المماليك.. غلمان الحروب اعتلوا عرش مصر
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
كان المماليك طائفة من الرقيق، تم شراؤهم بالمال بهدف تطعيم الجيوش وتقويتها، وكانوا خليطًا من الأتراك والجراكسة، والروم، وأقلية أوروبية، تمت تربيتهم وسط نظام عسكري صارم ليجيدوا فنون الحرب، وكان لكل مملوك "أستاذ" هو سيده وقائده الذي يبذل نفسه من أجله. ومع خفوت نجم الدولة الأيوبية -التي انتهت بالسلطان نجم الدين أيوب- صعد المماليك لحكم مصر، مُنذ تولت العرش السُلطانة "شجر الدرّ"، إحدى أشهر نساء التاريخ، إلى أن شنق العثمانيون آخر سلاطينهم "طومان باي" على باب زويلة.
منذ أن تم جلبهم من مختلف الأقطار، بدأ المماليك في التدرج في مناصب الدولة المصرية، وعاشوا كطائفة منفصلة عما حولها، واحتفظوا بشخصيتهم، ولم يختلطوا بالمصريين، وأُطلق عليهم "المماليك البحرية" لأنهم كانوا يسكنون جزيرة الروضة في بحر النيل، وقد كُثر عدد المماليك وزادت قوتهم لتتكون منهم طبقة خاصة تتقلد المناصب المهمة، خاصة في أواخر الدولة الأيوبية.
أم خليلكان وصول المماليك للعرش على يد السُلطان الصالح نجم الدين، آخر سلاطين الدولة الأيوبية، عندما اصطفى واحدة من جواريه وهي شجر الدرّ، أو شجرة الدّر كما أطلق عليها البعض، خوارزمية الأصل، وقيل أنها أرمينية، اشتراها السلطان، وحظيت عنده بمكانة عالية، حتى أعتقها وتزوجها، ولُقبت بـ "عصمة الدين أم خليل"، وهو ابنها من السُلطان الذي لم يعش طويلًا.
وقد توفى السلطان أيوب خلال حربه مع الصليبيين، وقررت زوجته إخفاء الخبر حتى لا يؤدى إلى انخفاض روح الجيش المعنوية، وأرسلت في طلب وريثه "توران شاه"، الذي كان في حصن كيفا؛ فاتجه مُباشرة للمنصورة، واستطاع أن يُنهي، بمعاونة مماليكه، موقعة المنصورة بنصره على ملك فرنسا لويس التاسع، الذي وقع أسيرًا وتم اقتياده إلى دار القاضي لقمان.
ولكن السُلطان الجديد كان فظًا في مُعاملة زوجة أبيه وقادته من المماليك، ما دفعهم جميعًا للتآمر عليه وقتله، ليُنادى بشجر الدرّ سُلطانة على مصر.
لكن السلطانة لم تبقَ على العرش سوى ثمانين يومًا، اضطرت بعدها للتخلي عن الحكم تحت ضغط الخليفة العباسي "المستنصر بالله"، والذي قيل إنه أرسل من بغداد ساخرًا، يُبدي استعداده أن يُرسل رجلًا لحُكم مصر "إن كانت قد عدِمت الرجال"، وكذلك عدم اقتناع أهل مصر بأن تتولى أمورهم امرأة.
الملك المُعزرأت شجر الدرّ أن زواجها من مملوك يضمن ولاءهم، وهم القوة الحقيقية، فتنازلت عن العرش لزوجها الجديد عزّ الدين أيبك، وتلقب بـ "الملك المُعّز"، ليُصبح المملوك الصالحي البحري ثاني مملوك يجلس على عرش مصر.
وبالفعل، بدأ الوضع في الاستقرار في وجود قبضة شجر الدرّ الناعمة التي توّجه السُلطان من الحرملك. لكن لم تمض أربعة أشهر حتى قام أمراء الأيوبيين بالشام -والذين استقلوا بعد مقتل توران شاه- بمحاولة استرداد مصر من قبضة المماليك، فخرج إليهم السُلطان، وكانت معركة العباسية بصحراء الزقازيق، التي انتصر فيها المُعّز، وتستقر قدماه على العرش، وترتفع شعبيته بين المصريين.
