من الممكن أن تكون مختلفا مع النظام السياسى المصرى.. من الطبيعى أيضا أن تكون من معارضى الرئيس السيسى.. ولكن لا يمكن لأى منصف إلا أن يقف مع نفسه، ويفخر بالموقف المصرى من أحداث غزة.
هذا الموقف الذى ظهر واضحا وضوح الشمس منذ بداية الأزمة، والذى وقف حجر عثرة أمام مخطط جهنمى يسعى بكل الوسائل لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
وقد عبر الرئيس السيسى بشكل قوى عن الموقف المصرى المدرك لما كان مخططا ولا يزال نحو تفريغ القضية الفلسطينية إلى الأبد ووضع مصر فى مواجهة مباشرة مع إسرائيل وضياع جزء من أرض سيناء الحبيبة.
هل انتهى هذا المخطط؟.. إطلاقا لم ينته وما لم تحققه إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة بالتفاوض والضغط تسعى الآن لتحقيقه من خلال العملية البرية المزمع القيام بها خلال الساعات القادمة، وهى عملية بحسب التصريحات الإسرائيلية ستكون أكثر ضراوة على أهالى غزة وتدفعهم دفعا نحو التوجه إلى سيناء هربا من النيران التى لم يسبق لها مثيل فى تلك العملية البرية.
مصر تدرك الأمر جيدا بطبيعة الحال وبالتأكيد هناك استعداد لهذا السيناريو الجهنمى، ولكن الأهم من استعداد مصر هو ثبات الفلسطينيين على أراضيهم تحت هذه الحرب البربرية التى ستشهدها غزة وبمباركة ومساعدة الولايات المتحدة وأوروبا فى مشهد همجى يكشف الوجه القبيح للغرب، الذى يشارك فى تلك المجزرة التى يخطط لها ضد شعب أعزل.
المواقف العربية المتخاذلة ستكون عاملا مساعدا كبيرا لاسرائيل، ولكن الدولة المصرية وجيشها هما صمام الأمان مع الإرادة الفولاذية للشعب الفلسطينى البطل، قد تفرض على مصر حربا، أو ضغطا رهيبا، هذا ما يلوح فى الأفق، ولكن الوعى الموجود لدى الدولة المصرية وبطولة أهالى غزة هما الرهان الحقيقى.
السؤال الكبير فى هذه الحرب الدائرة هو أين إيران وحزب الله رعاة المقاومة وجبهة الرفض الجديدة.
لماذا لم نر حزب الله وصواريخه للتخفيف عن جبهة غزة وأين نظام الملالى الإيرانى الذى لم يهدد حتى مجرد تهديد يخيف تلك البارجات القادمة من أوروبا وأمريكا؟
إنها ألغاز الحرب والسياسة، ولك الله يا مصر ولك الله يا غزة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئيس السيسي الفلسطينيين القضية الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
ترامب متصالحاً.. ولكن؟!
ظهر الرئيس الأمريكي المنتخب متصالحاً مع العالم وهو يلقي كلمة طويلة أمام حشد من مؤيِّديه في أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلن أن أمريكا لن تدخل في حروب مع غيرها خلال فترة ولايته الثانية، وأنه سيمنع حدوث حرب عالمية ثالثة، مع إيقاف الحرب الروسية الأوكرانية، وإنهاء الفوضى في الشرق الأوسط.
وهي توجهات لن يكون هناك من سيقف غير مؤيِّد لها، وقرارات وكأنها تلامس تطلعات وشعوب الدول المحبة للسلام، وأبسط ما يُقال عنها إنها لو تحققت فسوف تزيل المخاوف، وتعزِّز الاستقرار في العالم، بل وإنها ستتجه نحو بناء علاقات ود وتفاهم بين الدول، بعيداً عن الصراعات والخلافات والحروب، مما لا فائدة منها.ولكن هل يملك الرئيس الأمريكي المنتشي بفوزه الساحق في الانتخابات، وعودته ثانية إلى البيت الأبيض، رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، رغم ما أحاطه من اتهامات ومحاكمات وتحديات تمكِّن من التغلّب عليها، وهزيمة منافسته، وسيطرة حزبه على الكونغرس، وبالتالي تحجيم أي معارضة لما ينوي اتخاذه من قرارات، هل يملك تنفيذ وعوده الكبيرة والمهمة والعظيمة؟!
في شأن الشرق الأوسط، هل يمكن أن يكون ترامب محايداً وعلى مسافة واحدة في التعامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين من جهة، وبين إسرائيل ودول المنطقة من جهة أخرى، فيمنع إسرائيل من تبني هذه الفوضى التي أشار إليها، مع أنه كان يجب أن يقول هذا الاحتلال وليس هذه الفوضى، كيف له أن يمنع ذلك، وهو الذي اعترف بالجولان السورية كأرض لإسرائيل، وبالقدس الموحَّدة عاصمة لإسرائيل، وهو الذي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، ولم يكن له موقف إيجابي من خيار الدولتين؟!
وعن الحرب الروسية الأوكرانية، وإيقافها، من أين له القدرة على وضع حد لهذه الحرب، دون الاستجابة لشروط روسيا، واستعداد أوكرانيا للتخلِّي عن أراضيها التي أصبحت تحت السيطرة الروسية، وأين سيكون الموقف الأوروبي من أي تفاهمات تصالحية لا تخدم دولهم، وينشأ عنها ما يرونه تهديداً روسياً لأمنهم واستقرارهم؟!.
وبالنسبة للحرب الكونية أو العالمية، فقد كان التلويح بها يتردد من الروس خلال حربهم في أوكرانيا، لكن تلويحهم لم يأخذ صفة الجد، والرئيس ترامب يتحدث عن حرب عالمية لن يستطيع منعها بقرار منه، فأكثر من دولة تملك السلاح النووي، وهناك تحالفات بين الدول ولديها قرارها كما لدى ترامب، ومع ذلك فيمكن فهم المحاذير التي في أذهان كل الدول من خطورة الإقدام على مغامرة كهذه، وبالتالي فالعالم ليس على موعد مع هذه الحرب، وفيما لو آن أوانها، فليس لدى ترامب عصا سحرية لمنعها.
أما وأن أمريكا ستكون بلا حروب في فترته الثانية، فهذا قرار أمريكي يمكنه به أن يمنع أمريكا من الانغماس في التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في الحروب، لكني أشك أن يفعل ذلك، فمصالح أمريكا تتحقق كما هي سياستها في حضورها بالأزمات، وفي لعب دور يؤهلها لتوجيه مسار الحروب وفقاً لمصالحها، وألاعيبها الشيطانية، لهذا ستظل أمريكا - كما نرى- مع تنامي الخلافات والصراعات بين الدول!
وعلينا أن ننتظر أفعال الرئيس ترامب لا أقواله، وهو الذي قرَّر بناء قبة حديدية يحمي بها سماء أمريكا وحدودها حين يستلم مهامه الرئاسية، وطرد أكثر من عشرين مليون مهاجر يقيمون بأمريكا يقول إن إقامتهم بطرق غير نظامية، وأنه ينوي ضم قناة بنما إلى أمريكا لارتفاع الضرائب على ما يمر عبرها من بواخر وقطع عسكرية تابعة للولايات المتحدة الأمريكية، ما ينسف قوله بأن أمريكا لن تتورَّط في حروب، وأنها سوف تمنع الفوضى بالشرق الأوسط، وإيقاف الحرب الروسية الأوكرانية، والحيلولة دون حرب عالمية ثالثة؛ كلام كبير وعظيم، ولكن المهم التنفيذ، نعم الالتزام بالتنفيذ.