قال المطران كريكور اوغسطينوس كوسا اسقف الاسكندرية للأرمن الكاثوليك، في تصريح له إن السينودس كلمة يونانية ومعناها: ” نسير ونَعمَلُ معًا “، وهو أيضًا: ” إختبار كنسي مبارك “، ومسيرة السينودس المنعقد في حاضرة الفاتيكان بروما، التي نحن مدعوون لعيشه بفرح وعمق وجديّة وإلتزام هو بركة لرسالتنا، وعلينا اعتباره كوقت تأمّل وصلاة وتفكير جماعي، إنّه العنصرة التي نعيشها في أبرشياتنا  فِي العالم، هي إعادة اكتشاف جمال وحدتنا التي فيها قوّة وشهادة، فبالوحدة نعكس صورة الكنيسة التي انتمينا لها في سر المعموديّة، التي هي بطاقة هويّتنا المسيحية.

نحن ككنيسة وُلِدت من جرن المعموديّة، نشكر قداسة البابا فرنسيس الذي دعا إلى هذا السينودس: شركة، مشاركة ورسالة، لنسير في الطريق معًا.

إنّها الروح المجمعيّة، كنيسة تعيش كجماعة وهذا هو هدفها وطبيعتها. كنيسة تعيش رسالتها في وحدة كلّ أبنائها الذين يكوّنون أعضاءها فيكونوا واحدًا كما أنّ الله الآب والإبن واحد.

الكنيسة هي شركة، أي منبثقة من الله الآب والإبن والروح القدس، إنها شركة حبّ، إذ أنّها تختبر الحبّ في كلّ مرّة تعيش الشركة، وليس الانقسام والسيطرة  . نحن مدعوّون في هذا السينودس لنعيش الشركة من خلال علاقة الحبّ بيننا وبين الله ومن خلال اهتمامنا وخدمة بعضنا البعض.

إنّ السينودس يركز على الإصغاء، ففي الإصغاء والحوار تُحَلّ معظم المشاكل. لذا، علينا التركيز على أهميّة المشاركة. فالخطر أن تعتبر الكنيسة نفسها، أسقف وكاهن ومكرّس فقط، فشعب الله الذي يولد من جرن المعموديّة هو يكوّن الكنيسة التي وُلِدَت من جنب يسوع المطعون بالحربة الذي جرى منه دمٌ وماء.

الكنيسة جميلة بتنوّعها، وبشركة أعضائها الذي لكلّ واحد منها موهبة، إذ لكلّ شخص مكان ودور في الكنيسة، كلٌّ حسب مسؤوليّته الكنسيّة والرعويّة، ونحن كمطارنه  لأبراشياتنا ندعو العلمانيّين لمعرفة أنّ موقعهم أساسي وهام في الكنيسة، على صعيد الرعيّة والأنشطة الرسوليّة والمنظّمات والجماعات والجمعيّات، فجميعنا نتساوى في كرامة أبناء الله ولكلٍّ منّا دورٌ ومهمّة وموهبة نكمّل من خلالها بعضنا البعض،وونتلاقى في روحانيّة الخدمة السينودُسيّة، على مثال تلميذي عمّاوس الّذين كانا يسيران بيأس وإحباط، ولمّا أتى يسوع ومشى معهما في الطريق أعاد لهما الرجاء، وهكذا كنائسنا ستبقى حيّة بظهور يسوع القائم من بين الأموات الذي يُطمئننا أن لا نخف ولا نيأس، ويؤكّد لنا أنه معنا، يحاورنا ويسمع إلى ألآمنا وصراخنا، ويقودنا إلى كسر الخبز في الإفخارستيّا. فلا سينودس ولا كنيسة من دون الإنجيل والقربان والروح القدس الذي يقود كنيسته إلى الفرح والخلاص.

فلنعِش إخوتي الأحباء هذه المرحلة السينودُسيّة ضمن منهجيّة نختبرها في هذه المسيرة، ولنعيش الروحانيّة السينودوسيّة التي تطال الرعيّة والمجتمع المدني وتقود كلّ إنسان للتفكير بعمق في كيفيّة مشاركته في حياة الجماعة المؤمنة والمجتمع المدني لبناء الحبّ ونشر السلام وخلق الفرح وعيش المسؤوليّة يالشفافيّة والوضوح لبناء الإنسان.

فالهدف الأوّل والأخير من هذا السينودس، ومن كلّ عمل كنسي هو الوصول إلى قلب الله من خلال قلب الإنسان، واحترامنا لكرامة كلّ إنسان،  الذي لأجله بذل يسوع المسيح ذاته ليجدّده بموته وقيامته.

من أجل ” كنيسة سينودوسية ” شركة، مشاركة ورسالة، عنوان أفهمه كما يلي:

١ – أن يخرج المسؤولون في الكنائس والجماعات المسيحية من محيطهم الآمن، الدير، المكتب، والكرسي الأسقفي ليلاقوا ويختلطوا بالآخر، وخاصةً بصغير هذا العالم، حيث هو، وليسمعوه كلمة حُبّ الله الآب له، ويعرفوه على يسوع المسيح الله الإبن المُخلّص، بقوة الرُّوح القُدُس.

٢ – أن تتخلَّى الكنيسة عن الهرميّٓة التقليدية وتستبدلها بالتعاون بين مختلف المواهب والخدم من أجل بناء ملكوت الله وكرامة كلّ إنسان.

٣ – أن ينبذ المسؤولون في الكنائس مفهوم السلطة كتحكّم في العمل والتفرّد بالقرار والخضوع لإرادة الآخر، وليتحوَّلوا إلى مفهوم السلطة كتعاون في العمل وتشاور في القرار وإصغاء لإرادة الآخر، على مثال الرّبّ يسوع الذي: ” أتى ليَخدُم لا ليُخدَم “.

