ميلاد رسول الله «دراسة تربوية بلاغية لبعض آيِ الذكر الحكيم» «5»
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
.. وفي رواية:
شربت مع المأمون كأسا
روية فأنهلك المأمون منها وعلكا
(يقصد بالمأمون في كل شطر رسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم)
فلما بَعَثَ بها كعبٌ إلى أخيه بجير، وأتته القصيدة، فأبى أن يكتمَها رسولَ اللهِ، فأنشده قصيدةَ أخيه كعبٍ، فقال الرسول الكريم لما سمع البيت القائل:(سقاك بها المأمون…): (صدق، وإنه لكذوبٌ، أنا المأمون)، ثم كتب بجير لزهير ردًّا على قصيدته، يقول له فيها:
مَنْ مبلغٌ كعبًا فهل لك في التي
تلوم عليها باطلا وهْي أحـزمُ
إلى الله لا العزَى، ولا اللات وحده
فتنجو إذا كان النجاءُ وتســلمُ
لدى يومٍ لا ينجو وليس بمفلتٍ
من الناس إلا طاهرُ القلبِ مسلمُ
فلما بلغت كعبًا قصيدةُ أخيه بجير ضاقتْ به الأرض، وأشفق على نفسه، وأرجف به مَنْ كان في حاضره من عدوه، فقال: هو مقتولٌ، فلما لم يجد من شيءٌ بدا، قال قصيدته المشهورة التي يمدح فيها رسولَ الله:(بانت سعاد فقلبي اليوم متبول…)، ثم خرج إلى المدينة، وغدا إلى رسول الله في صلاة الصبح، فصلى مع الرسول الكريم، وقدَّمه أحدُهم إلى الرسول، وقال: هذا كعب جاء يستأمنك، ويُسْلِمُ يا رسول الله، جاءك تائبًا مسلِمًا، فهل أنت قابلٌ منه، فقال الرسول: نعم، فقام كعبٌ، وقال يا رسول الله، أنا كعب بن زهير، فوثب عليه رجلٌ من الأنصار قائلًا: دعني يا رسول الله وعدو الله، أضرب عنقه؟، فقال الرسول الكريم الرحيم: دعْه عنك، فإنه جاء تائبًا نازعًا، فقام كعبٌ، وأنشد قصيدة (بانت سعاد) بين يدي الرسول الكريم، فأسلم، وحسن إسلامه، وأمسى شاعر الرسول يَذُبُّ عنه، وعن الإسلام، وبارك الله إسلامه، وأبلى بلاءً حسنًا.
والشاهد هنا هو تسمية الرسول بالأمين، وبالمأمون، من كلِّ الحاضرين، وكلهم لم يأل مَنْ هو؛ لعلمهم به، وفهمهم قدره، ومكانته.
وثمة صفة أخرى هي:(يتلو عليهم آياته)، وهي كناية عن طهارته، وكمال ما أُرْسِلَ به، وأنه دائم في كل العصور؛ لأن المضارع يفيد الاستمرار، وعليهم تفيد أن الآياتِ قد علتْهم، وشملتهم، وباركتهم، وظللتهم، وجمع الآيات تدال على كمالها، وغشيانها قلويهم وإحاطتها بهم، كمالًا وجلالًا.
وقوله:(ويزكيهم) كناية أخرى عن أوصافه الطاهرة المتواصلة المستمرة، حيث وردت بالمضارع، فتزكيته المؤمنين ثابتة أزلية سرمدية، وهو في تزكيته جاء لهم ولمجموعهم، وليس لآحادهم، وقوله:” ويعلمهم الكتاب والحكمة) فيها عارض التقديم الذي يدل على أهمية تعليمه، وأنهم المقصودون من التعليم، والكتاب كناية عن موصوف هو القرآن الكريم، والحكمة كناية عن موصوف كذلك، وهو السنة المطهرة، فهو يصبُّ في طهر الكتاب، وحكمة السنة اللذين هما جناحا كلِّ مؤمن إلى ربه، ويكون سببًا لدخول الجنة، ورضا الله- عز، وجل-، واستعمال المضارع في كلِّ تلك الأفعال يفيد الاستمرار، والسرمدية، والأزلية، حتى، وإنْ مات (صلى الله عليه وسلم)، فسيرته بين ناظري كل مسلم، وفي قلب كل مؤمن، ويمضي بها في حياته، يستدعيها بصورة منتظمة لحل كل ما يقف أمامه، أو يعرض له.
د.جمال عبدالعزيز أحمد
كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة – جمهورية مصر العربية
Drgamal2020@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الرسول الکریم رسول الله
إقرأ أيضاً:
أول اعلان للعميد سريع حول دعوة السيد القائد
وقال العميد سريع في منشور له على صفحته في كلمة مقتصبة "لبيك يا ابن رسول الله" وذلك في اشارة للاستجابة السريعة من قبل كافة صنوف القوات المسلحة بالاستعداد والجهوزية لتنفيذ توجيهات سماحة السيد القائد.
لبيك يا ابن رسول الله
— العميد يحيى سريع (@army21ye) February 13, 2025
وكان فخامة المشير الركن الرئيس مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى قد اكد أن القوات المسلحة في أهبة الجهوزية والاستعداد لتنفيذ توجيهات قائد الثورة، والتدخل العسكري في حال أقدم المجرم ترامب على تنفيذ تهديده.
وحث كافة أبناء الشعب اليمني ومسؤولي الدولة للاستنفار العام و الخروج المليوني المشرف في مسيرات يوم غد الجمعة استجابة لدعوة قائد الثورة لتوجيه رسالة تحذيرية للأمريكي وللإسرائيلي من أي تصعيد جديد.