الاستدامة الثقافية ركيزة لرؤية دبي لمستقبلٍ يربط الأجيال القادمة بوطنها وموروثها الحضاري
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
منى فيصل القرق :"الثقافة إحدى أعمدة المجتمعات المتحضّرة والمزدهرة"
الثقافة الإماراتية تمتاز بتنوع روافدها وثراء مضمونها.. ولا ندخر جهداً في الحفاظ على استدامتها للأجيال القادمة
"حماية وترميم المباني التاريخية والمناطق التراثية محور مهم من محاور الاستدامة الثقافية تضمنته خطة دبي الحضرية 2040"
بدر آل علي: "حماية وترميم المناطق التراثية يعززان ارتباط المواطن بثقافته وتاريخه ويرسخان مكانة دبي مقصداً سياحياً عالمياً"
متحف الشندغة أكبر متحف تراثي في دولة الإمارات يضم 22 جناحاً تحتضن أكثر من 80 بيتاً تاريخياً يروي تطور دبي ودولة الإمارات
متحف الاتحاد.
بلدية دبي تنجز ما يزيد عن 20 مشروعاً من مشاريع ترميم وتأهيل المباني التاريخية في دبي
رؤية دبي الثقافية.. مبادرات استراتيجية ذات طابع مستدام تسهم في ترسيخ مكانة دبي مركزاً ثقافياً حضارياً رائداً وحاضنة للموهوبين والمبدعين والمبتكرين من كل أنحاء العالم
مكتبة محمد بن راشد صرح ثقافي متميز ووجهة للمثقفين والمبدعين والباحثين عن التراث
دبي في 25 أكتوبر/وام/ يحظى ملف الاستدامة في إمارة دبي منذ عقود برعاية واهتمام كبيرين من القيادة الرشيدة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والبيئية والمجتمعية، بينما تظل حماية الثقافة وتطويرها غاية ووسيلة للمساهمة المباشرة في تحقيق جزء كبير من أهداف التنمية المستدامة، ليس فقط في دبي ولكن على مستوى العالم، كذلك تسهم الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة في المحافظة على التراث الثقافي وفي تغذية القدرات الابتكارية للمجتمعات، ما يجعل الاهتمام بالاستدامة الثقافية ضمن الأهداف الرئيسية لأي استراتيجية ناجحة للتنمية الشاملة.
ويشكل الاهتمام بالمباني التاريخية والمناطق التراثية من خلال عمليات الصيانة والترميم والحماية، ركناً أصيلاً من أركان الاستدامة الثقافية، لما له من أثر في الحفاظ على أصول مهمة تمثل جانباً مهماً من الموروث الثقافي لأي مجتمع، حيث جاء الاهتمام بحماية تلك الأصول كمحور مهم من محاور "خطة دبي الحضرية 2040" التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتقدم خريطة متكاملة لتحقيق تنمية عمرانية مستدامة في دبي، محورها الإنسان وهدفها الارتقاء بجودة الحياة وتعزيز التنافسية العالمية للإمارة، وتسهم في توفير خيارات متعددة للمواطنين والمقيمين والزوار خلال العشرين عاماً المقبلة.
وحول أهمية الحفاظ على المباني التاريخية، وما تستدعيه من عناية لضمان صونها للأجيال القادمة، قالت منى فيصل القرق، المدير التنفيذي لقطاع الثقافة والتراث في "دبي للثقافة": "الثقافة إحدى أعمدة بناء المجتمعات المتحضّرة والمزدهرة، ولطالما تميزت الثقافة الإماراتية بتنوع روافدها وثراء مضمونها وهو الأمر الذي لا نتوانى في الحفاظ عليه للأجيال القادمة عبر مشاريع ومبادرات نوعية نوحد فيها الجهود مع مختلف الجهات المعنية لضمان استدامة إرثنا الثقافي والحضاري وتأصيل جذوره في المجتمع".
وأضافت: "لدينا من الشواهد التاريخية ما يدعم استدامة تراثنا الثقافي وينقل للأجيال المتعاقبة صورة لأصول تلك الثقافة التي نبعت من قلب الصحراء، وعلى ضفاف مياه الخليج، ويعمق انتماء تلك الأجيال لوطنها وموروثها الحضاري، ودبي حريصة على توفير كافة المقومات التي تضمن استدامة ثقافتنا الإماراتية الأصيلة، تأكيداً لمكانتها عاصمةً ثقافيةً لها مكانتها وثقلها على خارطة الإبداع العالمية".
