صدور العدد الثاني من مجلة "المقطع" عن الأرشيف والمكتبة الوطنية
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
صدر مؤخرا العدد الثاني "خريف 2023" من مجلة “المقطع” الفصلية عن الأرشيف والمكتبة الوطنية، والتي تهتم المجلة بالشأن التاريخي الثقافي وبالمواضيع المتنوعة التي تحرص على تقديم تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، وتراثها بطابع ثقافي اجتماعي يهمّ القارئ، ويمدّه بالمعلومات المُلهمة.
وقد بدأ عددها الجديد بشخصية العدد الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم-رحمه الله- وهو من الشخصيات الاستثنائية التي لا تُنسى بما صنعه من أمجاد لوطنه وشعبه، إذ تحدّى الظروف القاسية بعزيمة لا تعرف المستحيل، وهذه دبي اليوم تذكر بكل حب وإكبار باني نهضتها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الذي شارك المغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إنجازات باهرة.
ولما صدر العدد الجديد من "المقطع" بالتزامن مع فعاليات كونجرس المجلس الدولي للأرشيف الذي نظمه الأرشيف والمكتبة الوطنية واستضافته أبوظبي في الفترة من 9-13 أكتوبر 2023 تحت شعار إثراء مجتمعات المعرفة؛ فإن المجلة قد أبدت اهتمامها بهذا الحدث الأرشيفي العالمي الذي ركز عليه سعادة عبدالله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، رئيس التحرير في افتتاحية العدد، فأكد أهمية المؤتمر الذي سلط الضوء على المحاور التالية: السلام والتسامح، والمعرفة المستدامة والكوكب المستدام: الأرشيف والسجلات وتغير المناخ، والتقنيات الناشئة: السجلات والحلول الإلكترونية، والثقة والأدلة، والإتاحة والذكريات.
وتطرقت المجلة بالتفصيل إلى أهمية كونجرس المجلس الدولي للأرشيف وما يسفر عنه بالنسبة لحفظ الذاكرة الإنسانية، وإلى الشريك الإعلامي "وكالة أنباء الإمارات" والمتحدث الرسمي "الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند"، وما قاله كبار الشخصيات عن هذا الحدث الأرشيفي الكبير.
وقدمت المجلة باقة من المواضيع التاريخية؛ فاستعرضت صفحات من تاريخ قصر الحصن ومنزلته في تاريخ الإمارات؛ حيث يعدّ هذا القصر أعرق وأقدم بناء تاريخي قائم في أبوظبي. وفي رحلة استكشافية اصطحبت المجلة قراءها في رحاب أبوظبي العاصمة الساحرة. وزودتهم بتجربة الشاعر الإماراتي سالم الجمري الفريدة، وعرفتهم ببيت الحكمة في الشارقة: النموذج العالمي لمكتبات المستقبل.
ويحكي العدد الثاني من المقطع قصة صورة التقطت للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه- أثناء افتتاح ميناء زايد عام 1972م، ويتحدث عن أول قوانين حماية الأسرة التي وضعها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قبل خمسة عقود.
وسلط ملف العدد الضوء على الإمارات العاصمة العالمية لتقارب الشعوب وقبول الآخر، وعلى النهج الإنساني والحرية الدينية في الإمارات، وعلى "سانت جوزيف" أعرق كنيسة في الإمارات في العصر الحديث والتي ترجع فكرة إنشائها إلى عام 1962م، وعلى دير السينية في أم القيوين.
وفي ميادين الرياضة، استعرضت "المقطع" ما حققه فريق المانشستر سيتي من بطولات في ظل توجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة.
كما ضمت المجلة باقة من المواضيع مثل: القهوة الضيافة التقليدية التي تحولت إلى ثقافة وصناعة مربحة، والسيارات التي دخلت الإمارات في العقود الأولى من القرن العشرين وانتشرت في خمسينياته، والبارود ومن سبق إلى استخدامه، ومن قصص الشعوب حكت المجلة قصة الحرب بين إسبانيا وفرنسا ونهايتها الطريفة، واهتمت المجلة بموضوع نقل وترجمة التراث البدوي الإماراتي في القرن العشرين، وقد استمدت هذا الموضوع من الدراسات والأبحاث الخاصة في مؤتمر الترجمة الدولي الذي ينظمه الأرشيف والمكتبة الوطنية سنوياً، وفي مجال الفن التشكيلي أكدت "المقطع" أن أعمال التشكيليين الإماراتيين وفيّة لمعالم التراث الإماراتي، وعرفت المجلة بعدد من إصدارات الأرشيف والمكتبة الوطنية، مثل: كتاب "أبوظبي" مشاهدات بعثة دار الهلال المصرية في إمارة أبوظبي قبيل قيام الاتحاد، وكتاب (البيئة الاجتماعية والسياسية وأثرها في قيام دولة الإمارات)، وكتاب (جندي في شبه الجزيرة العربية).
واختتمت "المقطع" عددها الثاني بمقال عنوانه "نجوم خمسة..." لمديرة تحريرها ندى الزرعوني.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العدد زاخر بالصور الفوتوغرافية التي تعد من الوثائق التاريخية المهمة والتي تعود لأرشيف الصور في الأرشيف والمكتبة الوطنية، والكثير من المواضيع قد زودت برمز الاستجابة السريعة QR التي تتيح للقارئ مشاهدة بعض الفيديوهات النادرة، ومعرفة المزيد من المعلومات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأرشيف والمكتبة الوطنية دولة الامارات العربية المتحدة كونجرس المجلس الدولي للأرشيف الأرشیف والمکتبة الوطنیة آل نهیان
إقرأ أيضاً:
* أتغلَّب على صعوبات البحث في الأرشيف بالشغف والإصرار على الوصول للمعلومة * الغالبية كوّنت صورة مغلوطة عن الفنانة ميمي شكيب فأردتُ تصحيحها
يعتمد الكاتب المصري محمد الشماع في كتبه على الأرشيف، لكنه لا يجمع الأوراق القديمة، رغم مشقة المهمة في كثير من الحالات، بغرض إعادة نشرها، لكنه يقرأ الأوراق، ويحاول الوصول إلى ما بين سطورها، ويملأ فراغاتها، كما فعل أخيرًا في كتابه الشيق "ميمي شكيب" الذي يحمل اسم فنانة مصرية شهيرة.
ميمي شكيب كانت شخصية محيرة بالنسبة له بسبب ما كان يُقال عنها، صورتها لم تكن واضحة في أذهان الكثيرين، اختُصرت تقريبًا في مشهدين، الأول هو مشهد اتهامها في قضية "الرقيق الأبيض" حيث أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع المصري، في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وقيل حولها الكثير من المعلومات، وتحولت إلى مادة يومية دسمة جدًا للصحافة، وفتحت شهية الكُتَّاب لإضافة الكثير من الخيال خصوصًا في الجانب السياسي، فقيل مثلًا: إن الهدف من هذه القضية هو شخصية عربية نافذة، وقيل كذلك: إن الهدف هو قطع العلاقات مع بلد عربي يعد ممثلاً للاتحاد السوفييتي في المنطقة العربية.
أما المشهد الثاني، كما يقول الشماع، فهو مشهد انتحارها أو قتلها بإلقائها من شرفة منزلها. يعلق: "هذا المشهد تحديدًا هالني أثناء عملية بحثي فيه، حيث أجمع سكان العمارة، التي كانت ميمي تقطنها بوسط القاهرة، أنها ألقيت من شرفة (بلكونتها)، بل كانوا يحذِّرون المترددين على شراء الشقة بأنها مليئة بـالعفاريت، وحين يسألهم أحد ما إذا قد شاهدوا الواقعة بأنفسهم؟ يرددون بأنها حكايات سمعوها عن آبائهم وأجدادهم، بين هذا المشهد ومشهد القضية اكتشفت مفاجآت كثيرة للغاية عن حياة هذه المرأة".
مع بداية عمله في الكتاب - منذ أن افتتن بحلقة من مذكراتها المنشورة في مجلة (الشبكة) سنة 1975 وقعت في يده بالصدفة - لم تكن في ذهن الشماع صورة واضحة يود تقديمها عن ميمي شكيب، بل جعل العمل نفسه يقوده لرسم صورة ميمي شكيب. يقول: "إنها شبيهة بصورة الفنانة نفسها على غلاف الكتاب، فهي تعكس ملامح امرأة قوية شعرت بأنوثتها مبكرًا، واقتحمت دوائر (باشوات) زمانها، وتعرضت للخيانة والغدر، وأرادت أن تنتقم من كل الرجال، وبين كل هذا وذاك امتلكت شغفًا مهولًا بالفن والحياة، وتقديرًا للفنان نجيب الريحاني فقد جعلته بمثابة أب لها، وحبًا حقيقيًا للفنان سراج منير زوجها حيث عاشت معه حياة سعيدة حتى وفاته".
وحول سبب الإقبال الكبير على قراءة هذا الكتاب وكتب السيرة الذاتية بشكل عام يقول الشماع: "أظن أن ذلك يعود إلى سببين، الأول يخص الكتاب، والصورة الذهنية التي كوَّنتها الغالبية عن ميمي شكيب، حتى أن أحد الأصدقاء استنكر إقدامي على تجربة مثل هذه وقال لي نصًا: "هل تريد أن تكتب سيرة قوادة؟!". من اقتنوا الكتاب أو قرؤوه على منصات القراءة كان دافعهم الرئيس -كما ذكر لي البعض- هو اكتشاف هذه المرأة، التي كان لها في عالم السياسة والمجتمع أكثر بكثير من عالم الفن".
