البابا فرنسيس يتحدث عن الازمة الجارية في غزة
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
في مقابلة أجرتها معه وكالة تيلام الأرجنتينية للأنباء تحدث قداسة البابا فرنسيس عن مواضيع عديدة من بينها الحرب والاستغلال وضرورة الحوار والسينودس حول السينودسية.
أجرت وكالة تيلام الأرجنتينية للأنباء مقابلة مع البابا فرنسيس تم التطرق خلالها إلى مواضيع عديدة. وكانت الحرب من بين ما تم الحديث عنه وتوقف البابا فرنسيس عند الاستغلال باعتباره أحد أسباب الحرب، كما وأراد تسليط الضوء على سبب آخر وصفه بالجيوسياسي، الا وهو السعي إلى الهيمنة على الأراضي.
وفي حديثه عن الأزمات شدد البابا فرنسيس على أن الخروج منها يعني التوجه إلى الآخر حيث لا نخرج من المشاكل بمفردنا، وأضاف أن مَن يريد أن يخرج منفردا يُحول الحياة إلى خروج من متاهة، قال قداسته، حيث يستمر في الدوران. وفي سياق الحديث عن الأزمات أراد قداسة البابا تسليط الضوء على أهمية تعليم الشباب حل الأزمات لأن هذا يمنحهم نضجا.
وجهت الصحفية التي أجرت المقابلة بعد ذلك سؤالا إلى البابا عما ينقص البشرية اليوم، وأجاب قداسته مشددا على ضرورة تعزيز القيم الحقيقية وتحدث عن أن ما ينقص البشرية هي الريادة الإنسانية أي أن تُري البشرية إنسانيتها. وتابع أنه يلحظ في بعض الأحيان غياب القدرة على حل الأزمات، وأكد على ضرورة ألا نخشى أن تَبرز القيم الحقيقية لبلد ما، وشبَّه قداسته هنا الأزمات بأصوات تشير إلى الاتجاهات التي يجب السير عليها. وحذر البابا من جهة أخرى من الفكر الأوحد الذي يُبعد الثراء الإنساني الذي يشمل لغات ثلاث، أي لغات العقل والقلب واليدين، وذلك كي نفكر فيما نشعر به وما نفعل، وأن نشعر بما نفكر فيه وما نفعل، وأن نفعل ما نفكر فيه وما نشعر به. هذا هو التناغم الإنساني، قال البابا فرنسيس، وإن غابت إحدى هذه اللغات يحدث خلل يؤدي إلى شعور أوحد وبراغماتية وحيدة وفكر أوحد، وهذه خيانات للإنسانية، قال قداسته.
ثم كان العمل من المواضيع التي تم التطرق إليها خلال المقابلة وتوقف الأب الأقدس عند الكرامة التي يمنحها العمل، وواصل متحدثا عما وصفها بالخيانة الكبرى لمسيرة الكرامة هذه، أي الاستغلال، وأضاف أنه لا يقصد هنا استغلال الأرض بل استغلال العاملين، ووصف استغلال الأشخاص بالخطيئة خاصة ً عند استغلالهم لتحقيق مكاسب شخصية. شدد البابا فرنسيس من جهة أخرى على أهمية احترام حقوق العاملين كي لا يتحولوا إلى عبيد.
انتقل الحديث بعد ذلك إلى التقنيات الحديثة وتبعات تطورها المتواصل، وقال البابا حول هذا الموضوع إن الخط التوجيهي لتطورات مثل الذكاء الاصطناعي هو قدرة الإنسان على إدارتها واستيعابها وتنظيمها، وشدد على كون التغير العلمي الجاد تقدما ولكن في حال الانفتاح على أولية الإنسان.