حماية التراث.
وجاءت خطة دبي الحضرية 2040 متضمنةً إلى جانب التركيز على الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والبنية التحتية، وضمن أهدافها الرئيسية، محور حماية التراث والآثار والمناطق الثقافية والتاريخية، وحفظها للأجيال القادمة ليستلهموا منها الأصالة والقيَّم السامية التي لا نزال ننهل من معينها حتى اليوم.
ومن منطلق الحفاظ على الإرث الثقافي والنهوض به، حافظت دبي على ملامحها التراثية العربية الأصيلة عبر الاهتمام بالمباني القديمة وإعادة ترميمها لتكون شاهد عِيان على ما قدمه أهل دبي في الماضي وما يقدمه الأبناء في الحاضر، وعلى الرغم من تسارع وتيرة التطور لمواكبة العصر الحديث، فقد نجحت دبي في حجز مقعدٍ لها ضمن مصاف الدول المتقدمة الساعية للتطور في كل مناحي الحياة، إلا أنها تمسكت بجذورها الضاربة في القدم وهويتها العربية الأصيلة عبر الاهتمام بثقافة وإرث الآباء وذلك في عدة مبادرات و مشاريع تهدف للحفاظ على الهوية الوطنية برؤية ثاقبة مزجت الماضي مع الحاضر في تناغم تام شَكّل لوحة فريدة من نوعها.
"ثقافتنا هي هوية أجيالنا و عمق لتاريخنا ورسالة إلى العالم نريد أن ننقلها بطرق أكثر إبداعاً، ثقافتنا الإماراتية تحمل روح التسامح و تدعو للانفتاح على الآخر وتستمد قوتها وروحها الفريدة من الحضارة العربية الإسلامية" .. كانت تلك كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عند إطلاق سموه صندوق التنمية الثقافية في دولة الإمارات، موجهاً بضرورة الحفاظ على ثقافة وطابع الدولة الأصيل والعمل على إبراز الثقافة المحلية وصونها لتكون وجها من أوجه الاستدامة الثقافية التي تهدف إلى حفظ الهوية وإثرائها ضمن سياق مجتمعي شامل.
قلب دبي النابض بالتاريخ.
وكانت لبلدية دبي خطوات مهمة في هذا الإطار، من خلال ترميم وحماية المباني التاريخية في دبي وفق أعلى المعايير المتبعة عالمياً في صيانة الأبنية العتيقة بأدواتٍ عصرية تحفظ تفاصيلها بدقة متناهية لتحافظ على ديمومتها لتصل إلى الأجيال القادمة.
وقال المهندس بدر آل علي، مدير إدارة التراث العمراني والآثار بالإنابة في بلدية دبي: "يوجد في دبي أكثر من 700 مبنى تاريخيً، وقامت البلدية بتنفيذ مشاريع لترميم جانب كبير من المباني التاريخية في دبي وذلك في إطار الحرص على الحفاظ على هوية المدينة وحماية موروثها الحضاري، مع الحفاظ على الطبيعة التراثية لتلك الأبنية، وصون قيمتها التاريخية.
وأوضح أن مشروع تطوير المناطق التراثية قام على عدد من المرتكزات المهمة وفي مقدمتها تعميق ارتباط المواطن الإماراتي بتراثه وجذوره التاريخية، فضلا عن أثر المشروع في ترسيخ مكانة دبي كمقصد سياحي يفد إليه السياح من مختلف أنحاء العالم، إذ يشكل العنصر التراثي أحد مقومات الجذب السياحي في الإمارة.
ويعتبر حي الفهيدي التاريخي نافذة مهمة للإطلال على تاريخ دبي إذ يوفر للزائر فرصة معايشة الحياة التقليدية وصورتها السائدة في الإمارة منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى سبعينيات القرن العشرين، من خلال طابعه المعماري المميز بأبراج الهواء الشامخة، ومواد البناء التقليدية والتي يعكس طابعها العمراني وتصميم أبنيتها تقاليد وسمات مجتمع دبي في تلك الآونة.
