الاستعمار والتفرقة العنصرية أكبر جريمتين فى التاريخ الإنسانى، وكلاهما قام بهما ولا يزال الغرب بوجهه القديم التقليدى الأوروبى، وبوجهه الجديد الأكثر إجراما والممثل فى الإمبراطورية الأمريكية التى ورثت كل قبح الغرب.
النيران المصبوبة على أطفال ونساء وشيوخ غزة منذ السابع من أكتوبر الجارى بقدر ما أحرقت ودمرت وقتلت، إلا أنها تظل كاشفة عن حالة العوار المستأصلة فى الثقافة الغربية.
تغيير الصورة والتصورات فى الغرب يحتاج نوعين من الجهد، الأول رسمى تمثله مواقف عربية جادة فى اقناع آلهة الاستعمار التاريخيين بأن ما حدث ويحدث فى غزة هو نتيجة طبيعية لاحتلال إسرائيلى ظالم ومجرم، وأن صانع وداعم هذا الاحتلال منذ ولد فكرة منتصف القرن التاسع عشر هم الغرب الأوروبى.. بريطانيا هندست بوقاحة المشروع التاريخى أيام كانت الدولة العظمى الأولى وسيدة البحار، وبعد الحرب الثانية انتقلت إسرائيل أو الرضيع الاستعمارى من الصدر الأوروبى للقلب الأمريكى.
الجهد الثانى لتغيير أو تعديل التصورات الغربية المغلوطة مسئولية النخب وقادة الرأى فى العالم العربى، ومجموع الناس الذين على درجة من الوعى بما يقال فى مثل هذه الظروف.. أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماع بها بوابات عظيمة لنقل وجهة نظرنا والتأثير فى الآخر بالصوت والصورة والكلمة المكتوبة.. رسالة مرئية لنجمنا محمد صلاح، وحوار عبقرى مع باسم يوسف، بعمل كل وزارات الإعلام فى الدول العربية التى لا يتعدى دور معظمها إصدار النشرات الحكومية، وممارسة الكذب الممنهج على الجمهور..
أما الإخوة فى عموم فلسطين، وتحديدا من هم تحت النار فى غزة، فإن ما يحدث الآن لن يكون الفصل الأخير فى المأساة إلا بمعنى واحد، أن الفصول القادمة قد تكون حصادا لانتصارات تاريخية قادمة. أما من يتصور كما يقول بذلك مجرمو الكيان الصهيونى أن الحرب على غزة مستمرة حتى اقتلاع حماس، فإن هذا الفهم الأبله من قبيل التمنيات أو التبرير لاستمرار القتل.. الكيان الصهيونى المجرم لا يحارب بشرف فى غزة، ولا يقاتل عدوا محددا، وإنما يمارس القتل الأعمى.. هناك فارق بين القتال والقتل، القتال مواجهة بين خصمين محددين، أما القتل فإنه تعبير سادى استعمارى عن الرغبة الجهنمية فى القتل والتدمير بغض النظر عن هوية المستهدف من القتل ومبررات قتلة.. المبرر الوحيد للقتل هو القتل فى حد ذاته..
موقف الغرب فى قمة القاهرة وفى جلسة مجلس الأمن الأخيرة، ومع زيارات بايدن وشولتش وماكرون وغيرهم للكيان الصهيونى، يؤكد أننا أمام حالة استعمارية بغيضة تحتاج من حكامنا وأنظمتنا إعادة النظر فى التحالفات القائمة التى استقر لدى البعض من سنوات طويلة أن 99% من أوراق اللعبة بأيديهم فقط.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاستعمار التاريخ الانساني
إقرأ أيضاً:
طارق البرديسي: ما حدث في السودان كارثيا وعلى الغرب دعم الجيش
أكد الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، أن الحرب الحالية في السودان لها تأثيرات كارثية على الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، مشيرًا إلى أن الانقسامات الداخلية والتشظي في المؤسسات الوطنية تساهم في إضعاف الدولة وتهديد استقرارها.
وفي مداخلة هاتفية مع قناة "اكسترا نيوز"، أوضح البرديسي أن التجارب التي مرت بها بعض الدول العربية بعد عام 2011 أظهرت أن الحروب الأهلية والانقسامات الداخلية تؤدي في النهاية إلى انهيار الدول.
وأكد على ضرورة الحفاظ على وحدة المؤسسات الوطنية مثل الجيش والشرطة والقضاء والتشريعات لضمان استقرار البلاد.
وأشار البرديسي إلى أن استمرار الصراع في السودان قد يكون نتيجة لتدخلات إقليمية ودولية، لافتًا إلى أن غياب الدور الغربي وعدم التدخل لإنهاء الأزمة يعكس وجود مصالح خفية تساهم في استمرار الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.
وأضاف أن الحل الوحيد لإنهاء الأزمة السودانية يكمن في الحفاظ على جيش وطني موحد يحتكر السلاح والقرار العسكري، محذرًا من مخاطر تقسيم القوات المسلحة بين أطراف متعددة، مما يهدد وحدة السودان واستقراره الداخلي.
وشدد البرديسي على أن التجربة المصرية في الحفاظ على وحدة الدولة واستقرار مؤسساتها تعد نموذجًا يمكن الاستفادة منه، مؤكدًا على أهمية وحدة الصف السوداني في إنهاء النزاع واستعادة الاستقرار.