هذا وتطرقت المقابلة إلى الجمعية العامة لسينودس الأساقفة حول السينودسية المنعقدة حاليا وإلى ما تحتاج إليه الكنيسة في زمننا هذا. وقال البابا فرنسيس حول هذا الموضوع إن البابا يوحنا الثالث والعشرين ومنذ بداية المجمع الفاتيكاني الثاني كان لديه وعي واضح بأن هناك حاجة إلى تغيير، وتابع أن البابا بولس السادس قد واصل السير في هذا الاتجاه وأيضا مَن تلاهما من بابوات. وواصل البابا فرنسيس إننا لا نتحدث هنا عن اتِّباع الموضة بل عن تغير بمعنى النمو لصالح كرامة الأشخاص، وأشار إلى أن هذا ما يتمحور حوله التطور اللاهوتي، من اللاهوت الأخلاقي إلى كل العلوم الكنسية التي تتطور في تناغم مع الكنيسة.
هذا ولم تَخلُ المقابلة التي أجرتها وكالة تيلام الأرجنتينية للأنباء مع البابا فرنسيس من أسئلة شخصية مثل علاقة البابا بالله. وقال قداسته مجيبا على هذا السؤال إن الرب هو صديق جيد، صديق يعاملني بشكل جيد، قال قداسته. شمل الحديث أيضا القدرة على الضحك، وأكد البابا فرنسيس في هذا السياق إن حس الفكاهة يجعلنا بشرا. ثم انتقل الحديث إلى الرجاء، وقال الأب الأقدس أنه لا يمكننا أن نعيش دون رجاء، وأضاف أننا لو نزعنا الآمال اليومية الصغيرة فسنفقد هويتنا، فنحن لا ندرك أننا نعيش بالرجاء.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
سجن صيدنايا.. قصة السجن الأشد رعبًا في التاريخ الحديث
على بُعد 30 كيلومترًا شمال العاصمة دمشق، فوق تلة صغيرة في سهل صيدنايا، وبمساحة تعادل ثمانية ملاعب كرة قدم، يقع السجن الذي يوصف بأنه الأشد رعبًا ودموية في التاريخ الحديث. إنه سجن صيدنايا، الذي يتكون من مبنيين بهما أكثر من 10 آلاف معتقل ومعتقلة. فما الذي نعرفه عن هذا السجن الذي أرعب الأبرياء لعقود؟
تاريخ مظلم للسجن الوحشي
تأسس السجن في عام 1987 وكان في البداية مخصصًا للسجناء العسكريين والسياسيين، ومع مرور الوقت، أصبح هذا السجن واحدًا من أكثر الأماكن سرية في سوريا حسب تقارير أممية، ووصفت منظمة العفو الدولية سجن صيدنايا بأنه "مسلخ بشري"، حيث تُذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء.
ظروف الاحتجاز
بين جدران سجن صيدنايا، يُحجز عشرات الآلاف من البشر الذين أُلقي بهم في غياهب الزنازين المظلمة فتقول جماعات حقوق الإنسان إن الآلاف من الناس اعتقلوا في صيدنايا وتعرضوا للتعذيب والضرب والحرمان من الطعام والماء والدواء والصرف الصحي الأساسي. وأعدم الآلاف في عمليات شنق جماعية بعد محاكمات صورية، وقدرت إحدى الجماعات أن أكثر من 30 ألف معتقل قتلوا هناك، حسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية. وفي أغلب الحالات، لم يتم تزويد عائلات السجناء بأي معلومات عن مصير أبنائهم. ويصف السجناء السابقون الظروف داخل سجن صيدنايا بأنها مأساوية، حيث كان السجناء يتعرضون للضرب بشكل روتيني، وكانوا غالبًا ما يتركون ليموتوا بسبب الجروح أو الأمراض غير المعالجة.
أساليب التعذيب
حسب التقارير كانت هناك تعذيب متنوعة مثل الضرب والطعن والاعتداء الجنسي والصدمات الكهربائية وقطع الأذنين.
وبحسب شهادات المسجونين كان السجناء يُجبرون على تقمص أدوار حيوانية ويتعرضون للعقاب في حالة عدم الامتثال.
وفي خلال سنوات من النزاع، جرى إعدام ما يقدر بنحو 13،000 شخص.