وبين حيّ الفهيدي والشندغة، تلك المنطقتين اللتين تشكلان منارة ثقافية نابضة بالحياة، أنجزت بلدية دبي ما يزيد عن 400 مشروع من مشاريع ترميم وتأهيل المباني التاريخية، انطلاقاً من أهمية الحفاظ على التراث، وما تركه الأجداد بكل ما يعبّر عنه من معان تاريخية وقيم اجتماعية، خاصة المناطق التراثية التي ما زالت تشهد نشاطاً تجارياً كبيراً ويزيد عددها على 220 مبنى.
ويُعد متحف الشندغة، الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في مارس من العام 2023، بعد إنجاز عمليات تطويره، أكبر متحف تراثي في دولة الإمارات، حيث يضم 22 جناحاً تحتضن أكثر من 80 بيتاً تاريخياً متنوعاً يعبر كل منها عن تطور دبي ودولة الإمارات. ويتيح المتحف فرصة اكتشاف تاريخ إمارة دبي وثقافتها وتراثها العريق عبر مجموعة من المقتنيات والمعروضات والأفلام والصور الفوتوغرافية القديمة بطريقة تفاعلية مبتكرة. وشارك في بناء المتحف، الذي يستهدف نحو مليون زائر بحلول 2025، أكثر من 100 شخص من أفراد المجتمع، قدموا مقتنياتهم وقصصهم وذكرياتهم، التي تبحر في الذاكرة المحلية، مشكّلة حجر الزاوية في حي دبي التاريخي النابض بالحياة.
"متحف الاتحاد".
ويعد "متحف الاتحاد" أحد أهم الإنجازات التي تؤرخ لمرحلة بالغة الأهمية من تاريخ دولة الإمارات وصولاً إلى إعلان دولة الاتحاد في العام 1971، وما سبقها وما صاحب سنواتها الأولى من تطورات لاسيما خلال الفترة ما بين 1968 و1974، إذ يشكل المتحف سجلاً مستداماً يحفظ لدولة الإمارات تفاصيل إنجاز تاريخي يحصد أبناء الإمارات ثماره حتى الآن.
وتضم معروضات المتحف مواد ووثائق تتعلق بأحداث تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وتسهم في توثيق رحلة الاتحاد عبر الإمارات السبع، ليظل بذلك المتحف سجلاً يحفظ بين دفتيه تفاصيل ميلاد دولة الاتحاد للأجيال يستلهمون منه قيم الانتماء للوطن والتفاني في رفعته.
مبادرات ثقافية مستدامة.
ولم يقف اهتمام دبي عند حد ترميم وتطوير المتاحف والمباني التاريخية والأثرية في الإمارة، بل واكب ذلك رؤية ثقافية جديدة تضم عدة مبادرات استراتيجية ذات طابع مستدام تسهم في تكريس مكانة دبي وسمعتها كصاحبة ثقافة رائدة، وكمركز حضاري يستفيد من الثراء الثقافي والإنساني النابع من التنوع الكبير الذي يميز مجتمع الإمارة بكل ما تضمه من ثقافات عديدة ومتنوعة، وبما يكرس إسهاماتها كمدينة حاضنة للموهوبين والمبدعين والمبتكرين من كل أنحاء العالم، وكبيئة إبداعية تتوفر فيها كل عناصر وأدوات التمكين الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي والتقني، وحلقة وصل فعالة للتلاقي الفكري والإنساني، وبما يعكس منظومتها القيميّة القائمة على التسامح والتعايش والإخاء والانفتاح وقبول الآخر، ويرسّخ مكانتها كمركز ثقافي رائد، وذلك بموازاة مكانتها كعاصمة المال والأعمال في المنطقة، وكمقصد سياحي رئيس هو الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك كمدينة ذات جاذبية للعيش والاستقرار فيها.
حراك ثقافي.
وتسعى رؤية دبي الثقافية الجديدة التي أطلقتها وتشرف على تنفيذها هيئة الثقافة والفنون في دبي، بتوجيهات مباشرة من سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة الهيئة، لتحقيق ثلاثة مستهدفات استراتيجية رئيسية تشمل: خلق حراك ثقافي فعّال لتعزيز مكانة دبي على خارطة العالم الثقافية، وجعل دبي الوجهة الأولى للمواهب الثقافية والإبداعية والفنية والأدبية محلياً وعربياً وعالمياً، ودعم نمو الصناعات الإبداعية في الإمارة لتعزيز العائد الاقتصادي الثقافي.
