دعا الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، إلى العمل على منع اجتياح بري إسرائيلي لقطاع غزة معتبرا أنه سيؤدي الى "ضحايا مدنيين كثيرين جدا جدا".

وقال السيسي خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، في القاهرة إنه ناقش مع الأخير "أهمية أن نسعى لمنع الاجتياح البري للقطاع (..) لأن ذلك سيؤدي إلى ضحايا كثيرين جدا جدا من المدنيين".

وأكد أنه اتفق مع نظيره الفرنسي على العمل لاحتواء الأزمة في قطاع غزة، وتقديم المساعدات، والسعي لمنع أطراف أخرى من الدخول في الصراع.

وأضاف السيسي أن ماكرون يدرك خطورة فكرة تهجير للفلسطينيين من قطاع غزة باتجاه الأراضي المصرية قائلا "توافقنا على أنه أمر لن نسمح به في مصر، كما أنه هو خطر على القضية في حد ذاتها".

وتابع قائلا إنه يدين كل الأفعال التي تمس جميع المدنيين ويجب التعامل معها بمعيار واحد.

من جانبه أعلن ماكرون أن بلاده سترسل إحدى سفن قواتها البحرية إلى شرق البحر المتوسط "لدعم مستشفيات" غزة، وأن طائرة تحمل مستلزمات طبية مخصصة للقطاع ستصل كذلك إلى مصر الخميس.

وأوضح، أن السفينة "ستبحر من تولون خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة"، مضيفا أن "طائرة فرنسية ستهبط غدا في أراضيكم (مصر) لتسليم مستلزمات طبية". 

وتتراكم المساعدات الإنسانية الدولية منذ أيام على الجانب المصري من معبر رفح، إلا أن كميات ضئيلة منها دخلت قطاع غزة، حيث تزداد الأزمة الانسانية حدة من جراء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

وحض ماكرون على "التوصل إلى حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن"، معتبرا أن "فكرة حل الدولتين لم يعف عليها الزمن لمجرد أنها قديمة". 

وكانت مفردة "كادوك" (عفا عليه الزمن) التي استخدمها ماكرون اليوم، دخلت القاموس السياسي في الشرق الأوسط في العام 1989 عندما استخدمها الزعيم الراحل ياسر عرفات أثناء زيارته فرنسا، لوصف ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية الذي كان يدعو للقضاء على دولة إسرائيل.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

حافظ الأسد والعداء لعرفات.. تاريخ موجز لمجزرة طرابلس

شكّل انقلاب مارس/آذار 1963 نقطة تحول في مسيرة الرئيس السوري حافظ الأسد الذي كان آنذاك يشغل منصب قائد القوات الجوية ويتمتع بنفوذ واسع داخل جهاز المخابرات العسكرية.

وكان حزب البعث، الذي ارتقى الأسد على أكتافه، يتبنى مبدأ حق الفلسطينيين في مقاومة إسرائيل. وقد سعى الحزب إلى احتضان حركات المقاومة الفلسطينية التي بدأت بالتشكل في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، وعلى رأسها حركة فتح بقيادة ياسر عرفات، وكان صلاح جديد، أحد قادة انقلاب البعث، من أشد المؤيدين لتدريب الفلسطينيين وتسليحهم.

غير أن اللافت للنظر هو موقف حافظ الأسد تحديدًا الذي اتسم بالعداء الشديد تجاه حركة فتح الناشئة وزعيمها عرفات منذ ظهوره في الساحة السياسية في ستينيات القرن الماضي. فقد دأب الأسد على استهداف المقاومة الفلسطينية ومن ثم منظمة التحرير، في الوقت الذي كانت فيه هذه الحركة تسعى لإيجاد منطقة لانطلاق عملياتها الفدائية والعسكرية ضد إسرائيل والأراضي المحتلة آنذاك.

عداء الأسد لعرفات

وفي عام 1964، وأثناء استعدادات حركة "فتح" للمعركة، نجح عرفات في نقل شحنة متفجرات من لبنان إلى الأردن. وخلال عبوره الأراضي السورية، ألقي القبض عليه وسجنته المخابرات العسكرية السورية بذريعة القيام بأعمال تخريبية في سوريا.

إعلان

وعند الاستفسار عن سبب اعتقاله، خاصة أن ما يجري كان يتم من خلال التنسيق مع قيادة حزب البعث في سوريا وعلى رأسها صلاح جديد، اتضح أن المخابرات العسكرية التي ألقت القبض عليه قد جاءتها الأوامر من قائد القوات الجوية وقتئذ اللواء حافظ الأسد.

يشير حنا بطاطو في كتابه "فلاحو سوريا" إلى أنه بعد ساعات أُطلق سراح عرفات الذي أدرك هو وباقي قادة التشكيلات الفلسطينية أن أي تحرك داخل سوريا واتخاذها منطقة عبور صوب الأردن ومنها إلى الأراضي المحتلة لن يتم إلا من خلال موافقة حافظ الأسد صاحب النفوذ العسكري الأقوى آنذاك.

وقد شكلت هذه الحادثة شرارة الخلاف والعداء بين الرجلين، خاصة مع محاولة اغتيال عرفات بعد عامين فقط -في عام 1966- خلال اجتماع كان من المزمع عقده مع أحمد جبريل زعيم الحركة الشعبية لتحرير فلسطين وذلك في العاصمة دمشق.

ووفقا للصحفي آلان هارت في كتابه "عرفات.. السيرة السياسية" فإن اللافت في الأمر أن عرفات علم بما كان يُحاك له من خلال أحد المتآمرين الذين رجعوا في اللحظة الأخيرة، فغاب عن الاجتماع وهو ما جعل عملية اغتياله تبوء بالفشل.

وفي العام نفسه، سعت الهيئة العليا لحزب البعث -خاصة بعد نجاح انقلاب صلاح جديد وحافظ الأسد وسليم حاطوم- إلى السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية لاستخدامها كورقة لتثبيت سلطة المجموعة الحاكمة الجديدة في المنطقة، وهو الأمر الذي رفضه قادة المنظمة وعلى رأسهم عرفات، مما أشعل العداوة بين الجانبين.

وبحسب الصحفي الأميركي سيمور هيرش في كتابه "ثمن القوة"، فقد جاءت الضربة التالية لعرفات في أثناء أحداث أيلول الأسود عام 1970 حين رفض حافظ الأسد أن ينطلق سلاح الجو السوري لدعم الفلسطينيين في هذه المعركة، وهو ما أدى إلى هزيمة ثقيلة لرفيقه صلاح جديد بالإضافة إلى ياسر عرفات والفصائل الفلسطينية، واضطر عرفات إلى الهرب متخفيًا صوب القاهرة.

إعلان

وعقب هزيمة الفصائل الفلسطينية في الأردن، اضطرت هذه الفصائل للجوء إلى لبنان، ومن اللافت أن حافظ الأسد كان عازمًا على إزاحة عرفات والتخلص منه بأي وسيلة؛ بهدف السيطرة الكاملة على الفصائل الفلسطينية وإخضاعها لسلطته.

ياسر عرفات وأعضاء من منظمة التحرير في بيروت بلبنان عام 1982 (غيتي) الحرب الأهلية اللبنانية واستمرار نهج الأسد

في عام 1971، فرض حافظ الأسد حظرا على انضمام السوريين إلى حركة فتح، وقيّد نشاط الفدائيين المنتمين إليها أو لأي فصيل فلسطيني آخر داخل الأراضي الفلسطينية، كما منع المقاتلين الفلسطينيين من تقديم الدعم لرفاقهم الذين كانوا يتعرضون لهجوم عسكري شرس بالمدفعية والدبابات من قبل الجيش الأردني في آخر معاقلهم بالأردن.

وفي عام 1974، حظيت منظمة التحرير الفلسطينية باعتراف عربي كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ففتح ذلك الباب أمامها لتلقي مساعدات مالية كبيرة من دول الخليج، بالإضافة إلى الحصول على أسلحة مباشرة من الاتحاد السوفياتي، فأهّلها ذلك لإقامة تحالف مع الأحزاب والجماعات اليسارية والقومية التي توحدت ضمن الكتلة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط.

ومع اندلاع شرارة الحرب الأهلية اللبنانية في أبريل/نيسان 1975، تدخل الجيش السوري لدعم الجبهة اللبنانية المتحالفة مع إسرائيل ضد المقاومة اللبنانية الفلسطينية التي كانت تتمتع بتفوق عسكري في تلك الفترة. هذا التدخل السوري مهد الطريق أمام المليشيات اللبنانية المتطرفة، مثل حزب الكتائب، لارتكاب مجازر مروعة ضد الفلسطينيين، كان أبرزها مجزرة تل الزعتر.

وفي ذلك الوقت، مارس حافظ الأسد ضغوطا كبيرة على الزعيم الشيعي موسى الصدر لدفعه إلى الانسحاب من الكتلة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط، وذلك بعد فشله في إخضاع جنبلاط نفسه لسيطرته. وبحسب بطاطو في كتابه السابق، فإن انحياز الأسد للموارنة جاء نتيجة تلقيه رسالة من الجانب الأميركي تدعوه لإيجاد "حل متوازن في لبنان"، مقابل موافقة إسرائيل على التدخل السوري.

إعلان

وعقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وزيارة الرئيس المصري أنور السادات لتل أبيب عام 1978، شهدت العلاقة بين ياسر عرفات وحافظ الأسد تقاربا، إذ شكّلا معا جبهة أطلقوا عليها اسم "جبهة الصمود والتصدي"، بمشاركة ليبيا والجزائر واليمن الجنوبي.

ورغم هذا التقارب لم تقم سوريا بأي تدخل عسكري خلال الحملة الإسرائيلية على المواقع الفلسطينية في جنوب لبنان عام 1978، واكتفت بالدفاع عن المخيمات الفلسطينية ضد الغارات الجوية باستخدام صواريخ سام.

حافظ الأسد وتفخيخ المقاومة الفلسطينية

قبيل الاجتياح الإسرائيلي الشهير للبنان عام 1982، قدم حافظ الأسد وعودا بتقديم دعم جوي وقوات مشاة للمقاومة الفلسطينية، إلا أنه سرعان ما تنصل من تلك التعهدات، بل كان من اللافت سحبه صواريخ سام من المخيمات الفلسطينية قبل 15 يوما فقط من قيام إسرائيل بتدمير سلاح الجو السوري في لبنان، مما أدى إلى خسارة سوريا 90 طائرة.

ورغم فداحة الخسائر، لم يردّ الأسد على الهجوم، وصرّح قائلا إنه لن يخوض حربا إلا في الوقت الذي يختاره هو، بل إنه أبلغ المبعوث الجزائري قائلا "هذه الحرب ليست حربي".

وخلال الحصار الإسرائيلي لبيروت، المدعوم من بعض الأحزاب والمليشيات اللبنانية لبيروت، اكتفى الأسد بمراقبة ما يجري من قصف وحصار على الفلسطينيين، مما دفع ياسر عرفات لوصف الأسد بأنه "مثل الأصفار العربية الاثنين وعشرين"، في إشارة إلى العجز العربي آنذاك.

وقد أشار عدد من المؤرخين من بينهم حازم صاغية في كتابه "البعث السوري.. تاريخ موجز" إلى أن حافظ الأسد كان يتبع نهجا مزدوجا في تعامله مع منظمة التحرير الفلسطينية بهدف تفخيخها وإدخالها في حروب لا شأن لها بها لإضعافها وتقويض قيمتها وقوتها، وقد اتبع حافظ مسارين متوازيين:

الأول علني، كان يتمثل في إرسال رسائل تدعو للوحدة بين الأطراف الفلسطينية وتقدير الظروف الصعبة التي تواجهها سوريا ومنظمة التحرير. والثاني سري، حيث كان يدعم أطرافا داخل حركة فتح للتحريض على الانشقاق.

وقد نجحت خطته هذه في أوائل عام 1983، إذ انشق عدد من قيادات حركة فتح، بقيادة نمر صالح (أبو صالح)، وسعيد مراغة (أبو موسى)، وموسى العملة (أبو خالد)، وسميح أبو كويك (قدري)، وأسسوا تنظيما جديدا تحت اسم "فتح الانتفاضة"، حظي بدعم ورعاية قوية من حافظ لعداوته الواضحة لياسر عرفات.

وعندما عاد عرفات سرا إلى طرابلس في سبتمبر/أيلول 1983، سارعت سوريا إلى توجيه تشكيلات فتح الانتفاضة، إلى جانب الجبهة الشعبية-القيادة العامة وقوات الصاعقة، لشن هجمات مكثفة على الثكنات والمخيمات الموالية لعرفات في طرابلس، بهدف القضاء على ما تبقى من قوات الثورة الفلسطينية في المدينة بعد خروج قيادتها. وبحسب ما وورد في النشرة السياسية الأسبوعية للجيش والقوات المسلحة السورية، فإن الهدف كان القضاء على ياسر عرفات والتخلص منه للأبد.

إعلان

وفي قلب مدينة طرابلس اللبنانية، معقل الإسلام السني، وجد عرفات والقوات الفلسطينية الموالية له أنفسهم في مواجهة تفوق عددي وعسكري هائل للجيش السوري، إلى جانب القوات المنشقة عن فتح مثل "فتح الانتفاضة" بقيادة سعيد مراغة الموالي للأسد.

صاغية: حافظ الأسد كان يتبع نهجا مزدوجا في تعامله مع منظمة التحرير بهدف إضعافها (غيتي) مجزرة طرابلس لبنان

وأمام هذا الهجوم الكاسح من قبل قوات حافظ الأسد والقوات الفلسطينية الموالية له، لم يجد ياسر عرفات بدًّا من التحالف مع حركة التوحيد الإسلامي في طرابلس، بقيادة الشيخ سعيد شعبان والشيخ خليل عكاوي.

وكان الشيخان شعبان وعكاوي يكنّان عداء شديدًا لحافظ الأسد بسبب جرائمه في سوريا، وخاصة مجزرة حماة، فضلًا عن دوره في الحرب الأهلية اللبنانية وإضعافه لفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية المواجهة للاحتلال الإسرائيلي.

وفي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 1983، تشكلت القوات المناهضة لعرفات من مجموعات مختلفة، شملت أتباع سعيد مراغة (أبو موسى)، والجبهة الشعبية، والجبهة الشعبية-القيادة العامة، وقوات الصاعقة، وجيش التحرير الفلسطيني، بلغ إجمالي قوات الحصار حوالي 10 آلاف جندي سوري و6 آلاف مقاتل فلسطيني من هذه الفصائل، بالإضافة إلى 100 دبابة وراجمة صواريخ.

وعلى الفور أصدر حافظ الأسد أوامره بقصف طرابلس بالمدفعية وإلقاء الحمم عليها، الأمر الذي كان يؤدي إلى زيادة عدد الضحايا. وبحسب جريدة اللواء اللبنانية في ذلك الوقت، فقد سقط في الساعات الأولى من المعركة عشرات القتلى من المقاتلين الموالين لعرفات في مخيمي نهر البارد والبداوي في طرابلس.

ولم يقتصر الأمر على ضرب هذين المخيمين بالمدفعية والدبابات والقنص، بل أطبقت قوات الأسد والقوات الفلسطينية الموالية لها الحصار على المدينة حتى بلغ الجوع بالناس مبلغه.

وطوال 20 يومًا كان القصف لا يهدأ، وأعداد الضحايا في ارتفاع، وأمام هذه الخسائر الفادحة وحمم النيران القوية سقط مخيم نهر البارد ثم مخيم البداوي الذي كان يؤوي قوات وأفراد من الموالين لعرفات، وقدّرتهم المصادر بحوالي أكثر من 5 آلاف مقاتل، سقط منهم حوالي ألف قتيل.

معارضون مسلحون يحاصرون عرفات في طرابلس بلبنان في عام 1983 (غيتي)

وتحت وطأة الهجمات المتكررة من القوات السورية والفصائل الفلسطينية المتحالفة معها، ومع غياب الدعم الفعلي من الدول الأخرى، اضطر ياسر عرفات في النهاية إلى قبول وقف إطلاق النار واتفاق إجلاء من طرابلس ولبنان كافة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني. وبعد تلقيه وعودا من الولايات المتحدة والدول العربية بعدم التعرض لقواته أثناء انسحابها، وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة طرابلس.

إعلان

ورغم ذلك تأجل تنفيذ الإجلاء بسبب قصف البحرية الإسرائيلية لطرابلس، وفي إطار الاتفاق وافقت قوات عرفات على ترك أسلحتها الثقيلة، بما في ذلك راجمات صواريخ الكاتيوشا، والبنادق العديمة الارتداد، والمدافع المضادة للطائرات، التي تم تسليمها للجيش اللبناني.

وفي 20 ديسمبر/كانون الأول 1983، أجلي نحو 4,700 من مقاتلي منظمة التحرير الموالين لعرفات، بينهم عشرات الجرحى، بواسطة 5 سفن يونانية تحت حماية البحرية الفرنسية، بما في ذلك حاملة الطائرات "كليمنصو". وعند صعود عرفات إلى السفينة، لوّح للحشود المودّعة له في الميناء، واستُقبل بتحية من أتباعه ومقاتلي حركة التوحيد الإسلامي المتحالفين معه.

تم توزيع المقاتلين الموالين لمنظمة التحرير على دول عدة، منها الجزائر، واليمن الشمالي، وتونس، والسودان، بينما نُقل حوالي 500 شخص إلى قبرص ومن ثم جوًّا إلى العراق، وبهذا نجحت سوريا والفصائل الفلسطينية المعارضة لعرفات في طرد أتباعه من كامل الأراضي اللبنانية. ورغم ذلك، بقيت حركة التوحيد الإسلامي متحصنة في طرابلس، ومسيطرة على الميناء الذي كان سابقا تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية.

وفي المقابل، كان الفشل في دخول قوات حافظ الأسد إلى المدينة قد أججّ غضبه وسخطه على طرابلس وخاصة حركة التوحيد الإسلامي التي وقفت حجر عثرة أمام أطماعه، ولهذا السبب استمرت المناوشات العسكرية طوال 3 سنوات تالية بين قوات جبل محسن العلوية الموالية للأسد وبين السنة في المدينة المتحصنين في حي درب التبانة وعلى رأسهم حركة التوحيد الإسلامي.

قوات بعض الأحزاب والمليشيات اللبنانية الموالية للأسد شنت هجوما واسعا على طرابلس والميناء في عام 1985 (غيتي)

 

وسعى الأسد للانتقام من المدينة والقضاء على حركة التوحيد بصورة نهائية، ففي خريف عام 1985 شنّت قوات بعض الأحزاب والمليشيات اللبنانية الموالية للأسد هجوما واسعا على طرابلس والميناء، وذلك بدعم مباشر من وحدات الجيش السوري، إذ صبّت الدبابات والمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون والمدافع الرشاشة نيرانها مجددا على أحياء طرابلس السنية الصامدة، بعد أن قُطعت الكهرباء والماء والمحروقات ومنع دخول الأغذية والأدوية، واستمر الحصار والقتال العنيف 3 أسابيع.

إعلان

وأمام هذا الحصار المطبق ونفاد الذخيرة والغذاء استسلمت مدينة طرابلس للميلشيات اللبنانية الموالية للأسد، لكن ذلك لم يمنع قواته من دخول المدينة وارتكاب العديد من المجازر، إذ اغتالت مئات من الشباب والشيوخ، وأعدمت الموقوفين، واعتقلت مئات آخرين إلى المعتقلات وظل مصير معظمهم مجهولا حتى يومنا هذا.

وكانت الصفحة الأخيرة لانتقام حافظ الأسد من طرابلس من خلال الإعداد لاغتيال الشيخ خليل عكاوي قائد المقاومة الشعبية في المدينة ومنسق حركة الجوامع والمساجد بها، وهو الذي قاد لواء المقاومة في حي درب التبانية خاصة، ونجح حتى آخر لحظة في منع المليشيات اللبنانية وقوات الأسد من دخول هذا الحي.

ولهذا السبب، وفي 9 فبراير/شباط 1986، تعرض عكاوي لكمين مسلح في حي باب الحديد أثناء عودته من اجتماع ضم قيادات من حركة التوحيد وضباط من المخابرات السورية، وبعد اغتياله بـ10 أشهر تمكنت القوات السورية من الدخول إلى حي درب التبانة وارتكبت فيها واحدة من المجازر الكبرى قدرت المصادر آنذاك عدد ضحاياها بـ500 قتيل كان بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.

مقالات مشابهة

  • المنجم الذي تنبأ بانفجار مرفأ بيروت يعود مجدداّ ليتوقع : حماس ستوفق برأس إسرائيل ” ضخم ” وهذا ماسيحدث لليمن ولكل الدول العربية
  • الكشف عن قيمة الدعم المالي الهائل الذي قدمته أمريكا لـ إسرائيل منذ 7 أكتوبر .. أرقام صادمة وشراكة في الإبادة
  • تدشين حزب «الجبهة الوطنية».. وسياسيون: ثمار الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس السيسي
  • السعودية.. وزارة التجارة تطالب بإلغاء مصطلح الكفيل
  • وزير الصناعة التركي يكشف حجم الضرر الذي أصاب القطاع بسبب عودة السوريين
  • عام كامل على متابعة إسرائيل أمام العدل الدولية.. ما الذي تحقق؟
  • تفاصيل مثيرة.. هكذا لاحق حافظ الأسد ياسر عرفات في لبنان!
  • "من سرق شمس هذه القرية".. أوجاع يمني في المهجر الأمريكي
  • حافظ الأسد والعداء لعرفات.. تاريخ موجز لمجزرة طرابلس
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. «ماكرون» خلال اتصال هاتفي مع السيسي: مستعدون لمواصلة الأعمال الإنسانية المشتركة بين فرنسا ومصر