منذ بدء النزاع في أوكرانيا في فبراير 2022، تبنى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين عددا من المواقف المتعلقة باستخدام الأسلحة النووية، ونشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس أقرب حليف له، صيف 2023. 

والأربعاء، ألغى مجلس الاتحاد الروسي، الغرفة العليا في البرلمان، التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، مما أثار مخاوف واسعة النطاق من تحرك روسيا لاستئناف التجارب النووية، لمحاولة ثني الغرب عن الاستمرار في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا.

وكانت معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، قد ساهمت في جعل العالم أكثر أمانا، بالنظر إلى عدد التجارب النووية التي أجريت منذ تاريخ اعتمادها في 24 سبتمبر 1996، وهي 10 فقط، تمت بواسطة الهند وكوريا الشمالية وباكستان.

ويبدو الرقم محدودا للغاية بالمقارنة بأكثر من ألفي تجربة تمت منذ إجراء الولايات المتحدة أول تجربة نووية في العالم في صحراء نيو مكسيكو في 16 يوليو 1945، وحتى تاريخ اعتماد المعاهدة، بحسب تقرير للأمم المتحدة. 

وتقول الأمم المتحدة: "خلال تلك الفترة، كان متوسط القوة التفجيرية للتجارب النووية كل عام يعادل ما يقرب من ألف قنبلة بحجم قنبلة هيروشيما. وساعدت الاختبارات في صنع أسلحة ذات قوة أكبر من تلك المستخدمة خلال الحرب العالمية الثانية لها عواقب صحية وبيئية طويلة الأمد". 

وفي عام 1996، مع الاعتراف بأن سباق التسلح النووي هو سباق لا يمكن الفوز به، اعتمدت الدول معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT) لحظر التجارب النووية من قبل أي جهة، في أي مكان، وفي جميع الأوقات. 

لم يكن اعتماد حظر شامل على التجارب النووية أمراً مفروغاً منه على الإطلاق، حيث مر أكثر من 40 عاماً بين الدعوة الأولى إلى اتفاق دائم بشأن التجارب النووية في عام 1954 واعتماد معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في عام 1996.

ولضمان عدم إجراء التجارب النووية، فإن المنظمة، البالغة ميزانيتها السنوية نحو 111 مليون يورو (130 مليون دولار)، أنشأت أكثر من 300 محطة مراقبة في أنحاء العالم، تقدر على رصد أدنى تفجير ساعة وقوعه.

وبينما ساعدت المعاهدة بالفعل على النهوض بجدول أعمال عدم الانتشار ونزع السلاح النووي، لا يزال انتشار الأسلحة النووية والتهديد باستخدامها يشكلان مخاطر غير مقبولة على البشرية، إذ يوجد ما يقرب من 13 ألف سلاح نووي في العالم اليوم، بحسب الأمم المتحدة. 

ومنذ فتح باب التوقيع على المعاهدة، وقعت عليها 186 دولة وصدقت عليها 174 دولة، من بينها القوى النووية بريطانيا وفرنسا وروسيا، غير أن البرلمان الروسي ألغى التصديق على المعاهدة، الأربعاء، وينتظر مشروع القانون ينتظر إرساله إلى بوتين من أجل الموافقة النهائية عليه. 

أما الدول التي لم تصادق عليها بعد فهي مصر والهند وإيران وإسرائيل إضافة إلى الصين وكوريا الشمالية والولايات المتحدة. وهو ما حال دون دخولها حيز التنفيذ.

وإذا ما دخلت المعاهدة حيز التنفيذ، يصبح لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية صلاحية إجراء عمليات تفتيش في مواقع محددة.

وعلقت روسيا في فبراير مشاركتها في معاهدة "ستارت" الجديدة لنزع السلاح النووي الموقعة بين روسيا والولايات المتحدة في 2010، وهي آخر اتفاقية ثنائية تربط بين موسكو وواشنطن.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في وقت سابق من هذا الشهر إن موسكو ستواصل احترام الحظر ولن تستأنف التجارب النووية إلا إذا قامت واشنطن بذلك أولا.

وفي يناير 2021، دخلت معاهدة دولية أخرى متعلقة بالأسلحة النووية هي "معاهدة حظر الأسلحة النووية" حيز التنفيذ.

وهذه الاتفاقية تحظر على 45 دولة صادقت عليها، إنتاج، بل حتى امتلاك، أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: معاهدة الحظر الشامل للتجارب النوویة التجارب النوویة

إقرأ أيضاً:

هل تحوز إيران قريبًا قنبلة نووية؟

 

 

د. هيثم مزاحم *

صَوَّتَ مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبل ثلاثة أسابيع، على توجيه اللَّوْم إلى إيران "لفشلها في التعاون بشكل كامل في نظام التفتيش"، والذي تمَّ وضعه بموجب الاتفاق النووي للعام 2015، لجعل برنامج إيران أكثر شفافية ووضع حدود من شأنها منع إعادة توجيه المواد النووية لصنع أسلحة نووية.