كما تعنى الهيئة بالتراث الثقافي إلى جانب الفنون والتصميم والأدب من خلال إقامة المعارض الفنية التراثية في كل أنحاء المدينة.
وتُشَكّل الاستدامة الثقافية في دبي ودولة الإمارات ركناً أساسياً في نهضة المجتمع من خلال الاهتمام بالجانب الثقافي والمعرفي، ليصبح أسلوب حياة من خلال تبني الصناعة الإبداعية ورعاية المثقفين والمبدعين من أبناء الوطن الذين يسعون لإبراز دور الثقافة الإماراتية وتراث الأجداد من خلال برامج تخاطب النشء، وتتفهم عقليته التي تأثرت بالتكنولوجيا الحديثة، وهو ما تسعى إليه مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، التي تشكّل صرحًا ثقافيًّا متميّزًا في دبي، من خلال إطلاقها مبادرات ثقافية متنوعة تتناسب مع مختلف الأعمار والمستويات الثقافية.
وجهة دبي الثقافية
وتعد مكتبة محمد بن راشد ملاذاً للباحثين عن المعرفة بين دفتيّ كتاب، وموقعاً هاماً لعشاق الثقافة بكل أوجهها، بما تضمه من أمسيات شعرية وجلسات لمناقشة أحدث الإصدارات المطبوعة، والورش التعليمية، والعروض الثقافية التي تقام على خشبة المسرح وفعاليات للأطفال، وما تضمه من مخطوطات قديمة وإصدارات نادرة تأخذ المتلقي في رحلة بين الأفكار والخبرات التي تضعها المكتبة بين أيدي طالبي النهل من مصادر العلوم والثقافة والفنون.
كما تحفظ المكتبة بين جنباتها عناوين وكتبا مستوحاة من التراث الإماراتي العريق، لأسماء مؤرخين وشعراء وكتَّاب كرسوا حياتهم لتدوين وجمع التراث الشفهي والأدبي الإماراتي ليبدو ذلك وكأنه نظام محاكاة افتراضيا جمع الحاضر والماضي في قاعة المكتبة.
إن رحلة الثقافة في دبي هي مسيرة طويلة مستمرة، وتحظى باهتمام كبير لضمان استدامة مكنونها الثري، انطلاقاً من تلك الأهمية التي يحملها الإرث الثقافي العريق، ليصل إلى أجيال المستقبل الذين سيكونون مسؤولين عن الحفاظ على هوية الوطن وثقافته ضمن مشاريع مجتمعية شاملة تُعقد عليها الآمال لتتسلم تلك الأجيال الكنز المعرفي والثقافي الذي لا يُقدر بثمن، تجسيداً لمفهوم الاستدامة كأسلوب حياة لكل أبناء الوطن الحريصين على صون إرثهم الثقافي.
محمد نبيل أبو طه/ زكريا محي الدينالمصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: محمد بن راشد آل مکتوم الاستدامة الثقافیة المبانی التاریخیة للأجیال القادمة دولة الإمارات فی الإمارة الحفاظ على مکانة دبی أکثر من من خلال دبی فی فی دبی
إقرأ أيضاً:
مشاركون: «القمة الثقافية أبوظبي» حدث استثنائي يتطوّر سنوياً
فاطمة عطفة (أبوظبي)
أخبار ذات صلةافتتحت أول أمس في منارة السعديات جلسات الدورة السابعة من القمة الثقافية أبوظبي 2025، تحت عنوان «الثقافة لأجل الإنسانية وما بعد»، وتستمر ثلاثة أيام.
الحدث الثقافي المهم الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، ويشارك في جلساته عدد كبير من المفكرين والفنانين من مختلف دول العالم، حيث يتناولون في بحوثهم تقاطعات الثقافة والتكنولوجيا والحوكمة العالمية، كما قدمت في بعض جلسات القمة عروضاً ثقافية، ومناقشات حول كيف يمكن للثقافة أن تؤدي دوراً جوهرياً في تشكيل مستقبل عالمي حافل بالتسامح والسلام والتفاعل البناء.
