الاعتداء على غزة ما بين اليأس والانتصار
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
خلال الأسابيع الماضية وتحديدًا منذ السَّابع من أكتوبر الجاري، ومع هلال «طوفان الأقصى» استسلمنا جميعًا بإرادتنا وبطواعية تامَّة للقنوات الإخباريَّة ذات البثِّ المباشر والعاجل والعاجل جدًّا والحصري، وتلقَّت حواسُّنا ملايين الكلمات الَّتي تضخُّها ماكينات الكلام في رؤوسنا كُلَّ يوم وساعة وثانية من محلِّلين وخبراء ومسؤولين، في محاولة لتهدئة الشغف في معرفة جديد الأحداث، ونتيجة لكثرة المشاهد المحزنة لشهداء الحياة، أصبح الموت خبرًا، فنسمع خبر استشهاد الأبرياء تحت المباني السكنيَّة والمستشفيات معظمهم أطفال صغار مَدنيون لا يعرفون معنى الموت أو الحياة فالتفَّت أجسامهم بأكفان البراءة، واستبدل الصَّمت أفواههم بدلًا من الضحكات أو الفرح لقطعة حلوى أو دمية تغنِّي للسَّلام، لِينتهيَ عِندها معنى الحياة فنقف في حيرة عِند ماذا حدث؟ فتعُودُ الإجابة عِند بعض الانتصارات، إلَّا أنَّ مشاهد الدمار وضحايا الإجرام تَعُودُ وتضعنا تحت طائلة اليأس والحزن، خصوصًا وهي ملفوفة بالانحراف الغربي وانحيازه للإجرام، ويعمينا بتضليله المستمرِّ لقنوات «أهل الفرنجة» مع عدم الاستطاعة في التفكير تحت هذه المطاردة المستمرَّة من تلك الأكاذيب، نستسلم للإحباط.
في لحظة نور من الفَهْمِ المتعمق بعد العبور على كُلِّ ما يحدُث بالتدقيق والسؤال عن حقيقة ما حدَث وما يحدُث، فاجأني أحَد الأصدقاء برسالة أعدُّها جوابًا شافيًا لجوهر السؤال عن الاستفهامات الستة ماذا ـ من ـ متى ـ أين ـ لماذا ـ كيف، فكانت رسالته المباشرة، أنَّه ينبغي ألَّا نقعَ في الإحباط والاكتئاب لأسباب كثيرة أمام أعْيُننا ويخفيها عنَّا الكاذبون، فقط أرجو أن نتذكَّرَ أنَّ العدوَّ الصهيوني فقَدَ أكثر من 1500 قتيل ولدَيْه 5000 جريح والعدد في تزايد بشكلٍ يومي، كما وقَعَ في الأسر من العدوِّ 200 أسير بَيْنَهم ما لا يقلُّ عن (50) ضابطًا و(50) جنديًّا، والباقي كُلُّهم احتياط، وعلى المستوى الاقتصادي خسرت عملة العدوِّ (الشيكل) بفقدانها أكثر من (30%) من قِيمتها، وتدهورت لدَيْه السِّياحة لسنين قادمة، مدينتا عسقلان وسيدروت تمَّ إخلاؤهما وعدد سكَّانهما لا يقلُّ عن (68) ألف مستعمِر، ولا أظنَّ أن أحدًا سيعُودُ إليها في القريب المنظور، هذا بخلاف الرعب من تساقط القذائف على تل أبيب العُمق الاستراتيجي لدَيْه، ونتج عن هذه الهزيمة النَّفْسيَّة الَّتي تعرضت لها «إسرائيل» وخصوصًا جيشها الَّذي لَمْ يحارب أيَّ حرب حقيقيَّة منذ حرب 1973، كما أنَّ القضيَّة الفلسطينيَّة عادت إلى صدارة قضايا العالَم، وصاحبها عودة الروح إلى الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة وأحرار العالَم، ظهور وجْهِ «إسرائيل» البَشِع لكُلِّ العالَم برغم التضليل الإعلامي الممنهج، استخدام روسيا الفيتو لتعطيل مشروع قرار أميركي يدين حماس، ضدَّ كُلِّ فيتو أميركي لعدم إدانة «إسرائيل»، وقفَ قطار التطبيع، وفُضح المتصهينون بمواقفهم المخذِّلة، بخلاف الأخبار المتداولة عن تمرُّد في بعض أسلحة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومِنْها خبر سلاح الجوِّ الَّذي يقول إنَّ (4) ضبَّاط برتبة عميد انسحبوا من القواعد العسكريَّة ومعهم 200 طيار ومساعد، ويؤكِّد هذا الكلام ما أشيع عن هروب مجموعة كبيرة من الجنود الصهاينة من أرض المعركة خوفًا من الحرب البرِّيَّة الَّتي لَمْ تبدأ حتَّى كتابة هذه السطور.
إنَّ مِثل هذه الأخبار تضعُ فينا الأمل في أنَّ النصر مستمرٌّ وقادم إن شاء الله، وأنَّ ضحايا جرائم الحرب الَّتي يرتكبها العدوُّ الصهيوني ستكُونُ هي مفتاح الانتصار ونهاية لعدوٍّ بدأت مع هلال «طوفان الأقصى».
جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير «الوطن»
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
شريان الحياة الخفي
شريان الحياة الخفي
د. الفاتح يس
بالرغم من أن الأراضي الرطبة تغطي 6% من سطح الأرض، إلا أنها تأوي 40% من تنوع الكائنات الحية في العالم، و بمثابة شريان الحياة.
الأراضي الرطبة هي كل وسط تغمره المياه كليا أو جزئياً؛ سواءً كان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة، وبداخل هذه الأراضي الرطبة نظم بيئية متعددة، وتلعب هذه النظم دورا رئيسياً في دورة المياه ونقاؤها، والمحافظة على الكائنات الحية الموجودة فيها، وهي ذات أهمية حيوية لبقاء البشرية نظراً لفوائدها التي لا حصر لها وللخدمات الإيكولوجية التي تقدمها منذ قرون بعيده، ولو لا الأراضي الرطبة لما نما ولا إخضّرَ زرع ولا ضرع، ولما وُجدت مراعي ولا غذاء، ولا عاش حيوان ولا إنسان
مؤتمر الأراضي الرطبة ذو الأهمية الدولية، والذي يعرف أيضًا باسم مؤتمر رامسار Ramsar؛ عرَّف الأراضي الرطبة بأنها تشمل البحيرات والأنهار، المستنقعات والسبخات، الأراضي العشبية الرطبة وأراضي المخثات، الواحات، مصبات الأنهار، دلتا الأنهار وسهول المد، المناطق البحرية القريبة من الساحل وأشجار المنغروف.
يجب الحفاظ على الأراضي الرطبة لأنها تقدم حلاً طبيعيًا للتهديد العالمي لتغير المناخ الذي بات من مهددات العصر الحديث، فهي تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون، ولذا فهي تساعد على تقليل وإبطاء من ظاهرة الإحتباس الحراري وتقليل التلوث، وبالتالي فغالبًا ما يشار إليها باسم ”كلى الأرض”، وتخزن أراضي الخث (أحواض تخزين الكربون) وحدها ضعف كمية الكربون التي تخزنها جميع غابات العالم مجتمعة.
يحتفل العالم، في الثاني من فبراير من كل عام، باليوم العالمي للأراضي الرطبة
(WWD) World Wetland Day
بهدف زيادة الوعي بالأهمية الكبرى التي تمثلها الأراضي الرطبة في حياة الإنسان ووظائفها الحيوية بالنسبة لكوكب الأرض. ويعتبر هذا اليوم العالمي أيضًا مناسبة لتخليد ذكرى توقيع اتفاقية رامسار بشأن الأراضي الرطبة في مدينة رامسار الإيرانية سنة 1971.
المحافظة على الأراضي الرطبة بالعمل على منح حماية شرعية ورسمية من قبل السلطات الحكومية ووكالات حكاية البيئة للمواقع الطبيعية؛ ولابد أن تُستمد هذه القوانين والتشريعات من القوانين الدولية الإقليمية والعالمية.
وأيضاً لابد من وضع قوائم حمراء للأنواع المادية والحيوية المهددة بالندرة والانقراض، ولابد من وضع خطط واضحة المعالم للمواقع الطبيعية ذات الأهمية الأيكولوجية المعتبرة، ووضع أدوات تُحافظ على المحميات الطبيعية؛ بمشاركة الجهات المختصة مثل المجلس الأعلى للبيئة ووزارة الزراعة والغابات والثروة الحيوانية ووزارة التخطيط العمراني وشرطة حرس الصيد والحياة البرية وغيرها.
السودان به مساحات كبيرة من الأراضي الرطبة مثل نهر النيل وشواطئه وحتى الأنهار الموسمية مثل نهر عطبرة ومجاري النيل وروافده والخيران (خور أبوعنجة) ومجاري السيول والفيضانات؛ وللأسف الشديد تتعرض للتلوث عن طريق رمي النفايات بها وغسيل السيارات وتصريف مياه الصرف الصحي والصناعي بها، والبناء العمراني فيها وفي مجاري السيول، بالإضافة إلى النشاطات الصناعية مثل إستخراج المعادن والممارسات الشخصية السالبة مع المياه والأراضي الرطبة؛ وكل هذه تعتبر مهددات للبيئة وللأراضي الرطبة؛ وتعمل على تدهور النظام البيئي الإيكولوجي؛ الذي بدوره يؤدي إلى تهديد وإنقراض الكائنات البحرية والتي تعيش في هذه البيئات الرطبة، والتي تتغذي عليها بعض الكائنات البحرية الغذائية مثل الأسماك؛ وبالتالي يحدث كسر او خلل في السلسلة الغذائية ومستوياتها؛ الذي بدوره يقلل من تكاثر ونمو الثروة السمكية؛ وبالتالي تحدث أزمة في الغذاء، وحتماً ستؤثر في الإقتصاد بصفه عامه؛ ومن هنا نناشد المجلس الأعلى للبيئة بالإهتمام بالأراضي الرطبة بوضع وسنّ وتنفيذ قوانين واضحة المعالم وسهلة التنفيذ وعقوبات رادعة، وووقف كل الممارسات التي تهدد الأراضي الرطبة والبيئة.
*أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والإستدامة.
[email protected]
الوسومالأراضي الرطبة العالم الخفي الفاتح يس حماية