الملتقى الدولي للفنون العربية المعاصرة يعود للقاهرة في النسخة الـ11 من "دي-كاف"
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
يعود "الملتقى الدولي للفنون العربية المعاصرة" في نسخته الثامنة لقلب القاهرة ضمن فعاليات النسخة الحادية عشرة من مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة (دي-كاف)، وتشهد الأربعة أيام الأخيرة من المهرجان من 2 إلى 5 نوفمبر المقبل أكثر من 18 فعالية لفنانين عرب يحضرها مجموعة من مديري المهرجانات والمبرمجين من جميع أنحاء العالم بدعوة من "دي-كاف" بهدف دعم المواهب العربية والترويج لها في المهرجانات الدولية.
يجمع الملتقى هذا العام فنانين من مصر وفلسطين وسوريا ولبنان والمغرب وتونس، يقدمون عروضهم أمام متخصصين في الفنون المعاصرة ويتم تبادل الخبرات معهم وتوفير فرص تسويق وإنتاج لتلك العروض، بالإضافة إلى ترويجها عالمياً.
"عوالم" عشتار معلم
يقول أحمد العطار المدير الفني لمهرجان "دي-كاف": "يطلق دي-كاف هذا العام النسخة الثامنة من الملتقى العربي للفنون المعاصرة بمجموعة كبيرة من العروض المميزة لفنانين عرب من حول العالم، جزء منها قد تطور من خلال دي-كاف خلال النسخ السابقة مما زاد من إقبال الفنانين العرب على المشاركة به. وفي هذه النسخة، تم تقديم حوالي 150 مقترح لعروض مشاركة من العالم العربي مما أوجد حلقة تواصل أكبر مع الفنانين العرب، وهو من أهم أهداف الملتقى العربي للفنون المعاصرة".
وأضاف: "يهدف الملتقى إلى توفير منصة لاحتضان التجارب الجديدة وعرضها للمرة الأولى في مصر. ومن بين العروض البارزة في هذه النسخة، يتم عرض "الأطفال السعداء" للفنان عمر غيات الذي تم عرضه لأول مرة قبل أقل من شهر في سويسرا، بالإضافة إلى عروض أخرى مثل "فنان ما بعد الاستعمار مقاوم للماء" للفنان يونس عتبان، و"205 سؤالاً عن الرقص" للفنان إسلام نبيشي، و"الطائر" للفنان سفيان عويسي. وهذا يعزز مكانة الملتقى كمنصة مميزة لتقديم العروض الجديدة ويزيد من إقبال الجمهور والمبرمجين والفنانين من مختلف الدول على المشاركة فيه".
"أطفال سعداء" عمر غيات
يضم برنامج النسخة الثامنة من الملتقى 6 عروض رقص منها العرض اللبناني "إذا هوى" إخراج علي شحرور وأداء روجيه عساف وحنان الحاج علي والعرض الفلسطيني "عوالم" لعشتار معلم وإيميل سابا، بالإضافة إلى 5 عروض مسرحية منها العرض المصري السويدي "السحر الخفي لأعمدة المجتمع" للمخرج أحمد العطار، ومعرض الواقع الإفتراضي "كيف صرت هون!" للفنانة السورية لمي سعفيان، وليلة موسيقية تقدمها فنانات من السودان ومصر وسوريا والتشيك.
كما يشهد "دي-كاف" -ضمن فعاليات الملتقى – جلسات نقاشية بعنوان "المهرجانات والجمهور في العالم العربي" حيث تناقش خريطة المهرجانات في المنطقة والموارد المتاحة وغيرها من الأسئلة التي تتعلق بإدارة المهرجانات والجمهور المستهدف لها.
ويختتم الملتقى فعالياته بجلسة نقاشية حول موضوعات عن الترجمة المسرحية العربية مثل المسافة بين النص المكتوب بالفصحى واللهجات المحلية، ومدى ملائمة النصوص المسرحية الأجنبية للجمهور العربي، وعملية ترجمة النصوص المسرحية العربية للغات أخرى.
خلال الجلسة، تطلق شركة المشرق للإنتاج مشروعها الجديد "دار المسرح المعاصر للنشر و التوزيع" والتي تقدم أول مشاريعها "المسرح المترجم"، والذي يهدف لترجمة 18 مسرحية أوروبية معاصرة من دول أوروبية مختلفة على مدار ثلاث سنوات. كتبت النصوص المختارة جميعها منذ عام 2010 ونُشرت أو قُدمت على المسرح في بلدها الأصلي. وتنتهي الجلسة بعرض مسرحية "كل حاجة حلوة" لدانكن ماكميلان (المملكة المتحدة) والتي ترجمها أحمد العطار ضمن مشروع المسرح المترجم، أداء ناندا محمد.