وقد زادت سيطرة أيبك على الحُكم من كراهية المماليك، خاصة أقطاي صديقه القديم وقائد جيشه، والذي كان يبُادله كراهية مُعلنة، وبدأ التجهيز للزواج من إحدى الأميرات الأيوبيات، فأدرك أيبك أن أقطاي قد يبدأ بالمُطالبة بالعرش لكونه زوجًا لأميرة أيوبية، مُستندًا إلى قوته وبأسه وشعبيته وسط المماليك، كذلك تاريخه العسكري وقيادته للجيش في موقعة المنصورة، فأمر بقتله، وقام بالتنفيذ المماليك المُعّزية.
صراع المماليكبعد مقتل أقطاي قوت شوكة المماليك المُعّزية، وأصبح قطز الرجل الثاني في الدولة، بينما لم تستطع شجر الدرّ مساعدة المماليك البحرية الذين يدينون لها بالولاء بعد مقتل أستاذهم. وبدأ كبارهم في الإعداد للرحيل عن مصر خوفًا من إعمال القتل فيهم، فهربوا إلى الشام، وعلى رأسهم ركن الدين بيبرس البندقداري -الذي عرفته صفحات التاريخ فيما بعد باسم الظاهر بيبرس- واستقر الكثير من المماليك هناك.
كان الملك المُعّز يُريد توسعة مُلكه، فقرر الزواج من بنت حاكم الموصل، فدبرت شجر الدرّ مؤامرة لقتله وكانت النهاية الشهيرة، عندما أمرت زوجة السُلطان الأولى أم نور الدين جواريها بقتل شجر الدرّ ضربًا بالقباقيب.
وانحازت المماليك المُعّزية لابن سُلطانهم نور الدين على، وقاموا بتنصيبه سُلطانًا على مصر، ولُقِّب بالملك المنصور، أما المماليك الذين كانوا في الشام، وكان من بينهم بيبرس وقلاوون الألفي، فرفضوا الاعتراف بسلطنة المنصور، وحاولوا الاستيلاء على مصر مع الملك المُغيث ملك الكرك الأيوبى، وتصدت لهم قوات قطز.
وفي إحدى المعارك تمكنت المماليك المُعّزية من أسر الألفي، وعاد قطز إلى قلعة الجبل، وتم إعدام بعض المماليك والأمراء الذين هربوا أثناء المعركة.
بعد اقتراب المغول من مصر قام قطز باعتقال المنصور وأخيه وأمهما داخل برج بالقلعة، ونُصّب قطز سُلطانًا بعد أن وعد بالاستقالة بعد النصر على المغول، واستمر في الإعداد للمعركة، وبدأ إعداده بالصُلح مع المماليك البحرية لتكوين جبهة واحدة، وحشّد المصريين خلفه، حتى خرج لمُلاقاة المغول في معركة عين جالوت الشهيرة؛ والتي قُتل فيها "كتبُغا" قائد المغول، وعند عودته عادت نوايا المماليك للسوء وظنوا منه الغدر، فقاموا باغتياله ليتولى ركن الدين بيبرس السلطنة، ولُقّب بـ "السُلطان الظاهر".
دولة الظاهرعقب تولي الظاهر -الذي اتصف بالحزم- مقاليد الحكم بدأت دولة المماليك في الاستقرار، واتخذ عدة إجراءات تهدف إلى تثبيت أقدامه في الحكم، منها التقرب من الخاصة والعامة، وتخفيف الضرائب، وعفا عن السُجناء السياسيين.
وقام الظاهر بيبرس بالقضاء على الحركات المناهضة لحكمه، كما أعاد إحياء الخلافة العباسية ونقلها للقاهرة. أيضا، حارب ما تبقى من الإمارات الصليبية وهي أنطاكية، وطرابلس، والجزء الباقي من مملكة بيت المقدس، حتى انتصر عليهم.
