«حروف عربية» تحتفي بالخطاط عباس البغدادي
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
دبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةعن ندوة الثقافة والعلوم بدبي صدر العدد الجديد رقم (56) من فصلية «حروف عربية» في 110 صفحات من الطباعة الملونة الفاخرة، حيث جاء في كلمة رئيس التحرير علي عبيد الهاملي: «اليوم ما عدنا نرى خطوط أبنائنا وبناتنا، ليس لأن حصة الخط ألغيت من مناهجنا فقط، ولكن لأننا لم نعد نمسك القلم بين أصابعنا لنكتب به، فقد حلت محله الحواسيب والهواتف المتحركة، ولم نعد نهتم بمعرفة الفرق بين خط النسخ والرقعة».
وتضمن العدد الجزء الثاني من الدراسة التاريخية الفنية التي تحمل عنوان «العلامة السلطانية بين المشرق والمغرب» للباحث المغربي الدكتور محمد عبدالحفيظ خبطة، أما حوار العدد فمع الخطاط السوري المخضرم محمد القاضي، وقد أجراه هشام عدرة.
وخصصت المجلة أيضاً ملف العدد عن الخطاط العراقي عباس البغدادي الذي رحل في مايو الماضي، حيث جاء الملف في 40 صفحة تحت عنوان «فارس الخط العربي»، متضمناً شهادات ودراسات وذكريات كتبها تلاميذ البغدادي وأصدقاؤه، وهم الدكتور نصار منصور، ونبيل الشريفي، ومثنى العبيدي، وأحمد العمري، وفالح الدوري، والدكتور إبراهيم الجوريشي، وعبدالرحمن أمجد، ومحمد النوري.
وفي باب «مكتبة» تناول الأديب الكبير محمد المر كتاب «ياقوت المستعصمي بين بغداد وفلورنسا»، الصادر عن الهيئة المصرية العامة، للكتاب للباحث المصري محمد سالم الشيخ، حيث حقق في هذا الكتاب واحدة من المخطوطات المنسوبة لياقوت المستعصمي، وهي محفوظة في المكتبة الوطنية المركزية بمدينة فلورنسا الإيطالية وقد ظلت مجهولة لقرون عديدة. وكتب محمد المر «يعتبر الخطاط ياقوت المستعصمي الذي توفي عام 696 هجرية، آخر مشاهير الخطاطين في سلسلة النوابغ في المدرسة الخطية البغدادية، وقد اختلف المؤرخون في أصل ياقوت المستعصمي، حيث يذكر المؤرخ القاضي أحمد أن أصله من الحبشة، وقيل إنه روميّ الأصل. درس ياقوت الخط على يد الخطاط والموسيقي صفيّ الدين عبدالمؤمن الأرموي وعلى يد زكيّ الدين عبدالله بن حبيب، ثم عمل بعد ذلك في خدمة الخليفة العباسي المستعصم بالله آخر الخلفاء العباسيين».
أما باب «منوعات» فاحتوى على عرض شامل لمسجد آيا صوفيا بإسطنبول، كتبه الباحث والخطاط العراقي صلاح شيرزاد، حيث تناول تاريخ هذا المعبد الذي تحول إلى كنيسة ثم مسجد، وما ضم من لوحات خطية نادرة بالغة الجمال، وأهم الذين كتبوا هذه اللوحات، مستعرضاً خصائص كل لوحة ومميزاتها.
وضم العدد كذلك الأبواب الثابتة مثل أخبار وفعاليات والهدية، أما قصيدة العدد فهي «يا ليتني خاتم» للشاعر حسين العبدلله، وقد خطها بالنسخ الخطاط الكبير أسامة الحمزاوي.
