على مدار اليومين الماضيين، كانت العاصمة الأردنيّة عمّان، وما زالت، مسرحًا لوقفات تضامنيّة مع الشعب الفلسطيني، لا سيما في أعقاب الانفجار الذي وقع داخل أروقة المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، وهو مؤسّسة طبيّة تديرها الكنيسة الأسقفيّة العربيّة (الأنغليكانيّة)، وأدى لسقوط مئات الضحايا ممن لجأوا إلى المجمّع لحماية أنفسهم من الهجمات الإسرائيلية.

وعقب هذه المأساة، عمّت المظاهرات الدول العربيّة، وحتّى الأجنبيّة، للتضامن مع غزة بشكل خاص، ولدعم القضية الفلسطينية بشكل عام. وفي الأردن، ما تزال المظاهرات تنظم في مختلف محافظات المملكة، لا سيما بالقرب من محيط السفارة الإسرائيلية والسفارة الأميركيّة في العاصمة عمّان.

كما أكد الأب د. رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، على أنّه بسبب العلاقات الوثيقة التي تربط الأردنيين بفلسطين، فإنّنا في المملكة نشعر باهتمام كبير بالقضيّة الفلسطينيّة، لانّنا نشهد على معاناة الشعب الفلسطيني منذ سنوات عديدة، وبأنّ القضايا الرئيسيّة ما تزال من دون حلّ لغاية اليوم.

وأشار الأب بدر إلى بعض القضايا الجوهريّة، وهي: احتلال مدينة القدس، الاستيطان في الضفة الغربيّة، عودة اللاجئين، تقاسم المياه، الجدار الفاصل في الضفة الغربيّة المحتلة، وترسيم الحدود، لافتًا إلى أنّ التطرّق إلى واحدة فقط من هذه النقاط تسبّب تعقيدات سياسيّة كبيرة. ومع ذلك، أكد الأب بدر أنّ الحلّ النهائي للصراع لا يمكن أن يتجاهل أيًا من هذه الأمور.

ولفت الكاهن في البطريركيّة اللاتينيّة إلى أنّ هنالك "عددًا قليلًا من المسيحيين في غزة، لكنهم مندمجون بشكل جيّد في المجتمع. وهم يخدمون الناس بفضل وجود العديد من الكنائس والمؤسّسات الإنسانيّة. لكن الظروف التي يعيشون فيها هي غير إنسانيّة".

وقد أدت الحرب الإسرائيلية الدائرة على غزة، منذ الهجوم الذي نفذته حركة حماس، إلى سقوط أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني، ونحو 14 آلاف مصاب. في حين أن سكان القطاع في حاجةٍ ماسة إلى المساعدات الإنسانيّة، وخاصة الغداء والماء، بعد التطبيق الإسرائيلي لسياسة العقاب الجماعي.

وعقب الهجوم على المستشفى، ألغي اللقاء المقرّر بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الأميريكي جو بايدن. وبدلًا من ذلك، توجّه الملك إلى القاهرة للتباحث مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث أكد البيان المشترك على "موقف الأردن ومصر الموحد الرافض لسياسة العقاب الجماعي من حصار أو تجويع أو تهجير للأشقاء في غزة"، وبأنّ "أية محاولة للتهجير القسري إلى الأردن أو مصر مرفوضة".

وحول هذا الموضوع، قال الأب بدر: "هنالك 35 جنسية مختلفة في الأردن. في السنوات الأخيرة، استقبل الأردن اللاجئين من سورية والعراق، لأنّه والحمد لله، مملكتنا مستقرّة. ولكن على غرار مصر، فإنّنا لا نريد أن يهجّر الفلسطينيون. نريد أن تكون لديهم دولتهم المستقرة والمستقلة في المستقبل".

وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إنّ "التهجير الفلسطيني خط أحمر بالنسبة للأردن"، مضيفًا أنّ التهجير القسري للسكان يُعدّ انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي، وبأنّ أية محاولة لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية هو بمثابة إعلان حرب.

ويضيف الأب بدر في حديثه لوكالة "آسيا نيوز": "لقد كان الأردن دائمًا ملتزمًا بدبلوماسيّة السلام، لكن بالمقارنة مع الماضي، فقد أصبح مناخ اليوم مختلفًا. إنني تذكر أعمال العنف التي شهدتها الانتفاضة الأولى عام 1987، والتي أعقبها مؤتمر مدريد عام 1991، ثم اتفاقات أوسلو عام 1993".

ويوضوح بأنّه "في ذلك الوقت، كان هناك تفاؤل كبير، وأمل في أن تتحسن الأمور. أما اليوم، فإنّه على العكس تمامًا. ليست هناك ثقة في المستقبل، ولا تتم معالجة حتى المشاكل الإنسانيّة الأساسيّة. ندعو الله لكي تتغيّر الأمور، وأن تأتي أوقات أفضل، حتى لو كانت صعبة، لأنّ مستوى العنف المرتفع الذي نشهده يخيّم على مشاعر الأمل".