وكان استقرار الحُكم على يد الظاهر بيبرس سببًا في دوام دولة المماليك، ويتسلم الحُكم المنصور بن قلاوون الذي استمرت أسرته في الحُكم أربع عشرة ومائة سنة، فحكم هو وأولاده وأحفاده، ولم يخرج أمر مصر من أيديهم سوى خمس سنوت، إذ حكم العادل كتبغا والمنصور لاجين أربعة سنوات، والمظفر بيبرس الجاشنكير لمدة سنة، وقد قُتِلَ ثلاثتهم وكانوا من الجراكسة.
المماليك الجراكسةجاءت دولة المماليك البُرجية، وهم المماليك الجراكسة، على يد قلاوون أيضًا، حيث قام السُلطان بالاستكثار منهم، والاعتماد عليهم، وأسكنهَم في أبراج القلعة، ولذا عُرِفوا بـ "البُرجية" تمييزًا لهم عن المماليك البحرية، وكان أول سلاطينهم هو السُلطان برقوق.
وبدأ منذ ذلك الحينِ حكمُ طائفة المماليك الجراكسة، والذي امتد لأربعة وثلاثين ومائة سنة، وتقلَّد السلطنة منهم خمسة وعشرون سُلطانًا، عدا اثنين من أصل رومي هما خشقدم وتمريغا.
وقد اتسم عهد الجراكسة بكثرة الدسائس والمؤامرات، والصراعات المُستمرة، ولكنه كذلك شهد جانبا إيجابيًا بتشجيع سلاطينهم للعلم والأدب، وبناء المساجد والمدارس، وكان لهم دور كبير في حماية بلاد الشام من أطماع الملك المغولي تيمور لنك.
كما وجهوا ضربات أُخرى للقوى الصليبية المجاورة لهم في جزر البحر المتوسط، وكان الأشرف قايتباي من أعظم سلاطين الجراكسة وأطولِهم عهدًا، فقد حكم تسعة وعشرين عامًا، ظهرت خلالها كفاءته السياسية والعسكرية، وفي عهده بدأ خطر العثمانيين الذين أسماهم مؤرخو ذلك العصر "أصحاب القُسطنطينية"، فأنفق الكثير من الأموال على الجيوش لردّهم عن حلب وما حولها.
دخول العثمانيينكان تفشي الظلم في الدولة المملوكية ورغبة أهل الشام ومصر في التخلص من هذا الظلم، هو ما دفع قُضاة المذاهب الأربعة والأشراف لكتابة عريضة نيابة عن الجميع يخاطبون فيها سليم الأول -سُلطان الدولة العُثمانية- يدعونه فيها للقدوم إلى بلادهم، ورفع ظلم المماليك الذي يخالفون الشرع، فاستشار السُلطان علماءه فأشاروا عليه بضم الشام ومصر لدولته لرفع المظالم وتطبيق الشرائع.
وبينما يتبادل السُلطان قنصوة الغوري الرسائل مع الشاه إسماعيل الصفوي، لتوطيد حلف ضد العُثمانيين، قرر سليم الأول التوجه للمماليك، وزحف بجموع غفيرة إلى الشام، وتحرك الغوري هو الآخر محاولًا وقف زحف العثمانيين.
التقى الجيشان عند "مرج دابق" على مشارف حلب، وانتصر العثمانيون رغم المقاومة التي أبداها الغوري حتى قتلوه، وكان في الثمانين من العمر، ودخل السُلطان سليم حلب، ثم دمشق، وسانده الأعيان وأمراء الشام، وأكرم العثمانيون الغوري بعد مقتله وكفنوه وصلوا عليه ثم دفنوه في مكان لائق.
وواصل سليم الأول زحفه إلى مصر، وأرسل إلى زعيم المماليك طومان باي برسالة يدعوه فيها لطاعة الدولة العُثمانية، ولكنه سخر من هذه الرسالة، وقتل حاملها، فأسرع سليم بجيوشه ومن دخل في طاعته من أهل الشام إلى مصر.