يذكر أن «حروف عربية» يرأس تحريرها علي عبيد الهاملي ونائب رئيس التحرير الخطاط الإماراتي الكبير خالد الجلاف، ومدير التحرير ناصر عراق، وهيئة التحرير مكونة من الخطاط السوداني الكبير تاج السر حسن والدكتور إياد إبراهيم، والمدير الفني محمد فراس عبو.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات دبي ندوة الثقافة والعلوم
إقرأ أيضاً:
رئيس التحرير يكتب: حسام أبو صفية.. غزة إذ تنتظر أحد جبالها الراسخات
علق رئيس تحرير "عربي21" فراس أبو هلال على المشاهد التي بثتها سلطات الاحتلال للطبيب الأسير حسام أبو صفية الأربعاء، وظهر فيها مكبل اليدين والقدمين، معتبرا أن الأنباء التي تفيد بقرب الإفراج عنه؛ تعد تكريما لكل شهداء وجرحى وأبطال القطاع الطبي في غزة.
وقال رئيس التحرير، في مقال له، إن الاحتلال تعمد نشر مقاطع فيديو مجتزأة للدكتور أبو صفية أرادوا فيها هز صورته، لكنها ما رسمت عليه إلا علامات الكبرياء والشموخ والصمود.
وأردف أبو هلال قائلا: "أرادوا إهانته بهذه المقاطع المصورة، ولكن الفلسطيني وغيره من أحرار العالم يعلمون أن جبلا مثل أبو صفية لا يهان، وأنه -حتى عندما يفقد حريته- يبقى حرا، وأنه هو من يقود سجانيه الجبناء -حتى إن كان مثقلا بالقيود".
وتفيد بعض المصادر بأن "أبو صفية" سيفرج عنه يوم السبت المقبل ضمن دفعة التبادل الأخيرة في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال رئيس التحرير، إن هذه الحرب -في أحد وجوهها المهمة- كانت حربا إجرامية ضد المستشفيات والقطاع الطبي. بدأت باستهداف المستشفى الأهلي/ المعمداني، ثم باقتحام وإحراق درة مستشفيات غزة "مستشفى الشفاء" مرتين، قبل أن يتم قصف واستهداف كل المستشفيات والمراكز الصحية.
أضاف أبو هلال: "لم يكن حسام أبو صفية وحيدا في مركز هذه الحرب، بل كان جنبا إلى جنب مع الطبيب العظيم مروان البرش الذي اغتاله الاحتلال تحت التعذيب في السجون، ومع محمد أبو سلمية الذي ناله نصيب من الاعتقال، ومئات الأطباء والممرضين والمساعدين وعاملي النظافة في المستشفيات الذين تصدوا للموت والقتل ولمهمتهم العظيمة في علاج المصابين والجرحى والمرضى حتى آخر رمق".
تاليا نص مقال رئيس تحرير "عربي21" فراس أبو هلال :
تقول الجغرافيا إن غزة لا جبال فيها، فهي قطاع ساحلي منبسط وسهل تماما، ولكن الحقائق التاريخية تقول إن الجغرافيا كاذبة. فغزة العظيمة، امتلكت عددا لا نهائيا من الجبال، من رجالها ونسائها، "السهلين" على أحبائهم، صعبي المراس على عدوهم، أولئك الذين سطروا تاريخا من الصمود والأساطير، وكانوا وكنّ أشد رسوخا من الجبال الطبيعية. فهل نصدق التاريخ أم الجغرافيا؟
هل نصدق الكتب العلمية "الباردة" أم حكمة التاريخ الساخنة كمياه المتوسط في تموز؟ هل نصدق "حسّاسات" الجيولوجيا المعدنية أم "مجسّات" القلب التي لا تخطئ أبدا؟ هل نصدق بلدوزرات كيان الإبادة الجماعية أم سمّاعات طبيب الأطفال "حسام أبو صفية"؟
هذه الحرب العدوانية على غزة منذ بدايتها وحتى توقف السلاح، مؤقتا، هي حرب الصورة. حاولت ماكينة الإبادة الجماعية أن تنشر صورا لتحقيق أهدافها في كسر الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، ولكنها كانت دائما تفشل، وكانت الصورة تفعل العكس تماما. يحصل هذا لأن هذا المحتل لا يفهمنا.
