حوار.. الواثق البرير لـ «التغيير»: بعد الدمار الذي حدث لا مجال لعودة الشراكة مع العسكر
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
بدأت الاجتماعات الرسمية لتأسيس “الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية” في السودان، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في ال23 من أكتوبر الجاري ومن المقرر أن تنتهي اليوم الأربعاء الموافق 25 اكتوبر بمشاركة شخصيات وقوى مدنية وسياسية.
التغيير أجرت حواراً مع الأمين العام لحزب الأمة، القيادي بالحرية والتغيير الواثق البرير للحصول على تفاصيل أكثر حول الاجتماعات.
التغيير: أديس ابابا _ أمل محمد الحسن
من وجهة نظري طرفي الصراع وصلا إلى قناعة أن الحرب لن توصلهم لأي نتيجة
في البدء نريد التعرف على المجموعات المشاركة في اللقاء التحضيري بأديس أبابا
شارك في الاجتماعات قطاعات واسعة من القوي السياسية وحركات الكفاح المسلح والمجتمع المدني وممثلين لعدد من تنسيقيات لجان المقاومة وبعض الاجسام النسوية والمبادرات والشخصيات الوطنية وليس صحيحاً مقاطعة حركات الكفاح المسلح فقد حضر ممثلين من حركة تحرير السودان بقيادة الدكتور الهادي إدريس وتجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، وجبهة الشرق والقوي المدنية بالشرق، وحركة العدل والمساواة بقيادة السيد سليمان صندل ، وستكون هنالك مشاركة واسعة لبقية الأطراف التي لم تشارك من أطراف السودان المختلفة في المؤتمر العام.
أيضا شهد الاجتماع مشاركة جيدة من الأجسام المهنية والنقابية ولجان المقاومة رغم الصعوبات التي حالت دون مشاركة كثيرين بسبب الحرب بجانب مشاركة مبادرة إعلان المبادي بقيادة نور الدين سآتي ومشاركة مبادرة المنصة تمثلت في بكري الجاك وآخرين.
لماذا لا توجد مشاركة من قوى الإطاري؟
هنالك أطراف تحفظت على مشاركة الشعبي والاتحادي في الاجتماعات التحضيرية ولكن تم تجاوز النقطة ورفع الأمر للجنة القيادية لاتخاذ ماتراه مناسباً في التواصل مع كل الداعمين لموقف الجبهة.
و هذا الإجتماع هو تطوير لفكرة الجبهة المدنية التي أعلن عنها في 27 أبريل ووقع على إعلانها التأسيسي عدد من المكونات ولذلك تشكلت اللجنة التحضيرية من أجسام الجبهة بقية التحضير لمشاركة واسعة بعد التواصل مع كافة مكونات الشعب الداعمة لوقف الحرب، وتم الاتفاق على مناقشة الأطراف الداعمة لموقف الجبهة في اللجنة التحضيرية لمشاركتهم في المؤتمر العام.
رفضنا الجلوس مع الكتلة الديمقراطية الداعمة للحرب وحكم العسكر بجوبا لأنه لا جدوى من ذلك
هناك اتهام بأن المشاركين في الاجتماعات هم الحرية والتغيير وواجهاتها، بمعنى أن الممثلين من كافة القوى المدنية الأخرى هم أعضاء أحزابكم، كيف ترد على هذا الاتهام؟
تمثيل الحرية والتغيير لا يكاد يتجاوز ال25%، وقائمة الحضور تؤكد أن الشخصيات المشاركة لا علاقة لها بالحرية والتغيير، التي حتى قياداتها التي حضرت لم تشارك في جميع الجلسات! و عملنا جاهدين على منح الآخرين فرصة في تشكيل الرؤى، هناك أسماء كبيرة مثل نور الدين ساتي وبكري الجاك إلى جانب مجموعات كبيرة التقيتهم لأول مرة في حياتي في اديس أبابا، حيث كان من المقرر أيضا مشاركة مجموعات أكبر من الولايات حالت الظروف الأمنية واللوجستية دون مشاركتهم وسنسعى لأن يشاركوا في المؤتمر العام.
