طرح الباحث الدكتور نقولا أبو مراد الحائز على شهادة الدكتوراة من جامعة إرلنغن في ألمانيا نشرة تعريفية بعنوان "الحكمة" بين العهد القديم وبين العهد الجديد.

وقال في نشرته: "الحكمةُ"، في عهده القديم، في سفر الأمثال خصوصًا، وفي أسفار العهد القديم عمومًا، هي وجهُ الله، وهي تجلّيه: 
«اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ، مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ، مُنْذُ الْقِدَمِ.

مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ، مُنْذُ الْبَدْءِ، مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ... لَمَّا ثَبَّتَ السَّمَاوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ أَنَا. لَمَّا رَسَمَ دَائِرَةً عَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ... لَمَّا رَسَمَ أُسُسَ الأَرْضِ، كُنْتُ عِنْدَهُ صَانِعًا، وَكُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ لَذَّتَهُ، فَرِحَةً دَائِمًا قُدَّامَهُ". 
كما أن في العهد القديم غايةَ الحكمةِ هذه أن تخافَ اللهِ "رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللهِ" و"كَمَالُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ"، أي أن تعملَ أعمالَه، وتسير في وصاياه.

أما في كُتّابُ العهد الجديد عمومًا

فقد بَيَّن يوحنّا الإنجيلي أنّ يسوعَ هو الذي "جسّد حكمةَ اللهِ" قولًا وعملًا، وأنّه هو الذي كان هذه الحكمةَ في تجلّيها الأقصى، أي في موتِه على الصليب.  وسمّى يوحنّا يسوعَ، في بداءة إنجيله، "كلمةَ الله"، وتحدّث عنه "كلمةً"، بقوله: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ". فوَصَفَه بما وُصِفَت به الحكمةُ في سفر الأمثال: فكان "في البدء" كما كانت الحكمة، وكان، مثلَها، مع الله "إِنَّ مَعَكَ الْحِكْمَةَ الْعَلِيمَةَ بِأَعْمَالِكَ، وَالَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةً إِذْ صَنَعْتَ الْعَالَمَ"؛ وبه "كان كلّ شيء"، مثلما كانت الحكمةُ عند الله صانعةً لكلّ شيء "الْحِكْمَةَ مُهَنْدِسَةَ كُلِّ شَيْءٍ". غير أنّ يوحنّا ذهبَ أبعدَ من هذا، فقال عن الكلمة/الحكمة إنّها الله.
في خطّ يوحنّا نفسِه، قال بولس الرسولُ: "وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَنكرز بِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ". يقول بولس، في جملةٍ، ما قالَه يوحنّا في كتابٍ: "إنّ المسيح مصلوبًا هو حكمةُ الله، وهو موضوع الكرازة، وهو الكرازةُ بالكلمة، أي هو الكلمة".
نحن إن قبلنا هذه الدعوة، يقول الرسول، أي الدعوةَ إلى أن نتخلّى عن حكمتنا البشريّة التي ترى الصليبَ جهالةً، وعن قوّتنا البشريّة التي تجد فيه ضعفًا، نقتني حكمةَ الله وقوّة الله، أي أن نلتفت إلى أدنياء الأرض والمزدرى بهم في محبّة إلى الموت، موتِ الكبرياء والأنانيّة والعنفِ والقبليّةِ فينا.
كما يقولُ الرسول في الرسالة نفسها: "وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ... أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ" ؛ أي إلى أن يرثَ الربّ الأرضَ وما عليها، لا يثبتُ في الزمانِ إلاّ بناتُ الحكمةِ الإلهيّة: "الإيمان" و"الرجاء" والمحبة". وهؤلاء الثلاثة تنبثق، عند بولس، من حكمة الله، يسوعَ المصلوب؛ "الإيمان" بالمصلوب، و"الرجاء" بأنّنا به نخلصُ من المواتية، و"المحبّة" التي ترسمُ حياتَنا في عالمٍ تعصف به الأنانيّات المجنونة.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

حزب الله يطلق 200 صاروخ على إسرائيل مع استمرار العدوان على غزة  

 

 

بيروت- أطلق حزب الله اللبنانية أكثر من 200 صاروخ وطائرة بدون طيار على مواقع للجيش الإسرائيلي، الخميس4 يوليو 2024، مع تصاعد التوترات وسط الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر تقريبا في غزة.

وقال حزب الله إن هجومه الأخير، الذي أعقب إطلاق أكثر من 100 صاروخ في اليوم السابق، جاء ردا على مقتل إسرائيل لقائد كبير في الحزب جنوب لبنان.

ولم تعلن إسرائيل عن سقوط قتلى في منطقة حدودها الشمالية حيث تم إخلاء معظم المجتمعات، لكنها قالت بسرعة إنها ردت بضربات في جنوب لبنان.

وتتبادل إسرائيل وحزب الله، حليف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إطلاق النار عبر الحدود بشكل شبه يومي منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مما أثار مخاوف من تصعيد الوضع إلى حرب شاملة.

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء عن قلقه "إزاء تصعيد تبادل إطلاق النار"، بحسب ما أعلن المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، محذرا من الخطر الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط الأوسع "في حال وجدنا أنفسنا في صراع كامل".

ويعد حزب الله وحماس جزءًا من "محور المقاومة" الذي تقوده إيران ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وهو تحالف إقليمي يضم أيضًا المتمردين الحوثيين في اليمن والجماعات المسلحة في العراق وسوريا.