طائر" سفيان أويسي""السحر الخفي لأعمدة المجتمع" أحمد العطارالمصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة دي كاف أحمد العطار دی کاف
إقرأ أيضاً:
فيلم وولف مان.. الذئاب تبكي أحيانا
لا يُعد العمل الفني إبداعًا حقيقيا ما لم يُضف قيمة فنية جديدة، وهذا ما حققه المخرج الأميركي لي وانيل في فيلمه الجديد "رجل ذئب" (Wolf Man) لعام 2025. ففي هذه النسخة، لم يكن تحوّل البطل إلى ذئب غاية في حد ذاته، كما هو معتاد في أفلام المستذئبين، بل كان تجليًا لأزمة وجودية تتعلق بالماضي والحاضر الذي يعيشه البطل.
تخلى وانيل عن الصورة النمطية للمستذئب ذي الشعر الكثيف والملامح الحيوانية البارزة، وفضّل استخدام جسد البطل ذاته كوسيط بصري للتحول، ليجعل من هذا التحول مجازًا فنيًا يعكس معاناة رجل مثقل بذكريات طفولة قاسية وواقع أسري مضطرب.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رحلات سينمائية.. كيف تُحول أفلام السفر إجازتك إلى مغامرة؟list 2 of 24 أفلام عائلية للمشاهدة مع أطفالك في العيدend of listويُعد هذا الفيلم إعادة تصور حديثة لفيلم "الرجل الذئب" (The Wolfman)، الذي أخرجه جو جونستون عام 2010 وتدور أحداثه في أوائل القرن التاسع عشر.
لقد تطور مفهوم "الرجل الذئب" في الأدب والسينما على مدى قرون، لكن ظهوره السينمائي منحه طابعًا جماهيريا استند إلى اللعب الهوليودي التقليدي على مخاوف الإنسان البدائية من الوحوش والظلام، وحتى الدماء.
الرجل الذئب في الأدب والسينماتعود أقدم الإشارات إلى تحول البشر إلى ذئاب إلى القرن الأول الميلادي، وتحديدًا في كتاب التحولات للشاعر الروماني أوفيد، حيث يروي حكاية الملك "ليكاون" الذي حوّله كبير الآلهة زيوس إلى ذئب عقابًا على كفره وجحوده.
إعلانوفي العصور الوسطى، ظل موضوع المستذئبين حاضرًا كما يظهر في رواية "بتر الأنف" للكاتبة الفرنسية ماري دو فرانس في القرن الثاني عشر، التي تحكي عن رجل نبيل يتحوّل إلى مستذئب بعد أن تخونه زوجته.
شهد القرن التاسع عشر انفجارًا في أدب الرومانسية والخيال والمخلوقات الخارقة، وكان للذئاب فيها حضور لافت. من أبرز تلك الأعمال "زعيم الذئاب" للكاتب الفرنسي ألكسندر دوماس، و"فاغنر الذئب الضاري" (1847) للروائي والصحفي البريطاني جورج دبليو إم رينولدز، وكلاهما استخدم شخصية الذئب في سرد يجمع بين الرعب والعاطفة.
أما أول تجسيد سينمائي لمفهوم الرجل المستذئب، فكان في فيلم "ذئب لندن" (Werewolf of London) عام 1935، لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت مع فيلم "الرجل الذئب" (The Wolf Man) عام 1941، والذي وضع الأسس التي سار عليها كثير من صناع أفلام الرعب لاحقًا، مثل فكرة التحول عند اكتمال القمر والتأثر بالفضة، وهي عناصر أصبحت من ثوابت تراث المستذئبين في الثقافة الشعبية.
ويثير اختيار الذئب تحديدًا دون غيره من الحيوانات المفترسة تساؤلًا مهما: لماذا الذئب؟ ربما تكمن الإجابة في التشابه اللافت بين الذئاب والبشر في السلوك الاجتماعي خاصة، إذ تعيش الذئاب في قطعان منظمة، تقوم على الولاء والتسلسل الهرمي، تمامًا كالمجتمعات البشرية. كما أن خروج الذئب للصيد يوازي حياة الإنسان البدائية حين كان يعتمد على الصيد والالتقاط.
وفي العديد من الثقافات، تعد الذئاب مساحة خوف خالصة باعتبارها تهديدات محتملة للإنسان وللماشية، مما دفع الإنسان لتحوّل شكلي تضمّن قوة جبارة وغضبا لا يمكن السيطرة عليه. ولعل الأصل في ذلك التحول قد داعب الخيال السينمائي لأول مرة مع مشهد شخص أصيب بالسعار بعد "عضة كلب"، فتحوّل سلوكه إلى ما يشبه سلوك الذئب.