بذكر المؤتمر العام؛ هل تم الاتفاق على موعد قيامه وتفاصيله؟
لا نريد أن يكون هناك تأخير في عقد المؤتمر العام، ونأمل أن ينعقد بعد 3 أسابيع. و سيتم النقاش حول شكل المؤتمر العام والهيكل المقترح، واللجان التحضيرية لها خيار تغيير اسم الجبهة المدنية وفق ما تراه مناسبا. لكن الفكرة الجوهرية التي تم الاتفاق حولها هي مشاركة أكبر طيف مجتمعي وتمثيل للاقاليم بالأوزان.
كان هناك حديث حول خلافات أدت إلى تأجيل الاجتماعات التحضيرية يومين، ماذا حدث تحديدا؟
كانت هناك شخصيات مثل عمر النجيب ومحمد سليمان وحزب حق لديهم رؤية مختلفة، تم تأجيل الاجتماعات في انتظار وصولهم لكن اتضح أنهم يريدون السيطرة على تشكيل الجبهة المدنية، واستعانوا بجهات خارجية مثل الترويكا لكن في آخر الأمر اتضحت عدم جديتهم ولم يحضروا إلى الاجتماعات التي بعد تأجيلها يومين تمت بدونهم.
التأجيل أيضا كان بطلب من د. عبد الله حمدوك الذي كان يأمل في مشاركة رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو، ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، وسيتم رفع توصية للمؤتمر العام بضم كل من يؤمن بضرورة إيقاف الحرب.
ماهو ردكم على بيان حزب البعث والتصريحات التي صدرت عن قيادات الشيوعي حول الجبهة المدنية؟
كنت قد حضرت المناقشات التي تمت مع حزب البعث في القاهرة، كان موقفهم شبه ايجابي و أبدو مرونة كبيرة، و لكن عند وصولنا لهذه المرحلة انسحبوا وهذا خيارهم. لكني تفاجأت ببيانهم الذي لم يحترم حتى العلاقات الاجتماعية وكان فيه تخوين للمشاركين، و اعتراضهم الأساسي على التعاون مع الدول الأخرى ومصادر التمويل.
ماهي مصادر التمويل التي اقلقت البعث، ومستوى تدخل الممولين في الاجتماعات؟
هناك قلق من عدم الحصول على تمويل دولي لإعادة إعمار السودان بعد نشوب حرب غزة
هناك تمويل من منظمات دولية وليس حكومات، للترتيبات اللوجستية، لكن لا يوجد أي تدخل أو مشاركة في الاجتماعات التي يقودها السودانيون بصورة كاملة. وجميع المؤتمرين أتوا بأوراقهم بدون أي تدخلات.
ماذا عن موقف الحزب الشيوعي؟
الحزب الشيوعي موقفه المعلن غير مفهوم!
هناك حديث في الوسائط يتهم الجبهة بأنها تعمل على إعادة العسكر إلى المشهد السياسي مرة أخرى، هل هناك حديث حول الوضع السياسي بعد الحرب، وأين موقع العسكر فيه؟
هناك رؤية سياسية معروضة، أعتقد أنه من الجيد أن يطلع عليها الجميع، وهي تتحدث عن حكومة مدنية انتقالية، وهي أولى الأوراق التي تم تقديمها في المؤتمر والآراء حولها كانت متقاربة جدا تتحدث عن ايقاف الحرب وتشكيل حكومة انتقالية وإعادة الأعمار.
هل ناقشتم عودة الشراكة مع العسكر مرة أخرى؟
لا توجد عودة للعسكر. “بعد الدمار الذي حدث لا يمكن أن تتكرر تجربة الشراكة”.
ماهي أهم الموضوعات التي كانت على طاولة اللجان التحضيرية؟
أهم الموضوعات التي تمت مناقشتها هي الأوضاع الانسانية لأن الشعب السوداني تضرر ضررا بليغا من الحرب وتداعياتها. وتم تقديم ورقة اقتصادية ونقاش حول إعادة الإعمار.
هل نتوقع اسهاما من الجبهة المدنية في إيقاف الحرب؟
بعد انعقاد المؤتمر العام وتكوين جبهة مدنية تضم طيفاً واسعاً يجب أن تقوم بالضغط لإيقاف الحرب والمساهمة في فعل ذلك عبر الرؤى والحلول التي ستضعها خلال المؤتمر.