ولكن عنصرًا آخر كان مفقودًا في العقود الثلاثة الماضية، ألا وهو الدبلوماسيّة.

يشير الأب رفعت بدر إلى أنّه ومنذ التوقيع على اتفاقات أوسلو، لم تعد هناك مفاوضات. كان ينبغي أن يكون هناك وزارة تابعة للسلطة الفلسطينيّة لهذا الغرض فقط، لكنها لا يشغلها أحد اليوم. لم يتم طرح أي شيء على طاولة المفاوضات. وهذا يجعلني أتساءل: من أخذ طاولات المحادثات؟ وإلى أين ذهب بها؟".

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

MEE: حزب الله تلقى ضربة مؤلمة لكنه قادر على إعادة تنظيم نفسه بعد نصر الله

تسببت عملية الاغتيال الإسرائيلية لحسن نصر الله بضربة موجعة لحزب الله، إلا أنه نظرا لطبيعة هيكله اللامركزي وعقيدته، لا يزال الحزب يملك القدرة على إعادة بناء نفسه، بحسب ما أفاد مصدر مقرب من الحزب لموقع "ميدل إيست آي".

وأضاف المصدر، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، أن سلسلة الاغتيالات الإسرائيلية التي استهدفت قيادة حزب الله وكبار قادته خلال الأسابيع القليلة الماضية، والهجمات اللوجستية على شبكة اتصالاته المؤمنة، قد أضعفت بشكل كبير القدرات العسكرية والأمنية للحزب.

وأوضح أن إحدى نقاط قوة حزب الله تكمن في هيكله اللامركزي، الذي على الرغم من الوزن الثقيل لقادته البارزين، إلا أنه لا يرتبط بقائد واحد فقط.


وقال المصدر: “لا تزال هرمية حزب الله قائمة، والمؤسسة قائمة، والقيادات المختلفة في المناطق اللبنانية المختلفة لا تزال قائمة. لذلك يمكن إعادة بناء الحزب من خلال بنيته التحتية البشرية والعسكرية الثابتة”.

وأضاف: "المرحلة التالية لحزب الله هي إعادة هيكلة وتنظيم الحزب مع الأجيال الثانية والثالثة من الأعضاء الذين لم يتم اغتيالهم على يد الإسرائيليين"، موضحا أن "الجيل الأول تمكن من تدريب وإعداد أجيال شابة وطموحة قادرة على تحمل المسؤولية في المستقبل".

ومع ذلك، بين المصدر أن هذه المهمة لن تكون سهلة أو سريعة بالنسبة لحزب الله بعد تكبده خسائر فادحة، كان أشدها تأثيرًا فقدان زعيمه المؤثر، الذي قُتل في موجة من الضربات العنيفة على جنوب بيروت مساء الجمعة.

وأضاف أن "المقاومة قادرة على استعادة ما فقدته، ولكنها بحاجة إلى وقت للتعافي وإعادة تنظيم صفوفها. وفاة نصر الله تشكل إحدى أشد الضربات المؤلمة للحزب وبيئته"، مشيرا إلى أنه "لم يفقد الحزب قيادته فحسب، بل إن معظم قاعدته الداعمة مشردة حاليًا ومنازلهم مدمرة".

وجاء اغتيال نصر الله بعد أسبوعين من الهجمات المستهدفة التي لا هوادة فيها والتي ضربت قلب حزب الله، فمنذ 17 أيلول/ سبتمبر؛ ضربت إسرائيل شبكة اتصالات حزب الله ونفذت سلسلة سريعة من الضربات التي قتلت أعضاء بارزين في قوة النخبة في الرضوان ومجلس القيادة، الذين بنوا مع نصر الله الأساس الحالي للحزب.

وتقول سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة "تشاتام هاوس": إن "إسرائيل كانت تراقب حزب الله ونصر الله وتجمع المعلومات الاستخباراتية منذ حرب 2006، ما أتاح لها استهداف العديد من قيادات الصف الأول في سلسلة القيادة بالحزب، ولهذا السبب، تُعتبر هذه لحظة وجودية بالنسبة للحزب".

وأفاد المصدر أن حزب الله تاريخيّا كان يستبدل قادته بسرعة، مشيرًا إلى أن "هاشم صفي الدين، ابن عم نصر الله والذي يعتمر عمامة سوداء دلالة على نسبه من النبي محمد، قد جرى إعداده لفترة طويلة ليخلف نصر الله".

وقال المصدر: "على مر السنين، وضع نصر الله صفي الدين على المسار الذي يؤهله لتولي زمام القيادة. ولكن هذا الأمر لا يزال غير واضح، حيث كان اسم صفي الدين متداولًا بين من قُتلوا في ضربة يوم الجمعة".

وأضاف أن قيادة الحزب ستضطر للبحث عن "بديل آخر بالتوافق مع إيران في حال ثبوت مقتل صفي الدين".

