اعتبر دانيال برومبرج مدير دراسات الديمقراطية والحكم في جامعة جورج تاون، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد يجد نفسه في نهاية المطاف مدفوعا إلى اتجاه إحياء مبادرة السلام العربية، في ظل تواصل القتال الدائر بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول الجاري.

و"مبادرة السلام العربية"، التي تُعرف أيضا بـ"المبادرة السعودية"، هي مقترح اعتمدته جامعة الدول العربية في قمتها التي عقدتها في بيروت عام 2002.

وتنص المبادرة على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل، وتطبيع العلاقات معها.

ورأي برومبرج، في تحليل نشره بموقع المركز العربي واشنطن دي سي، أن عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) ضد إسرائيل كانت تهدف جزئيا لدفع ولي العهد السعودي للتراجع عن إبرام تطبيع مع إسرائيل، وربما تكون أنهت أي احتمالات لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب بحسب خبراء.

لكن بالرغم من ذلك، فإن احتمال أن يؤدي صراع طويل الأمد في غزة إلى نشوب حرب إقليمية أوسع نطاقًا - يبدو مرجحًا الآن – قد يدفع بن سلمان إلى إحياء المبادرة التي طرحها العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في عام 2002.

وذكر برومبرج أن مبادرة السلام العربية، توفر مظلة إجماع عربية مع تصاعد الغضب الشعبي في دول المنطقة ضد إسرائيل، كما تعالج قضية رئيسية تجتنبها اتفاقات التطبيع التي أبرمتها دول خليجية وعربية مع الكيان الصهيوني المحتل في السنوات الأخيرة، وهي إنشاء دولة فلسطينية تعيش بسلام مع إسرائيل.

بن سلمان رابح  

ورأي الكاتب أن بن سلمان كان يسعى من وراء التطبيع إلى إعادة تأهيل صورته التي تضررت بعد جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل سفارة المملكة في إسطنبول.

اقرأ أيضاً

في ظروف قاسية جدا.. إسرائيل تعتقل 4 آلاف عامل من غزة منذ بدء الحرب

وذكر أن ولي العهد السعودي بالفعل حصل على ما أراد عبر "الكلام فقط" مؤخرا وبدون إبرام اتفاقية مع إسرائيل بعد حديثه خلال مقابلة عن تواصل المفاوضات في هذا الصدد مع تل أبيب واقتراب تطبيع بلاده مع الكيان الصهيوني.

ونقل الكاتب عن محلل قوله إنه على الرغم من أن هجوم حماس ربما أنهى أو على الأقل أوقف - الجهود الرامية إلى لإبرام التطبيع الإسرائيلي السعودي، فإن هذه النتيجة لن تمثل خسارة استراتيجية أو سياسية لمحمد بن سلمان.

موقف محرج

وفق برومبرج فإن أي عملية برية إسرائيلية مطولة للقضاء على حماس قد تؤدي إلى التسبب في أزمة إنسانية ومقتل إنسانية ومقتل الآلاف من المدنيين، ما قد يقود في نهاية المطاف إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا.

وحال حدوث ذلك، ربما يقوم زعماء المغرب والإمارات والبحرين بتجميد علاقاتهم مع إسرائيل، وسيكون ذلك بمثابة انتكاسة هائلة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي رهنت سياستها بالكامل تقريبًا في الشرق الأوسط على الحفاظ على الاتفاقيات وتوسيعها.

وذكر أن مثل هذه النتيجة ستضع محمد بن سلمان أيضًا في موقف حرج، وربما يمهد ذلك الطريق لمحاولة من جانبه لنفض الغبار عن مبادرة السلام العربية لعام 2002..

وعقب أن المسرح يبدو في الواقع تم إعداده بالفعل لمثل هذا التحول، مستشهدا ببيان وزارة الخارجية السعودية في اليوم الأول لهجوم طوفان الأقصى، والتي قالت إن المملكة "تتابع عن كثب تطورات الوضع غير المسبوق بين عدد من الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي"

وبعد ذلك، أجرى وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أكد خلالها “رفض المملكة استهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال وضرورة احترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي”.

