مؤيد الزعبي

كل ما نعرفه عن كيفية ممارسة الديمقراطية هي مفاهيم وأساليب قديمة، فلم يكن بمقدور البشر التنقل بسرعة ويسر قبل 200 عام فتم تحديد آليات ممارسة التصويت أو الاقتراع بناء على هذه الإمكانيات، ولكن ما قولك عزيزي القارئ أننا اليوم لا نحتاج للتنقل لممارسة هذا الحق فبكبسة زر نستطيع أن نمارس هذا الحق وبكبسة زر يجمع ويحلل لنا الذكاء الاصطناعي نتائج التصويت، فكيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على الديمقراطية في قادم السنوات؛ سلبًا وإيجابًا لا تقلق عزيزي القارئ لسوف أبحث معك الجانبين من خلال هذا الطرح.

قبل أسابيع قليلة كنت شاهدًا على عملية انتخابية برلمانية في إحدى الدول العربية، والحقيقة ما لفت انتباهي جيدًا هو استخدام الأنظمة الذكية في عمليات الاقتراع وفرز الأصوات وكيف كانت مثالية لدرجة تقول في نفسك؛ لماذا لا نستخدم هذا النموذج في الكثير من الأمور ويصبح لدينا نظام تصويت شعبي مغاير لما هو تقليدي، ونوجد أنظمة قادرة على مشاركة الشعب بشكل أكبر طالما التقنية والقدرات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي يخدم تطلعاتنا هذه.

الديمقراطية؛ قالوا لنا مرارًا بأنها حكم الشعب للشعب، وقالوا مرارًا إنها صندوق اقتراع ولك حرية الاختيار، ولكن ماذا عن توجيه الذكاء الاصطناعي لاختياراتنا والتحكم خفية بطريقة تفكيرنا، فهل هذه ديمقراطية كما وصفوها لنا أم هي محاولة للالتفاف على مفهومها وأساليبها؟، أنت تعرف الإجابة أكثر من عزيزي القارئ، وبخلاف الإجابة التي وضعتها برأسك تخيل معي كيف لدول أن تقوم بالتدخل والتشويش والتأثير على سير العمليات الانتخابية سواء عن طريق القرصنة أو باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذا ما بدأ فعلًا قبل سنوات وسنكون خير شهداء عليه في قادم الوقت.

رغم أن التأثيرات والمؤثرات ستكون كثيرة على عمليات الديمقراطية في العالم بأسره ولكن أنا أجد بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعلنا أكثر قربًا من الشكل الافلاطوني لمدينته الفاضلة ونؤسس لمدن يتشارك فيها سكانها باختيار ما يريدونه وما يتطلعون إليه من القائمين على مدنهم ودولهم، وبالطبع ليس بالضرورة أن يكون هذا الأمر مرتبط فقط بالسياسة، فحتى الأشياء الاجتماعية أو التخطيط لمستقبل الحياة الاجتماعية والتعليمية والطبية والنفسية يمكن للناس المشاركة فيها من خلال استفتاء إلكتروني لا يُكلف الحكومات إلا منصات قادرة على حماية بياناتها وسهولة الوصول إليها، وحينها سيكون بمقدور الناس المشاركة في اتخاذ القرارات المناسبة لهم ولحياتهم، وعلى أن يكون لهذا الأمر جزء من خطوات اتخاذ أي قرار حكومي أو إداري، وبمساعدة الذكاء الاصطناعي يمكننا تصميم نماذج تفكير مجتمعية تُعرفنا على تطلعات الناس بناء على نتائج هذه الاستفتاءات.

ومع سعينا لتصميم مستقبلنا ومستقبل حياتنا ومستقبل مدننا فيجب أن نفكر بشكل جدي في كيفية تصميم مستقبلنا الديمقراطي بما يخدم مصالحنا كبشر وبما يتناسب ويتواجد من تطورات تكنولوجية قادرة على تحقيق أحلامنا في هذا الجانب، وأنا اعترف أن الأمر تحفه الكثير من المخاطر، ولكن هذا لا يمنع من التجربة ومحاولة إدخال مثل هذه النماذج حيز التنفيذ لنصل لمفاهيم الديمقراطية التي نريدها ونحتاجه في المستقبل، خصوصًا وأن العالم بات أكثر انفتاحًا وأكثر عولمة وتداخل كل هذه الأمور مع بعضها البعض يفتح الباب على مصرعيه لتغييرات جذرية في كيفية تعاطينا مع الديمقراطية بشكلها وبمفهومها الصحيح بعيدًا عن المفاهيم الغربية التي أتحفظ عليها في الكثير من الأمور.