وأكد الجيش الإسرائيلي مزاعم حزب الله بإطلاق أكثر من 200 صاروخ اليوم الخميس، وقال إن قواته "ضربت مواقع إطلاق في جنوب لبنان" ردا على ذلك.

واعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية معظم الصواريخ القادمة، وكانت الضحية الوحيدة المبلغ عنها رجلاً أصيب بجروح طفيفة بشظايا، في حين تسببت بعض الاصطدامات في اندلاع حرائق في الغابات.

اغتالت إسرائيل القيادي البارز في حزب الله محمد نعمة ناصر في غارة على مدينة صور الساحلية اللبنانية اليوم الأربعاء.

ووصفه مصدر مقرب من الجماعة بأنه "مسؤول عن أحد القطاعات الثلاثة في جنوب لبنان". وجاء مقتله بعد غارة إسرائيلية في يونيو/حزيران قتلت طالب عبد الله الذي كان يرأس قطاعا آخر.

وفي كلمة ألقاها في جنازة ناصر، حذر المسؤول الكبير في حزب الله هاشم صفي الدين إسرائيل من "التصور بأن استهداف هؤلاء الأبطال سوف يترك الجنوب مكشوفا".

"عندما يستشهد زعيم فإن آخر يأخذ الراية ويتقدم بعزيمة جديدة حازمة وقوية."

- معارك عنيفة تهز غزة -

اندلعت الحرب على غزة بعد الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1195 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.

كما اختطف المسلحون 251 رهينة، بقي منهم 116 في غزة بما في ذلك 42 يقول الجيش إنهم قتلوا.

وأسفر الهجوم الإسرائيلي الانتقامي عن مقتل 38011 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حركة حماس.

أسفرت الاشتباكات الحدودية بين إسرائيل وحزب الله عن مقتل 496 شخصا على الأقل في لبنان، معظمهم من المقاتلين ولكن بينهم 95 مدنيا، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس.

وتقول السلطات الإسرائيلية إن 15 جنديا على الأقل و11 مدنيا قتلوا على جانبها من الحدود التي تحرسها الأمم المتحدة.

في هذه الأثناء، استمرت الحرب في غزة، التي تعد قلب التوترات، حيث هزت معارك بالأسلحة النارية والضربات الجوية والقصف مدينة غزة لليوم الثامن على التوالي يوم الخميس.

وقال الجيش الإسرائيلي إن "قواته دمرت طرق الأنفاق في المنطقة وقضت على العشرات من الإرهابيين في اشتباكات عن قرب بنيران الدبابات وفي ضربات جوية".

قالت وكالة الدفاع المدني في غزة إن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا في غارة جوية استهدفت مدرسة في مدينة غزة.

وتصاعدت المخاوف من تجدد القتال العنيف في المناطق الجنوبية بالقرب من خان يونس ورفح بعد أن أصدر الجيش يوم الاثنين أمر إخلاء شامل قالت الأمم المتحدة إنه أثر على 250 ألف شخص.

- جهود للتوصل إلى هدنة -

واجهت إسرائيل احتجاجات دولية بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين والحصار العقابي والدمار الشامل في غزة.

دعت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ هذا الأسبوع إلى وضع حد لـ"دوامة البؤس الإنساني".

أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل ستدمر حماس وستعيد الرهائن المتبقين إلى منازلهم.

وفي أواخر مايو/أيار، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، تحت ضغط محلي متزايد بسبب دعم واشنطن لإسرائيل، عن خارطة طريق لهدنة مدتها ستة أسابيع وتبادل الرهائن بالسجناء الفلسطينيين.

ولم يتحقق سوى تقدم ضئيل منذ ذلك الحين، لكن حماس قالت يوم الأربعاء إنها تتواصل مع مسؤولين في قطر ومصر وكذلك تركيا بهدف إنهاء الصراع.

وقالت حركة حماس إن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية المقيم في قطر "أجرى اتصالات مع الإخوة الوسطاء في قطر ومصر حول الأفكار التي تناقشها الحركة معهم بهدف الوصول إلى اتفاق".

وقال مكتب نتنياهو اليوم الأربعاء إن "إسرائيل تقوم بتقييم تصريحات (حماس) وستنقل ردها إلى الوسطاء".

وتتركز العقبة الرئيسية حتى الآن حول مطلب حماس بإنهاء القتال بشكل دائم، وهو ما يرفضه نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف بشدة.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • ياسمين الحصري: اختيار الرسول للدليل في الرحلة كان فيها عدة دروس
  • عمر هاشم: الهجرة النبوية الشريفة فرّقت بين الحق والباطل
  • شيخ العقل في رسالة رأس السنة الهجرية: لاتخاذ المبادرة والبدء بتشاور جدي لانتخاب رئيس للجمهورية
  • البابا تواضروس الثاني يلتقي بالمستشار جورج سامي نقولا
  • 7 محطات يستعين بها الرسول في تعامله مع زوجاته
  • دروس على أعتاب السنة الهجرية الجديدة
  • حزب الله يطلق 200 صاروخ على إسرائيل مع استمرار العدوان على غزة  
  • الأب بولس جرس: إقامة كنيسة كاثوليكية جديدة في مرسي علم
  • دعاء يوم الجمعة من السنة النبوية
  • مؤلف «الفيل الأزرق» يفتح الدفاتر المغلقة وعلاقته بـ"عنبر 8"في مستشفى الأمراض العقلية