وتشير ريم فضة، مديرة المجمَّع الثقافي، في حديثها لـ(الاتحاد) إلى أن القمة الثقافية صارت من المعالم الرئيسة لبرامجنا، ومن أهمها اجتماع كبار المثقفين والفنانين من كافة أرجاء المعمورة، لمناقشة أهم المواضيع التي تخصّ القطاع الثقافي سنوياً، وخاصة فكرة تطور التكنولوجيا التي تكاد تغير شكل حياتنا بكافة الأشكال، وبالأخص الثقافة. مبينة أن أي نوع من التطور التكنولوجي أو الصناعي هو أداة وعلينا أن نسيرها، كما أننا ننظر لها بأنها وسيلة لتطور المجتمع، ويجب أن ننظر لهذا التطور بإيجابية كما ننظر إليه بحذر، ونعمل على الآليات التي ترسمها السياسات التي توضع، وما شكل المؤسسات التي يجب أن تتبنى هذه الوسائل التكنولوجية والصناعية والذكاء الاصطناعي وغيره. ومن الضروري أن نكون على دراية بذلك، وفي الوقت نفسه نأخذ خطوة مستبقة لهذه الحالة.
طريقة منهجية
ومن جانبه يقول الفنان نصير شمة، مدير بيت العود في أبوظبي: «من عام إلى عام، القمة الثقافية تأخذ منحى أكثر جدية وأكثر عمقاً في تناول الموضوعات المهمة، التي تخص الثقافة، وتخص الإنسان والمجتمع». ويشير الفنان شمة إلى التغيرات التي تحصل كل سنة وتتناولها القمة بطريقة منهجية، يشارك في بحثها شخصيات كبيرة من العالم، تتحدث عن تجاربها وتناقش التفاصيل المهمة، التي تشكّل واقع الثقافة اليوم وفي المستقبل.
ويرى شمة أن القمة الثقافية في أبوظبي حدث استثنائي يتطوّر من عام إلى عام بشكل حقيقي ومهم جداً، وحتى كل المشاركات تدرس بعناية. لذلك، تسهم في خلق توازن بهذا العالم المتخبط، الذي تحصل فيه الحروب، والثقافة عادة هي أول من يتضرر وآخر ما يتم إصلاحه، لكن بمثل هذه المشاريع والحوارات، يمكن أن نخلق حالة من الوعي الجديد بأهمية الثقافة والحوار والفكر.
أما الفنان كنان العظمة، الأميركي من أصل سوري، فيقول: «تأتي مشاركتي في القمة الثقافية ضمن إطار أدائي كعازف كلارينت، قدمت جزءاً من مؤلفاتي بالإشتراك مع عازف الجيتار كايل سانا من نيويورك». ويشير العظمة إلى الرابط الثقافي بين الثقافة والموسيقى، باعتبار أن الموسيقى عنصر أساسي من العناصر الثقافية لكل المجتمعات، مؤكداً أنها جزء لا يتجزأ من الثقافة، وهي تحاكي الأدب والمسرح والفلسفة.
وأضاف أن أهمية القمة الثقافية في أبوظبي تكمن في اجتماع القادة الثقافيين، سواء أفراداً أو مؤسسات، وعلى مستوى العالم، لأن التفكير الجمعي أقوى بكثير من التفكير الفردي، وهذه القمة ترجع لي إيماني في بناء شيء مهم للمستقبل.
ملتقى الثقافات
وتؤكد المخرجة الإماراتية والمتحدثة بالقمة الثقافية روضة أحمد الصايغ على أهمية الاهتمام بالثقافة، وإن كل ثقافة جميلة بمفردها، لكن حين تجتمع جميع الثقافات في يوم واحد ومكان واحد وتتحاور وتظهر احترامها لثقافات العالم الأخرى، يصبح الأمر أكثر جمالاً وتأثيراً وإيجابية، وأبوظبي عاصمة الثقافة وتحترم كل ثقافات العالم، وهذه القمة تبين لنا كم نحن محظوظون أن نتعلم من ثقافة الغير ونعطيهم من ثقافتنا في الوقت نفسه، وتشير الصايغ إلى اهتمام المجتمع بالقمة الثقافية سنوياً، حيث تزداد الحضور في هذا الحدث الثقافي المهم.