قوة موحِّدة
يتفق المحللون على أن نصر الله، الزعيم الشعبي وأحد أقوى الشخصيات في المنطقة، سيكون من الصعب استبداله، بينما أكد أن نصر الله كان "شخصية استثنائية وخطيباً موهوباً، واستطاع أن يجذب قاعدته الشعبية بسحره، وفي الوقت نفسه يرهب خصومه بخطاباته النارية".

وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، قاد نصر الله حزب الله ليصبح قوة إقليمية، ما أكسبه العديد من الأعداء في المنطقة.

وكانت قيادة نصر الله ترتكز بشكل كبير على الصراع مع إسرائيل. ففي ظل قيادته، أجبر حزب الله الجيش الإسرائيلي على إنهاء احتلاله الذي دام 18 عامًا لجنوب لبنان والانسحاب في عام 2000.

وفي عام 2006، أعلن نصر الله “النصر” على إسرائيل بعد خوض حزب الله حربًا استمرت شهرًا وانتهت بفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه، مما أكسب الحزب وقائده الاحترام والإعجاب في جميع أنحاء المنطقة.

وقالت سنام وكيل: “نصر الله جسد في حياته، وخسارته، وخطاباته، الكثير مما يمثله الحزب”.


وأشار مهند حاج علي، نائب مدير الأبحاث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إلى أن قوة نصر الله كقائد كانت تكمن في قدرته على توحيد الأجزاء المختلفة من حزب الله، وهو الأمر الذي سيستمر حتى بعد وفاته، لكن سيكون ذلك تحديًا لمن يخلفه.

وقالت سنام وكيل: “لا أعتقد أن التعافي سيكون سريعًا لحزب الله. فبعد تعيينهم خليفةً لنصر الله، سيحتاج الأخير إلى وقت لحشد الأعضاء وتوحيدهم. وبعدها سيتعين علينا معرفة ما إذا كان بالإمكان إعادة تحفيز الروح المعنوية”.

وتضيف: “التحدي يكمن في أن ثلاث طبقات من قيادة حزب الله أُزيلت في الوقت ذاته، مما يثير الشكوك حول سلسلة القيادة. وبالتالي، قد يكون من يتولى القيادة غير معروف ولم يخضع للاختبار، مما سيجلب معه العديد من حالات عدم اليقين الجديدة”.

“قادر على إعادة التنظيم”
وبحسب المحللين، لا يزال حزب الله خصمًا قويًا لإسرائيل بسبب ترسانته الواسعة من الصواريخ الثقيلة غير الموجهة، والصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى صواريخ مضادة للطائرات والدبابات والسفن.

وبينما تنتظر إسرائيل وتستعد للرد على مقتل نصر الله، لم تتوقف ضربات حزب الله على إسرائيل منذ مقتله، مما يدل على قدرته على مواصلة الهجمات رغم تكبده خسائر فادحة.

وقال الحاج علي: “هذا أمر مهم لأن هدف إسرائيل هو وقف هذه الهجمات من جنوب لبنان”.

وأضاف: “سيستمر هذا الجزء من حزب الله في العمل، وإذا ما قرر الإسرائيليون السيطرة على جزء من جنوب لبنان، فإن ذلك سيؤثر على مسار الأحداث”.

وأكد الحاج على أن حزب الله لا يزال يحتفظ بسيطرته على صفوفه وقاعدته الكبيرة من المؤيدين الذين يؤمنون بقضيته وأيديولوجيته.

وبين قائلًا: “إنهم قادرون على إعادة تنظيم صفوفهم لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي أو أي شيء قادم. ورغم التأثر بفقد نصر الله والقيادة العليا للحزب، إلا أن ذلك يعتمد على الخطوة الإسرائيلية التالية”.

مقالات مشابهة

  • مشهد يحبس الأنفاس لسائق سيارة يدهس طفلاً لكنه يخرج سليمًا.. فيديو
  • نشرة منتصف اليوم.. مواعيد مباريات كأس السوبر المصري ومباراة الزمالك وريال مدريد.. الأهلي يرفض رحيل خالد عبد الفتاح والأبيض يعدل عقد حسام عبد المجيد
  • الرئيس النمساوي يقبل استقالة الحكومة ويكلفها بتصريف الأعمال
  • أسعار الذهب في الاردن اليوم الاربعاء 2 أكتوبر 2024
  • المطران كلاوديو يترأس قداس اليوم الثامن من تساعية القديسة تريزا بشبرا
  • «امسح دموعهم بيدك الرحمية».. مدحت العدل يتضامن مع لبنان بعد الاجتياح البري الإسرائيلي
  • سعر الذهب في الأردن اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر 2024
  • حريق يلتهم منزلًا في المكلا ومحافظ حضرموت يتضامن مع المتضررين
  • MEE: حزب الله تلقى ضربة مؤلمة لكنه قادر على إعادة تنظيم نفسه بعد نصر الله
  • سعر الذهب في الأردن اليوم الإثنين 30 سبتمبر 2024