استعد طومان باي للقتال، والتقى الجيشان في منطقة الريدانية، وهي حي العباسية الآن في القاهرة، وحاول المماليك صد الهجوم، واستبسلوا في القتال خاصة طومان باي، الذي قاد مجموعة فدائية بنفسه، واقتحم مُعسكر سليم الأول، وقبض على وزيره سنان باشا وقتله بيده مُعتقدًا أنه سليم الأول، ولكن المعركة انتهت بانتصار السُلطان سليم، والقبض على طومان باي الذي تم شنقه على باب زويلة.
وبينما انتهت دولة المماليك، فإن من تبقى منها انخرط داخل نظام الحُكم الجديد، فكانوا جُباة للضرائب، واليد الباطشة التي يستخدمها الوالي العُثماني للسيطرة على المصريين، وشارك بعضهم في مُقاومة الحملة الفرنسية.
وانتهى وجود المماليك تمامًا على يد محمد علي باشا، عندما قام بتصفيتهم جميعًا في مذبحة القلعة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المماليك الحرب مصر الجيوش سلیم الأول الملک الم الس لطان س لطان ا على ید
إقرأ أيضاً:
جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن
مسقط- العُمانية
بحمد الله ورعايته، عاد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- إلى أرض الوطن بعد أن اختتم زيارة "دولة" لمملكة هولندا الصديقة، استغرقت ثلاثة أيام.
وفي وقت سابق من مساء أمس، ومؤيدًا بتوفيق الله تعالى، غادر حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- مملكة هولندا الصديقة بعد زيارة "دولة" استغرقت ثلاثة أيام.
وكان في وداع جلالة السُّلطان المعظم لدى مغادرته مطار شيبول - أمستردام، اللواء بحري لدجر بروميلار مُمثل جلالة ملك هولندا رئيس الجهاز العسكري الملكي ومعالي رينيت كليفر وزيرة التجارة الخارجية والتنمية وعدد من المسؤولين بمملكة هولندا. وقد بعث سُلطان البلاد المفدى برقيَّة شكر وتقدير إلى جلالة الملك ويليام ألكسندر ملك هولندا وقرينته جلالة الملكة مكسيما لدى مغادرته، أعرب جلالتُه فيها عن خالص شكره وتقديره على ما قوبل به ووفده المرافق خلال الزيارة من استقبال حافل وضيافة كريمة.
وأشاد جلالة السُّلطان المُعظم بما أتاحه اللقاء مع جلالة الملك ودولة رئيس الوزراء من توثيق للعلاقات وفتح آفاق جديدة للشراكة والتعاون في شتى المجالات، متمنيًا جلالة السُّلطان لجلالة الملك وجلالة الملكة التوفيق الدائم لتحقيق المزيد مما يتطلع إليه الشعب الهولندي الصديق من تطوُّرات وإنجازات.
ورافق حضرة صاحب الجلالة السُّلطان المعظم خلال زيارته السامية وفد رسمي رفيع المستوى ضم كلًّا من: صاحب السُّمو السّيد شهاب بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع، ومعالي السيد خالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السُّلطاني، ومعالي الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السُّلطاني، ومعالي السيّد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، ومعالي الدكتور حمد بن سعيد العوفي رئيس المكتب الخاص، ومعالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم، ومعالي عبد السلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني، ومعالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن وسعادة السفير الشيخ الدكتور عبدالله بن سالم الحارثي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى مملكة هولندا.
بيان مشترك
إلى ذلك، أكّدت سلطنة عُمان ومملكة هولندا التزامهما بتعزيز علاقاتهما التاريخية والاستراتيجية، وتعميق التعاون في مختلف القطاعات الرئيسة وتعزيز مستقبل مبنيٍّ على التعاون والتفاهم المتبادل، وأهمية التعاون والشراكات التجارية لدفع عجلة النمو الاقتصادي والابتكار.
جاء ذلك في البيان المشترك بين سلطنة عُمان ومملكة هولندا أمس الصادر بمناسبة زيارة "دولة" قام بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- لمملكة هولندا خلال الفترة من 14 إلى 16 أبريل 2025م، وفيما يأتي نصُّه:
"بدعوةٍ من جلالةِ الملك ويليام ألكسندر، ملكِ مملكة هولندا، قام حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- بزيارة "دولة" إلى مملكة هولندا خلال الفترة من 14 إلى 16 أبريل 2025م. وقد أكّدت الزيارة على عُمق الروابط التاريخية بين سلطنة عُمان ومملكة هولندا، والتي تعود إلى أكثر من 400 عام من الصِّلات التجارية والثقافية.
