قال الأب الدكتور حنا كلداني في تصريح له: مضى على الحرب في غزة اثنى عشر يومًا. ولم تَعُدْ اليوم حربًا، بل صارت كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. صارت قرارًا جائرًا بقتل أهل غزة كلهم، بل ونهجًا يوحي بتهجير مليونين مِن البشر! فالحرب إذَنْ يجب أن تتوقف. يقول المزمور: "أيُّهَا المـُلُوكُ الآنَ تَعَقَّلُوا، وَيَا قُضَاةَ الأَرضِ اتَّعِظُوا" (مزمور ٢: ١٠).

هذه الآية أوجهها نداءً إلى إسرائيل، وإلى الشعب الفلسطيني كله، وإلى قادة شعوب المنطقة، وإلى المُعتدي والمُعتدى عليه.
في حديثٍ لغبطة البطريرك ميشيل صباح جاء قوله: "قد تتوقف الحرب في غزة ولن ينتهي الصراع كما حدث في الحروب السابقة على غزة. ليس هذا هو المطلوب. ويمكن التوصل إلى وقف إطلاق النار، وهذا أيضًا ليس الحل. والانتقام ليس الحل، وإبادة غزة ليس الحل". (انتهى الاقتباس). ليس في هذه الحلول سلام، لا لإسرائيل، ولا لفلسطين، ولا للمنطقة، ولا للعالم، لإن القضية صارت عالمية، وقد تمس أمن دول الجوار والعالم بأسره.

ويتابع البطريرك: الخطوة الاولى هي تبادل الأسرى، وتحرير الأسرى لدى الطرفين. وتحرير الجميع من عقدة الخوف والكراهية للآخر. الشعب الفلسطيني كله أسير، كذلك الاسرائيلي هو أسير لعقدة الاحتلال والاستعلاء والظلم. تحرير الأسرى يعني أن يعود الجميع أحرارًا إلى بيوتهم وذويهم. أحرارًا من عبء الماضي والتاريخ والاحتلال.

الحد الادنى من الإنسانية يقتضي أن تتوقف المأساة اليوم في غزة، وأن يتعلّم جميع المسؤولين الدرس من هذه الحرب والحروب السابقة. فيُلقَى الأساس المتين لسلام عادل ونهائي لا نرى من بعده حربًا جديدة في غزة، أو في أي مكان في فلسطين من خلال إرساء قواعد الحرية والعدل والمساواة للجميع.

إن الوضع معقد وصعب لدى كل الاطراف، الحد الادنى الذي قد يقبل به طرف مرفوض لدى الآخر، كل له جمهور يضغط على قادته. إنَّ ملجأنا النهائي والأخير هو الله تعالى بأن يُلهم مَن بيدهم القرار على التصرف بحكمة وانسانية وينقذ الجميع من اهوال الحرب، هذه الحرب إن استمرت قد تجتاح أكثر من بلد وستعاني من تبعاتها أكثر من دولة.

لقد تكررت الحرب على غزة أكثر من مرة. والكتاب المقدس يقول: "أيُّهَا المـُلُوكُ الآنَ تَعَقَّلُوا، وَيَا قُضَاةَ الأَرضِ اتَّعِظُوا". يا حكام الأرض لا تدعوها تتكرّر. تبادلوا الأسرى. وتبادلوا المغفرة وقبول الآخر، بكامل حقوقه وكرامته الانسانية، عودوا إلى الإنسانية التي خلقكم الله عليها على صورة الله ومثاله. واصنعوا السلام النهائي المرتكز على العدل ليعيش الإنسان آمنًا على يومه مُطمئنًا إلى غده.