ويضيف: "أما السبب الثاني فهو يخص كتب السيرة بشكل عام، خاصة ما تدور أحداثها في الأزمان البعيدة؛ لأن هناك حنينًا كبيرًا للزمن الماضي وشخصياته المؤثرة وعوالمه الأخاذة الغامضة، ومن هذه النوعية التي تعجب الناس أذكر كتابًا سابقًا لي صدرت منه عدة طبعات وهو "السرايا الصفراء"، الذي حقَّقت فيه مذكرات مدير مستشفى العباسية للأمراض العقلية في أواخر الأربعينيات، الدكتور محمد كامل الخولي".
ما الفارق بينك وأستاذك الكاتب الصحفي صلاح عيسى في التعامل مع الأرشيف؟ أسأل ويجيب: "أجمل تجارب عشتها في حياتي هي ملازمتي للراحل صلاح عيسى أثناء عمله على نصٍّ نشر منذ 100 عام تقريبًا وهو كتاب "مذكرات فتوّة" للمعلم يوسف أبو حجاج. رأيت كيف كان الأستاذ الكبير يدقق في كل لفظ ويعيده لأصله اللغوي والمجتمعي، كما لمست بنفسي كيف كان يحقق الحوادث التاريخية، وتعلمت كذلك من كتابه "رجال ريا وسكينة" درسًا مهنيًا عظيمًا في الوقوف عند لحظة تاريخية بعينها ربما نكون جميعًا على دراية بها، وتناولها بعمق شديد، في نص يخلط بين الإبداع والتحقيق التاريخي في الوقائع".
وأضاف: "أذكر له كذلك كتب "رجال مرج دابق" و"البرنسيسة والأفندي" و"مأساة مدام فهمي"، وكلها لقطات تاريخية نستطيع جميعًا الوصول إليها في كتب التاريخ العادية، لكن الوقوف عندها واستعادتها في اللحظة الحالية هو بمثابة صناعة تاريخٍ على تاريخ. أما عن الفارق بيننا، فأنا بالتأكيد ما زلت تلميذًا في مدرسته التي فتحت أبوابها بعد رحيله لعشرات الكتَّاب فسلكوا نفس المنهج في البحث والتدقيق، والتقاط اللحظات التاريخية المهمة والكتابة عنها وحولها بعمقٍ وتقصٍّ".
يتحدث الشماع عن صعوبات البحث في الأرشيف فيقول: "أتغلب عليها دائمًا بالشغف وعدم اليأس في الوصول إلى المعلومة، أتذكر في كتاب "ميمي شكيب" كيف استغرقت عملية البحث عن ثلاث حلقات من مذكراتها المنشورة في مجلة "الشبكة" اللبنانية مدة تزيد على ستة أشهر، رغم أنني جمعت 47 حلقة في شهر واحد. أتذكر أيضًا أثناء إعداد كتاب "السرايا الصفراء" أنني انتظرتُ موظفًا في إحدى الجمعيات النفسية لمدة شهر حتى يمنحني عددًا تذكاريًا من مجلة تصدرها الجمعية عن د. محمد كامل الخولي بطل كتاب أعمل عليه، كذب عليَّ الموظف وأخبرني أن مقر الجمعية يُعاد طلاؤه وتجهيزه، ولما مر الشهر، ومع عدم رده على اتصالاتي، ذهبت بنفسي إلى مقر الجمعية فلم أجد لا طلاء ولا تجهيزًا، بل إنني وجدت الجمعية نفسها مغلقة، فسلكت طريقًا آخر للبحث في قاعة الدوريات في دار الكتب والوثائق القومية، فلم أجد في الفهارس شيئًا عن المجلة في الأساس. ولكنني وجدتها مصادفة في أرفف العرض بالقاعة! والحقيقة ما أكثر الصدف السعيدة في رحلات البحث!".
ما الذي تضيفه اللغة الأدبية التي تكتب بها لمثل هذا النوع من الأعمال؟ يجيب: "كتاب "ميمي شكيب.. سيرة أخرى" كان تحديًا بالنسبة لي، وربما تكون هي المرة الأولى التي شعرت بأنني أكتب نصًا أدبيًا عن وقائع تاريخية، وأظن أن ما أضافته أنها جعلت الكتاب أكثر سهولة وسلاسة في استقباله، وهي الملحوظة التي أجمع عليها من قرأ الكتاب".
ما الصفة التي تريدها لنفسك؟ المؤرخ؟ الكاتب؟ الكاتب الصحفي؟ ولماذا؟ يقول أخيرًا: "لست مؤرخًا، وأتشرف بمهنة الصحافة بكل تأكيد. لكن أنا كاتب، أكتب كل أنواع الكتابة، أكتب السيناريو وأكتب تحقيقات صحفية لوقائع تاريخية، كما أكتب محتوى إبداعيًا للسوشال ميديا كمواكبة لما هو جديد، لذا أظن أن كلمة الكاتب بالنسبة لي هي الصفة الأفضل؛ لأنها الأكثر شمولاً".