يملك الاحتلال تاريخا طويلا من "العلاقة" مع الفلسطيني -علاقة الاحتلال بالشعب المحتل-، ويملك مئات الخبراء "بالشؤون الفلسطينية" والمستشرقين ومراكز التفكير والدراسات، ولكنه يفشل بعد أكثر من ستة وسبعين عاما من الاحتلال في فهم الشعب الفلسطيني، ولهذا فإن كل محاولاته في ربح معركة الصورة تخسر دائما.
قد يستطيع الاحتلال تسجيل نقاط في هذه الحرب عند جمهوره المتعطش للدماء والقتل والمذبحة، وقد يكسب من يحكم هذا الكيان قليلا في معاركه السياسية ضد خصومه الداخليين من خلال هذه الصور، لكنه لا يربح أبدا في معركة الصورة مع الشعب الفلسطيني، لأنه باختصار لا يفهمه، ولا يدرك أنه يقدس "الصمود" حتى لو تبعه سجن أو موت، وأنه يتبتل في حضرة الشهداء والمعتقلين الذين "يمضون إلى حتفهم باسمين"، وأنه يقتات عزة وأنفة من رجاله ونسائه الذين يثبتون كالجبال ولا يمنحون عدوهم، رغم الحزن والألم، "نشوة" الانتصار.
تقول بعض المصادر إن "أبو صفية" سيفرج عنه يوم السبت المقبل ضمن دفعة التبادل الأخيرة في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
في هذه الحرب، حفظ الفلسطينيون وأحرار العالم صورا كثيرة خسر فيها كيان الإبادة الجماعية أمام الفلسطيني الأعزل إلا من كرامته وأسطورته. بعض هذه الصور سيستمر لأجيال طويلة بدون شك، وسيكتب عنها صحفيون وشعراء وناثرون مجدّون سيأتون بعد عشرين أو مئة أو ألف عام، وكأن قدرك أيها الفلسطيني أن تكون صانعا للمجد، وصانعا للتاريخ، وصانعا للمادة التي سيعتاش عليها صنّاع الأدب والثقافة والصحافة إلى أبد الآبدين!.
ماذا سيكتب الشعراء عن صورة "حسام أبو صفية" وهو يمشي بمريوله الأبيض نحو دبابات القتلة الذين سيعتقلونه؟ كان يمشي رافعا رأسه للسماء، كأنه يستمد القوة والعزيمة من قوة إلهية أكبر من كل القتلة، ظهره لم ينحن تماما رغم أنه يمشي بين الركام الذي خلفه القصف. يمشي تاركا وراءه مستشفى "كمال عدوان" التي ظل فيها حتى آخر نفس ولكن قلبه ظل معلقا فيها رغم مغادرته للمكان.
ماذا سيكتب الشعراء عن "جبل" مشى نحو حتفه دون أن يهتز، وعن أمة تملأ أعدادها عين الشمس ولكنها لم تستطع أن تملأ عين كيان الإبادة الجماعية لتمنعه من اعتقال هذا الجبل؟ وكيف سيفسر علماء "الواقعية السياسية" و"تقدير الموقف" المبني على موازين القوى هذا المشهد؟ وأي قوة جعلت هذا الرداء الأبيض يواجه الموت الأسود الذي يمارسه القتلة لأسابيع ضد المستشفى، قبل أن تأتي لحظة الاعتقال؟
لم يكن اعتقال "حسام أبو صفية" في الثامن والعشرين من كانون أول/ ديسمبر الماضي هو الأول خلال هذه الحرب. ولم يكن هذا الاعتقال هو صورة الصمود الوحيدة للطبيب الغزاوي في مواجهة تنكيل الاحتلال. اعتقل أبو صفية لفترة قصيرة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2024. وبعد أن أفرج عنه، لجأ الاحتلال للانتقام منه عبر اغتيال أحد أبنائه، وهذه كانت إحدى "صور" أبو صفية التي خسر فيها الاحتلال، حين ظهر صامدا -وإن كان حزينا كما يليق بأب شهيد- أثناء إمامته لصلاة الجنازة على ابنه الصغير. في تلك الصورة، لم يجهش أبو صفية، "وكم صعب أن لا يجهش (أب) شهيد" كما قال مظفر النواب مرّة عن أمهات الشهداء.