نقرع اليوم باب الرحمة الالهية باب الرب القائل: "اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم…" ألاَ افتح لنا يا رب باب السلام والاستقرار والخير نحن ابناؤكَ. وها نحن ذا، بخشوع نصوم ونرفع الصلوات أمام جلالِكَ باتضاع وإيمان ومهابة. واليك يا مريم سيدة السلام والدائمة الشَّفاعة نقول: "لم يبق لدينا حل إلا أن يتدخل الله في سبيل خلاص البشرية من الكارثة التي تحيط بأهل غزة والجميع". ونسأله في الوقت نفسه جلت قدرته، أن يُلهم أصحاب الشأن الإصغاء لأصوات ضمائرهم وأن يعملوا بما أوصى به الرب في تعاليمه المُحْيِيَة للنفوس بتسييد المَحبة وتفعيل الرحمة وتحقيق كرامة الإنسان; وعلى هذه تتجنب المنطقة دمارًا وويلات لا مجال من بعد على احتمالها!

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

«ترامب» يضغط على «بوتين» من أجل السلام

استراتيجيون: لا بد من الوحدة مع أوروبا لتحقيق إنجاز دبلوماسى جديد فى موسكو
 

 
فى الوقت الذى ينتظر الجميع مكالمة هاتفية بين دونالد ترامب والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، يتخذ المسؤولون الروس مواقف متشددة بشأن حرب أوكرانيا قبل أى محادثات، ويقللون من شأن أى اختراق كبير وشيك فى العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، مع استشعار التقدم المتزايد على ساحة المعركة وسط احتمال قوى بأن يقوم ترامب بتقليص المساعدات العسكرية لأوكرانيا، يبدو أن كثيرين فى موسكو قد عززوا موقفهم، معتقدين أن روسيا قادرة على الاستيلاء على المزيد من الأراضى وإجبار كييف على الخضوع فى وقت لاحق من العام.
ومع أيامه الأولى فى السلطة، يكثف ترامب الضغوط على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، سعيا للضغط على الزعيم الروسى للجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب فى أوكرانيا. وبعد أكثر من 48 ساعة من عودته إلى البيت الأبيض، قال إن بوتين «يدمر بلاده» بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ضد كييف وهدد بزيادة العقوبات على روسيا وممكنيها إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بسرعة. وقد وصف تهديداته بالمجاملة، قائلاً إنه يحب الشعب الروسى، وكان لديه دائمًا علاقة جيدة جدًا مع بوتين. وأضاف «أنا لا أسعى إلى إيذاء روسيا» هكذا كتب ترامب على موقعه على شبكة التواصل الاجتماعى Truth Social. متابعا: «سأقدم لروسيا، التى يعانى اقتصادها من الانهيار، ولـ«بوتين» خدمة كبيرة للغاية. استسلما الآن، وأوقفا هذه الحرب السخيفة! لن تتحسن الأمور إلا سوءًا».
وتمثل هذه المنشورات بداية لجهود «ترامب» لإظهار أن سياسته «السلام من خلال القوة» يمكن أن تنهى أكبر حرب برية فى أوروبا منذ ما يقرب من قرن من الزمان.
ويأتى ذلك وسط بعض النجاحات الدبلوماسية المبكرة فى الشرق الأوسط. حيث استخدم رأس المال السياسى الذى اكتسبه خلال ولايته الأولى مع إسرائيل والشركاء الإقليميين. لكن حرب روسيا فى أوكرانيا تشكل وحشاً مختلفاً، حيث شكل الغزو الروسى الشامل لأوكرانيا انتهاكا صادما للنظام الذى نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، وسعت موسكو إلى تغيير حدود دولة ذات سيادة بالقوة. وفى ظل ذلك نجحت أوكرانيا فى الحفاظ على بلادها ولكنها فشلت فى طرد روسيا من نحو 20% من الأراضى الأوكرانية فى شرق البلاد.