وقد تطوّرت العلاقات بين البلدين إلى شراكة متمثلة في الانفتاح والتجارة الدولية، فضلًا عن تعزيز الحوار حول التحدّيات العالمية.
وقد التقى حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- مع جلالة الملك ويليام ألكسندر ورئيس الوزراء ديك شوف؛ حيث جرى تبادلٌ للآراء حول القضايا الثنائية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأكّد البلدان على التزامهما بتعزيز التعاون في مختلف القطاعات، وشدّدا على أهمية التعاون بين الحكومتين والشراكات التجارية لدفع عجلة النمو الاقتصادي والابتكار، وشهدت الزيارةُ التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات. وقد تمّ بحثُ فرص التجارة والاستثمار في القطاعات الرئيسة مثل: التحول في مجال الطاقة والخدمات اللوجستية المستدامة والمياه.
وعقَد الجانبان لقاءً مشتركًا لرجال الأعمال بين البلدين. كما تضمّنت الزيارةُ حفلَ استقبال جمعَ حضرةَ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم- أيّدهُ الله- وجلالةَ الملك ويليام ألكسندر.
وإدراكًا من البلدين لتراثهما البحري المشترك ومزاياهما الاستراتيجية في القطاعين البحري واللوجستي؛ بحث البلدان سُبلَ تعميق التعاون في تطوير الموانئ والخدمات اللوجستية المستدامة.
وفي هذا الصدد؛ جرت مناقشات حولَ تعزيز التعاون بين موانئ صُحار وصلالة وروتردام وأمستردام، وكذلك حول مبادرات البناء البحري المبتكرة التي تستفيد من تيارات المحيطات وذلك في إطار التزام البلدين المشترك بالاستدامة.
وأكّد البلدان التزامهما بتعزيز التحول في مجال الطاقة، مع التركيز على الحياد الكربوني والطاقة المتجدِّدة والهيدروجين الأخضر، كما شمل التعاونُ مجالَ إدارة المياه، وذلك استنادًا إلى الخبرة الطويلة التي يتمتّع بها البلدان في مجال الحلول المستدامة للمياه.
وإدراكًا منهما بأهمية التواصل بين الشعوب؛ أعربت سلطنةُ عُمان ومملكةُ هولندا عن التزامهما بتعزيز التعاون في مجالات الحوكمة والتبادل الثقافي والعلوم والرياضة. وشدّد البلدان على أهمية تبادل المعرفة والابتكار، بما يتماشى مع النموذج الثلاثي الأبعاد للابتكار؛ حيث تتعاون الحكومة والأوساط الأكاديمية وقطاع الأعمال من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
وأكّدت سلطنة عُمان ومملكة هولندا مجددًا على التزامهما المشترك بالسِّلم والاستقرار العالميين من خلال الحوار والدبلوماسية. وتبادلَ البلدان وجهات النظر حول التطوُّرات الإقليمية، وشدّدا على المشاركة البنّاءة في مواجهة التحدّيات العالمية.
وأعرب الجانبان عن ارتياحهما بنتائج الزيارة وعن عزمهما البنّاء على هذا الزخم لِما فيه مصلحة البلدين.
واستشرافًا للمستقبل؛ تؤكّد سلطنة عُمان ومملكة هولندا على التزامهما بتعزيز علاقاتهما التاريخية والاستراتيجية، وتعميق التعاون في مختلف القطاعات الرئيسة وتعزيز مستقبل مبنيٍّ على التعاون والتفاهم المتبادل.
وفي ختامِ الزيارة، أعرب حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- عن شكره العميق لجلالةِ الملك ويليام ألكسندر ورئيس الوزراء ديك شوف وللشعب الهولندي على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الذي حظي به جلالتُه والوفدُ المرافقُ خلال إقامتهم في مملكة هولندا".