كما أخذ رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" المملوكة للسعودية خطوة إلى الإمام في هذا الصدد وقال "غطرسة إسرائيل دفعتها إلى تفويت العديد من الفرص".

عقبات كبيرة

ورأى برومبرج أن خطوة اللجوء إلى مبادرة السلام العربية ذاتها تواجه عقبات كبيرة بغض النظر عن نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة.

ووفق الكاتب فإن إحدى هذه العقبات أن نجاح حركة حماس (الذي فاجأ حتى قادتها) في اختراق الدفاعات الإسرائيلية ونشر الفوضى في المستوطنات الإسرائيلية لقد جعل منها ومعها حركة الجهاد الإسلامي الرمزين الأبرز في العالم العربي للمقاومة الفلسطينية.

فضلاً عن ذلك، فبينما يتسبب التوغل الإسرائيلي في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بين المدنيين، فإنه يعمل على تحفيز الشارع العربي من الدار البيضاء إلى مدينة الكويت، الأمر الذي يجعل من الصعب على أي زعيم عربي أن يسوق الحجة لصالح مراجعة مبادرة عربية أوسع نطاقاً.

اقرأ أيضاً

لحين نشر دفاعات جوية أمريكية بالمنطقة.. إسرائيل تؤجل الاجتياح البري لغزة

 

المصدر | دانيال برومبرج / المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مبادرة السلام العربية محمد بن سلمان التطبيع الإسرائيلي السعودي طوفان الأقصى العداون الإسرائيلي على غزة مبادرة السلام العربیة مع إسرائیل بن سلمان

إقرأ أيضاً:

اليمن.. أيقونة السلام!