وفى السياق ذاته، أصبح الرأى العام الأوكرانى منفتحا بشكل متزايد على التفاوض لإنهاء الحرب فى أقرب وقت ممكن. وقال الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى إنه متفائل بأن حسم ترامب قد يغير ديناميكيات الحرب.
ولكن روسيا وأوكرانيا ليستا اللاعبين الوحيدين فى هذا الصراع. فقد ترسخت التحالفات الدولية على جانبى الصراع، مع وجود عدد من البلدان على جانبى الخط. وانتقد زيلينسكى أوروبا خلال خطاب ألقاه فى المنتدى الاقتصادى العالمى ووصفها بأنها فشلت فى تسخير قوتها.
أكد سام جرين مدير المرونة الديمقراطية فى مركز تحليل السياسة الأوروبية، بواشنطن لصحيفة «ذا هيل»، أنه إذا كان ترامب يريد ممارسة نفوذه على روسيا، فسوف يحتاج إلى الوحدة مع أوروبا. وقد يكون هذا صعباً إذا أوفى بوعده بفرض رسوم جمركية باهظة على القارة.
وأضاف جرين «أعتقد أن ترامب لا يملك – والولايات المتحدة بشكل عام لا تملك - نفوذا هائلا على أى من الطرفين فى هذا الصراع». وأشار إلى مستشار الأمن القومى مايك والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو ليس من المستحيل أن يجلس ترامب ووالتز وروبيو - وأى شخص سيكون مهما عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية – ويضعون خريطة لجميع المصالح المتداخلة والمتشابكة ويبدأون فى تحديد الأولويات.
وتابع: «لم نصل إلى هذه النقطة بعد. وحتى نصل إليها، أعتقد أنه من الحماقة أن يشعر الروس بأنهم تحت ضغط كبير من واشنطن».
ولفت إلى إيذاء بوتين جراء الحرب، ولكنه لم يُهزم. فقد استخدم الزعيم الروسى الإنتاج العسكرى المحلى لدعم الاقتصاد واعتمد على شبكة من البلدان للالتفاف على العقوبات الدولية من القوى العالمية مثل الصين والهند إلى المنبوذين دوليا مثل إيران وكوريا الشمالية، مشيرا إلى أن الرئيس الصينى شى جين بينغ هو الحليف الأكثر أهمية لبوتن فى الحرب، حيث أعلن الاثنان عن «شراكة بلا حدود» فى فبراير 2022، قبل وقت قصير من غزو موسكو لأوكرانيا، و«عصر جديد» لشراكتهما فى مايو. ويرى كل من بوتين وشى أن الولايات المتحدة والديمقراطيات تشكل تهديدًا لبقاء أنظمتهما الاستبدادية.
وشدد جرين على أن «بوتين» ربما يتمكن من بيع صفقة للشعب الروسى، لكنه سيظل يجد صعوبة فى الموافقة على وقف الحرب. ولفت إلى أن «بوتين» يستطيع أن يجد وسيلة لرفع راية إنجاز المهمة حتى ولو لم يكن يسيطر على كامل أوكرانيا أو كامل الأراضى التى أدعت الحكومة الروسية ملكيتها لها. ولكن ما ستكافح روسيا من أجله هو الابتعاد عن الصراع والمواجهة مع واشنطن.

 

مقالات مشابهة

  • الإسراء والمعراج سر إلهي بين السماء والأرض تعرف على المعجزة الإلهية
  • عائلة ايلي حبيقة تحيي الذكرى 23 على استشهاده بقداس في الحازمية
  • انتزعت من قلبة الرحمة..مصرع أرملة على يد والدها بمركز دار السلام بسوهاج
  • سفير سلطنة عمان يكشف عن دور مصر الإيجابي في وقف الحرب على غزة
  • سفير سلطنة عمان يشيد بدور مصر في وقف الحرب على غزة
  • مفتي الجمهورية يوضح الحكمة الإلهية لفرض الزكاة وشروط استحقاقها.. فيديو
  • «ترامب» يضغط على «بوتين» من أجل السلام
  • دعاء الجمعة الأخيرة من رجب: فرصتك لفتح أبواب الرحمة والمغفرة
  • يد زيلينسكي اليمني في حديث مع يورونيوز: كييف ضحية العدوان الروسي وتريد نهاية الحرب والسلام العادل
  • الأب بطرس دانيال يكتب: اِعمل الخير وارميه البحر