وألغتْ الإدارة الأمريكية اجتماعًا للمُنتدى الإستراتيجي الأمريكي-الإسرائيلي الذي كان يُفترض أنْ يُعقد الخميس الماضي لبحث مسألة الملف النووي الإيراني؛ وذلك ردًّا على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن التأخير الأمريكي لبعض شحنات الأسلحة الأمريكية الموجَّهة إلى الكيان. وكانت غاية الاجتماع: بحث معلومات استخبارية حول نمذجة حاسوبية قام بها عُلماء إيرانيون يُمكن استخدامها للبحث وتطوير الأسلحة النووية.

ورغم زعم بعض المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين بأنَّ هذه المعلومات الاستخباراتية هي إشارة مُثيرة للقلق بشأن طموحات إيران في مجال الأسلحة النووية، إلَّا أنَّ مسؤولين آخرين من كلا الجانبين قالوا إنها مجرد "نقطة" لا تمثل تحوُّلًا في سياسة إيران وإستراتيجيتها تجاه التسلح النووي.

ومعلومٌ أنَّ المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي يُحرِّم تطوير واستخدام الأسلحة النووية، بينما أجرى مجتمع الاستخبارات الأمريكي تقييمًا في العام 2007 مفاده أنَّ إيران ليس لديها برنامج نووي عسكري نشط منذ العام 2003. وقال مسؤولون أمريكيون أخيرًا إنَّه "لا يوجد تغيير في تقييمنا بأنَّ إيران لا تقوم حاليًا بالأنشطة الرئيسية لتطوير الأسلحة النووية اللازمة لإنتاج جهاز نووي قابل للاختبار".

وذَكَر تقريرٌ للوكالة الدولية للطاقة الذرية -صدر في أواخر مايو الماضي- أنَّ إيران تمتلك نحو 142 كيلوجرامًا من اليورانيوم المخصَّب بنسبة 60%؛ وهي زيادة بأكثر من 20 كيلوجرامًا منذ التقرير السابق الصادر في فبراير. ولن تحتاج إيران سوى أسابيع لتخصيب هذه الكمية من اليورانيوم إلى نسبة 90%، وهو المستوى المطلوب لصنع سلاح نووي، وفقًا لتقييمات الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية. وستحتاج إيران إلى نحو 42 كيلوجرامًا من اليورانيوم المخصَّب بنسبة 90% لصنع قنبلة نووية واحدة.

ويذهَب الخبراءُ إلى أنَّ إيران قد تكون اليوم على بُعْد أسابيع فقط من الحصول على المواد اللازمة لصنع العديد من الأسلحة النووية. لذلك؛ ينبغي أن تحاول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التفاوض على اتفاق نووي جديد مع الإدارة الإيرانية الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية المقرَّرة يوم الجمعة المقبل.

وفي اجتماع مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أَصْدَرت الصين وإيران وروسيا بيانًا مُشتركًا لامت فيه الولايات المتحدة على "انسحابها غير القانوني والأحادي" من الاتفاق النووي الإيراني للعام 2015، والمعروف رسميًّا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وفرض العقوبات "الأحادية وغير القانونية" ضد إيران. وكتبت الدول الثلاث أنه "لو تم التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة اليوم، لكان ذلك قد خفف الغالبية العظمى من التساؤلات القائمة بشأن برنامج إيران النووي السلمي، وكان من الممكن أن يكون لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسائل تحقق ورصد أوسع نطاقًا".

وأكَّدت الدول الثلاث "استعدادها لاستعادة الاتفاق بناءً على نص مسودة اتفاق وزَّعها في البداية منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في أغسطس 2022، وألقت باللوم على الولايات المتحدة والموقِّعِين الأوروبيِّين على اتفاق 2015: "في عرقلة مشروع الاتفاق لاعتبارات سياسية خاصة بهم".

بدأتْ الأزمة النووية مع إيران في العام 2003، عندما اكتشف العالم أنَّ إيران تقوم ببناء محطة لتخصيب اليورانيوم. وبعد عَقْدٍ من المفاوضات الفاشلة بين إيران والقوى العالمية بين عامي 2003 و2013، بشأن برنامج التخصيب الإيراني، حوَّلت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران من "صفر تخصيب" إلى "صفر أسلحة نووية"؛ مما أدَّى لإبرام خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015 بين إيران والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا (5+1). وتمَّ التصديق على الاتفاق بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231.

وبموجب هذا الاتفاق، قبلت إيران والتزمت بأعلى مستوى من الشفافية وعمليات التفتيش النووي وبالقيود في برنامجها النووي التي تجاوزت متطلبات معاهدة حظر الانتشار النووي.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أقرت بأن إيران ممثلة لجميع التزاماتها، سَحَب الرئيسُ الأمريكيُّ السابق دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاقية عام 2018، وأعاد العقوبات الأمريكية على إيران وأضاف 1500 عقوبة جديدة. وللأسف، امتثلت أوروبا بدورها للعقوبات الأمريكية.

