قال الانبا نيقولا انطونيو مطران طنطا والغربية، للروم الارثوذكس، في تصريح له إنه كانت الإمبراطورية الهِلِّينِيَة القديمة منذ زمن إسكندر الأكبر (القرن 3 ق.م) ذات طبيعتها مسكونية ولغتها هي اليونانية، وكان إمبراطورها يعتبر الإمبراطور الوحيد للعالم أجمع. أطلق على الفترة الزمنية الممتدة حتى وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.

م اسم الفترة «الفترة الإغريقية»، أو «الهِلِّينِيَة القديمة» (Ἀρχαία ελληνισμός). بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م وتقسيم الإمبراطورية الهِلِّينِيَة القديمة بين خلفائه وتوليهم الحكم بدأت «الفترة الهِلِّينِسْتِيَة» (H ἑλληνιστική εποχή) واستمرت نحو 200 عام في اليونان و300 عام. وقد سميت هذه الفترة بالفترة «هِلِّينِسْتِيَة» تمييزًا لها عن الفترة الإغريقية (الهِلِّينِيَة القديمة)، وعلى أساس أن الحضارة الجديدة منتسبة إلى هذه الحضارة، أو متأثرة بها. وقد أطلق على الفترة الزمنية اسم «العصر الْهِلِّنِسْتِي» (H ἑλληνιστική εποχή).

استمر «العصر الْهِلِّنِسْتِي» (H ἑλληνιστική εποχή) حتى قيام الإمبراطورية الرومانية (Imperium Rōmānum باللاتينية، Βασιλεία τῶν Ῥωμαίων باليونانية) على يد أوغسطس قيصر في عام 44 ق.م، بعد أن اتسعت هذه الدولة وسيطرت على معظم العالم القديم وأصبحت حدودها شاسعة امتدت من الجزر البريطانية وشواطئ أوروبا الأطلسية غربًا إلى بلاد مابين النهرين وساحل بحر قزوين شرقًا ومن وسط أوروبا حتى شمال جبال الألب وإلى الصحراء الإفريقية الكبرى والبحر الأحمر جنوبًا. استمرت الإمبراطورية الرومانية حتى القرن الخامس الميلادي الذي فيه تمكنت القبائل الجرمانية من السيطرة على مقاطعات الدولة الرومانية عام 476م.

في عام 800م تَوج البابا ل أو ون الثالث (795-816م) شارلمان، ملك الفرنجة وحاكم إمبراطوريتهم (768-800م)، إمبراطورًا على الإمبراطورية الرومانية الغربية (800- 814م). معلنًا بذلك، البابا ل أو ون، نفسه الوريث المباشر للإمبراطورية الرومانية مُدعيًا السلطة المؤقتة. وأصبح الملك شارلمان أول إمبراطور روماني مقدس على "الإمبراطورية الرومانية المقدسة" (Imperium Romanum Sacrum باللاتينية)، واختار مدينة «آخن» الألمانية لتكون عاصمته. بذلك أصبح باباوات روما رؤساء دينيين وسياسيين ومتوِّجين لملوك الإمبراطورية الرومانية الغربية المقدسة.

وكان باباوات روما وحكام الغرب الجُدد في القرن التاسع، وفيما بعد، عندما يُشيرون إلى الأباطرة الرومان الشرقيين كانوا يستخدمون اللقب اللاتيني «Imperator Romaniæ» (باليونانية Ῥωμανία Aυτοκράτορας)، أي إمبراطور رومانيا، بدلًا من اللقب اللاتيني«Imperator Romanum»  (باليونانية Ῥωμαίων Aυτοκράτορας)، أي الإمبراطور الروماني، وهو اللقب الذي احتفظ به شارلمان وخلفائه. كما استُخدم في الغرب اللقب اللاتيني  «Imperium Graecorum»(باليونانية Γραικία Αυτοκρατορία)، أي الإمبراطورية اليونانية، للإشارة إلى الإمبراطورية الرومانية الشرقية، وذلك لتمييزها عن الإمبراطورية الرومانية اللاتينية في الممالك الغربية الجديدة. وسُمي إمبراطورها باللاتينية «Imperator Graecorum»، أي إمبراطور اليونان. هكذا انطلقت في القرن التاسع مع شارلمان التسميّة اللاتينية Ghreekia («Γραικία» باليونانية، «Greek» بالإنجليزية، «اليونانية» بالعربية) للجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية. كما استخدم التسمية اللاتينية «Graikos» («Γραικούς» باليونانية) لشعبها، وفي وقت لاحق أطلق عليهم اسم «Οι Έλληνες»، بمعنى «اليونانيون»، وكان هذا الاسم أكثر استخدامًا.