هل من الممكن أن تشارك هذه الجبهة المدنية في مفاوضات جدة؟
لا يوجد حتى الآن تصور واضح حول كيفية تحرك هذه الجبهة، كل شيء سيظهر في أوانه، لكن من وجهة نظري أرى أنه لا يجب تلبية دعوة مثل هذه في حال تقديمها، لأن القضايا السياسية بما فيها الاصلاح الأمني تهم المدنيين تحتاج لعملية سياسية بين المدنيين أنفسهم.
قدمت جوبا دعوة للحرية والتغيير للمشاركة في اجتماعاتها التي بدأت في الـ 23 من اكتوبر، ما هي أسباب عدم تلبيتكم لهذه الدعوة؟
اجتماعات جوبا تهدف لتوحيد الحرية و التغيير وهذا حديث غير مقبول، المشكلة العملية ليست في التوحيد، لا توجد مشتركات مع الكتلة الديمقراطية التي تدعم الحرب والعسكر وحكم الجيش ودعمت سابقا انقلاب 25 اكتوبر، الجلوس معهم لا يخدم القضية.
نحن نتحدث عن حلول جذرية وبناء الدولة، من وجهة نظري أنه على الرغم من مآسي الحرب فهي فرصة لوضع السودان في المسار الصحيح وحلحلة القضايا بصورة جذرية.
هل مازالت الحرية والتغيير على تواصل مع العسكريين في طرفي الصراع؟ وهل لمستم جديتهم في العودة للمفاوضات؟
بحسب المعلومات المتوفرة لدي الطرفين ذاهبان للمفاوضات، وكتحليل شخصي أعتقد أنهما وصلا لقناعة أن الحرب لن توصلهم لأي نتيجة. أتمنى أن تكون المشاركة على مستوى أعلى حتى يتم التوصل إلى حلول سريعة تضع حدا لتخفيف معاناة الناس، التي وصلت جدا بعيدا، ولولا تكافل الشعب السوداني وتمسكهم ببعضهم البعض لكانت المأساة ستكون أكبر.
حديث كباشي أول خطاب جاد وصريح على مستوى قيادة الجيش يؤكد رغبتهم في التفاوض
كيف تنظرون إلى خروج مساعد القائد العام الفريق أول شمس الدين كباشي وحديثه؟
من خلال تحليلي لخطاب كباشي أرى أنه لأول مرة يكون هناك حديث جاد وصريح على مستوى قيادة الجيش حول ذهابهم لجدة للعمل على ايقاف النار. وننظر بايجابية كبيرة في حزب الأمة نحو المفاوضات وأصدرنا بيانا نثمن فيه موقفهم. كحرية وتغيير ايضا دعونا وظللنا ندعو العسكريين إلى إيقاف الحرب وانهاء معاناة الشعب السوداني.
اختفت أخبار حرب السودان من على القنوات العالمية، هل هناك مخاوف من اختفاء القضية السودانية من منصة الاهتمام الدولي؟
مازال العالم يهتم بايقاف الحرب في السودان، لكن هناك قلق من إعادة الاعمار مع احتمالية نشوب حرب اقليمية. قد لا نجد الدعم الكافي نسبة لانشغال العالم بحرب غزة وحرب اوكرانيا إلى جانب الانقلابات العسكرية التي اجتاحت القارة الافريقية والتوترات على الحدود الاثيوبية الاريترية ومن جهة ثانية محاولات الاستقطاب من المعسكر الشرقي. وهناك ايضا تحركات صينية وقلق في منطقة شرق آسيا. لكن على الرغم من كل ذلك لدينا آمال كبيرة منعقدة على التعهدات الاقليمية لإعادة الإعمار.
هل هناك رؤى واقعية حول امكانية انقاذ الوضع الانساني المتردي في السودان؟
هذا ملف أساسي أعمل عليه وعقدنا عدد من الاجتماعات لمناقشة الآليات التي توصل المساعدات الطبية والغذائية والإنسانية لمستحقيها، وستتحقق بصورة فاعلة وشفافة حال تم ايقاف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة. ونؤكد على أن المساعدات متوفرة ولدينا تواصل مع العديد من الجهات التي لديها رغبة في المساعدة.