لم يكتف القتلة السفلة -وكل احتلال هو بالضرورة قاتل سافل- بقتل ابن "حسام أبو صفية"، بل وجهوا له طائرة "كواد كابتر" غادرة مثلهم في المستشفى، حيث قصفته وأصابته عدة إصابات في 24 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي. في هذا القصف، خسر الاحتلال "حرب الصورة" مرة أخرى، فقد أرادت أن تضعف معنوية الفلسطيني وخصوصا من أبناء القطاع الطبي من خلال هذا الاستهداف، ولكن "الجبل" أبو صفية كان له رأي آخر عندما قال بعد الإصابة وجسده مكلل "بالشاش " الأبيض: إصابتي شرف لي. فأي جبل أنت يا حسام؟ وأي نوع من البشر أنت؟!
لا يكل الاحتلال ولا يمل من معركة الصور مع الفلسطيني رغم خسارته الدائمة فيها.
حوّل ما يسمى بالقضاء -وهو شريك أساسي بالإبادة والجريمة- أبو صفية للمحاكمة بصفة "مقاتل غير شرعي"! فأي مقاتل أنت يا صاحب الرداء الأبيض وأنت لا تملك سلاحا سوى "سماعة" الأذن و"قسم أبوقراط" وعزيمة لا تلين؟
أثناء المحكمة- المهزلة، نشر الاحتلال مقاطع فيديو مجتزأة للدكتور أبو صفية أرادوا فيها هز صورته، كان يمشي بيدين ورجلين مكبلتين، يبدو عليه التعب، ولكن والله ما بدت عليه إلا علامات الكبرياء والشموخ والصمود. أرادوا إهانته بهذه المقاطع المصورة، ولكن الفلسطيني وغيره من أحرار العالم يعلمون أن جبلا مثل أبو صفية لا يهان، وأنه -حتى عندما يفقد حريته- يبقى حرا، وأنه هو من يقود سجانيه الجبناء -حتى إن كان مثقلا بالقيود-!
هذه الحرب -في أحد وجوهها المهمة- كانت حربا إجرامية ضد المستشفيات والقطاع الطبي. بدأت باستهداف المستشفى الأهلي/ المعمداني، ثم باقتحام وإحراق درة مستشفيات غزة "مستشفى الشفاء" مرتين، قبل أن يتم قصف واستهداف كل المستشفيات والمراكز الصحية.
لم يكن حسام أبو صفية وحيدا في مركز هذه الحرب، بل كان جنبا إلى جنب مع الطبيب العظيم مروان البرش الذي اغتاله الاحتلال تحت التعذيب في السجون، ومع محمد أبو سلمية الذي ناله نصيب من الاعتقال، ومئات الأطباء والممرضين والمساعدين وعاملي النظافة في المستشفيات الذين تصدوا للموت والقتل ولمهمتهم العظيمة في علاج المصابين والجرحى والمرضى حتى آخر رمق.
تقول بعض المصادر إن "أبو صفية" سيفرج عنه يوم السبت المقبل ضمن دفعة التبادل الأخيرة في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. غزة وأحرار العالم كلهم يرجون أن يكون هذا الخبر صحيحا، فالجبل أبو صفية يليق بالحرية وهي تليق به، والإفراج عنه هو تكريم لكل شهداء وجرحى وأبطال القطاع الطبي في غزة، وهذا القطاع المنبسط الذي وهبته الجغرافيا سهولة رائقة، ينتظر على أحر من الجمر أحد جباله ورجاله الذين لا يتكررون، إلا مرة كل ألف عام!