جريدة الوطن:
2024-12-18@18:45:02 GMT

الاختيار الصحيح للسعادة

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

السؤال الذي يتبادر بين حنايا كل شخص، في كل وقت، ويسهب فيه التفكير أحيانًا، وهو خارج من تزاحم الحياة ومشاقها وكبدها: هل أنا سعيد بحالي أم غير سعيد؟، ولأن الحياة طرق ومسارات تتراءى أمام ناصيتك صباح مساء، فقد يقودك الاختيار في سلك أحدها إلى مصير محوري، يحدد من خلاله مدى سعادتك، فأين الاختيار الصحيح الذي يفضي إلى السعادة؟.


ويتفرع من ذلك السؤال عدة نقاشات ـ مثلًا ـ أين عرين السعادة يكمن؟ هل هي مقتصرة في المال، أم الزواج أو الأولاد أم العمل والمنصب أم الشهرة؟ أم أنها دائرة في مناسبات معينة كالأعياد والأعراس، أم غيرها؟.
السعادة كما عرّفها اللغويون هي مشتقة من فعل (سعد) أي: فرح واستبشر، وهي ضــد الشقاوة، فيما عرّفها علماء النفس بأنها ذلك الشعور المستمر بالغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة، وعلى غرار تلك المفاهيم فإنّ السعادة عنوان الفرح في القلوب وهي الهاجس الذي يشغل بال جميع الناس ويسعون إليه بكل ما فيهم من طاقة وجدية، لأنه وبكل بساطة من يعيش سعيدًا يرتع في حياته مرتاح البال، هادئ النفس، والسعادة تعبر عن الرضا الداخلي تصفو من خلاله السريرة؛ لذلك تجد السعيد متسامحًا مستفيدًا من ماضيه، ومتحمّسًا لحاضره، متطلّعًا بشوق إلى مستقبله، ينثر غلال ثمراته إلى من حوله ليفيدهم بها ويغير في الحياة ككل.
وفي إطار نظرته للمشاكل التي لا بد من حدوثها في الحياة، فإنه يراها اختبارا يمتحن من خلاله صدق سعادته، وأنها مؤقته لا تدوم بإيمانه أن مع العسر يسرا، واعتصامه بالله أنه المصدر الذي يمده بالقوة بالقرب منه، بل وبإيمانه أن أي تجربة يمر بها إنما تزيده إصرارا على الاستمرار لا على التقهقر والانحسار.
وجوهر السعادة ينقسم إلى قسمين؛ قسم باطني وآخر ظاهري. فأما القسم الباطني فيسمى سعادة الروح، وهو مفهوم متشكل من مفهوم العلوم الدينية التي يمتلكها الإنسان ويستمر في البحث عنها، وهو الذي يفسر الهدف الأساس من الحياة التي تمتد للحياة الأخرى. أما القسم الظاهري فهو معروف بالرفاهية المادية، التي يسعى إليها لتحقيقها في الحياة الدنيا ورغم أنها حق مشروع إلا أنّ الخوف أن يكون السعي على الحساب الآخرة، قال النابغة الشيباني:
ولست أرى السعادة جمع مال
ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخرًا
وعنــد الله للأتـقـى مـزيد
وللسعادة مبادئ تتمثل في الآتي: أولا الارتباط الروحي، وذلك عند ما ينغرس الاطمئنان الداخلي في النفس فيأتي الشعور بالاستقرار عندما تتلاشى الأنانية ويشيع مكانها الحب اتجاه الآخر، والتوازن بين الصحة السليمة والطاقة العقلية، وكذلك بيضاوية العلاقة المضمونة بالتسامح والنأي عن افتراضية الأخطاء وإيغالها، وأيضا تحقيق الذاتية التي ترسم أهدافا للحياة وتشعباتها، فبذلك تجد النفس تلقائيا تعمل وتتجه لتحقيقه ومنتوج ذلك التحقق هو السعادة نفسها.
وتوجد بعض الأسباب التي تعزز السعادة، وفي مقدمة تلك الوسائل الإيمان والعمل الصالح (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل ـ 97)، وثانيًا: الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل وأنواع المعروف، وكذا الاشتغال بالأعمال النافعة واستصحاب النية الخالصة معها، وتجنب الحزن على الوقت الماضي بقدر ما يدفعك للمضي قدما إلى عيش حاضرك والتطلع إلى مستقبل أجمل، وكل ذلك لا يكون إلا محفوفا بذكر الله تعالى والدعاء (أَلاَ بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلوب) (الرعد ـ 28)، والاعتراف بنعم الله الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى وليس حصرها فيما هو ممتحن به، مع اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الآخرة وليست في الدنيا، مع التنبه إلى الأسباب التي تقيض السعادة فتوقظها كالهموم، والأكدار، والقلق التي بوجودها لا يطرح حل وإيجاب.
ومن التقنيات النفسية التي يمكنك أن تتبعها فتجعلك سعيدًا:(حدد ما هو مهم في حياتك، وفكر بالأوقات التي شعرت فيها بالسعادة، أين كنت؟، من كان معك؟ ماذا كنت تفعل؟ بماذا كنت تفكر؟، ثم قرر تخصيص وقت لعمل الأشياء المهمة والتي تجعلك تشعر بالسعادة، لتكن السعادة على رأس أولوياتك في الحياة، وابدأ بالأمور السهلة ثم واصل مع التي تليها، وكذا ركز على ما هو إيجابي في شخصيتك، وفي شخصية الآخرين وفي الحياة ككل، ثم ثمن ما هو جار الان في حياتك، مع التركيز على ما هو حسن لصحتك، ووظيفتك، وحياتك العاطفية، ومع الأصدقاء، والأقرباء والعائلة، ووضعك المالي ووضعك المعيشي).
وإجمالًا هناك العديد من السبل التي تجعلنا نحافظ على السعادة كتجنب طريق الخطأ والحرام، والرضا بحالة السرور والفرح عند ما يتاح، وحالة الضجر والملل عند ما تبدو على وضعها، بلا تعقيد زائد عن حوادث المشكلات، والعناية بخدمة الآخرين والشروع في الأعمال التطوعية قدر الإمكان، قال كارل يونغ: (كلمة سعادة ستفقد كل قيمتها إن لم يتم موازنتها مع كلمة حزن).

