الروائي الجزائري واسيني الأعرج: غزة نموذج إسرائيلي للمنطقة في زمن متوحش
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
أثارت الحرب الإسرائيلية على غزة موجة كبيرة من الاحتجاج في مختلف أنحاء العالم، لكن حضور صوت المثقفين والمفكرين كان محدودا سوى بعض الأصوات العربية والغربية المتضامنة مع حقوق الفلسطينيين والرافضة للعدوان.
ومن بين تلك الأصوات الدكتور واسيني الأعرج الروائي الجزائري والأستاذ في جامعة السوربون بباريس، والذي اعتبر ما يجري في غزة اليوم من قتل ودمار بمثابة "جريمة إبادة"، مستنكرا في حديثه للجزيرة نت الموقف العربي الرسمي مما يحدث في غزة.
يقول الأعرج إنه زمن متوحش جديد، وإنه متأثر جدا كما جميع من في قلوبهم بذرة من الإنسانية، فـ"ليس شرطا أن يكونوا عربا أو مسلمين أو مسيحيين، ولكن شرط الإنسانية الأدنى هو الذي يجعلنا نختلف عن الحيوانات الشرسة والمفترسة، ما يجري في غزة اليوم من تدمير للبنى التحية وقتل للبشر حالة غير مسبوقة من الجريمة وعدم الإحساس، أي أن الحس البشري لم يعد موجودا".
ويضيف في حديثه للجزيرة نت "عندما كتبت في تعليقاتي عن الحرب الروسية الأوكرانية قلت إننا نعيش زمنا متوحشا جديدا، فبدل العمل على إيقاف الحرب هناك تشجيع على استمرار هذه الحرب والقتل وبيع الأسلحة، ووراء ذلك طبعا بارونات مستفيدون من الصراعات المسلحة".
شركاء في الجريمةويرى الروائي الجزائري أن ما حدث في غزة "هو في الحقيقة محصلة لسلسلة من الممارسات لم تتمكن من إيقافها القوى الدولية"، ويدافع عن موقفه تجاه ممارسات إسرائيل وداعميها بقوله "لا أعتقد أن هناك صوتا حقيقيا يستطيع أن يعلو على الجريمة، لأن الجريمة عندها وكلاء، وهؤلاء الوكلاء أصبحوا يعلنون بشكل رسمي وواضح -وعلى رأسهم الولايات المتحدة طبعا وبقية الدول الأوروبية- مساندتهم إسرائيل في حربها على غزة"، واصفا حرب إسرائيل على غزة بأنها "جريمة إبادة".
ويقول الأعرج "حتى تغطية وسائل الإعلام الغربية لأحداث غزة لا تظهر أي صورة من صور دمار الغارات الإسرائيلية الوحشية في غزة، فأنا في باريس إذا تابعت القنوات الفرنسية لن أرى شيئا نهائيا عن المجازر التي تحدث في غزة".
ويشبّه الأعرج ما يجري في غزة من تدمير وقتل للمدنيين بأحداث الحرب العالمية الثانية "حيث الضحية أصبح جلادا بكل بساطة".
اغتيال أماكن الفرحيصف واسيني الأعرج تدمير غزة عبر الغارات الجوية الإسرائيلية بقوله "عندما نرى الصور وكأننا نرى زلزلا عنيفا ضرب المدينة ربما تفوق قوته أكثر من 9 درجات على مقياس ريختر، لا توجد أبنية بقيت واقفة، خصوصا بالنسبة للمناطق الحيوية والمناطق التي كانت قبل أيام قليلة أماكن للتنزه والفرح بالنسبة للفلسطينيين".
وأوضح الروائي الجزائري أن إسرائيل ستجد كل السبل لتبرير قصفها المدنيين والمستشفى المعمداني تحديدا، مضيفا "ما حدث شيء لا يصدق".
ويبين الأعرج أن "استيقاظ العمق المتوحش الحيواني في إسرائيل أصبح مطلق الحرية".
وتساءل "كيف يمكن لإسرائيل أن تسخر من الضمير العالمي؟ وكيف يمكن لها أن تجعل الضمير العالمي لعبة؟ وكيف للضمير العالمي أن يقبل بذلك كله؟ وطالب الأعرج الرأي العام العالمي بمؤازرة الفلسطينيين في مأساتهم بحكم العلاقات الإنسانية اليومية بين البشر أنفسهم".
النكبة المستمرةويقول الأعرج إن "إسرائيل فتحت كل أبواب الطغيان والبؤس والقتل تجاه الفلسطينيين، وهذه هي الصورة الحقيقية لإسرائيل".
ويضيف "في الحقيقة غزة اليوم تشكل نموذجا صغيرا لما يمكن أن يحدث في الوطن العربي، لأن إسرائيل تطلق خطابا مزدوجا، أولا: تدمير ما تبقى من بؤر النضال الفلسطينية وحسمها نهائيا، والدفع بالفلسطينيين نحو صحراء سيناء وهكذا تصبح هذه الجهة مستقلة، وأيضا الدفع بسكان الضفة الغربية باتجاه الأردن، وبذلك تصبح إسرائيل دولة كاملة"، ويعود ليؤكد "لكنهم مخطئون لأن شعبا سرقت منه أرضه واليوم تتم إبادته لا يمكن أن يصمت أبدا على تلك الممارسات".
تحذير للعربويقول واسيني الأعرج إن ما يحصل في غزة "هو في الحقيقة نموذج إسرائيلي، وكأن إسرائيل تقول في خطابها الثاني احذروا يا عرب، أي تحرك من أي دولة عربية سيحصل لها كما حصل في غزة من تدمير، احذروا، انظروا إلى القنابل، انظروا إلى التدمير الكلي في غزة، كل مدنكم ستصبح بهذا الشكل إذا تحركتم ضدنا".
وبشأن الموقف العربي الرسمي مما يحدث في غزة يشير الأعرج إلى أن "العرب مسؤولون عما يحدث اليوم، فقد دخلوا في الاقتتال في ما بينهم، وساهموا في كسر (شوكة) بعض البلاد العربية، وبالتالي هذا ما هو إلا نتيجة في نهاية المطاف".
ويأمل واسيني الأعرج أن ينزل المواطنون العرب إلى الشوارع لكي يقولوا "لا لهذه الجريمة، لا لهذا الطغيان، لا لهذه الطريقة في تقتيل الناس في مشهدية مرعبة والعالم كله يتفرج عليها".
ويقول "نحن نقول: العالم كله يتفرج على غزة، ونحن كعرب نتفرج عليها أيضا".
واختتم الروائي الجزائري حديثه "لم يبق شيء إلا هبّة شوارع على الأقل، يمكن للشارع العربي أن يضغط قليلا على أميركا، وأن يضغط على أوروبا لتغيير موقفها ولدفعها إلى اختراق هذا الصمت المطبق الممارس على الفلسطينيين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: واسینی الأعرج على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
إعلام إسرائيلي: الإخفاق في 7 أكتوبر أخطر بكثير من يوم الغفران
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تداعيات الإخفاق الأمني في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، معتبرة أنه يفوق في خطورته تداعيات فشل الجيش في حرب يوم الغفران (حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973).
وأكد محللون عسكريون وإعلاميون أن تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لم تضع في أي مرحلة احتمال شن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حربًا واسعة النطاق، مما جعل الهجوم مباغتًا وكشف عن ثغرات إستراتيجية خطيرة.
وقال محلل الشؤون العسكرية في قناة "كان 11" روعي شارون إن سيناريو شن حماس هجوما شاملا لم يكن مطروحًا في تقديرات الاستخبارات العسكرية أو جهاز الأمن العام (الشاباك)، سواء خلال السنوات السابقة أو حتى ليلة السابع من أكتوبر.
واعتبر أن هذا الإخفاق يمثل أزمة أخطر من الفشل الذي واجهته إسرائيل في يوم الغفران.
من جانبه، أشار المراسل تسفيكا حاييموفيتش في قناة "12" إلى أن تداعيات السابع من أكتوبر لم تبدأ في ذلك اليوم، بل تمتد إلى أكثر من 20 عامًا، إذ شهدت تلك الفترة عملية متدرجة قوضت الأسس الأمنية الإسرائيلية.
وأضاف أن حرب "حارس الأسوار" عام 2021 عمقت الفجوة بين الجيش الإسرائيلي والشاباك، حيث اعتبر الأخير أنه تعرض لهزيمة، في حين رأى الجيش أنه انتصر في منع أي اختراق للجدران الحدودية.
إعلانوأوضح حاييموفيتش أن هذه الفجوات تجلت بعد الحرب، حيث كان الشاباك يطالب بتنفيذ عمليات هجومية واغتيالات في غزة، في حين كان الجيش يدعم سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القائمة على "الهدوء مقابل الهدوء"، مما أدى إلى اختلاف في الأولويات الإستراتيجية بين المؤسستين.
فشل نتنياهو
أما المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي رونين مانيليس، فقد انتقد بشدة التركيز الإعلامي على انتقاد المؤسسة العسكرية وحدها، مشيرا إلى أن الجيش هو الجهة الوحيدة التي أجرت تحقيقًا في إخفاقات 7 أكتوبر، في حين لم يتم توجيه تساؤلات حقيقية لنتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت وباقي أعضاء المجلس الوزاري المصغر بشأن مسؤولياتهم عن الفشل.
وفيما يتعلق بملف الأسرى والمخطوفين، أشارت مراسلة موقع "والا" وقناة الكنيست تال شاليف إلى أن نتنياهو يسعى لإدارة هذا الملف وفق خطة متدرجة تتيح له الإفراج عن أكبر عدد من الأسرى دون إنهاء الحرب.
وذكرت أن رئيس الوزراء التزم أمام وزراء اليمين المتطرف، وعلى رأسهم بتسلئيل سموتريتش، بمواصلة القتال بعد انتهاء المرحلة الأولى من أي صفقة تبادل.
من جهته، قال اللواء احتياط غيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، إن نتنياهو يواجه معضلة صعبة، إذ يدرك أن استئناف الحرب ليس الخيار الأمثل، لكنه في الوقت نفسه يخشى انهيار حكومته إن دخلت المفاوضات مرحلة حاسمة تتطلب تنازلات جوهرية.
وأضاف أن رئيس الوزراء يسعى للبقاء في السلطة حتى 31 مارس/آذار المقبل لضمان تمرير قانون الموازنة الذي يمثل أساس استمراره السياسي.
أما القائد السابق لاستخبارات مصلحة السجون يوفال بيتون فقد أشار في حديثه للقناة 12 إلى أن بعض الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة قد تمت التضحية بهم، وربما يلقى آخرون المصير ذاته في ظل استمرار تعقيد المفاوضات.
إعلانبدوره، وجّه الأسير الإسرائيلي السابق جادي موزيس رسالة مباشرة إلى نتنياهو، محذرًا من أن كل يوم تأخير يقلل فرص نجاة المخطوفين.
وتعهد بالمشاركة في الجهود الشعبية والضغط السياسي لضمان الإفراج عنهم، مؤكدا أن استمرار احتجازهم يمثل خطرًا حقيقيا على حياتهم.