ذئب شرس وأب طيبعرض فيلم "الرجل الذئب" 2010 و"الرجل الذئب" 2025 أسطورةَ الذئب الكلاسيكية، لكنهما يختلفان بشكل كبير في البيئة وتركيز الشخصية والعمق الموضوعي.
إعلانتدور أحداث النسخة الأصلية من فيلم "الرجل الذئب" في إنجلترا عام 1891، وتحكي قصة لورنس تالبوت، الممثل الشهير الذي يعود إلى قريته بلاكمور عقب الوفاة الغامضة لشقيقه، في حبكة تجمع بين الرومانسية والرعب الكلاسيكي.
أما نسخة عام 2025، فتنتقل إلى الريف المعاصر في ولاية أوريغون الأميركية، حيث يرث بليك لوفيل (يؤدي دوره كريستوفر أبوت) منزل طفولته، وينتقل للعيش فيه مع عائلته على أمل بدء حياة جديدة تساعده في تجاوز أزماته الزوجية ومواجهة ذكريات الطفولة المؤلمة التي جمعته بوالده.
في نسخة 2010، يواجه لورنس تالبوت أيضًا ماضيا قاسيا، يشمل وفاة والدته وابتعاده عن والده السير جون تالبوت. ومع عودته إلى مسقط رأسه، يجد نفسه مضطرًا لمواجهة هذه الجراح القديمة، والتي تتعقّد مع تحوله إلى رجل ذئب.
يتعامل بليك في نسخة 2025 مع التوترات العائلية، وخاصة مع زوجته شارلوت (الممثلة جوليا غارنر)، وإرث والده المنفصل عنه جرادي (الممثل سام جايغر)، ويعمل تحوله إلى ذئب كاستعارة للصدمة الموروثة والخوف من أن يصبح مثل والده.
تركز القصة في النسخة القديمة من الرجل الذئب على ما يسببه التحول من رعب لعالمه الخارجي، كما تجسد صراعه مع وحشه الداخلي، وفي النسخة الأحدث، يغوص صناع العمل عميقا في الجوانب النفسية لتحول البطل إلى ذئب، إذ يتابع المشاهد التغيير التدريجي لبليك مع التركيز على رعب الجسد وتآكل إنسانيته، مما يشير إلى قسوة الأزمة النفسية التي يعاني منها وهشاشة حالته.
ويتجلى الخصم الرئيسي في شخصية الأب بنسخة عام 2010، الذي يتبيّن لاحقًا أنه هو نفسه مصدر اللعنة التي حولت ابنه إلى مستذئب، لتبلغ ذروة الصراع في مواجهة دامية بين الأب والابن، محمّلة برمزية عميقة لصراع الأجيال.
أما في النسخة المعاصرة، فينقلب المشهد؛ إذ يتمثل العدو في كائن خارجي يهاجم البطل ويسيطر عليه من الداخل. وعلى مدى نحو ثلث زمن الفيلم، يناضل البطل لحماية أسرته من ذلك الوحش الكامن في داخله، أو من ذاته، حتى وإن كلفه ذلك حياته.
يقف الفيلمان على طرفي رمزين متباينين: في النسخة القديمة، ترمز اللعنة إلى عبء الإرث العائلي والمصير المحتوم، في حين تعكس النسخة الجديدة قلق البطل من التحول إلى نسخة أخرى من والده. وكلا الفيلمين يعيدان إحياء واحدة من أبرز الثيمات التي طغت على الثقافة الغربية في ستينيات القرن الماضي، وهي ثيمة "قتل الأب"، لا بمعناها الحرفي، بل بوصفها تمردًا على الميراث الذكوري التقليدي وسعيًا للتحرر من سلطته الرمزية والثقافية.
إعلان أزمة إيقاعقدّم المخرج لي وانيل في نسخة 2025 معالجة بصرية مميزة لتحول البطل إلى ذئب، أضافت عمقا فنّيا واضحا، لكنه لم ينجح في الحفاظ على إيقاع متوازن؛ إذ بدأ الفيلم بسرعة لافتة، ثم تباطأ بشكل ملحوظ خلال مشاهد التحول الجسدي المفصلة، مما أضعف تماسك التجربة.
تميز وانيل أيضا في توظيف عناصر البيئة المحيطة، مثل الظلام والغابة الكثيفة، لخلق أجواء رعب فعّالة مدعومة بتصوير ذكي لتفاصيل الوجوه وردود الأفعال. وقدّم كريستوفر أبوت أداءً مفعمًا بالألم الداخلي حتى في لحظات الصمت، في وقت انسجم فيه الحزن الطبيعي في ملامح جوليا غارنر مع النبرة الكئيبة التي طغت على أغلب مشاهد الفيلم.