المؤتمر العام من المؤمل أن تستكمل الاستعدادات له خلال 3 أسابيع
هل لديكم حوارات مع المكونات العسكرية لفتح ممرات آمنة؟
نعمل على بحث طريقة تمكننا من التعاون مع العسكر في ايصال المساعدات وفي حال تم ايقاف اطلاق النار تستطيع الجهات المانحة ايصالها بنفسها، عبر تفاهمات مع حكومة الأمر الواقع. خاصة وأننا لمسنا منهم التزام وتعهدات بزيادتها، حال توفرت الآليات المناسبة لايصال المساعدات للمستحقين.
الوسومإيقاف الحرب الحرية والتغيير الواثق البرير حزب الأمة القوميالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إيقاف الحرب الحرية والتغيير الواثق البرير حزب الأمة القومي
إقرأ أيضاً:
حكايات المؤسسين (4): حكاية جيش التأسيس – الحلم الذي اقترب من أن يصبح حقيقة
د. احمد التيجاني سيد احمد
لماذا جيش التأسيس؟
السودان اليوم أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما أن يتوحد السودانيون تحت مظلة جيش قومي حقيقي يدافع عن البلاد، وإما أن يظل السودان رهينة للمليشيات، والتدخلات الأجنبية، والمؤسسة العسكرية الفاسدة التي لطالما استخدمت ٨٠٪ من ميزانية الدولة في تعزيز سلطتها بدلاً من حماية الوطن والمواطن.
لطالما كانت المؤسسة العسكرية السودانية أداةً في يد الأنظمة الاستبدادية، منذ قمع تمرد توريت إلى قصف القرى الجنوبية بقيادة حسن بشير، وصولاً إلى الانقلابات العسكرية المتكررة، وأخيرًا الحرب التي أشعلتها مليشيات الإسلاميين في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ لإعادة عقارب الساعة إلى حكمهم الشمولي. لكن الأوضاع اليوم مختلفة، إذ تشكلت قوى مقاومة واسعة تسيطر على أكثر من ٧٠٪ من السودان، وهي فرصة ذهبية لتأسيس جيش قومي جديد هدفه حماية السودان، وليس حماية نظام بعينه أو عقيدة شمولية.
١. توحيد الفصائل المقاومة: ضرورة وجودية
السودان يعيش حالة تشرذم عسكري خطير، حيث تتوزع السيطرة بين الجيش الرسمي المودلج الشمولي والمليشيات والقوات المتحالفة مع النظام السابق. هذا الوضع لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج ٣٥ عامًا من الحكم الإسلاموي الذي قوّض الجيش القومي لصالح كتائب الظل والمليشيات الموالية، والتي أُعيد إنتاجها في عدة أشكال بعد سقوط البشير.
لكن على الضفة الأخرى، هناك واقع جديد:
- الفصائل المناهضة للانقلاب العسكري تسيطر على الغالبية العظمى من السودان، وتملك القدرة على تأسيس جيش جديد على أسس قومية.
- القوى المدنية والمسلحة المتضررة من حكم العسكر بدأت تفهم ضرورة التنسيق العسكري والسياسي لخلق كيان قادر على فرض معادلة جديدة في البلاد.
وهنا يبرز السؤال إلى خالد عمر والقوى المدنية فيما اسموه تحالف الصمود :
لماذا لا يكون هناك تحالف شامل يوحد الفصائل المقاومة ضد الانقلابيين الذين تحصنوا في بورتسودان؟ لماذا لا تنضمون إلى تحالف التأسيس، الذي يسعى إلى تشكيل جيش قومي يحمي السودان من التفكك والخضوع للنفوذ الأجنبي؟
٢. الأدلة الإحصائية والمنطقية على الحاجة لجيش قومي جديد
أ. انهيار الجيش الرسمي وسيطرة المليشيات
- فقد الجيش السوداني الرسمي أكثر من ٦٠٪ من قوته القتالية بسبب الانشقاقات والصراعات الداخلية.
- أصبحت المؤسسة العسكرية مخترقة بالكامل من الإسلامويين، وتحولت إلى أداة لحماية مصالحهم وليس حماية الوطن.