كم أطلق الغرب في القرن التاسع على الكنيسـة الرومانية في الشرق اسم «Ecclesia Ghreekia» باللاتينية («Γραικία ἐκκλησίᾳ» باليونانية، «الكنيسة اليونانية» بالعربية. بينما احتفظ لنفسه باسم «Ecclesia Romanum» باللاتينية (Ῥωμαίων ἐκκλησίᾳ باليونانية، الكنيسـة الرومانية بالعربية)؛ أو «Ecclesia Romanorum» باللاتينية (Ρωμαίος ἐκκλησίᾳ باليونانية، الكنيسـة الرومية بالعربية.

ذلك لكي يحصر الغرب الكنيسـة الرومانية الشرقية، أو الكنيسة الرومية، في قومية محددة وشعب محدد ويُفقدها عالميتها، أي جامعيتها. وإن لم تتخلى هذه الكنائس في الشرق عن تراث الكنيسة الرومانية (الرومية) الواحدة الذي لم يكن تراث شعب واحد، بل هو مساهمة مشتركة من قديسي ومؤمني جميع شعوب الإمبراطورية الرومية في العيش والتعبير عما تسلموه من الرب يسوع المسيح ورسله.

في القرن السابع، في زمن الحروب العربية الإسلامية مع الإمبراطورية الرومية الشرقية، وفيما بعد، أطلق الأتراك العثمانيون والعرب على أتباعها اسم «الروم» (Al-Rûm بالأحرف اللاتينية، Ρωμιοί بالأحرف اليونانية)، بينما أطلقوا على أتباع الإمبراطورية الرومانية الغربية اسم «الفرنجة»(Francorumباللاتينية). ثم استخدم العثمانيون اسم «ملة روم» (Ρομ Μίλι بالأحرف اليونانية)، بمعنى «شريعة (عقيدة) الروم» (Ο Ρωμαϊκός Νόμος باليونانية)، إشارة إلى المسيحيين في الشرق الذين على عقيدة الإمبراطور الروماني الشرقي المسيحي، أي الجماعة المسيحية الأرثوذكسية، داخل الدولة العثمانيين.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

كيف تفوقت تركيا على مصر والولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي؟

نشرت مجلة "ناشونال إنترست" تقريرًا يناقش الدور المتزايد لتركيا في منطقة القرن الأفريقي؛ حيث نجحت وساطتها بين إثيوبيا والصومال في إنهاء صراع طويل بينهما، بينما يسلط النفوذ التركي المتزايد الضوء على ضعف تأثير كل من مصر الولايات المتحدة في المنطقة مؤخرًا.

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن إنهاء تركيا للخصومة التي دامت قرابة عقد من الزمن بين إثيوبيا والصومال يعد تطورًا مرحبًا به من أجل الاستقرار الإقليمي، لكنه يعقد استراتيجية مصر الإقليمية، التي لا تزال منخرطة بفاعلية في هذا النزاع.

وقد أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالاتفاق ووصفه بأنه "اتفاق تاريخي"، وينص الاتفاق على موافقة إثيوبيا والصومال على "ترك الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية وراء ظهورهما"؛ حيث يمنح الاتفاق إثيوبيا منفذًا بحريًا "موثوقًا وآمنًا ومستدامًا" تحت السيادة الصومالية، في إشارة ضمنية إلى أن أديس أبابا ستلغي اعترافها بدولة أرض الصومال.


وبلغت التوترات بن البلدين ذروتها في كانون الثاني/يناير الماضي عندما أفادت تقارير أن إثيوبيا غير الساحلية أبرمت صفقة مع أرض الصومال لاستئجار ميناء وقاعدة عسكرية مقابل الاعتراف بها، وقد اعتبرت الصومال الصفقة انتهاكًا لسيادتها. أما مصر، المتورطة في نزاعها الخاص مع إثيوبيا حول موارد مياه النيل، فقد دعمت الصومال كجزء من استراتيجيتها الأوسع نطاقًا للضغط على إثيوبيا.

وبحلول شهر آب/ أغسطس الماضي، أفادت التقارير أن مصر نشرت 10 آلاف جندي وأرسلت شحنتين من الأسلحة إلى مقديشو، وأعربت أديس أبابا عن قلقها من وصول القوات والأسلحة، قائلة إن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني في الصومال، وأن الأسلحة قد تقع في أيدي الجماعات المسلحة مثل حركة الشباب.

وفي مقابلة مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أكد التزام القاهرة بأمن الصومال بعد استكمال إثيوبيا للمرحلة الخامسة من ملء سد النهضة الإثيوبي، كما كشف عبد العاطي عن أنه كرر اعتراضه على الإجراء الأحادي الجانب الذي اتخذته إثيوبيا في رسالة إلى مجلس الأمن القومي الموحد، وقد ردت أديس أبابا برسالتها الخاصة إلى مجلس الأمن الدولي، متهمةً مصر بتوجيه تهديدات متكررة باستخدام القوة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أرسلت مصر شحنة أسلحة ثالثة إلى الصومال.


