جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-25@17:40:54 GMT

أرواح ترتقي من تحت الركام

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

أرواح ترتقي من تحت الركام

منى بنت حمد البلوشية

تساءلتُ كثيرًا هل بوسعنا العودة بعدما كنَّا في أوجّ نشاطنا، نعم نعمل وننجز إلا أنها ليست كعادتها بل هي ممزوجة بألم ووجع يحيطان  بكامل جوارحنا، فمن المؤلم أن نظهر إنجازاتنا على الملأ بعدما كان الجميع يشاهدها، فإن أعلناها أصبحنا وكأننا أُصبنا بداء الخيانة، نعم سُئلتُ يومًا: "لماذا لا تظهري بعضا مما أنجزته خلال هذه الفترة ؟" فأجبت إن فعلتُ ذلك سأخذل من هم يقاومون لأجلنا، مؤلمة ولكنني أعلم بأن هناك كثيرا ممن هم لا يستطيعون إظهار إنجازاتهم كعادتهم، ببساطة الأوضاع ليست مثلما كانت فالقلب مملوء بالوجع وليس هناك وقت لإظهار بسالتنا وأعمالنا الآن، وإن عدنا لن نعود مثلما كنَّا.

كل ليلة تمر على غزة  بقصف وكل يوم شهداء ومشاهدها المؤلمة، إنهم أطفال شطروا قلوبنا وأوجعوها، ارتقت أرواحهم بخفة وهم يحملون معهم طموحات مستقبلية وبكامل عنفوان نشاط الطفولة ومرحها، ما أقساها من مشاهد مؤلمة لا تدع الحياة تمضي كما تشاء، وكأن السلام والأمان رحل من قلوبنا خشية أن نخذلهم، مؤلمة تلك المشاهد وذلك الطفل الذي رفع سبابة اصبعه رافعًا الشهادة وبكاء والده على صدره يُدمي الفؤاد، والمشاهد كثيرة لا يسعني روايتها فجميعنا شاهدها.

في أيامي الماضية أصبحت لا أخلد للنوم إلا بعد مشاهدة مستجدات كل ما يحدث في غزة وينتابني البكاء الذي لا يُسمع، وأستيقظ صباحًا رغم عدم النوم المتواصل المعتاد عليه وعلى غير عادتي بفتح هاتفي فجرا متصفحة أخبار غزة العزة الأبية، لعل هناك شيئا ما يُثلج الفؤاد، نحن نعيش ما يعيشه الشعب الفلسطيني وأكتب بمداد وجع القلب الذي يحتوي قلوبنا. إنها أيام ثِقال على غزة ولكن رحمة الله أوسع عليهم من كل شيء.

إلا أن غزة وأطفالها ونساءها وشيوخها وشبابها يعلموننا شيئًا آخر أكثر قوة وعلينا أن نغرسها في عقولنا ونطبعها ونكون أكثر فهما وعملا بها "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها" إن فسيلتنا هي النهوض وعدم الركون والاستسلام؛ بل هي الشجاعة التي قدمها لنا الشعب الفلسطني في عزّ وأوجّ محنته وعدم اليأس والعجز مما يحدث، إن الشعب الفلسطيني يلقننا دروسا وعبرا ليست كدروس ماضية تعلمناها، وعلى الأمم أن تفيق من كبوتها، فقد مررنا بأزمات كثيرة ولا بد من وجود حل للخروج منها حتى ننهض ونعيد الأمن والأمان والسلام للشعب الفلسطيني.

إنَّ المرور بالأزمات يمر على المرء بتسعة أصناف: "المشاهدون والحالمون والمتألمون والمتشائمون والمنتقمون والمترددون والمنتفعون والثابتون والمبادرون"، وأنا هنا أقف عند المبادرين فهم سادة المواقف وصناع القرار، الذين يملكون الرؤى وتزيدهم الأحداث صلابة وقوة وتزيد الأزمات من تألقهم، هم المبادرون الذين يلمعون وسط الظلام، هؤلاء هم أصحاب الأرض الذين يدافعون عن وطنهم وبشراسة رغم كل الألم والوجع والفقد الذي أحاط بهم لا يستسلمون، ويخرج من تحت الركام رجال صغار بأجسادهم إلا أنهم أقوياء البُنية ينتقمون لكل قطرة دم سالت على أرضهم، غير آبهين بحياة دنيوية وإنما وجدوا حياتهم في برزخ النعيم، وطاروا بأجنحة وداع معلنة أن السلام سيعم قريبا ولن تدوم الحروب وذلك الدمار.

مهما تحدثت وكتبت عن كل المشاهد والأحداث لن أستطيع أن أصف ما في جعبتي سوى أننا تعلمنا الكثير مما شاهدناه وأصبح الصمت سيد الحضور، وكلمة واحدة قادرة على تغيير كل ما يحدث وهي بين أيدينا وأفواهنا وحناجرنا،هناك سهم علينا أن نصوبه باتجاه العدو ويغير القدر فيه مجرى الحياة ألا وهو الدعاء.

اللهم سهمًا من سهام القدر يغير كل مجريات الحياة لأفضلها، اللهم إننا لا نملك سوى الدعاء فهو الذي يرد القدر، وأستميحك عذرا فلسطين الحبيبة وغزة العزة  الأبية لما يحدث لكِ فحتماً النصر قادم لا محالة.. "ألا إنَّ نصرَ الله قريب".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: ما یحدث

إقرأ أيضاً:

اللجنة الوزارية العربية الإسلامية: نرفض بشكل قاطع طرد الشعب الفلسطيني من أرضه

أدانت  اللجنة الوزارية العربية الإسلامية استئناف الأعمال العدائية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية بغزة وندعو للعودة إلى التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار. 

وأكدت  اللجنة الوزارية العربية الإسلامية في بيان لها ضرورة التقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق وإنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة

وشددت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية على ضرورة ضمان استدامة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وإيصالها على نطاق واسع إلى جميع أنحاء القطاع

وأكدت  اللجنة الوزارية العربية الإسلامية رفضها القاطع لأي محاولة لنقل أو طرد للشعب الفلسطيني خارج أرضه من غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية

وختمت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بيانها بالقول : نشدد على أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت مظلة السلطة الفلسطينية ودعمها في تولي جميع مسؤولياتها في قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يدين إعلان الاحتلال إنشاء وكالة لتهجير الشعب الفلسطيني من غزة
  • الذهب يتراجع في إسطنبول.. ما الذي يحدث؟
  • رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني: نتعرض لحرب إبادة وتطهير عرقي غير مسبوق
  • شيخ الأزهر والبابا تواضروس يؤكدان رفضهما لكل محاولات تهجير الشعب الفلسطيني
  • ماذا يحدث في تركيا؟.. مفاجآت جديدة عن مصير أكرم إمام أوغلو
  • اللجنة الوزارية العربية الإسلامية: نرفض بشكل قاطع طرد الشعب الفلسطيني من أرضه
  • فتح: الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي محاولة لشرعنة الاستيطان
  • الأنزلاق التركي:- هذا الذي يحدث في تركيا!
  • الدعاء الذي لا يرد في رمضان
  • دعاء ليلة القدر الذي أوصى به الرسول .. اغتنم الوقت وردده الآن