- المليشيات المنتشرة الآن تتجاوز ٨٠ مجموعة مسلحة، ما يجعل السودان أقرب إلى الفوضى إذا لم يتم بناء جيش قومي موحد.
ب. التجارب السابقة لفشل الدمج العسكري
- كل محاولات دمج المليشيات في الجيش الرسمي فشلت لأنها لم تكن قائمة على أساس قومي حقيقي.
- تجربة اتفاق جوبا للسلام أثبتت ، بالرغم من اهمية الاتفاقية و الامال العريضة التي بنيت عليها، هشاشة الحلول الجزئية، إذ لم تسهم في توحيد القوات بل زادت من تشرذمها.
ج. البوادر المشجعة نحو جيش التأسيس
- على المستوى السياسي، هناك توافق على ميثاق ودستور لدولة التأسيس، ما يمهد لإطار قانوني لجيش قومي جديد.
- على المستوى العسكري، بدأت بوادر تنسيق بين الفصائل المسلحة، وهي خطوة يجب تعزيزها بإعلان توحيد الجيش بدون تأخير.
٣. المخاطر الإقليمية: مصر، روسيا، وتركيا تتربص بالسودان
في ظل انهيار الجيش الرسمي، بدأت قوى إقليمية ودولية في فرض أجنداتها على السودان:
- مصر تدعم بقايا النظام القديم، وتسعى لإبقاء السودان ضعيفًا لضمان عدم تهديدها في ملف النيل. كما أنها فرضت عقودًا تمتد ٩٩ عامًا للاستحواذ على مساحات شاسعة من الأراضي السودانية.
- روسيا تستغل الوضع لتمرير مشاريع التعدين ونهب الذهب، وتسعى لإنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.
- تركيا تدخل على خط الأزمة بعلاقات مشبوهة مع فلول النظام البائد لضمان مصالحها الاقتصادية والعسكرية.
لذلك، فإن بناء جيش وطني مستقل ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية لحماية السودان من التبعية والانهيار.
٤. جيش التأسيس: كيف يبدو الحل؟
إنشاء جيش قومي جديد لا يعني فقط استبدال الأشخاص، بل بناء مؤسسة قومية عسكرية جديدة بالكامل، تستند إلى المبادئ التالية:
✅ محايد سياسيًا: يعمل وفقًا لدستور وقوانين الدولة، وليس وفقًا لأيديولوجيا حزبية أو دينية.
✅ متنوع قوميًّا وجغرافيًا: يمثل كافة أقاليم السودان بعدالة، لمنع احتكار السلطة العسكرية.
✅ تدريب احترافي: يعتمد على معايير عسكرية حديثة، بدلاً من التعبئة العشوائية الحالية.
✅ خاضع للحكم المدني: لا يتدخل في السياسة، بل يكون تحت إشراف حكومة ديمقراطية منتخبة.
٥. الخطوات المطلوبة الآن
1. الإعلان عن هياكل دولة التأسيس، بما يشمل قيادة الجيش الجديد وآلياته التنظيمية.
2. دمج الفصائل المقاومة في كيان عسكري قومي يضمن عدم تكرار تجارب الفشل السابقة.
3. عزل بقايا النظام السابق عن أي ترتيبات عسكرية جديدة لمنعهم من التسلل وإفساد المشروع.
4. رفض أي تدخل خارجي في تشكيل الجيش الجديد، خاصة من القوى التي تسعى لاستغلال السودان لمصالحها.
٦. الخاتمة: البناء أو الانهيار
السودان يواجه خيارًا واضحًا:
- إما بناء جيش قومي جديد يحمي وحدة البلاد ويمنع التدخلات الأجنبية.
- أو الاستمرار في دوامة الفوضى، مما سيؤدي إلى تقسيم البلاد وتحويلها إلى ساحة صراع دولي.
تحالف السودان التأسيسي (تاسيس Tasees) هو الفرصة الأخيرة لإنقاذ السودان من التفكك والخضوع للنفوذ المصري والروسي والتركي. إن لم يتم استغلال هذه الفرصة الآن، فإن الأجيال القادمة لن تتذكرنا سوى كجيل فرّط في السودان.
نواصل
د. احمد التيجاني سيد احمد
٩ مارس ٢٠٢٥ نيروبي كينيا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com