وأضافت المجلة أن العلاقات بين مصر وتركيا شهدت تقاربًا حذرًا في الوقت نفسه؛ حيث استقبل أردوغان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنقرة في أيلول/سبتمبر الماضي، في أول زيارة للسيسي إلى تركيا، وكانت العلاقات بين البلدين متوترة منذ سنة 2013 عندما أدان أردوغان الانقلاب العسكري الذي قام به السيسي ضد الرئيس المصري آنذاك محمد مرسي.

وقد بدأت هذه الديناميكية في التحول سنة 2020 عندما أعاد أردوغان تقييم إستراتيجيته؛ فإصلاح العلاقات مع تركيا قد يساعد على تحييد التهديدات الإقليمية لمصر وتعزيز اقتصادها المتعثر، وبالنسبة لأردوغان، توفر إعادة بناء العلاقات مع القاهرة فرصة لإعادة تأكيد دور تركيا الإقليمي، والسعي إلى الاندماج في منتدى غاز شرق المتوسط.

ومن خلال وساطته مع الصومال وإثيوبيا، وجّه أردوغان ضربة للنفوذ المصري في المنطقة، مما يضطر مصر إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها، وبينما قد يوفر دفء العلاقات بين القاهرة وأنقرة بعض البدائل، إلا أن نجاح تركيا في هذه الحالة يؤكد قدرتها على التفوق على مصر على الساحة الإقليمية.


إن هذه الصفقة تُظهر تنامي نفوذ أنقرة على الساحة العالمية؛ فقد أوضح أردوغان أنه يرغب في توسيع بصمة تركيا في أفريقيا وخارجها، حتى في مناطق النفوذ الأمريكي التقليدي، في تذكير بأن تركيا تتحدى بنشاط ديناميكيات القوى التقليدية، وغالبًا ما يكون ذلك على حساب الولايات المتحدة وحلفائها.

وهذه ليست الحالة الوحيدة التي تهيمن فيها تركيا على العناوين الرئيسية، فقد أصبحت تركيا أكثر قوة في الشرق الأوسط الأوسع، وخاصة في سوريا؛ حيث دعمت انتفاضة الثوار الأخيرة التي أسقطت نظام الأسد وفاجأت العالم بأسره، وأظهرت عجز روسيا وإيران عن دعم حليفهما، مما يشير إلى اهتمام تركيا بتأكيد إرادتها في جميع المجالات التي تبدو فيها واشنطن غائبة أو مشتتة للغاية بسبب العملية الانتقالية بين إدارتي بايدن وترامب.

وقالت المجلة إن المناورة التركية يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار للولايات المتحدة، فبينما يتم تهميش منطقة القرن الأفريقي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، فإن المنطقة تبقى ذات أهمية إستراتيجية لمواجهة عدم الاستقرار، وكبح التطرف، وتأمين الطرق البحرية الرئيسية في القارة الأسرع نموًا في العالم.
 
وبدون وجود إقليمي؛ تخاطر واشنطن بالتنازل عن نفوذها لقوى أخرى، ويمكن للوساطة الفعالة في النزاع على النيل بين مصر وإثيوبيا أن تعيد المصداقية الأمريكية وتحقق الاستقرار في القرن الأفريقي، وقد يؤدي الفشل في القيام بذلك إلى تعميق التصدعات بين حلفاء الولايات المتحدة، وإضعاف نفوذها في مشهد عالمي يزداد تنافسية ومنح أنقرة فرصة أخرى لتعزيز مكانتها.

مقالات مشابهة

  • شارك في حادثة المنشية ومول عمليات «الإرهابية».. من هو يوسف ندا مؤسس الإمبراطورية المالية للإخوان؟
  • افتتاح «خليجي 26».. «الخامس جماهيرياً» في القرن الحالي!
  • أمير الشرقية يستقبل أعضاء مشروع “توثيق تاريخ كرة القدم السعودية
  • أمير المنطقة الشرقية يستقبل أعضاء مشروع “توثيق تاريخ كرة القدم السعودية”
  • اطلع على أهدافه ومراحل العمل به.. أمير المنطقة الشرقية يستقبل أعضاء مشروع “توثيق تاريخ كرة القدم السعودية”
  • أمير الشرقية يتابع سير مشروع "توثيق تاريخ كرة القدم السعودية"
  • التخاذل الأمريكي لحظة مفتاحية في القرن 21
  • 11 طالبا بكفر الشيخ يحصدون ميداليات ذهبية وفضية ببطولة المدارس للمصارعة الرومانية
  • معسكر لمنتخب المصارعة الرومانية بالصين قبل بطولة أفريقيا
  • كيف تفوقت تركيا على مصر والولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي؟