إننا اليوم نمتلك تكنولوجيا يمكن أن تجعل حكوماتنا أكثر قربًا من شعوبها، ونمتلك القدرة لنجعل الشعب أكثر قربًا من قرارات حكوماته والتكنولوجيا التي بين أيدينا من سجلات رقمية وهويات رقمية وتطبيقات حكومية متطورة فلماذا لا يتم استحداث منصات تلبي احتياجات المواطنين في تصميم مستقبلهم، أو انشاء منصات تسمح للمواطنين بإبداء آرائهم وأفكارهم وتطلعاتهم حول قضية ما.

الذكاء الاصطناعي وقدراته سيمكننا من خلق منظومة ديمقراطية لا مثيل لها تتصف بالنزاهة والعدالة، وصحيح أن هناك نظرة عامة أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي إلى تراجع الحرية الشخصية؛ حيث يمكن استخدامه لتتبع ومراقبة المواطنين، إلّا أننا يجب أن نحوِّل هذه المخاوف ونجعلها أداة قادرة تقليل الفجوة بين الحكومات وشعوبها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

مناقشة أثر الذكاء الاصطناعي في الاستدامة

دبي: «الخليج»
نظمت مجموعة عمل الإمارات للبيئة جلستها الحوارية الأولى للعام الحالي، بعنوان «الذكاء الاصطناعي: دافع للاستدامة أم تحدٍ لها؟» في 29 يناير الجاري فــي فندق فايف بالم جميرا، بالتعــاون مع الشبكـــة العربية للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، ومجلس الإمارات للأبنية الخضراء، ومجلس صناعات الطاقة النظيفة، ومجلس الأعمال السويسري، حيث أضاءت الندوة على أهـمية العلاقة بين الذكاء الاصطناعي ومستقــبل الاستدامة.
وقالت حبيبة المرعشي، العضو المؤسس، ورئيسة مجموعة عمل الإمارات للبيئة: إن الجلسة الحوارية شكلت بداية ديناميكية لعام 2025، حيث جمعت الطلبة والأكاديميين وقادة الصناعة للمشاركة في حوار مدروس حول واحدة من أكثر القضايا إلحاحاً في عصرنا، معربة في الوقت عينه عن خالص امتنانها لماكدونالدز الإمارات على دعمها القيم والذي تمكنت من خلاله المجموعة في تنظيم هذا الحدث.
وأضافت: «حققت جلسة الحوار نجاحاً كبيراً في بدء محادثات هادفة حول دور الذكاء الاصطناعي في رحلتنا نحو الاستدامة. من خلال إشراك الطلبة والمحترفين والخبراء من مختلف المجالات، تمكنا من استكشاف الفرص والمخاطر المرتبطة بهذه التكنولوجيا الناشئة».
وقالت: «يتعين علينا ضمان الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول لمساعدتنا في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية». بدأت المناقشة الجماعية بمناظرة بين مدرستين من أكثر المدارس الأكاديمية نشاطاً في مجموعة عمل الإمارات للبيئة، حيث واجهت مدرسة دبي الوطنية، التي تمثل الموقف القائل بأن الذكاء الاصطناعي نعمة للاستدامة، مدرسة الورقاء الثانوية، التي زعمت أن الذكاء الاصطناعي يضر بالاستدامة.
وناقش كل فريق، يتألف من ثلاثة طلاب متحمسين، الفوائد والمخاطر المحتملة لدور الذكاء الاصطناعي في تشكيل مستقبل مستدام، حيث أعطى هذا النقاش الجذاب للطلاب منصة للتعبير عن وجهات نظرهم حول كيفية تقاطع الذكاء الاصطناعي مع الاستدامة، ومهد النقاش الطريق لمناقشة أوسع نطاقاً تلت ذلك، ما شكل نهجاً جديداً لإشراك الشباب في حوارات الاستدامة.
وبعد المناقشة، تحول الحدث إلى جلسة حوارية للخبراء، حيث شارك قادة الفكر المتميزون من مختلف القطاعات بآرائهم حول دور الذكاء الاصطناعي في الاستدامة.

مقالات مشابهة

  • “سدايا” تستعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي العام والتحديات التي تواجهه بمشاركة أكثر من 16 جهة حكومية
  • هل تعلم أن مغلي البقدونس يمكن أن يغير حياتك؟: إليك الفوائد التي لا تعرفها
  • سرقة السيارة التي« لا يمكن سرقتها»
  • ورشة عن الذكاء الاصطناعي لمجلس شباب «طرق دبي»
  • مناقشة أثر الذكاء الاصطناعي في الاستدامة
  • تسلّيم أكثر من 40 جهة شهادات اعتماد مقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي
  • سدايا” تسلّم أكثر من 40 جهة شهادات اعتماد مقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي بالمملكة
  • شاهد | الذكاء الاصطناعي الصيني وماصنعه بالأمريكي! .. كاريكاتير
  • “سدايا” تشخّص واقع تنظيم حوكمة الذكاء الاصطناعي في المملكة مع أكثر من 400 مسؤول من القطاعين الحكومي والخاص
  • دراسة صادمة.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي الشعور بالألم؟