خارطة الطريق التي أجهضت في مسقط كانت بمثابة طوق نجاة للسعودية وكذلك لأمن واستقرار دول الخليج والمنطقة.. لكن ما دفع الأذرع الأمريكية البريطانية في المنطقة هي الولايات المتحدة الأمريكية المهتمة والداعمة لأمن الكيان (الإسرائيلي) المحتل للسير نحو معاداة اليمن من خلال ضرب الاقتصاد المتعافي في صنعاء عقاباً على الموقف المشرف والمساند للقضية الفلسطينية.. الغرض من كل هذه الجرائم الاقتصادية والحربية القضاء على محور المقاومة المساندة للشعب الفلسطيني الأعزل الذي لم يعد يجد المأوى والمأكل والدواء نتيجة الجنون الإسرائيلي وعقيدته المتجذرة في القضاء حتى على الطفل الفلسطيني والمرأة والحصار المطبق عليه من قبل إسرائيل وبعض الأنظمة العربية المرتهنة للغرب..
وذلك بالرغم من أن (بايدن) وحزبه الديموقراطي ظهر فيه مؤخراً انشقاق بين الديموقراطيين أنفسهم، الأمر الذي سيقلص وربما سيزيل الحزب الديموقراطي من الخارطة السياسية.
وتوحي المناظرات بأن الغلبة (للجمهوريين) بالرغم من أنه لا فرق بين الاثنين في السياسة الخارجية والتفافهما حول إسرائيل وامنها واستقرارها، لأن العدو الصهيوني على غزة مع (الأمريكي والبريطاني) مستمرون في حرب الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني والأخبار المفجعة التي تصل بين كل ساعة وكل ثانية عن مجازر الإبادة الجماعية للفلسطينيين الذين اصبحوا لا يأمنون على انفسهم في أي مكان في غزة (لا في الشرق ولا الغرب ولا الشمال ولا الجنوب)، أضف إلى ذلك الجوع القاتل والأمراض الفتاكة المنتشرة بين الأطفال والنساء والشيوخ وهو ما نددت به منظمات الصحة العالمية وأدانته الشعوب الحرة وخاصة الجرائم في رفح وخانيونس وغيرهما.. فرفح من اكثر المناطق الفلسطينية اكتظاظاً بالسكان حيث يقطنها حوالي مليوني نسمة…
وكعادته أقدم جيش الاحتلال الذي يسيره نتنياهو اقدم على هذه الخطوة الإجرامية ومازال رغم ما سبقتها من تحذيرات دولية من الدخول إلى رفح.
فجنون الصلف الصهيوني قد جعل من جيش الاحتلال وآلته العسكرية لا يفرق حتى بين عمال الإغاثة (الاونوروا) والصحفيين والأطباء ومراكز الإيواء ومدارسها حيث أصبحت أهدافاً للآلة العسكرية الصهيونية وبمباركة بايدن لنتنياهو وجرائمه اللا أخلاقية واللا إنسانية.
وفي سياق متصل خسر اليمين الفرنسي المتطرف الانتخابات وحل محله اليسار وبالمثل خسر المحافظون في بريطانيا وحل محلهم حزب العمال.. وكل هذا الحراك نتيجة السياسات الخارجية الهوجاء للدول الثلاث المذكورة آنفاً التي وقفت إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي.
فجبهات المقاومة اليمنية واللبنانية والعراقية تقاتل في أكثر من جبهة وتشغل كيان الاحتلال عن الاستفراد بالشعب الفلسطيني ونتيجة التعنت الأمريكي البريطاني والاستفزازات على (اليمن على سبيل المثال) بهدف تمكين استفراد العدو (الإسرائيلي) بفلسطين.
فلبنان لها دور محوري في إلهاء جنود الاحتلال، وجعل مقراتهم العسكرية هدفاً للمقاومة، الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل بزوال هذا الكيان الغاصب.. وما يثير الاستغراب هو صمت الأنظمة الحاكمة العربية والخليجية المطبق والمخزي بل تجاوز ذلك العرض السخي من قبل (دويلة الإمارات) لجنوب أفريقيا بإقامة مشاريع استثمارية تتجاوز المليارات مقابل أن تسحب الدعوى المرفوعة على الإجرام الإسرائيلي من محكمة لاهاي.
فمنطقة الشرق الأوسط أصبحت ملتهبة نتيجة السياسات الاقتصادية التي تحاول الأذرع تنفيذها ضد اليمن ومحور المقاومة.. فاليمن أصبح على أتم الجهوزية الكاملة، والخاسر الأول هو الأنظمة المساندة لإسرائيل وعلى رأسها السعودية، فالمعادلة اليمنية التي أعلن عنها قائد الثورة أثناء خطابه.. بداية السنة الهجرية الجديدة تعتبر رسائل قوية.. والحليم تكفيه الإشارة.
أما بالنسبة للذباب الإلكتروني والمنظرين للأجندات الغربية، فقد تساقطوا في غي أكاذيبهم قبل أن تبدأ المواجهة المباشرة، وليعلم القاصي والداني أن الكيان الإسرائيلي قد فشل ويعيش في أسوأ مراحله والتاريخ كفيل بكتابة الحقائق والمواقف لمحور المقاومة، أما المرتهنون للدولار واليورو والريال فإلى مزبلة التاريخ.
فاليمن هي أيقونة السلام لمن يريد السلام ومقبرة الغزاة لمن يبيع أو يرتهن.

مقالات مشابهة

  • مبادرة الميرغني-قرنق (1988): من يخاف الجبهة الإسلامية القومية
  • مجلة مرموقة تستبعد التطبيع السعودي.. هذه شروطه فهل يستطيع بايدن تحقيقها؟
  • سأل القائد فأجاب الشعب
  • اليمن.. أيقونة السلام!
  • "نيويورك تايمز": الإحباط والخوف واليأس يدفع الكثيرون في غزة لتجاهل أوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي بالإخلاء
  • العدوان يتواصل من شمال القطاع إلى جنوبه .. والعثور على عشرات الجثث بمدينة غزة
  • غزة تحت التهديد الجغرافي الإسرائيلي
  • بالعلامة الكاملة.. أخضر الطائرة يتوج بالبطولة العربية
  • قائد الثورة لـ”النظام السعودي”: خطواتكم العدوانية لخدمة “إسرائيل” لن تجبرنا عن إسناد غزة
  • مستجد قد يدفع حمد الله لمغادرة الدوري السعودي بشكل نهائي