٤ – أن يبتعد أبناء الكنيسة والمسؤولين فيها عن التملك المُفرط، وعن البذخ  وحياة الترف، وأن يتقاسموا لقمتهم مع الجائع، ولباسهم مع العريان، ومأواهم مع من لا مأوى له.

٥ – أن لا ندعي إمتلاك الحقيقة كُلِّها، وأن نسعى إلى إكتشاف ما عند الآخر من حقيقة وغنى روحي وإنساني بعيدًا عن التعصب الديني أو الثقافي.

٦ – أن ننصر الحقّ ونرفض الإستبداد، ونمدَّ الجسور، ونهدم الجدران التي تفصل بين الناس، وأن نرفض الإنعزال والتقسيم، وأن ننفتح على الآخر من دون فقدان الهوية.

٧ – أن نفرح في الأسى، ونترجى في المحن والصعوبات، وأن نغلب الشر بالخير، والحقد بالمحبّة، وأن نتذكَّر أننا جميعنا أبناء لإلهٍ واحد يُشرق شمسه على الأبرار والأشرار.

في هذا الشهر، شهر الورديّة، شهر الرسالات، لنواكب مسيرة السينودس بمعونة الرّبّ يسوع مع قداسة البايا فرنسيس والاباء البطاركة والكرادلة والاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والمكرسين والعلمانيين ممثلي الكنائس كلها، ونقدّم كنائسنا  للربّ، وبِهدي الروح القدس  لنفتح قلوبنا لإلهاماته ونضعها في أحضان العذراء مريم التي سارت مع الرسل في العنصرة تساعدهم ليعيشوا هذا التجدّد فيكونوا شهودًا لإبنها يسوع القائم من بين الأموات فيتجدٌد وجهُ الأرض.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: الرحمة هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي

أكد د.عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أن الرحمة ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي.

وأوضح الورداني خلال حلقة برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة «الناس»، أن المجتمع الذي يغيب عنه التراحم لا يمكن وصفه بالمجتمع الرباني، لأنه فقد أحد أهم المعاني التي أرادها الله في خلقه.

وقال الورداني، إن بداية تكوين الإنسان نفسه تنطلق من الرحمة، مستشهدًا بأن كلمة «الرحم» التي يولد منها الإنسان مشتقة من «الرحمة»، وهو ما يجعل الرحمة جزءًا أصيلًا من تكوين المجتمع من لحظة الميلاد، مضيفا، أنه كما يبدأ القرآن الكريم بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، ينبغي أن يبدأ المجتمع أيضًا بالرحمة كمنهج وسلوك.

وأكد أمين الفتوى، أن القرآن الكريم هو كتاب من كتب الرحمة، والمجتمع يجب أن يكون كتابًا آخر تتجلى فيه معاني الرحمة والمودة، مستشهدًا بقول الله تعالى: «إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب»، مشيرًا إلى أن المجتمع الذي يسير في طريق الله لا يقوم إلا على المحبة والتآلف.

وتطرق الورداني، إلى التحديات التي تواجه العالم المعاصر، من تدهور في القيم إلى قسوة في العلاقات الإنسانية، معتبرًا أن هذه المظاهر علامات على سقوط حضارات لم تجعل الرحمة ضمن بنيانها.

وقال إن الحضارات التي تنسى البعد الإنساني مصيرها الزوال، مهما بلغت من تقدم مادي، لافتا إلى أن التحديات الكبرى مثل الأزمات البيئية والصراعات لا ينبغي أن تفصل الإنسان عن رحمته، بل هي فرص لإعادة اكتشاف معنى الرحمة في السلوك اليومي والمواقف الجماعية، مضيفا أن الكون ليس ملكًا لنا وحدنا، بل هو لله، ونحن لسنا بمفردنا فيه، الله معنا، وسبقت رحمته كل شيء.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن ما يدفع الإنسان للخير والدعاء والمساندة ليس إلا شعورًا داخليًا نقيًا بالرحمة، وهي التي تمنحه الكرامة، وتربطه بخالقه، وتمنعه من الانجرار خلف القسوة، قائلًا: "بدأنا من عند الله، وبدأنا بالرحمة، فهي التي تُبقي على إنسانيتنا حيّة.

اقرأ أيضاًأمين الفتوى: إساءة معاملة السياح إضرار بالمال العام وهذا محرم فى الإسلام

أمين الفتوى: العمل هو السبيل للتغلب على الصعوبات.. والتسول أصبح مهنة

أمين الفتوى: محبة النبي لأمته حقيقة ممتدة عبر الزمان

مقالات مشابهة

  • شركة كهرباء السودان: تأخر عودة الخدمة يعود إلى تكرار عمليات القصف التي استهدفت الشبكة
  • أمين الفتوى: الرحمة هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي
  • مدير تعليم الإسكندرية يزور الكنيسة المرقسية لتهنئة الإخوة الأقباط بعيد القيامة المجيد
  • رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية: كل قوة نمتلكها بعيدًا عن الله هي قوة زائلة مؤقتة
  • رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية: كل قوة نمتلكها بعيدًا عن الله زائلة
  • رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يزور شيخ الأزهر .. صور
  • رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يزور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر
  • الرياطي: من خالف التصويت والشريعة سيسأل أمام الله.. والصفدي يشطب العبارة
  • علي جمعة يكشف عن اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب
  • المطران عطا الله حنا: استهداف المستشفى المعمداني رسالة وحشية في عشية أحد الشعانين