بدرية الشيدية
كاتبة عمانية

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی الحیاة

إقرأ أيضاً:

فتح باب التقدم لمسابقة الأم المثالية لعام 2025 | شروط ومعايير الاختيار

أعلنت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي عن فتح باب التقدم للاشتراك فى مسابقة الأم المثالية لعام 2025 بداية من اليوم الثلاثاء الموافق 17 ديسمبر، ولمدة شهر.

و يستمر تلقى طلبات التقديم حتى يوم الخميس الموافق 16 يناير 2025 بمديريات التضامن الاجتماعي على مستوى محافظات الجمهورية.

وتتضمن الفئات المُكَّرمة لهذا العام الأم المثالية على مستوى المحافظات، وأم بديلة " واحدة" قامت برعاية ابن من الأبناء كريمي النسب داخل أسرتها، أو أم بديلة أنسة " كفالة بدون زواج"، فضلا عن أم مثالية " واحدة" لابن أو أكثر من الأشخاص ذوي الإعاقة حاصل أحد أبنائها على بطولة دولية ومتفوق في إحدي المجالات " الرياضية- العلمية- الفنية"، بالإضافة إلى أم لشهيد من القوات المسلحة يتم ترشيحها من وزارة الدفاع، وأم لشهيد من الشرطة، يتم ترشيحها من وزارة الداخلية.

وتتضمن شروط ومعايير الاختيار بالنسبة للأم الطبيعية أو لابن من الأشخاص ذوي الإعاقة ، أن يكون لها قصة عطاء متفردة، فضلا عن الإلمام بالقراءة والكتابة على الأقل، وألا يزيد عدد الأبناء على ثلاثة أبناء، ويُستثني من هذا الشرط المحافظات الحدودية، وهي" شمال سيناء، وجنوب سيناء، والوادي الجديد، ومرسي مطروح، والبحر الأحمر  وأسوان"، وأن يكون جميع الأبناء والبنات  حاصلين على مؤهل عالي أو في الفرق النهائية بالكليات، ويُستثني الابن ذو الإعاقة ذهنيا وغير القابل للتعليم.

كما أن يكون أحد الأبناء للأم لابن من ذوي الإعاقة متميزاً في أحد المجالات " الرياضية- العلمية - الفنية"، وأهمية تقدير التعليم للأبناء، حيث سيتم تفضيل الأعلى درجة في التعليم، وكذلك تفضيل الأم العاملة، مرض الزوج، الأرملة، المطلقة، وكذلك أهمية تشجيع الأبناء على العمل الخاص أو إدارة وتنفيذ المشروعات الصغيرة، والمشاركة المجتمعية والتطوعية والنشاط البارز في خدمة المجتمع والبيئة، ودمج أحد الأبناء في المجتمع، خاصة إذا كان من الأبناء من ذوي الإعاقة.

أما بالنسبة للأم لأسرة بديلة كافلة، فهي الأم للأسرة الكافلة من الأطفال «كريمي النسب» في منزلها مع أطفالها البيولوجيين، أو الأم التي لم يسبق لها الزواج «الأنسة» أو زوجة الأب التي قامت برعاية أبناء الزوج، أو الخالة، او العمة، أو الجدة، فيستلزم أن يكون الابن البديل قد حصل على مؤهل جامعي، والمساواة بين جميع الأبناء داخل الأسرة بالتعليم والصحة والمعاملة، وإعطائهم من الاهتمام والحب والحنان القدر المناسب الذي أتاح لهم حياة نفسية واجتماعية سليمة، وأن تكون فترة الرعاية الأطول للابن البديل، وأن يكون لدى الأسرة الكافلة للابن البديل أطفال بيولوجيين، وفي حالة زوجة الأب يوجد بالأسرة أبناء إلى جانب أبناء الزوج، وتفضل الأسرة التي وصل الابن البديل أو ابن الزوج إلى الدرجة الأعلى في المراتب العلمية.

مقالات مشابهة

  • ما الذي يجعل الإنسان سعيدا؟
  • الذكاء الاصطناعي دربنا للسعادة أم للتعاسة؟
  • حموشي يمنح ترقية استثنائية للشرطي الراحل عبد الغني رضوان، الذي فارق الحياة أثناء أداء مهامه ببني ملال
  • الحياة لمن عاشها بعقل.. خمس يطمسن خمس
  • فتح باب التقدم لمسابقة الأم المثالية لعام 2025 | شروط ومعايير الاختيار
  • رمضان عبد المعز: القناعة سر السعادة والرضا عن رزق الله
  • الشيخ رمضان عبد المعز: القناعة سر السعادة والرضا عن رزق الله.. فيديو
  • رمضان عبدالمعز: القناعة سر السعادة والرضا عن رزق الله
  • إبراهيم نجم: علينا أن نصدِّر الإسلام الصحيح الذي هو مصدر أمن واستقرار للإنسانية
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته