غير مطبعة، فهي عاطفية البلاغة من وراء هواتفها أو حواسيبها، توقع البيانات وتنشر "بوستات" للشجب بتحفظ ودون إشارة بإصبع مستقيمة لمكامن الوهن ومسوغات الهزيمة... "المثقف العربي" لن يفيد بأي شيء أهلنا المغدورين في غزة، لأنه هو أصلا لا فائدة منه.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی أن یکون ما یحدث فی غزة
إقرأ أيضاً:
اختلاف الرأي في بعض المعالجات المحاسبية بين المالية و جهاز المحاسبات
شهدت الأيام الماضية موافقة مجلس النواب، على مشروعات قوانين بربط الحسابات الختامية لموازنة الخزانة العامة، وموازنات 59 هيئة اقتصادية وحساب ختامي موازنة الهيئة القومية للإنتاج الحربي، عن السنة المالية 2023/ 2024 بشكل نهائي.
ووفقا لمشروع القانون فإن جملة الاستخدامات في السنة المالية 2024/2023 بلغت نحو 4 تريليونات و374 مليار جنيه، مقابل جملة الاستخدامات في السنة المالية 2023/2022 التي بلغت نحو 3 تريليونات و78 مليار جنيه، بزيادة نحو 1 تريليون و295 مليار جنيه بنسبة 42.1%.
وبلغت جملة الاستخدامات في السنة المالية 2020/2019 نحو 1 تريليون و911 مليار جنيه، لتبلغ الزيادة في جملة الاستخدامات خلال الخمس سنوات نحو 2 تريليون و463 مليار جنيه بنسبة نمو 128.9%.
تقرير لجنة الخطةوتضمن تقرير لجنة الخطة توصيات موجهة للحكومة بشان ختامي الموازنة العامة، والهيئات الاقتصادية.
ومن ضمن التوصيات التي صدرت عن اللجنة كان بشأن اختلاف الرأي حول بعض المعالجات المحاسبية بين وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات
وأوضحت اللجنة ان هناك اختلاف الرأي حول بعض المعالجات المحاسبية بين وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات.
لذلك أوصت اللجنة بتشكيل لجنة مشتركة من وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات للوصول إلى رأى مشترك حول هذه المعالجات وهذه التوصية أوصت بها اللجنة أثناء مناقشة الحسابات الختامية للسنة المالية 2020/ 2021 ، وقد تم تشكيل اللجنة لكن لم يتم تفعيلها حتى تاريخه، وتوصى اللجنة بسرعة تفعيل هذه اللجنة وذلك لظهور خلاف في الرأي حول بعض المعالجات في حساب ختامى الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2023