مواصفات سجن صيدنايا
يختلف سجن صيدنايا عن غيره من السجون من حيث التبعية والممارسات والقوانين المطبقة فيه، إذ يتبع لوزارة الدفاع السورية، بينما لا تتمتع وزارة العدل بأي سلطة عليه حيث لا يمكن لأحد دخوله أو زيارة أي معتقل دون إذن من الشرطة العسكرية والحصول على موافقة مسبقة من شعبة الاستخبارات العسكرية، وفقًا لتحقيق الرابطة الحقوقية.
وخلصت الرابطة في تحقيقها إلى أن السجن يتبع لجهتين قضائيتين منفصلتين الأولى هي "القضاء العسكري"، الذي ينظر في الجنايات أو الجنح التي يرتكبها عسكريون، والثانية هي "محكمة الميدان العسكري".
ويصنف النظام السوري المعتقلين في سجن صيدنايا إلى فئتين الأولى هم الأمنيون، وهم معتقلون مدنيون أو عسكريون بسبب آرائهم أو نشاطاتهم السياسية أو انتمائهم إلى منظمات "إرهابية" أو القيام بأعمال "إرهابية"، أو بناءً على "تهم جاهزة من جانب النظام".
الفئة الثانية هي الموقوفون القضائيون، وهم عسكريون محتجزون بسبب ارتكابهم جنحًا أو جرائم جنائية مثل القتل أو السرقة أو الفساد أو اختلاس الأموال أو الفرار من الخدمة الإلزامية.
حكايات المكبس البشري وغرف الملح
بعد تحرير السجن ظهر في العديد من الفيدوهات والصور غرف الملح والمكبس البشري،فبحسب الفيديوهات والمصادر تم تخصيص غرف ملح لحفظ جثث المعتقلين الذين قضوا نتيجة التعذيب أو الإعدام. وإحدى هذه الغرف، التي افتتحت في عام 2013، كانت غرفة مستطيلة في "المبنى الأحمر" بمساحة 20×26 قدمًا، بينما كانت الأخرى أصغر بمساحة 13×16.5 قدمًا، دون مرحاض. وكانت هذه الغرف تحتوي على طبقة من الملح الصخري الذي كان يستخدم عادة لإذابة الجليد على الطرق، ولكن في صيدنايا كان يُستخدم كمشارح لجثث الموتى التي تُترك في الزنازين لعدة أيام قبل نقلها إلى غرف الملح.
أما "المكبس الآلي" في سجن صيدنايا، يعتقد المراقبون أنه كان يُستخدم للتخلص من جثث المعتقلين بعد إعدامهم شنقًا. وفي بعض الروايات، يقال إنه كان يُستخدم أيضًا لإعدام المعتقلين وهم أحياء، بينما رجح البعض الآخر أنه كان مجرد مصعد آلي لنقل الجثث بعد الإعدام.
الاتهامات والردود
وفي عام 2017، اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية الحكومة السورية باستخدام محرقة لإخفاء جرائم القتل الجماعي في السجن، استنادًا إلى صور الأقمار الصناعية التي أظهرت وجود مبنى داخل المجمع تم تطويره لاستخدامه كمحرقة. ورغم هذه الادعاءات، نفت منظمة العفو الدولية وجود محرقة داخل السجن، وأكدت أن جثث المعتقلين كانت تُدفن خارج مجمع السجن بعد موتهم.
مازن حمادة: تاريخ النضال السوري
ومع بداية سقوط نظام الأسد، بدأت تخرج القصص من وراء تلك جدران سجن صيدنايا. ففي مستشفى حرستا بريف دمشق، اكتشف الناشطون جثثًا لعشرات الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب، بينهم الناشط المعارض مازن حمادة. وكانت جثته، التي اكتُشفت بعد عامين من اختفائه، تحمل علامات التعذيب والقتل الوحشي. وكتبت ابنة شقيقه، جود الحمادة، على فيسبوك "وداعًا مازن... وداعًا أيها الصادق، أيها النبيل".