وبعد أنْ تولى الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن منصبه في العام 2021، حاول هو والاتحاد الأوروبي إحياء الاتفاق النووي، لكنَّهم فرضوا في النهاية مئات العقوبات الجديدة على إيران التي ردَّت بتوسيع أنشطة التخصيب لتشمل تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 60% من اليورانيوم 235، وهو مستوى قريب من درجة صنع الأسلحة.

وعلى الرغم من أنَّ الاتفاق النووي للعام 2015 قد أبعَد إيران لمدة عام على الأقل عن إنتاج ما يكفي من المواد اللازمة لصنع سلاح نووي أول، إلَّا أنه من المُقدَّر الآن أن طهران على بُعد أسبوعيْن فقط من إنتاج هذه الكمية من المواد الانشطارية، لتصبح "دولة عتبة نووية" مثل اليابان، بحسب ما ذَكَر المفاوِض الإيراني الأسبق سيد حسين موسويان في مقالةٍ بنشرة ِالعلماء النوويين.

لقد تسبَّبتْ العقوبات النووية الغربية على مدى السنوات الخمس والأربعين الماضية في أضرار تُقدَّر بمئات المليارات، وربَّما تريليونات الدولارات، للاقتصاد الإيراني. وفي الوقت نفسه، لم يُحقِّق الغرب هدفَه الأساسي، وهو منع إيران من اكتساب القدرة على صنع سلاح نووي بسرعة.

ويرَى موسويان أنَّ لعبة الضغط المُستمرة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني كانت بمثابة إستراتيجية خاسرة لكل من إيران والغرب. فالغرب غير راغب في التعويض عن خسائر إيران الاقتصادية، ولن تتخلَّى إيران مجانًا عن النفوذ الذي يوفره لها كمونها النووي.

ووفقًا للقرار رقم 2231، فإنَّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سوف يغلق ملف إيران النووي بحلول أكتوبر 2025. وبوسع أوروبا أن تستخدم -قبل ذلك التاريخ- آلية إعادة فرض العقوبات لإعادة فرض جميع قرارات مجلس الأمن ضد إيران. ومع ذلك، فإنَّ رد إيران الأكثر ترجيحًا سيكون الانسحاب الكامل من الاتفاق النووي وتعليق عضويتها في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية كدولة غير حائزة للأسلحة النووية.

وإذا قامت إسرائيل و/أو الولايات المتحدة بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، فمن الممكن أن ترد إيران بالتسلح النووي.

وبناءً عليه، يرى موسويان أن أمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نافذة مدتها نحو 15 شهرًا للاختيار بين خيارين: إمَّا أنْ تصبح إيران دولة مسلحة نوويًّا مثل كوريا الشمالية، أو أن تصبح إيران دولة على عتبة السلاح النووي مثل اليابان.

يضمُّ الاتفاق النووي مجموعتيْن من الركائز: الأولى هي التزامات إيران الدائمة بقبول إجراءات التفتيش الشامل والشفافية التي تتخذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ بما في ذلك البروتوكول الإضافي، الذي يسمح للوكالة بتفتيش أي منشأة مشبوهة. أما المجموعة الثانية من الركائز، فهي ما يُعرف بـ"قيود الغروب" -بما في ذلك الحظر المفروض على تخصيب إيران لليورانيوم إلى ما يزيد على خمسة بالمائة من اليورانيوم 235، والتي سينتهي معظمها -أي هذه القيود- في العام 2030.

الخلاصة.. أنَّه لا تزال الفرصة سانحة أمام القوى العالمية لإشراك إيران في اتفاق نووي جديد يتمثَّل في رفع العقوبات النووية عن إيران في مقابل التزامها الكامل والدائم بتنفيذ تدابير الشفافية الشاملة في خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي من شأنها أن تمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية الرؤية الكاملة لأنشطة إيران النووية، ولعل ذلك هو الخيار الأفضل لتجنب القنبلة النووية الإيرانية.

* رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية - لبنان

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • روسيا: قد نعدل العقيدة النووية في المستقبل ونأخذ في الاعتبار التجارب المستفادة من الحرب في أوكرانيا
  • بوتين: يجب النظر بجدية إلى التهديدات ضد روسيا والتخطيط للرد عليها
  • قد تأتي معاهدة الدفاع المشترك بين بوتين وكيم بنتائج عكسية
  • الخارجية الروسية: روسيا تعمل على إبرام معاهدة ثنائية واسعة النطاق مع إيران
  • طهران: اتفاق التعاون الاستراتيجي الشامل مع روسيا ينتظر اللمسات الأخيرة قبل توقيعه
  • الرئيس الكيني: احتجاجات الضرائب هيمن عليها أشخاص خطرون
  • استرداد الأموال المنهوبة محور محادثات عطاف مع العديد من المسؤولين بفيينا
  • ريابكوف: استخفاف الغرب بإمكانية استخدام الأسلحة النووية يمكن أن تكون له عواقب مأساوية ومميتة
  • هل تحوز إيران قريبًا قنبلة نووية؟
  • روسيا تعلن تحديث عقيدتها النووية